صحيفة المثقف

محمود محمد علي: أسامة هيكل وأزمة الإعلام المصري

محمود محمد عليكلنا يعلم الدور  التنويري الهائل الذي لعبه الإعلام المصري سواء منه، المقروء، أو المسموع، أو  المرئي في فضح جماعة الإخوان الإرهابية في حكم مصر، وتنوير ملايين المصريين وتبصيرهم بأن تلك الجماعة لا تحكم بما فيه صالح المصريين جميعا وصالح الوطن برغم وصولهم إلي سدة الحكم، بل إن تلك الجماعة كانت لها "حسابات ضيقة"، يكاد أن يضيع معها الوطن، وعليه وبسبب حالة إعلامية مذهلة يتذكرها الجميع حتى اليوم، نزلت جموع الشعب المصري بالملايين للشوارع يطالبون بسقوط حكم المرشد وجماعة الإخوان، وانتصرت ثورة الثلاثين من يونيو 2013م  في النهاية بفضل تآزر الجيش المصري والشرطة المصرية،وتحققت المطالب في إزاحة حكم جماعة المسلمين..

وهنا نقول بأنه لا يستطيع أحد أن ينكر الدور الهائل للإعلام المصري في تبصير عشرات الملايين من المصريين في الداخل والخارج، ونتيجة هذا الدور أعلن في العاميين الماضيين الرئيس عبد الفتاح السيسي عن عودة وزارة الإعلام بعد أن ألغيت لفترة من الزمن بسبب حكم جماعة الإخوان، وتم تعيين، الدكتور " أسامة هيكل " وزيرا للإعلام .

بيد أن الكثير من رجال الإعلام والصحافة، وجدوا أن السيد الوزير لم يضف شيئا لمنصب وزير الإعلام، بل اتهمه بعضهم بأنه" أصبح وزير الكورونا، وأنه  "أثار مشاكل منذ وصوله لمقعده أكثر مما أنجز، وبدخوله فى مشاكل عديدة مع كبار الإعلاميين والصحفيين، وبدعمه العلنى والمستتر لمن أهان منظومة الإعلام ومؤسسات الدولة، وأبرزهم أستاذ إعلام القاهرة الذى استضافه الوزير ليعطى محاضرات للمتحدثين الرسميين بعد مقالاته غير العلمية (وذلك حسب ما قاله محمود مسلم في مقاله هيكل مشاكل في صحيفة الوطن)" .

علاوة علي أمور أخري منها مثلا أن أسامة هيكل وزير الدولة للإعلام لم يضف شيئا يأتى بالنفع للدولة وصورتها الإعلامية أو لعب دورا فى التنسيق بين الهيئات الإعلامية الموجودة، و أخطاء مالية وإدارية وكثير مما يطول شرحه.

إلي أن بلغ الأمر وطالب هؤلاء الإعلاميون باستجوابه أمام البرلمان المصري من خلال التقدم بطلب استجواب من بعض النواب بالبرلمان بسبب مخالفات عدة تجعل هناك تحفظ على أداؤه، وتم تحديد موعد بالمثول أمام مجلس النواب، وعندما تم استدعائه اعتذر، ثم أعطاه المجلس مهلة لفترة تصل لـ 45 يوما، ولم يأتى بحجة وجود ارتباط لديه؛ وهذا ما آثار حفيظة المجلس، بعدما أعلن رئيس مجلس النواب حنفي جبالي عدم امتثال وزير الإعلام أسامة هيكل للحضور لاستجوابه. وأوضح الجبالي في بيان لمجلس النواب، أن عدم حضور الوزير فيه مساس لهيبة مجلس النواب وكرامته. وأوضح جبالي أن هيئة المكتب ستحدد أقرب جلسة ممكنة لمناقشة الاستجواب وستخطر الحكومة بموعده، مؤكدا على رفض بيان وزير الدولة للإعلام الذي ألقاه أمام المجلس وتم إدراج تقريره لمناقشته بجلسة 13 فبراير الماضي. وأشار جبالي إلى أن الوزير طلب إرجاء نظر التقرير لمدة أسبوعين لإعداد رد بما ورد في التقرير، وقد تم منحه مهلة لمدة شهر، وليس أسبوعين فقط، كما تم إبلاغه بالحضور من خلال وزير شئون مجلس النواب، إلا أنه قد ورد اعتذار ثان من الوزير عن عدم حضور جلسة الأمس، الأمر الذي نستشعر معه أن هناك مناقضة ومضيعة للوقت وعدم احترام وتقدير للمجلس من خلال تعطيل عمل المجلس في ممارسة دوره الرقابي، الأمر الذي يرى أن عدم امتثال الوزير للحضور فيه مساس لهيبة مجلس النواب وكرامته. وأوضح جبالي، أن النائب نادر مصطفي عضو تنسيقية شباب الأحزاب، تقدم بأول استجواب خلال الفصل التشريعي الثاني موجه لوزير الدولة للإعلام أسامة هيكل بشأن التقصير والفشل في أداء مهام منصبه كوزير للدولة للإعلام، واستمرار ارتكابه لمخالفات مالية وإدارية بالشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي بالمخالفة للدستور والقانون.

وكان المستشار حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، قد أكد أن المجلس أعطى مهلة لوزير الدولة للإعلام شهر ونصف وليس أسبوعين كما طلب الوزير لتجهيز الرد على تقرير لجنة الإعلام والثقافة والآثار، قائلا: "اعتذار وزير الدولة للإعلام أكثر من مرة عن حضور جلسات المجلس، استشعرت معه رئاسة المجلس بوجود تحجج من جانب الوزير ومماطلة ومضيعة لوقت المجلس، وتعطيل عن ممارسة دوره الرقابي الذي كفله الدستور".

إلي أن شاءت الأقدار وحضر الاستجواب أمام جلسة مجلس النواب، الثلاثاء الماضي، أي في الثلاثين من شهر مارس الماضي 2021م.

أنا لا أدفع عن أسامة هيكل، ولا أدعي أن هناك تربص تجاهه، فهذا أمر لا يخصني، ولكن يهمني ماذا قال أسامة هيكل في الاستجواب، قال أسامة هيكل في بيانه: " لقد تشرفتُ بتكليف رئيس الجمهورية بتولى منصب وزير الدولة للإعلام، وذلك في 22 ديسمبر 2019، وهى وزارة مُستحدثة بعد توقف استمر لمدة 6 سنوات تقريبًا. وكان ذلك انعكاسًا لرؤية الرئيس بضرورة وجود وزارة للإعلام تكون مهمتها وضع سياسةٍ إعلاميةٍ للدولة."...  وفور التكليف مباشرةً، بدأنا في العمل على محورين رئيسيين: الأول هو العمل على إنشاء كيان الوزارة بما يتضمنه ذلك من استعانةٍ بالعاملين المطلوبين للعملِ في ظل وقف التعيينات بالحكومة، وتحديد مقر للعمل، وتحديد ميزانية للعمل، وهذه قضية لم تكن سهلة على الإطلاق، وليست ضمن صميم العمل الإعلامى، ولا داعى لشغل وقت حضراتكم بها رغم أنها كانت عائقًا كبيرًا استغرق شهوراً طويلة. أما المحور الثانى وهو الأهم فهو رؤية الوزارة في العمل، ودمجها في خطة عمل الحكومة بشكل عام..

ثم يقول الوزير:" كما تم عرض الخطة المقترحة لعمل الوزارة على السيد رئيس الجمهورية بناءً على الأهداف التي حددها سيادته في هذا الاجتماع والتى تضمنت أهدافاً خمسة لسياسة الدولة الإعلامية" وهى:

1- الحفاظ على منظومة القيم المصرية، وتماسك الجبهة الداخلية.

2- تنمية الشخصية المصرية على أسس موضوعية والحفاظ على وسطية الدولة بما يكفل البعد عن التطرف والمغالاة.

3- ‏ إبراز جهود الدولة في المشروعات القومية وأثَرها في مُستقبل المواطنين.

‏4- تقوية الإعلام المصرى محليا وإقليميا ودوليا، وزيادة قدرتهِ على التعامل مع الأزمات المُختلفة.

‏5- ترسيخ وعى المواطنين بأحكام الدستور والقانون، ورفع حالة الوعى المجتمعى بالقضايا ذات التأثير.

ثم يستطرد  الوزير فيقول: لقد تأخرت مصر عن الاستثمار في صناعة الإعلام الجديد، ودخلت رؤوس أموال أجنبية في هذا المجال، واستقطبت كوادر من الإعلام المصرى، وأنشأت منصات أصبح لها دور في توجيه الرأى العام وإعطاء انطباعات ربما تكون خاطئة عن الدولة المصرية، وربما أيضًا تعبث بمنظومة القيم المصرية. وما زالت صناعة الإعلام في حاجة إلى مزيد من التطور المهنى والاستثمارى، وقد تجاوز حجم صناعة الإعلام والترفيه في المنطقة العربية خلال عام 2019 نحو 10 مليارات دولار أمريكى كان نصيب مصر منها أقل من 10%، بعد أن كانت تستحوذ على نحو 60% من حجم صناعة الإعلام قبل ذلك بعقد أو اثنين.

هذا المناخ كما يقول الوزير هو ما دفعنا إلى التفكير في مستقبل الإعلام بشكل مختلف، وخططت الوزارة لإحداث نقلة نوعية في الإعلام المصرى عن طريق مشروع ضخم لرقمنة الإعلام المصرى، وإطلاق منصة إعلامية قوية وفق أحدث النظُم العالمية، وهو مشروع "رقمنة الإعلام المصرى"، الذي تم عرضه على السيد الرئيس يوم 26 ديسمبر الماضى، وقد وافق سيادته عليه بشكل مبدئى، وجارٍ حاليا عمل الدراسات النهائية لهذا المشروع، الذي يستهدف استعادة مصر لمكانتها الإعلامية في المنطقة وبالشكل الذي يتناسب مع حجم السوق المصرى الذي يمثل 30% من السوق الإعلامي العربى. وهذا المشروع  كما يقول الوزير سوف يتم الإعلان عن كل تفاصيله خلال الفترة القادمة، تمهيدًا للبدء فيه مباشرةً خلال أسرع وقت ممكن، وأحسب أن هذا المشروع سوف يعيد مكانة مصر الإعلامية مرة أخرى.

وبعد هذا الاستطراد في عرض خطة الوزير أسامة هيكل منذ توليه، نود أن نسأله : إذا كانت الأمور بهذا الشكل فلماذا يتذمر الكثير من إعلامينا من سعادة الوزير ؟.. ولماذا الهجوم صباح - مساء عليكم سيدي من قبل كثير من إعلامينا الشرفاء؟.. ولماذا لا ترد علي منتقديك؟.. ولماذا لا تجلس معهم وتصارحهم بهذه الأمور؟.. أسئلة عديدة يجب أن يجيب عنها سعادة د. أسامة هيكل ليحافظ على سمعة وزارته، كما أنه مدين باعتذار واضح لمؤسسات الإعلام المصرى والعاملين فيه بعد تجاوزاته فى حقها، فعد إلي صوابك يا سيدي وما أنا إلا ناصح أمين أريد الاستقرار ولا أنسي أنك أول من كتب كتاباً يدعو الإعلاميون إلي ضرورة التنبه لمخاطر حروب الجيل الرابع، ولا أملك إلا أن أقول في نهاية مقالي وفقك الله يا سيدي وسدد خطاك.

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم