صحيفة المثقف

حاتم حميد محسن: طبيعة العدالة والأخلاق في جمهورية افلاطون

حاتم حميد محسنماهي الأسباب التي دفعت افلاطون للإيمان بان العدالة أرقى واكثر نفعا من اللاعدالة؟ وماهي العلاقة بين العدالة والاخلاق؟

في الجمهورية، يناقش افلاطون ويوضّح مفهوما مركزيا في جداله يعطي فيه الأفضلية للقيمة المتعالية للعدالة كخير انساني كونها تُنير وتُرشد السلوك الاخلاقي. حجة افلاطون تقوم على ان العدالة والاخلاق مترابطان بشكل وثيق لأن السمو والخيرية في الحياة الانسانية – وهما افضل طريقة ليعيش الانسان حياته –  معتمدان بقوة ومتداخلان مع الاشياء التي نجدها مرغوبة بذاتها وبنتائجها . لذا، نحن نعترف بان الاطروحة الاخلاقية لافلاطون لايمكن تفسيرها وفق حجة الحكم المعياري للاخلاق او وفق حجة محصلة الفعل. اطروحة افلاطون هي تنويرية، بالمعنى الفلسفي، لأنها تمكننا من ايجاد طرق جديدة اكثر نفعا في النظر الى تلك الاسئلة الاساسية المتعلقة بالعدالة والاخلاق، والاسلوب الذي يرتبطان به.

في كتابه (الجمهورية) يحاول افلاطون الاجابة على اسئلة معقدة حول العدالة وذلك بطرحه تفسيرا متميزا لماهية العدالة الحقة، والكيفية التي يتم بها ابلاغ وتعليم الناس المرهفين اخلاقيا حول الطبيعة الحقيقية للعدالة والاخلاق. ان فهمنا للعدالة سيكون اكثر عمقا لو ركّزنا بان ما يهم حقا هو ليس مجرد مراعاة المتطلبات الخارجية – الاحكام الاخلاقية المعيارية والتقليدية – وانما هو شخصية الفرد العادل حقا . العدالة والخيرية المرتكزتان على الحكم كفضيلة للحياة اللائقة، يُنظر اليهما باعتبارهما منسجمين في سياق المجتمع المنظم جيدا.

الادّعاء الأساسي لافلاطون في الجمهورية، هو ان العدالة عظيمة جدا لدرجة ان كل شخص يحتضنها بشكل تام سيكون أفضل حالا، حتى مع القلق والألم في المحن الشديدة. المعادلة الاخلاقية الاساسية التي أعلن افلاطون عنها صراحة،تقوم على ان:العدالة التي تأتي عبر تحمّل الألم والإهانة هي اكثر نفعا من لاعدالة الفرد الذي يتمتع بالمكافئات الاجتماعية المخصصة بطبيعتها للشخص العادل .

غير ان افلاطون لم ينجح طوال الحوار في ان يبرر بوضوح هذه الصيغة المعقدة وغير العادية. لكنه اعتقد صراحة بان الناس فعلا يتصرفون ضد رغباتهم المباشرة لأجل العدالة ولأجل خير الجماعة المدنية ككل. هو لم يؤمن بان الحافز الوحيد للتصرف العادل هو زيادة سعادة المرء. يعترف افلاطون بان الصراع بين الواجب والمصلحة الذاتية هو ممكن جداً، اي ان الواجب والمصلحة الذاتية هما مفهومان مستقلان لا يمكن اختزال اي منهما الى الآخر. لكي نحل هذا التوتر يجب ان نعرف ما هو الأحسن، ان نظرية الأشكال (عالم المُثل) تشغل مكانا مركزيا وحاسما في تبرير ما يبدو ادّعاءً استثنائيا بالغ الأهمية. الأشكال هي اشياء الفهم الأبدية، اللامتغيرة، اللامادية وغير المدركة حسيا،والتي هي اساسية لتعليم فيلسوف الجمهورية، حيث تخلق فيه تقديسا حماسيا لمثل هذه الافكار المطلقة كالجمال والخيرية والعدالة والحكمة.

الفيلسوف الافلاطوني او المثالي، كمحب للمعرفة والحكمة، يكافح دائما لأجل الفهم الواضح والمتميز لهذه الافكار المطلقة (الأشكال) وبعمله هذا ستصبح حياته أسمى من اي حياة اخرى لأن فيلسوف الجمهورية، ومن خلال دراسة الأشكال، سيكون أقرب الى  أعلى ترتيب للحقيقة  والتي تُعتبر أعظم خير حقيقي، وهو بهذا سيحرر نفسه من تلك الأخطاء المنهجية التي تُفقر وتشوه الحياة اللامفكرة .

جدال افلاطون في نظرية الاشكال يمكّن الفيلسوف من الفهم والمشاركة في شكل العدالة، وما لم ينجز الفيلسوف هذا المستوى من الفهم، فان اي حكم يصدر بشأن الأفعال والاشخاص او المؤسسات سيكون معيبا و خاطئا. ولهذا فهي نظرية او مفهوم يقودان افلاطون ضمنا،ان لم يكن صراحة، الى تحليلات اساسية تتعلق بطبيعة الحياة الاخلاقية، التي يجب ان تتطابق مع الحياة الخيّرة، لأن الحياة الخيّرة هي في الجوهر حياة عادلة.

لو ارتكبنا خطأ في أحكامنا بشأن العدالة والخير الجماعي، فنحن ايضا سوف نكون مخطئين عندما نتخذ قرارات حول الكيفية التي ينبغي ان نتصرف بها في علاقتنا مع الآخرين، وهذه هي التي تشكل الاساس للحياة الاخلاقية. أحكامنا الاخلاقية ستكون معيبة لأن تلك الاحكام لم ترتكز على ما هو عادل حقا. ولذلك نحن سنتصرف فقط  طبقا لمظهر العدالة ما لم نمتلك فهما واضحا ومتميزا لحقيقة العدالة او شكلها.

ان نظرية افلاطون في الأشكال تشكل قناة لنا تقودنا الى أعظم خير في بحثنا عن الحياة الخيّرة. ان البحث عن الحياة الخيرة – الحياة الاخلاقية – يقودنا الى الابتعاد عن السعي اللامتناهي وغير المقنع للمتع الفيزيقية والامتيازات والشرف والمنافع المادية التي تفترض  وجود أهمية في حياة الشخص العادي. ان تطهير النفس، من خلال التعليم والتأمل يقود الى تحوّل في حياتنا والى الإقرار بنوع من الخير الاساسي والمتميز المختلف جذريا - شكل الخير. هذا الانسلاخ او التحول يقود الى فهم واضح ومتميز، والى تقديس وتقليد الأشكال ذات السمو المتعالي، بما ينير ويسمو بحياة الفيلسوف، ويضع وجوده الاخلاقي في مرتبة تتجاوز الفرد العادي.

يعترف افلاطون بان المعرفة وادراك الاشكال هي قيمة بالغة الاهمية، لأنها خيرات متعالية ومتفوقة. حيازة الاشكال، وهي لا تعني الملكية، هي نتاج للعقل – وهي السمة الأعظم قيمة في روح الانسان – وان هذه الحيازة هي التي تقود الى السعادة الانسانية. هي سعادة  يشترك بها كل من يصل الى الادراك الحقيقي للاشكال، عبر سيادة وتفوق العقل الانساني. بالنسبة لافلاطون، يكون الفعل مقبولا ليس فقط لأنه مفضل من جانب العقل، وانما لأن العقل سوف يفضله حينما ينجح في ادراك الخير، ويطبّق ذلك الادراك في مهمة اختيار الافعال.

حيازة الاشكال تنطوي وتستلزم روابط عاطفية مترافقة مع تلك الفعاليات المتميزة بالحب والصداقة. نحن مرتبطون مع هذه الحيازات الثمينة، كأشكال، من خلال المشاركة العاطفية والفهم الفكري. هذه هي التي تُبلغ وتعزز قيمة حياة الفرد، وخاصة الحياة الاخلاقية.

أحد مظاهر خيرية الأشكال يكمن في مفهوم الانسجام والتوازن في النِسب. ان النوعية المتعالية والمتفوقة للاشكال، بالمقارنة مع الاشياء المرغوبة الاخرى، تُشتق وتتشكل بفعل طبيعتها اللامادية وحيازتها لأرقى درجة من الانسجام و الترتيب المنظم. ورغم انه من غير الممكن التعريف الدقيق والواضح لمفهوم الانسجام، لكننا في هذا السياق، نستطيع القول انه يتميز بمختلف انواع التناغم المتجسدة بالكائنات الحية والارواح والنجوم والاشكال. وعليه، نستنتج،من افلاطون، ان خيرية الشيء- الجماعة المدنية، روح او صحة الجسم – تتألف من نوع من النظام او التناسب الملائم للشيء. لذلك، اذا كان الشيء يحوز على درجة عالية من الانسجام او النظام ، عندئذ سيكون من الضروري ان يحوز على أعلى درجة من الخير – وبالنتيجة، سوف يشارك بشكل الخير.

يتبع ذلك ان الانسان العادل حقا – الفرد المتنور والراشد اخلاقيا – سوف يتمتع ايضا من خلال التعليم والتأمل بأعلى درجات النظام في روحه، وهو لذلك سوف يمتلك فهما واضحا ومتميزا ورغبة في المشاركة بأشكال العدالة والخير. هذا يوضح حسب افلاطون، لماذا الفيلسوف هو الأقدر ليصبح منخرطا بفاعلية في حكومة الدولة، لأنه من خلال تطبيق نظام متوازن للعدالة ولمبادئ اخلاقية سليمة – قائمة على سيادة العقل الانساني – فان تعليمه وتدريبه سيمكنانه من القيام بذلك.

ان تعليم وتدريب الفلاسفة الافلاطونيين للجمهورية سيضمن قدرتهم الفعالة في السيطرة على مشاعرهم وشهواتهم. انضباطهم واحترامهم لإنسجام الأشكال سيضمن ايضا انهم لا يحوزون الرغبة في التصرف بلاعدالة او بسلوك غير اجتماعي او في البحث عن مزايا دنيوية لا يمتلكها الناس الآخرون. الفيلسوف الذي يفهم ويشارك في انسجام الاشكال، ولديه المهارات الفكرية الفعالة، سيكون لديه ادّعاءً قويا بكونه نموذجا للفرد الاخلاقي العادل – حتى عندما لم يتجرد كليا من جميع نواقص الشخصية.

يجب التأكيد ان افلاطون لم يطرح ادّعاءً غير واقعي في الكمال، لأن هذا سيعمل فقط على إضعاف اطروحته والحط منها . مشروعه هو بالاساس تطبيقي  يعترف فيه ان  رغبة الفيلسوف الحاكم لا يمكن السيطرة عليها دائما وكليا بالعقل، لكن هذه بذاتها لا تبطل القوة المركزية لحجة افلاطون.

غير ان افلاطون وعد بإظهار تفوّق حياة الفرد العادل، على غير العادل، رغم النتائج السلبية التي يواجهها الفرد العادل من وقت لآخر . الجواب لهذا السؤال يكمن جزئيا في استكشاف المأزق السايكولوجي للفرد غير العادل كليا او المستبد. لو ان هذا الفرد يمارس اشكالاً متطرفة من اللاعدالة او اللااخلاقية، عندئذ ستكون لهذا العمل نتائج سايكولوجية مدمرة له. لو ان الرغبات اُطلق لها العنان بالكامل فانها سيستحيل اشباعها، والحياة ستصبح احباطا دائما بدلا من ان تكون حياة هادئة وقابلة للانجاز. ممارسة السلطة الاستبدادية تُفسد الثقة وتخلق خوفا دائما من الإنتقام من اولئك المضطهدين من جانب المستبد. الفشل في إخضاع الشهوات للعقل يخلق حتما طلبات داخلية فوضوية متكررة تقود الى المعاناة من الخوف والاحباط. من الواضح ان هذه ليست الصيغة لحياة سعيدة ومزدهرة وأخلاقية.

ان الشغف الطاغي للفيلسوف الافلاطوني هو حب الأشكال، الحب الذي لا يولّد الخوف او الاحباط او الفوضى في الحياة. وعكس ذلك، اولئك الذين يدرسون ويتأملون الاشكال ستكون لديهم شهوات متواضعة يمكن إشباعها بسهولة، كما ان وعي الفيلسوف بالانسجام في الروح سيقود الى حياة هادئة متحررة من الآثار المدمرة للرغبات المتصارعة. يجادل افلاطون بانه حتى لو ان الفرد العادل تعرّض للاذى والاهانة، فهو سيكون في سلام مع نفسه وسوف لن يعاني من الاحباطات الفوضوية التي تجعل حياة المستبد بغيضة وتافهة. ورغم ان الفرد العادل قد يعاني من آلام فيزيقية، فهذا لايعادل الألم السايكولوجي الذي يحوّل حياة المستبد الى عذاب دائم.

يعتقد افلاطون ان هناك توازن واضح في المزايا الايجابية لحياة الفرد العادل والاخلاقي الذي قد يعاني ظلماً على شكل اذى مؤقت او دائم. ان تفكير وعواطف الفيلسوف، يمنحانهُ مدخلاً لعالم منسجم كليا (عالم الأشكال) الذي يحوز عليه هو وحده، والذي هو الخير الاعظم الذي لا يدانيه شيء. فمتى ما تم الاعتراف بان المعرفة والتأمل بالأشكال – أشكال العدالة والخير – تمنح مثل هذه المزايا الهائلة للفرد العادل، عندئذ فلابد من الاعتراف ايضا بان الأذى المادي لا يمكن ان يقلل من القيمة العظمى  للعالم اللا محسوس للفرد الرشيد.

خلاصة واستنتاج

موقف افلاطون في الجمهورية هو ان الحياة الخيرة تُعرّف طبقا لعلاقتها بالحياة الاخلاقية. هناك، حسب افلاطون، الكثير من الحياة الخيّرة مقارنة بالاخلاق، لكنه من الضروري اعطاء افضلية مطلقة للاخيرة. وبالرغم من ان  حياتين اخلاقيتين اثنتين ربما ليستا خيّرتين بالتساوي، لكن الحياة الاخلاقية هي دائما أرقى من الحياة اللااخلاقية بصرف النظر عن المنافع التي تبدو في الاخيرة. موقف افلاطون يتضمن ان الصراع بين الحياة الخيّرة والحياة الاخلاقية هو مستحيل منطقيا، بسبب علاقاتهما الداخلية.

هناك فرق بين الواجب والعدالة،من حيث الطريقة التي يفكر بها افلاطون في هذين المفهومين. الواجب هو كلمة تنطبق اساسا على الفعل، بينما العدالة، في فكر افلاطون، تنطبق اساسا على الناس. ولكن رغم هذه الاختلافات، مقارنة افلاطون بين العدالة والمصلحة  تشبه كثيرا ذلك الفرق بين الواجب والمصلحة،وعليه نحن نستطيع اعتبار العدالة والواجب هما واقعيا مفردتان لهما نفس المعنى.

يعتقد افلاطون ان هناك اسباب موجبة للعمل ضد مصالحنا الفورية من أجل العدالة وخير المجتمع المدني ككل. القليل ذُكر حول الناس، كمنتجين، في الجمهورية، لأن افلاطون مهتم اساسا بمواقف ودوافع الفلاسفة وبنشاطاتهم في المدينة كحكام . هو لم يؤمن بان الدافع الوحيد الممكن والمعقول للتصرف بعدالة هو زيادة متعة وسعادة المرء.

وفق المنظور الفلسفي الحديث لابد من عمل خيار في حالات الصراع بين الواجب والمصلحة – الخيار بين مفهومين، مستقلين،لا يمكن اختزال اي منهما الى الآخر. الفرق الحاسم والاكثر اهمية بين الافكار الاخلاقية لافلاطون المعبّر عنها بالجمهورية، والافكار الفلسفية الحديثة حول الصراع بين الواجب والمصلحة، هو الموقف المتميز والمتعالي الذي اُعطي لفكرة الخيرية او شكل الخير، وهي الفكرة التي انطوت على كل اشكال الخيرية. ماذا تعني في الواقع الأهمية العظيمة للمفهوم المتفرد للخيرية؟ الخيارات التي تتم عادة بالعقل يعتبرها افلاطون كقرارات حول ما هو خير او حسن – وهي تمثل الخير الى أقصى درجة . رؤية افلاطون هي اننا يجب ان نعرف ماهو حقا الأحسن لكي نعمل الخيار بين الواجب وخير المرء. المشكلة بالنسبة لافلاطون،في هذا السياق، هي تطوير مفهوم للخيرية فيه ما يكفي من الوضوح والتميز لكي نستطيع عمل خيار بين الواجب والمصلحة،وهو الخيار المثالي في خيريته، او احسن الخيارين.

وبالضد من الافكار الحديثة في الخيرية – المنافع، الامتياز، الكمال وغيرها – افلاطون يسمح فقط بفكرة واحدة للخيرية وهي شكل الخير، الفكرة التي لا يمكن اختزالها لأفكار اخرى للخيرية. هو يؤسس نظرية تسمو على الافكار الاخرى للخيرية. ذلك لكي يتجنب امكانية الصراع،في التفكير العملي، بسبب مختلف افكار الخيرية غير القابلة للاختزال.

ان محاولة افلاطون في التعامل مع فكرة الخيرية كفكرة منفردة، توفر المعيار المطلق للاستخدام في ممارسة التفكير العملي. هو يحاول تبيان اننا نستطيع حل التوترات الظاهرة بين مختلف انواع الخيرية،عبر ادراك ماهية الخير النهائي، ورؤية كيف يمكن تمثيله في العالم الفيزيقي. هو لم يهمل العقل او العقلانية من مشروعه، لأن مهمة العقل  هي ادراك الخير ووضع خطة استراتيجية للفعل. الوظيفة السليمة للعقل هي الادراك الصحيح والدقيق للخير، واستعمال ذلك الادراك – بدلا من مفهوم العقلانية- حينما نأتي لنفهم بالضبط كيف يجب ان نعيش ونتصرف. وعليه فان ادراك شكل الخير هو الذي يساعد في توجيه حياتنا وافعالنا الاخلاقية، وليس العقلانية التي نستخدمها مباشرة في انجاز ادراكنا للخير.

يعتقد افلاطون ان فكرة الخير فيها السمات الضرورية لإبلاغنا وارشاد افعالنا، وايضا تعمل على تكوين وتوجيه شخصيتنا الاخلاقية. العدالة والمنافع الشخصية هما نوعان من الخير سنقوم بفحصهما لكي نكتشف منْ له الأسبقية على الآخر. فكرة العدالة تُعامل باعتبارها فضيلة او امتياز، او كنوع من الخيرية. اما فكرة المنافع او المزايا هي الخير لبعض الافراد او للمجتمع المدني. اي من هذين الخيرين اكثر اهمية في تلك الظروف التي تهم افلاطون؟ الفلاسفة او الحكام سيختارون خير المجتمع ويفضلونهُ على خير انفسهم،لأن ادراك شكل الخير لا يحتاج الى كفاءة او أهلية qualification ، الخيرات الاخرى هي خير فقط حين توجد درجة من الأهلية.

ان حكومة المدينة منشغلة بمنافع الجماعة المدنية ككل، وان خير الجماعة يُعتبر كخير بدون اهلية، ولذلك فهو يسمو على المصالح الفورية المباشرة للفرد. ان خير المدينة، باعتباره خير بلا اهلية، يأخذ الاسبقية على خير المرء لأن خير المدينة هو مُتضمن بتطوير العدالة في الجماعة المدنية. انه ايضا يتجاوز المصلحة الذاتية للفيلسوف الحاكم، المتحمس للتصرف بعدالة، ومن ثم بأخلاقية، بسبب معرفته السابقة بشكل الخير. وعليه، فان اطروحة افلاطون الاخلاقية تعطي مكانا فريداً لمفهوم موضوعي واحد للخيرية، وان جميع المفاهيم التقييمية الاخرى هي تابعة وخاضعة لفكرة الخير هذه (الفكرة بدون أهلية).

 

حاتم حميد محسن

.............................

Stuart Hopkins, Justice and Morality in Plato’s Republic, Pathways school of philosophy.

المصادر:

1- اناس جوليا (Annas, Julia)، مدخل لجمهورية افلاطون، اكسفورد 1981، فصل 3 صفحة 59- 71، فصل 6 صفحة 53- 169، وفصل 13، صفحة 331- 334.

2- اروين تيرينس (Irwin, Terence)، اخلاق افلاطون، اكسفورد 1995، فصل 12، صفحة 181- 202.

3- كراوت ريتشارد (Kraut, Richard)،دليل كامبردج لجمهورية افلاطون، مطبوعات جامعة كامبردج،1992، فصل 10 صفحة 311- 337.

4- ناجل توماس (Nagel, Thomas)، رؤية من البعيد،اكسفورد، 1986، فصل x، صفحة 189 – 207.

5- وترفيلد، روبن (Waterfield, Robin)، جمهورية افلاطون،1993.

6- وايت، نيكولاي (White, Nicholas)، دليل لجمهورية افلاطون، انديانابولس، امريكا، 1979.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم