صحيفة المثقف

صلاح حزام: حول التغريد خارج السرب

صلاح حزامكنت اتحدث قبل ايام مع صديق عزيز وموهوب عقلياً، حول فضيلة التغريد خارج السرب .

هل ان التغريد داخل ومع السرب يعتبر أمراً جيداً ومفيداً ومطلوباً ؟

من اين تأتي الافكار والمبادرات والحلول المبتكرة اذا لم يكن هناك من هو قادر ان يغرد خارج السرب؟

التغريد والانسجام مع السرب، هو سلوك حيواني غريزي يشبه غريزة القطيع !!

الحيوانات ومنها الطيور ليس لها عقل بل لها غريزة وهي مبرمجة لأداء اعمال معينة (النحل والنمل يقوم باعظم واروع الاعمال واكثرها دقة، لكنها لاتتغير ربما خلال ملايين السنين).

اذا لم يكن هناك من يغرد خارج السرب، فمن أين يأتي التغيير والتطور ؟ بدون المغردين خارج السرب كان من الممكن بقاء الانسان يعيش في الكهوف..

كل المبدعين في التاريخ الذين ساهموا بتقدم الانسانية كانوا يغردون خارج اسرابهم لأنهم رفضوا نظام وعقلية وثقافة اتّباع السرب ..وتعرضوا للاضطهاد والأذى ..

هل كان كوبرنيكوس وبعده غاليلو، يغردان مع السرب؟

هل كان آدم سمث وكينز وماركس يغردان داخل السرب؟

وهكذا كان مخترعو الاجهزة والتقنيات الحديثة.

حتى في اساليب الادارة والمحاسبة والسيطرة على الخزين، كانت الافكار الحديثة والتقدمية تأتي من اشخاص تمردوا على ثقافة السرب .

اضافة الى ذلك، وهنا الفاجعة، فأن الاسراب ليست كلها سواء، فبعضها تافهة وسيئة بحيث يعتبر الخروج عليها فضيلة والانتماء لها رذيلة.

في العالم المتقدم يقولون عن الذي يغرّد خارج السرب انه مبدع .

اما دعاة وزعماء التخلف، فيقولون عنه أنه ضال وشاذ عن الطريق وسلوكه المنحرف يهدد وحدة الجماعة.

الاستمرار داخل السرب دليل على ركود العقل وغياب التفكير الابداعي الخلّاق.

ماقيمة التعلّم والاطلاع والثقافة الواسعة، اذا لم تفضِ الى الخروج عن تغريدات السرب القديمة والبائدة؟

علمياً، الخروج عن ثقافة السرب مفيد للسرب نفسه في نهاية الأمر !!

انه تجربة لاكتشاف ماهو ابعد من المجال التقليدي والبحث عن آفاق جديدة وعالم أرحب وافضل .

وبالتالي جَعْلُ السربِ بأكمله يتمتع بوضع افضل لان أحد افراده جازف بالخروج وتحمّل المسؤولية.

لكن لاينبغي ان يكون الخروج النزق والباحث عن الاختلاف والتفرد فقط، لايمكن ان يكون هو التغريد خارج السرب الذي نتحدث عنه..

السلبية وادّعاء الاختلاف مع الآخرين بشكل مفتعل، ليس خروجاً عن السرب بل هو عقدة ومرض غير مفيد لأحد.

 

د. صلاح حزام

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم