صحيفة المثقف

إنعام كمونة: ترنيمات سومرية

انعام كمونةيوشوشني عطر البردي…

ترانيم جداول سومرية العبق  ….

يحدوها  مشحوفاً *

ملون الجراغد*

يغازلُ رشاقة موج طحلبي السحنات

بمجداف ضوء أزرق

ينسج لحاء الأماكن

فراديس تبر برائحة القصب

تعانق خطى كركراتي الفواحة

بحناء ضفائر أُمي

وظلال سدرة تفيأها والدي لعناق صلاتهِ

كنا نسرد أحلامنا الفتية لنجوم (إنانا)

فتهدينا زهرة زقورية ……

تهودج المدى أعراس شبعاد …..

بأهزوجة حصاد ...

تراقص منجل جدي

تتغنى .. للهور* و(الفالة )*……

(مشحوفنا طر الهور )……

فنطير بعيون نوارس …

تغازل زعانف سمك منتشية الغرق…..

أُقاسمهم فُتاتَ خبز…….

مغمسةَ برضاب طيني …..

نسرح بعشبِ الخيال ..

أجنحة حرير

تشاكسنا أطياف كلكامش

رشقات بلل

**

أتذكرون …

حين يهطل مطر البراءة..!!

نسرق بوصلة الملاحة ونطير أكتاف ريح…

كم مشطت الشمس جدائلها ضفافا للهور

ولملمت دموع الجرف زيت قناديل

فامتدت أحضان نجاة لجيد الرافدين

اتذكرون ؟؟ ……

حين تستحم أنفاس تموز الفضية

ترتدي مواسم البردي

عباءة ذهبية الوشمات…!!

توشح عرش بجعة تغزل ابنوس عشقها بحيرة لعشتار…..

تداعب عرجون الشواطئ بلمعان القمر

فتغفو قريرة الرمال في مرافئ العسجد…

**

و... بغدٍ ناظره رحيل …

أُضرِمَ سيل صفعات

شرخت وجه الماء غصات طواف

امتصت غاليات دمي

بخذلان قارون العروش

لدروب مجرات عشقناها…

تشكو هزيع العطش لتباريح سراب..!!!

والغيوم ذابلة الحشود …

تحتسي الصبر خلجان تنهد …

أسمع خشخشة رئتهم المنسية دخان أعاصير  …….

وصواري آهااات منهكة الزمن …

متى نقص أتون المآسي ؟؟…

فأرواح اليباس تتوسل نطفة غيم .....

من رحم السحاب ..!!

ألا يتوالد عَرَق البرق خجلا من جبين المطر..؟

ليُقَبل أنين القصب نزوة غيمة..؟

أأ..أرحلت ذاكرة الماء لأرصفة الصياهد..؟

**

لا تسألوني عن زيف النسيان …

وهذيان الجروح مطعون بخنجر مغترب …..

يصطاد زينة المضايف بسوط الوجع...!!

كيف ألملم ذاكرة الأمس ……

وغدي همس مبعثر..؟……

لماذا تجمهر الضجر صبر الطين ؟؟ …..

ونزف ألم التراقي ! ……

تيارات جفاف في المفاصل والأطراف

أيروي نابعات الضمور..؟؟

ما زلت أطل بدموع نرجس على نَوح الشباك الجائعة..!!

تموت كل حين لرغيف اشتهاء..!!

تنعي رميم التنور لرماد السنابل ..!!

**

فتطفو غرغرة نحيب العتمة…..

مناسك طامسة الويل…..

منشورية الظمأ في بئر التسكعات ….

يترنح دلوها بجب الجفاء……

يغترف صفير ريع العبرات

بشفاه تصافح همس الغروب ….

يكابدني زمهرير الإحتراق … وأنا

أُهدهد أحلامي بتمائم عشتار

أزهو بكبرياء رُقم فجر الانبعاث

شلال نبع لا يُطمَر ……

تجلى تاريخ طوفان وسليل تراث

متى تتوهج بيارق الأمنيات ……

ليغسل صُلب الجفاف ..!؟

متى يستنشق كفن الهور روح الرافدين ؟

ليضمد روج المشاحيف غربة القصب

فالطيور ما زالت محلقة ….

وأنكيدو ينتظر...

***

إنعام كمونة

21 / 7 / 016 2

.............................

* الجرغد: غطاء رأس نسائي من الملابس التقليدية العراقية ويسميه البعض " الشيله أو العصابة التي تلف الرأس"، وهو وشاح مصنوع من قماش ناعم عادة يكون لونه بني أو أسود أو أزرق أو أي لون غامق آخر. لا تزال تلبسه النساء كبيرات السن في المناسبات أو الزيارات أو الصلاة وليس بشكل دائم كما في الماضي.

* الأهوار جمع هور وهي مسطحات مائية تمتد لمساحات واسعة في جنوب العراق تمتاز بثروات زراعية وحيوانية كثيرة والتنقل فيها بزورق يصنع محليا يسمى المشحوف كان يستخدم منذ القدم والحضارة السومرية بيئة ملائمة لهجرة الطيور تعرضت في مرحلة الحروب للجفاف والتجفيف مما اثر على حياة اهل الجنوب واقتصاد البلد الان بنى المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) المنعقد في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1972 معاهدة حماية الموروث الحضاري والطبيعي التي تضمنت توصيات للتعاون الدولي في الحفاظ على المواقع ذات القيمة العالمية، باعتبارها ملكاً للأجيال المقبلة.

* الفالة: المراد بها عصا لها ثلاث شعب من حديد يصاد بها السمك

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم