صحيفة المثقف

يحيى السماوي: جفاف بعد سبعة أنهار وسبع سواقٍ

يحيى السماويوالفراديسُ

التي حَجَّ إليها هائماً في سُفُنِ الأحلامِ :

في اليقظةِ ألفاها سَقَرْ


 (1)

نـادِمـاً عـادَ الـى الـغـابـةِ " أنـكـيـدو "

فـلا " أوروكُ "  فـي أوروكَ

لا  " شـامـاتُ "  فـي الـخِـدرِ

و " إيـنـانـا " إلـهٌ مـن حَـجَـرْ .. (*)

*

والـفـراديـسُ

الـتـي حَـجَّ إلـيـهـا هـائـمـاً فـي سُــفُـنِ الأحـلامِ :

فـي الـيـقـظـةِ ألـفـاهـا سَــقَـرْ

*

لا " أتـانُـوبـشْـتـمُ الـعَـرّافُ " يـدري أيـن عـشـبُ الـعـشـقِ (**)

والـعـشـاقُ فـي " أوروكَ " عـنـقـاءٌ

ولـكـنْ لا أثـرْ

*

بـعـد سـبـعٍ

ربـمـا بـعـدَ ثـمـانٍ ـ لـيـس يـدري ـ فـهـوَ الـسـاهـي

إذا أصْـبـحَ فـالـوحـشـةُ والـحـزنُ

وإنْ أمـسـى فـصـهـبـاءُ الـقـوافـي والـسَّـهَـرْ

*

عـازِفـاً عـن  نـشـوةِ الـكـأسِ

ومَـزّاءِ الـسَّـمَـرْ

*

وانـتـظـارِ الـهـدهـدِ الـوَهْـمِ

الـذي يـأتـي الـى  الـمُـبـتــدإِ الـجـمـرِ

بـيـنـبـوعِ الـخَـبَـرْ

*

فـارتـضـى الـعَـوْدَ الـى  غـابـتِـهِ الـعـذراءِ " أنـكـيـدو " (***)

أســيـفـاً

حـامِـلاً فـي صُـرَّةِ الـجـرحِ مـتـاعَ الـدربِ :

آهـاتٌ ودمـعٌ ورمـادٌ لِـصُـورْ

*

أضـرَمَ الـنـارَ بـهـا ذاتَ شـجـارٍ بـيـن ظـنٍّ ويـقـيـنٍ

وصـراعٍ بـيـنَ خَـيـرٍ عـاقِـرِ الـصـحـوِ

وشَــرْ

*

جـازَ فـي عـودتِـهِ سـبـعـةَ أنـهـارٍ طـويـلاتٍ

وسـبـعـاً مـن سَــواقٍ

لـم يَـجُـزْهـا قـبـلـهُ فـي رحـلـةِ الـعـشـقِ بَــشَــرْ

*

مـؤمِـنـاً كـان بـرَبِّ الـطـيـنِ والأنـهـارِ والـضـوءِ

ولـكـنْ

حـيـنـمـا أشْــرَكَ فـي الـعـشـقِ

كـفَـرْ

*

تـائـهـاً

يـبـحـثُ فـي بـاديـةِ الـكـنـغـر عـن

ظـبـيٍ فـراتـيٍّ

وفـي خـارجِ وادي الـضـادِ عـن

خـيـمـةِ طـيٍّ أو مُـضَـرْ

*

بـاتَ

لا يـعـرفُ فـرقـاً

بـيـن بـدوٍ وحَـضَـرْ

*

ومـجـونٍ وخَـفَـرْ

*

خـائـفـاً عـاشَ أخـيـذَ الـرعـبِ

خـوفـاً مـن سـعـيـرٍ خـالـدِ الـجـمـرِ

وبـئـس الـمُـسـتــقَـرْ

***

(2)

تَـعِـبَـتْ مـن تَـعَـبـي أشـرعـتـي

واعْـتـابَـنـي طـولُ الـسَّـفَـرْ

*

إنـنـي فـي الـغـابـةِ الان

نـديـمـي الـطـيـرُ والـغـزلانُ والـزَّهـرُ

إذا أعـطـشُ فـالـنـهـرُ

وإنْ جُـعـتُ فَـمِـن صـحـنِ الـشـجـرْ

*

مُـبـدِلاً بـالـدُرِّ والـيـاقـوتِ طِـيـنـاً وأزاهـيـرَ

وبـالـقـزِّ قـمـيـصـاً مـن وَبَـرْ

*

أتـسـلّـى بـالـتـسـابـيـحِ

فـلا أعـرفُ هـل أشـرقـتِ الـشـمـسُ

وهـل أوشـكَ مـيـعـادُ الـقـمـرْ ؟

*

وهـل الـوقـتُ صَـبـاحٌ

أمْ سـحـرْ ؟

*

كـلُّ مـا أعـرفـهُ

أنـي أخـيـذُ الـغـابـةِ  .. (****)

الـصَّـبُّ الـفـراتـيُّ  الـذي جـاوزَ ســبـعـيـنَ

ولا زالَ غـريـراً

عَـقَـدَ الأُلـفـةَ بـيـن الـظـبـيِ والـذئـبِ

وبـيـنَ الـمـاءِ والـنـارِ

الـمُـصَـلَّـي الـرافـعُ الـكـفَّـيـنِ

يـدعـو  :

لـلـعـصـافـيـرِ بـقـمـحٍ

وبـوردٍ لـلـفـراشـاتِ

وبـالأطـفـالِ لـلـعـاقِـرِ

والـجـائِـعِ بـالـخـبـزِ

وبـالأمـنِ لِـقـومـي

والـصـحـارى بـالـمـطـرْ

*

ولِـنـفـسـي بِـلـحـافٍ مـن تُـرابٍ سـومـريٍّ

حـيـن لا صـحـوٌ مـن الـنـومِ إذا نـمـتُ

ولا مـنـجـىً لـغـصـنِ الـعـمـرِ

مـن فـأسِ الـقـدَرْ

***

يحيى السماوي

غابة وودكروفت / أديليد 29/3/2021

(*) شامات : الحسناء التي أرسلها كلكامش لتغوي  الوحش أنكيدو فنجحت في أنسنته بعد ممارسته الحب معها .

إينانا : إلهة الحب والجمال والجنس والخصوبة والحرب والعدالة في الأساطير السومرية .

(**) الأسيف : صفة مشبهة  تعني المرء كثير الندم ، رقيق القلب ، والبكّاء .

(***) أتونابشتم : من شخصيات ملحمة كلكامش ، هو الذي أخبر كلكامش عن مكان عشب الخلود .

(****) سبعينَ : منصوبة بالفتح وهي مضاف لمضاف اليه محذوف جوازا تقديره سنة . والأخيذ : الأسير الذي يؤخذ مُـكبّلا . 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم