صحيفة المثقف

حميد طولست: تعنيف المعلمين يفتح أبواب التساؤلات الصعبة والملحة!

حميد طولستكم كنت أظن، والكثيرون مثلي، أن قولة مركل: "كيف أساويكم بمن علموكم؟" إنما هي طرفة أو نكتة للتسلية أو التهريج - كما هو حال العديد من تصريحات مسؤولينا الأجلاء - لكن تبين لي بعد البحث أنها حقيقة وواقع لتوجه إنساني نبيل منها ومن المجتمع الألماني، ورد جدي صادق، يكرس حرمة التعليم، ويؤكد كرامة رجاله، ويعترف لهم بالجميل، وتعبيرا عن الوفاء، وأنه تأكيد حكيم تجاه الأسرة التعليمية التي ضحت ولازالت بالغالي من أجل نهضة وتقدم ألمانيا وغيرها من البلدان التي تقيس مقدار تقدمها بما بمدى اهتمام مسؤوليها بالعلم والتعليم والاهتمام بالمربين، كما هو حدث في سنغافورة التي عبر مؤسسها "لي كوان بو" عن ذلك بمقولته الشهيرة: "أنا لم أعمل المستحيل، كل الذي عملته، أنني أعطيت المعلم حقّه، فمكن البلاد من القوة العلمية والاقتصادية والتكنولوجية، ونهضت نهضة هائلة، وستظل كذلك مادمنا محافظين على هيبة الأستاذ وكل من يعمل على دعمه لوجسيتيا و أداريا .

فهل يا ترى، وضعية المعلمين في بلادنا اليوم هي نفسها التي عرفوها مع السلف الصالح من تقدير واحترام واهتمام لإيمانهم الراسخ بأن: "من علمك حرفا فهو سيدك إلى يوم القيامة " والذي نقضه تابعيهم من أعداء العلم والتعلم، ومسخوا الصورة المشرفة السامية التي رسمها الشاعر أحمد شوقي للمعلم في بيته الشهير:

قم للمعلم وفه التبجيلا --- كاد المعلم أن يكون رسولا .

البيت الشعري الذي تصرف فيه بعض الملهمين ببراعة ليصبح:

قم للمعلم وفه التنكيلا --- كاد المعلم أن يكون سبرديلا.

للتعبير، وبصورة صادقة، على ما أصبح عليه واقع وحقيقة حالهم، حيث أصبحت تُجند الجيوش المدربة المسلحة بالهراوات والدراجات النارية المميتة، لردع احتجاجاتهم السلمية الحضارية من أجل حقوق غاية في الزهد والقناعة.

وأمام هذه الوضعية غير المعقولة واللامنطقية، تعنيف المعلمين تشرع أبواب التساؤلات الصعبة والملحة، وعلى رأسها، لماذا يهان المعلم أس مستقبل هذا الوطن وبنائه ؟ ولماذا تنتهك حقوقه؟ ولماذا يحرم مما يتمتع به أمثاله وحتى من هم دونه في البلدان الأخرى؟ وهو من يحمل على عواتقه أمانة تكوين الأجيال الراقية العالية؟ ولماذا يعامل بهذا الشكل الجافي، مع العلم أنه، لولاه لما كانت هناك لا علم ولا قيم ولا تقدم أو تحضر أو تنمية الأجيال؟

واعتذر للسيدة مركل على سوء تقديري ها على ذلك فأين أنتم من لمقولتها التي أفحمت بها القضاة الألمان عندما طالبوها بمساواتهم بالمعلمين، والتي ظننتها نكتة، والتي أسائل معنفي المعلم:أين أنتم من المستشارة "مركل" التي تقولن فيها وفي جنسها: ما أفلح قوم ولوا أمرهم إمراة!!

 

حميد طولست

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم