صحيفة المثقف

صلاح حزام: معنى سعر الصرف والآثار المترتبة على تغييره

صلاح حزامسعر الصرف يعني العلاقة التبادلية بين العملة الوطنية وباقي عملات العالم. ويكون ذلك امّا بشكل مباشر او من خلال عملة وسيطة (علاقة الدينار العراقي بعملة فييتنام او باراغواي مثلاً ، تتم من خلال علاقة كل من هذه العملات بعملة ثالثة كالدولار الامريكي على سبيل المثال). وتسمى الأسعار المحسوبة بهذه الطريقة بالأسعار المتقاطعة.

وهنالك سعر صرف للبيع وسعر صرف للشراء . اي ان هناك سعر عندما يطلب الفرد او الشركة عدد من وحدات العملة الاجنبية ،وهذا يسمى سعر البيع .

وهنالك سعر إخر، يكون عادةً أخفض، ويسمى سعر الشراء ويقصد به عندما يمتلك الفرد او الشركة وحدات من عملة اجنبية ويرغب بمبادلتها بالعملة الوطنية.

بعبارة أخرى انه عدد الوحدات من عملة أجنبية معينة يمكن الحصول عليها مقابل وحدة من العملة الوطنية. أو يمكن أن يقال ذلك بصورة عكسية، حيث يقال انه يعني عدد الوحدات من العملة الوطنية اللازمة للحصول على وحدة من عملة أجنبية معينة.

وهكذا تتحدد العلاقات التجارية بكل اشكالها بين الدول على اساس سعر التحويل هذا . وذلك هو العامل الذي يحدد جاذبية سلع دولة معينة في اسواق دولة أخرى او العكس ، حيث قد تبدو رخيصة او مرتفعة السعر

من وجهة نظر المستخدمين لتلك السلعة.

والعملات انواع ، منها عملة محلية غير قابلة للتداول خارج حدود الدول صاحبة تلك العملة (بموجب القانون). وعملات قابلة للتداول في السوق العالمية (العملات الصعبة) foreign exchange كالدولار واليورو والباون والين.. وعملة دولة اجنبية لاتحتاجها فقط الشركات عندما تستورد من تلك الدولة فقط ، بل من يسافر ايضاً لتلك الدولة.

ذلك ما يجعل بعض الدول تعمل على خفض اسعار صرف عملاتها لتشجيع الصادرات الى الدول الأخرى وكذلك خفض الاستيرادات، لأن السلع المستوردة ستكون عالية الاسعار ويعزف الناس عن شرائها.

وسعر الصرف وتغييراته له أهمية بالغة في تعديل اوضاع ميزان المدفوعات للدولة، سواء أكان ذلك للبلدان المتقدمة ام البلدان النامية. حيث ان خفض سعر الصرف مثلاً ، يقلل من الاستيرادات ويزيد من الصادرات مما ينعكس ايجاباً على وضع ميزان المدفوعات . والعكس يحصل عند رفع سعر الصرف.

وهذا سبب رئيسي لضغط الولايات المتحدة المتواصل على الصين لرفع سعر صرف عملتها (اليوان) لأن ذلك سوف يقلل من درجة تنافسية المنتجات الصينية في السوق الامريكية حيث سترتفع اسعارها عند تحويلها للدولار الامريكي.

كيف يتحدد سعر الصرف؟

هنالك سعر صرف ثابت تحدده السلطات مقابل عملة واحدة (قوية ومستقرة كالدولار) او مقابل سلة عملات تضم عملات الشركاء التجاريين الرئيسيين. وهنالك سعر الصرف المرن او المعوّم (تعويم مُدار تحركه السلطات حسب مقتضيات الوضع الاقتصادي او تعويم مرن تحدده قوى السوق وظروف الاقتصاد).

الآثار المترتبة على تغيير سعر الصرف:

- الآثار الاقتصادية:

حيث عندما يتغير سعر الصرف تتغير اسعار السلع المستوردة (ترتفع بانخفاضه وتنخفض بارتفاعه). وكذلك تتغير بنفس الاسلوب اسعار السلع المنتجة محلياً اذا كانت تعتمد على أجزاء او مواد اولية مستوردة. كما يؤثر تغيير سعر الصرف على أداء الاستثمارات وسعر الفائدة وعلى معدل التضخم . وقد يمتد تأثير ذلك التغيير الى الوظائف وقطاع العقارات..

الآثار الاجتماعية:

وابرزها تغيير مستوى معيشة السكان نحو الافضل او نحو الاسوأ. ذلك قد يرفع من معدلات الفقر والحرمان بين شرائح معينة من السكان (عندما ينخفض سعر الصرف).

الأثر يكون اكثر وضوحاً كلما ازداد عدد المنتجات المستوردة (كالعراق مثلاً)، وهي تزداد بمقدار خفض قيمة العملة (على الأقل) أضافة الى احتمالات ارتفاع الاسعار باكثر من ذلك نتيجة استغلال التجار للفوضى السعرية التي يولدها القرار نتيجة الرغبة الجشعة بمزيد من الربح ، او من باب التحوط للأسوأ لاسيما عند غياب او ضعف الثقة بالسلطات التي تتحكم بسعر الصرف.

لماذا يتم تغيير سعر الصرف؟

السبب الابرز هو دعم الصادرات والحد من الطلب على المواد المستوردة. ذلك يقود الى تحسين وضع ميزان المدفوعات وزيادة احتياطي العملة الاجنبية في البلد.

كذلك قد تكون الاسباب تنموية صرفة ولاتتعلق بوضع ميزان المدفوعات، حيث يؤدي القرار لزيادة الطلب على المنتجات المحلية وبالتالي زيادة الانتاج والتوظيف الخ.. (بأفتراض توفر القدرة والرغبة في زيادة الانتاج المحلي ).

في بلد ريعي مثل العراق تعتمد فيه ميزانية الحكومة على ايراداتها من تصدير النفط، فأن هذا القرار يرفع الحصيلة بالدينار العراقي والتي تحصل عليها وزارة المالية من بيع الدولارات الى البنك المركزي وحسب نسبة الخفض في سعر الصرف (المالية كانت تأخذ من البنك المركزي ١٢٠٠ دينار مقابل كل دولار، الآن هي تأخذ ١٤٥٠ دينار مقابل كل دولار) .

واردات تصدير النفط تعود لوزارة المالية والتي تقوم ببيعها الى البنك المركزي الذي يحتفظ بالدولارات لديه لاستخدامها في الوفاء بالتزامات الاستيراد وماشابه.

الدول التي عملاتها معوّمة بالكامل (التعويم الحر) لاتستطيع اتخاذ قرار برفع او خفض سعر الصرف بشكل مباشر، بل تستخدم ادوات غير مباشرة لتحقيق ذلك منها تغيير سعر الفائدة (والذي يقوم به البنك المركزي).

ختاماً ، فأن تغيير سعر الصرف يُربك حسابات الشركات ويربك العلاقات التعاقدية ويربك العلاقات بين تجار الجملة والمفرد ويسبب فوضى خطيرة في العلاقة بين الدائنين والمدينين ويجعل القوائم المالية للشركات غير ذات معنى وكذلك نتائج اعمال الشركات وحساباتها الختامية.

وسوف اتناول في مناسبة قادمة موضوع الحسابات الاقتصادية والمالية في ظل التضخم الذي يسببه الخفض المفاجيء والكبير لسعر صرف العملة الوطنية ان شاء الله.

 

د. صلاح حزام

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم