صحيفة المثقف

صادق السامرائي: تراث وتراث!!

صادق السامرائيأكتب عن التراث ليس من باب الإنتماء التعصبي الأعمى الذي يتصوره على أنه نهاية المطاف وأقصى ما بلغته الأمة من العطاء، وعلينا التجمد فيه والتحول إلى مومياوات، فالنظرة المومياوية للتراث عدوان عليه وتدمير لجوهره ومعانيه الحضارية الإنسانية.

التراث صورة مرسومة في مسلة الحياة، أو شواهد معلومة واضحة في دروبها البعيدة الآماد، منها نتعلم ونتواصل بالإنطلاق.

فالإهتمام بالتراث لا يعني السكون والتوقف والتحنط في المكان، مما لا يتفق وحركة الدوران القاضية بالتغير والتبدل والسير للأمام.

وموضوع التراث تناولته العديد من الأقلام على مدى أكثر من قرن، وما ترتب عن ذلك فائدة ذات قيمة حضارية بارزة، بل كانت تصورات فنتازية جعلت من التراث أيقونة مثالية لا يمكن الإتيان بمثلها أو إجتيازها، وعلى الأمة أن تتمحن بها وتتعضل.

والعديد من القراءات كانت بمنظار مشوه وآليات تعسفية، أظهرته وفقا لنواياها وغاياتها التي تريد تمريرها بواسطته، أو أنها كانت تمتطيه لتحقيق ما يجيش في دياجير أطماعها وتطلعاتها.

وأكثر المتفاعلين مع التراث متأثرين برؤى وتصورات المستشرقين ومعظمهم غير منصفين، وبعضهم يرى الحقيقة وينطقها بلسانها المبين.

ولهذا ساد الميل نحو إعتبار التراث مانعا للتقدم، وليس طاقة نفسية ومعنوية للتوثب والعطاء الأصيل، لأنه يُحسب حجر عثرة أو حاجز ومعوق، وفي هذا تجني سافر وعدوان آثم.

وعليه فأن الإدراك التنويري للتراث يجعله قوة دافعة لتعزيز الأواصر التقدمية ما بينه والحاضر والمستقبل، ويكون مصدر إلهام لا إلجام للأجيال المتوافدة.

فالتراث مشعل وجود ومنارة إهتداء إلى مرافئ الرقاء والنماء والعلاء، ولا يجوز أن يتحول إلى أداة ترقيد وتغفيل وتخدير للأمة، التي يسعى أعداؤها بعزيمة متواصلة وإصرار متزايد لإيهامها بأن تراثها السبب الأول في معاناتها، ومنه تنبع ويلاتها.

وهذا أفك وخداع وتضليل، فالتراث قوة الأمة وطاقتها ومجدها الولود الواعد بالأصيل.

فهل لنا أن نقرأ تراثنا بعيون الواثقين؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم