صحيفة المثقف

ضياء محسن الاسدي: الديانة البهائية تحت المجهر العقلاني

ضياء محسن الاسديان تلاقح الأفكار وتعدد المعتقدات الدينية والفلسفية والدراسات الموضوعية الفكرية المطروحة على طاولة البحث العلمي الإدراكي هي ظاهرة صحية وصحيحة يًشد عليها الأيادي وخصوصا إذا كانت ذا مضمون يخدم البشرية والعقيدة الدينية الإسلامية ولا تمس بوحدانية الله تعالى ولا بالعقيدة المحمدية الحقيقية. فكل الطروحات والآراء محترمة إذا كانت تصب في مصلحة وخدمة الإنسانية وتوحد المفاهيم وتعاضد القيم الأخلاقية للفرد فهذا الأمر لا يُعاب عليه حين اعتناق عقيدة أو دين أو رأي يتبناه في حياته بوجهة نظر أو فكرة ولا يسمح لأحد أن يطعن في عقيدته المتبناة أو انتقادها إلا أن يقدم ما هو أفضل منها وبأسلوب الإقناع الحضاري العلمي الفكري بعيدا عن العنف والتكفير والتهجم وأسلوب التشويه للحقائق لأغراض غير سليمة فكل الشرائع والسنن والمعتقدات والأديان في أرجاء العالم ومنها ما نحن بصددها وهي الديانة البهائية وهذا لا يبرر أننا ندافع عنها أو نعتنقها أو نتبناها لكن على سبيل توضيح جزءا مما جاء فيها لغرض التعرف على جزءا كبيرا من معتقداتها.

الديانة البهائية

تعرف كلمة البهاء بالعربية (الروعة أو المجد)

أن مؤسس هذه الديانة هو الباب (علي محمد الشيرازي) ولادة عام 1819 ميلادية وقد تم التواصل مع الحركات الفكرية المجاورة والمعاصرة له آنذاك والتي نشطت وذاع صيتها وبرز نجمها وأفكارها مع تنامي الفكر للمدرسة الشيخية برئاسة الشيخ (أحمد بن زين الدين الإحسائي) وقد آمن الملا (حسين بشروئي) مؤسس المدرسة الشيخية مع (17) شخصا آخرين وبينهم امرأة أسمها الطاهرة أو قرة العين وأطلق عليهم لقب (حروف الحي) وبعد زيادة انتشار هذه الديانة بين الناس وخصوصا في بلاد فارس (إيران) قامت الأسرة القاجرية التركمانية الحاكمة آنذاك بتحريض الدولة العثمانية تم سجن الباب الأعظم ثم إعدامه عام 1850 ميلادية رميا بالرصاص ثم تولى شؤون الطائفة الباب الملقب (بهاء الله) المسمى (حسين علي نوري) ثم سُجن ونُفي إلى العراق وتحديدا في بغداد وأستقر في قصر له حديقة تسمى (حديقة النجيبية) ثم سمية حديقة الرضوان ومنها تأسست جذور البابية وانطلقت الدعوة بقوة وزادت شوكتها وتأثيرها في المجتمع حينها طلب النظام الإيراني بتحريض الدولة العثمانية بنفي بهاء الله إلى إسطنبول ثم إلى أدرنة ومن بعدها إلى مصر ثم أستقر نفيه في فلسطين في مدينة عكا حتى وفاته عام 1892ميلادية وما زال ضريحه مزارا للطائفة والعامة يحج إليه سنويا وقد كتب بهاء الله كتابا أسماه (كتاب عهدي) بخط يده على أن يخلفه من بعده ولده الأكبر (عباس عبد البهاء) ولاية الأمر ولقبه الغصن الأعظم ومن بعده لولده الأصغر من زوجة ثانية له هو الميرزا (محمد علي) الملقب بالغصن الأكبر ثم ظهر من بعدهم فرع آخر تحت مسمى البهائية الأرثوذكس بعد توسع ديانتهم بين الطائفة المسيحية حيث يتواجد من هذه الديانة البهائية في العالم نحو 7- 8 مليون نسمة من المريدين يتوزعون على 247 دولة منها (الهند- أفريقيا –أمريكا الجنوبية – جزر المحيط الهادي –إيران-تركيا-مصر). وهي أحدى الديانات التي تؤمن بوحدانية الله تعالى عز وجل حيث يرتكز معتقدهم الديني على وحدانية الله تعالى أولا ثم على وحدة الدين أي الاعتراف بكل الأديان كاليهودية والمسيحية والإسلام والزردشتية والبوذية وغيرها أنها مرسلة من منبع واحد هو الله تعالى وثانيا وحدة الإنسانية أي أن البشر خُلقوا من قبل الله تعالى ومهم متساوون في النوعية والعرق والطبقة وثالثا وحدانية الله أي أن الله هو الواحد الأحد الخالق لكل البشر وتكون معرفته عن طريق الصلاة والصوم والتأمل الباطني الروحي والعقلي وخدمة الناس جميعا على حد سواء من غير فوارق كونها تذوب أمام إنسانيتهم كما أنها تعترف بالأنبياء الذين سبقوا النبي محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والتسليم (إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم) وأنهم قد بلغوا الرسالة السماوية من الله تعالى.ونستطيع أن نلخص مذهبهم أو معتقدهم) بتهذيب النفس، الابتعاد عن السياسة، المشاركة الجماعية المجتمعية، ولا يؤمنون بالصوامع ولا التعبد ولا الرهبنة ولا التكهن ولا الدروشة ولا الاعتزال عن الناس ويحتفلون من الثاني من مارس وحتى 21 منه وهو شهر الصوم للسنة البهائية الخاصة بهم تسمى رأس السنة البهائية.

التعاليم ومبادئ الديانة البهائية

1-الإيمان والاعتراف بوحدانية الله تعالى ووحدة البشرية ووحدة الديانات والهدف من الحياة هي معرفة الله تعالى.

2-التحري الشخصي لحقيقة الدين بدلا من التقليد والتبعية.

3-وحدة جميع العالم الإنساني.

4-ترك التعصب الديني بكل أنواعه العرقي والطبقي والوطني والقبلي.

5-الوحدة بين العلم والدين وتهذيب النفس البشرية في الدنيا لتكون معه في الآخرة يستفاد منها.

6-المساواة بين الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة حيث يُسمون (جناحي طير الإنسانية).

7-التعليم الإجباري للأطفال لكلا الجنسين.

8-اتخاذ لغة موحدة للاتصال بين البشر.

9-إزالة الفوارق بين الغنى والفقر.

10-المشورة في اتخاذ القرارات.

11-تأسيس محكمة عالمية للبت في النزاعات البشرية وبين الدول.

12-التأكيد على العدالة والإنصاف بين البشر.

13-الاعتماد على الدين لضمان أمن الناس.

14-أطاعة الحكومة واجبة إلا في الأمور العقائدية.

15-عدم التدخل في الأمور السياسية أو الانضمام لأي حزب أو حركة.

16-تأسيس السلام العالمي هو الهدف الأسمى للعقيدة البهائية.

17-اعتقادهم أن معرفة الله تعالى لا يتحقق أبدا لكن محاولة معرفة صفاته ومزاياه كالرحمة والعدل والأنصاف والشفقة.

من بعض أحكام الديانة البهائية هي :

- الصلاة: وهي ثلاثة أنواع وعلى المريد اختيار أحداهما.

- الصوم: هو الامتناع عن الأكل والشرب من شروق الشمس إلى غروبها خلال الشهر الأخير من السنة البهائية.

- الزواج: شرط موافقة الطرفين ورضا الوالدين وقراءة آية واحدة عند عقد القرآن وبحضور شهود عيان والآية هي أن يقول الزوج (إنا لله راضون وتقول الزوجة وإنا لله راضيات).

- تحريم المشروبات الكحولية والمؤثرات العقلية.

- تحريم النشاط الجنسي إلا بين الزوجين.

- تحريم تعدد الزوجات.

- قوانين خاصة بالعقيدة لتقسيم الإرث في حال عدم وجود الوصية

- تحديد عقوبة الزنا والسرقة والقتل وغيرهما.

في حين توجه الاتهامات من هنا وهناك لهذه الديانة وعقائدها من قبل البعض منها.

1- أن البهائية تعتقد بوجود الله تعالى الواحد الأحد وبالكتب السماوية كاليهودية والمسيحية والبوذية والزرادشتية وبجميع الأنبياء كالنبي محمد بن عبد الله والنبي إبراهيم والنبي موسى والنبي عيسى وغيرهم عليهم أفضل السلام.

2- أنهم يؤمنون بأن الوحي جبرائيل عليه السلام ما زال مستمرا بالنزول بعد النبي محمد عليه الصلاة وأتم التسليم.

3- أنهم لا يرددون أسم الله تعالى ولا ذكره وهذه الشبه يردون عليها بأن الله له قدسية ومكانة مقدسة لدى الذاكرين له والسامعين وللمكان المذكور فيه.

4- أنهم منكرون الجنة والنار لكنهم يؤمنون بالعقاب والثواب في الآخرة لكن العقاب  على الروح بدل الجسد.

5- أنهم غير محبي الوطن لكن معتقدهم يؤكد على حب الوطن خاصة بالإضافة السعي على حب العالم جميعا وشعوبه لتحقيق الأمن والأمان وكرامة الإنسان والحصول على حقوقه بغض النظر عن جنسه وعرقه ومعتقده.

6- أن لهم قبلة غير قبلة المسلمين يتوجهون إليها وهي مدينة عكا بفلسطين تسمى (قصر البهجة) لكنهم يصرون على أن التوجه هو لله وحده ولا شريك له.

ومن الاتهامات المهمة والخطيرة أنهم قد تعاونوا مع اليهود في فلسطين لتأسيس دولتهم وأن اليهود دخلوا لهذه الديانة وحصلوا على المناصب الرفيعة علما أن بهاء الله قد دخل مدينة عكا بينما اليهود لم يكن لم وجود يذكر في سنة (1844ميلادية) بينما تأسس الكيان اليهودي عام 1948ميلادية). وأخيرا أن للبهائيين دورا إنسانيا وفكريا على أرض الواقع في الكل البلدان التي نزلوا فيها في أحلال السلام وتنمية السلم الأهلي والاجتماعي ونشر المحبة والتنمية في الاقتصاد وبناء الجسور الفكرية والثقافية ولهم صلة وثيقة مع كثيرا من الأدباء منهم (جبران خليل جبران – شكيب أرسلان – محمد عبدة – أمين الريحاني -) ولهم مقولة مشهورة مفادها (إنا لا نخاف الله لعقابه ولا طمعا بجنته بل حبا لله تعالى)....

 

ضياء محسن الاسدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم