صحيفة المثقف

ميثم الجنابي: انطون سعادة وأيديولوجية الفكرة القومية الاجتماعية (6)

ميثم الجنابيالدولة القومية والروح القومي

إننا نقف في مجرى تحليل آراء ومواقف وتأسيس انطون سعادة للفكرة القومية أمام مفارقة منطقية وثقافية لكنها "مقبولة" ضمن سياق أيديولوجيته القومية الداعية إلى بناء دولة قومية حديثة. فقد وجد نموذج الدولة القومية الحديثة في الدولة الديمقراطية. وكتب بهذا الصدد يقول، بأنَّ "الدولة الديمقراطية هي دولة قومية حتماً. فهي لا تقوم على معتقدات خارجية أو إرادة وهمية، بل على إرادة الأمة الناتجة عن الشعور بالاشتراك في حياة اجتماعية اقتصادية واحدة. والدولة أصبحت تمثل هذه الارادة"[1]. بل ودفع هذه الفكرة إلى مداها الأبعد عندما اعتبر الدولة القومية الحديثة نفياً لتقاليد الأوهام السائدة في الماضي تجاه الدولة، مع إقراره النسبي بوصفها جزءً من تاريخ التطور الطبيعي للأمم والدول. فإذا كانت الجماعة هي كل شيء في بداية البشرية، بوصفها الطور الأول فيها، من هنا خضوعها لمختلف أنواع الرؤى والأوهام... وهو سبب رؤيتها للحق والدين شيئا واحداً[2]. إلا أنَّ منطق التطور الحديث يوصلنا إلى فكرة مفادها، أنَّ الدولة في ذاتها ليست مقياساً للثقافة العقلية، بل بما تنطوي عليه من حقوق.

إنَّ رفع شأن الحقوق إلى مصاف المرجعية الكبرى بالنسبة للدولة القومية الحديثة، كما نظر إليها انطون سعادة، تفترض بدورها بعث روحها القومي عبر مبادئ خاصة مميزة لها، تستمد مقوماتها من تاريخها الذاتي. وبالتالي لا ينبغي حصر ذلك بميدان السياسة رغم أهميته. وذلك لأنَّ الأمة التي لا تظهر حيويتها القومية إلا في السياسة هي أمة لا تعرف سبل النجاح، كما يقول انطون سعادة[3].

ذلك يعني أنَّ سبل النجاح هو منظومة كلية تبدأ بوعي الذات وتنتهي به، بوصفها الدورة الضرورية للتكامل القومي. وكتب بهذا الصدد يقول، بأنَّ أغراض الأمم السامية هي مطالبها العليا، أما الحرية والاستقلال، فليسا سوى الوسيلتين، اللتين لا غنى للأمم عنهما لتحقيق تلك المطالب[4]. وإنَّ بلوغ هذه الغاية يفترض التمسك الدائم بمبادئ الفكرة القومية السورية الاجتماعية الكبرى. الأمر الذي يفترض على الدوام تذليل ما اسماه انطون سعادة بمبادئ الفكرة العنصرية والدينية والعمل من اجل إتمام الفكرة القومية ببلوغ وحدتها التامة في الأمة. وذلك لأنَّ كيان "الأمة يتوقف على حياة الشعب قبل كل شيئ آخر. فالشعب الحي سواء كان مؤلفاً من عنصر واحد، أم من عناصر متعددة، مختلفة الأصول، يمكنه أنْ يكون أمةً ذات شأن بفضل قابليته للتطور الراقي"[5]. لقد سعى من وراء ذلك إبراز قيمة وأولوية وجوهرية الفكرة القومية السورية بوصفها حقيقة ذاتية قائمة بذاتها. وضمن هذا السياق وّظف فكرة محاربة النزعة العنصرية والدينية، التي كانت تعني من حيث الواقع محاربة الفكرة القائلة بأولوية العنصر العربي والدين الإسلامي في تأسيس الفكرة القومية الحديثة بالنسبة "لسورية".

لهذا نراه يشدد على أنَّ دخول المبادئ العنصرية في الوعي يؤدي إلى استحالة إرساء أسس التربية القومية المتينة. مما يضطرها للتنازل عن مُثلها العليا، وأنْ تفني قوميتها في قومية تعمّ الأمة التي تشترك معها في العنصر[6]. واستكمل ذلك بفكرة تقول، بأنه "ما دامت الأمم المطلوب توحيدها لا تشكل وحدة اجتماعية شعبية، أو وحدة أخلاقية أو وحدة نفسية أو وحدة عقلية، فلابد في هذه العملية من أنْ تذهب أمة ضحية لأمة، وشعب ضحية لشعب"[7]. وذلك لأنه لا توجد في العالم أمة واحدة ليست خليطاً من أكثر من عنصر وعنصرين. لذلك كانت "الأمم الحكيمة ولا تزال تقدم على التعاون العنصري لا على الاتحاد العنصري"[8]. والسبب يكمن في أنَّ "مزج القضايا العنصرية بالقضايا القومية قبل أنْ تكون الأمم العنصرية في حالة وحدة اجتماعية شعبية نفسية أو عقلية، اقتصادية..الخ، مناف لخير الشعوب، هادم لقوميتها، لأنه يفقدها حياتها الخاصة ومزاياها ومواهبها الخاصة.. والنسب علم لا ينفع وجهالة لا تضر"[9]. غير أنَّ ذلك "لا يعني وجوب التخلي عن المبدأ العنصري بالمرة، بل يعني ضرورة التمييز بين المبدأ العنصري والمبدأ القومي"[10]. وذلك لأنَّ "المبدأ القومي الشعبي هو المبدأ الضروري لحياة الأمم. أما المبدأ العنصري فهو مبدأ كمالي"[11]. وبالتالي، فإنَّ "المبدأ العنصري يجب أنْ يخدم الشعب، لا أنْ تخدم الشعوب المبدأ العنصري"[12]. وأخيرا "كلما كانت روح القومية الشعبية في الأمم قوية كانت برهاناً قاطعاً على جودة العناصر التي تنتمي إليها"[13].

نقف هنا أمام النص الذي يعكس بصورة متجانسة مضمون الفكرة القومية بأبعادها النظرية والسياسية والأيديولوجية. لقد أراد انطون سعادة القول، بأنَّ المهمة الكبرى بالنسبة للفكرة القومية في سورية (الهلال الخصيب) تقوم في إبراز أوليتها وخصوصيتها واستقلاليتها الذاتية. وذلك لأنَّ الجوهري بالنسبة لها ألا تذوب في العنصر الأعم لها، أي العربي. وبما انه لا توجد وحدة اجتماعية شعبية ووحدة أخلاقية وعقلية ونفسية تامة بين العرب جميعا على خلاف ما هو مميز لها في سورية، وكذلك في أقطار العالم العربي الأخرى كل لحاله، من هنا ضرورة الدفاع عن هذه الاستقلالية النسبية بوصفها طريق الوصول إلى الفكرة الكلّية (العربية). وذلك لكي لا تذهب أمة من أمم العالم العربي ضحية الأخرى. فلكل أمة مثلها الأعلى. وبالتالي فإنَّ من الأفضل أنْ تعمل هذه الأمم على التعاون لا على الانصهار باسم العرق. فأصول العرب الكبرى الجامعة لهم لا ينبغي أنْ تكون لها الأولوية على واقع التمايز بينها. وعدم الأخذ بهذا الجانب الجوهري سوف يؤدي إلى تخريب الفكرة القومية نفسها. فمن الناحية التأسيسية والعملية ينبغي وضع الجانب القومي قبل العنصري. انطلاقا من أنَّ القومية ككيان تاريخي ثقافي متميز أكثر جوهرية بالنسبة للفكرة القومية المعاصرة من الأصل العرقي لهذه الأمم. وبالتالي ينبغي أنْ تعطى له دوما الأولوية في الفكرة النظرية والعملية القومية من اجل الخير العام. كما انه الطريق والأسلوب الواقعي لبلوغ ما تسعى إليه الأمم في العالم المعاصر.

وطبق موقفه وأسلوبه على ما اسماه بالمبادئ الدينية وعلاقتها بالفكرة القومية. إذ اعتبر إدخال "المبادئ الدينية" في القضية القومية يشكل خطراً عظيماً على كيانها وعلى معنى وجودها[14]. والتجربة الأوربية التي حلّت بطريقتها الخاصة تبرهن على صدق هذا الموقف. ومن الناحية التاريخية كان العرب هم أصحاب الفضيلة بالنسبة لأوربا فيما يتعلق بتخليص شعوبها من سيطرة وقهر الكنيسة. إذ "لولا مجيء العرب الى أوربا واشتغالهم فيها بالعلوم والفنون لكان الجهل أبقى الشعوب الأوربية تحت رحمة الكنيسة إلى زمن لا ندري أمده"[15]. وخلاصة القول التي أراد الوصول إليها انطون سعادة تقوم في ضرورة تأسيس الفكرة القومية الحديثة استناداً إلى القاعدة التي تقول بأنَّ سياسة التربية القومية ومبادئها تفترض دوما السير والنظر إلى الأمام. لكي لا تتعثر في مسيرتها[16].

ولا يعني السير إلى الأمام بالنسبة لانطون سعادة هنا سوى السير في اتجاه تأسيس وغرس مبادئ الفكرة القومية السورية الاجتماعية في مختلف ميادين الحياة الاجتماعية والروحية والعقلية. بحيث نراه يتكلم عن ضرورة إرساء أسس خاصة لمسار الفكر السوري والأدب السوري، أي للعقل والوجدان السوري القومي وتجديدهما[17].

فطريق الفكر السوري الحديث هو طريق الرجوع إلى الأصول والذات السورية. من هنا موقفه من ما اسماه بضرورة التجديد الأدبي الذي يرمي للوصول إلى تعبير خاص به عن الحياة والكون والفن، مهمتها "استيعاب المطالب والمطامح النفسية المنطبقة على خطط النفس السورية". بمعنى أنْ تكون هذه النظرة ذات أصول لا تشذّ عن النفس السورية. الأمر الذي جعله يغلو بهذا الصدد ويدعو إلى ما اسماه بالتخلي من "الخرافات العربية الخالية من المغزى الفلسفي، ومن العلاقات بمجرى الفكر والشعور الإنسانيين الراقيين كما ترسمه الأساطير السورية". إذ أنَّ مهمة النظرة السورية القومية الاجتماعية إلى الحياة والكون والفن ينبغي أنْ تعمل من اجل إزالة "الطبقات التي تراكمت عليها ودفنتها" من اجل إيجاد الصلة والعلاقة الحية والجديدة "بين السوري القديم والسوري القومي الاجتماعي الجديد"[18]. لاسيما وأنَّ التراث السوري يتسم بقدر هائل وكبير من الإبداع الثقافي الذي تحول إلى مصدر لأهم أساطير اليونان وأهمّ قصص اليهود المثبتة في التوراة. إذ أنَّ اغلبها مأخوذة عن أصول سورية كما عثر عليها في تنقيبات رأس شمر ونينوى وآشور ونمرود وبابل وسوها. بعبارة أخرى، إنَّ الرجوع إلى الأصول يهدف إلى "البعث القومي" في مختلف الميادين.

ففي ميدان الأدب ينبغي الرجوع إلى الأصول التي دمرتها الثقافة العربية! لهذا لم يفلح السوريون بإكساب شخصيتهم على الثقافة العربية إلا في زمن الخلافة الأموية، كما يقول انطون سعادة. ولكن حالما جاء العهد العباسي قلَّ التأثير السوري وكثر التأثير الفارسي. وفيما لو تأثر العرب طويلاً بالنفسية والثقافة السورية لأكسبه ذلك العمق النفسي والفكري، كما يستنتج انطون سعادة. غير أنَّ الأمور جرت بطريقة مغايرة. ولو تأملنا التاريخ العربي والثقافة العربية، كما يقول انطون سعادة، فإننا نقف أمام حقيقة تقول، بأنَّ ما أخذته من الثقافة السورية كان طفيفاً وجزئياً، وذلك لأنَّ مزاج العرب "الحار المكتسب من طبيعة بلادهم الحارة ذات الرمال المحرقة، لم يكن ليتفق مع هدوء النفس السورية النامية في محيط معتدل لطيف تتغير فصوله تغيراً منتظماً فلا ينزعج الفكر في مجراه"[19]. فقد كان طبع العرب القديم مخالفا للعمران والاطمئنان إلى راحة الضمير، بحيث نراهم ما أتوا شيئا حتى انتقلوا إلى غيره. كما أنَّ اللغة القومية الجديدة (العربية) قد طغت على اللغة القومية القديمة. ولكن حالما جاء دور الاتصال بالغرب والآداب الغربية، لمس السوري في هذه الآداب أثاراً من أساطيرهم السابقة ومثلهم العليا وسرعان ما تحول الفكر السوري الجديد عن الانقياد إلى المُثل العليا الضئيلة التي خلّفها الأدب العربي، إلى البحث عن المًثل العليا المعبّرة عن النفس السورية. وذك لأنَّ كل ما في النفسية السورية يدلّ على طابعها الشعري والفني ودقة المعنى وسحرها الخلاب وبهائها وبهجتها، كما أنَّ أساطيرها تجمع بين الكمون والاستتار، وعلانية الحركة والظهور بين سمو التفكير وعمق الشعور[20]. من هنا زوال الوهم السريع في النهضة السورية الجديدة عن "أنَّ الأدب العربي يمثل النفسية السورية" كما نراها على سبيل المثال في أدب جبران خليل جبران وظهور موسيقى جديدة وما إلى ذلك[21]. فقد كشف هذا التحول عن إدراك جديد لمعنى وقيمة الأدب العربي. فقد فتح السوري عينه بعد انقطاع طويل، على كتب قليلة من "الأدب العربي". وحصيلتها لا تتعدى كونها أبيات من الشعر تارة تمثل الشعور الجامح، ونماذج من الكرم البدوي والحكم السخيف، وبعض أخبار وقادة العرب وأمرائهم. وهو كل الثروة الروحية التي ورثوها عن العرب[22]. أما حقيقتهم هم وثروتهم الروحية الكبيرة فلم يكن لها ذكر البتة.

إنَّ الحصيلة التي أراد انطون سعادة الوصول إليها تقوم في ضرورة تجديد الأدب باعتباره أدباً قومياً. وفي الحالة المعنية أدباً سورياً قومياً خالصاً. لهذا نراه على سبيل المثال يجد في شخصية وإبداع الموسيقي الألماني فاغنر مثالاً لكيفية التأثر بالتاريخ القومي والإحساس الذاتي والإبداع بمقاييسهما. بينما لا يستطيع "الموسيقي أو الأديب الجامد التقليدي أنْ يواجه موسيقى فاغنر أو بيتهوفن أو باخ إلا بمواقف الاستغراب والاستهجان". وهي فكرة سليمة لكنها تتحول إلى نقضها حالما وجد في أغاني أم كلثوم نوعاً من الغناء والموسيقى الذي يميت ويقتل القلب والروح القومي والاجتماعي[23]! والشيء نفسه يمكن قوله عن دعوته السليمة إلى أنْ يكون أسلوب بلوغ المرتبة العليا في الإبداع الشعري السوري لا يتم عبر "قراءة سفر اشعيا" من التوراة[24]، ولا بتقوية الاتصال "بالأدب القديم" الذي هو تعبير غامض في ذاته، ولا باستحسان الآداب الأجنبية القديمة التي أوجدت الأدب الأجنبي الحديث، ولا بتوشية الكتب والطباعة، بل بالاتصال بمجرى الحياة الذي يجد فيه الشاعر نفسه ونفس أمته ومجتمعه وحقيقة طبيعته وطبيعة جنسه ومواهبهما، وبإدراك عمق النظرة إلى الحياة والكون والفن الملازمة لهذا المجرى الذي يزداد قوة مع الأيام"[25]. وضمن هذا السياق نراه يقف إلى جانب موقف طه حسين في نقده لشعر شوقي، الذي اكتفى بالجانب السطحي في الأدب الأوربي بشكل عام والفرنسي بشكل خاص، لكي يعطي للأدب العربي بعدا مصرياً، كما كان يقول طه حسين[26]. وهو نقد سليم من حيث الشكل سيئ من حيث المضمون، وذلك لأنه يجعل من الاستلاب الثقافي معياراً إضافياً وجوهرياً إلى الموقف من الحياة العادية. وكلاهما أمران لا ينسجمان. وفي هذه الرؤية المتضاربة من حيث أسلوبها في تأسيس الفكرة، ومنهجها في التحليل والنقد والمواقف، وغايتها العملية الكبرى تكمن معالم المتناقضات الكبرى في فلسفة انطون سعادة القومية ونزوعها الأيديولوجي الصرف.(يتبع....).

 

ا. د. ميثم الجنابي

............................

[1] انطون سعادة: نشوء الأمم، الآثار الكاملة، ج5، ص130.

[2] انطون سعادة: نشوء الأمم، الآثار الكاملة، ج5، ص92.

[3] انطون سعادة: الآثار الكاملة، ج 1، ص330.

[4] انطون سعادة: الآثار الكاملة، ج 1، ص330.

[5] انطون سعادة: الآثار الكاملة، ج 1، ص 330.

[6] انطون سعادة: الآثار الكاملة، ج 1، ص331.

[7] انطون سعادة: الآثار الكاملة، ج 1، ص 331.

[8] انطون سعادة: الآثار الكاملة، ج 1، ص 331.

[9] انطون سعادة: الآثار الكاملة، ج 1، ص331.

[10] انطون سعادة: الآثار الكاملة، ج 1، ص331-332.

[11] انطون سعادة: الآثار الكاملة، ج 1، ص332.

[12] انطون سعادة: الآثار الكاملة، ج 1، ص332.

[13] انطون سعادة: الآثار الكاملة، ج 1، ص332-333.

[14] انطون سعادة: الآثار الكاملة، ج 1، ص333.

[15] انطون سعادة: الآثار الكاملة، ج 1، ص333.

[16] انطون سعادة: الآثار الكاملة، ج 1، ص336.

[17]وقد يكون النشيد الوطني السوري هو التجسيد الواضح لهذا الاتجاه. واكتفي هنا بمقاطع منه توضح مسار الفكرة ووهجها الداخلي:

ســورية لك السلام      سورية أنت الهدى

كل مــا فــيها جميل     كل مــن فيها كريم

أمة نـحن يقـــــــــينا    وحيـــاة لــن تزول (انطون سعادة: الآثار الكاملة، ج 2، ص 201)

[18] انطون سعادة: نشوء الأمم، الآثار الكاملة، ج11، ص

[19] انطون سعادة: نشوء الأمم، الآثار الكاملة، ج3، ص139.

[20] انطون سعادة: نشوء الأمم، الآثار الكاملة، ج3، ص139-140.

[21] انطون سعادة: نشوء الأمم، الآثار الكاملة، ج3، ص142. إنَّ أدب جبران خليل جبران، رغم طابعه الوجداني والإنساني هو أدب انشائي بحت. بمعنى انه يمسّ الوجدان ولا علاقة له بالعقل النظري ولا يصنع فكرة ولا منظومة. أما أدبه في المهجر فلا علاقة له بالتاريخ الذاتي لسوريا. انه مجرد إعادة استظهار لبعض المفاهيم النصرانية بثوبها الحديث. وهو أيضاً لا علاقة له بالتاريخ السوري بوصفه تاريخاً عربياً وإسلامياً.

[22] انطون سعادة: نشوء الأمم، الآثار الكاملة، ج3، ص141.

[23] يمكن توكيد العكس تماماً. إنَّ غناء وموسيقى ام كلثوم يتمتعان بحس جمالي وذوقي ذاتي له تاريخه الخاص في الروح المصرية العربية. وبالتالي فإنه لا يميت القلب والروح القومي على العكس تاماً. بل يمكن القول، إنَّ ام كلثوم وغناءها وحّدا العرب أكثر بكثير من الجامعة العربية وسلطات الدول العربية على مدار اكثر من نصف قرن.

[24] عموما إنَّ العربي لا يقرأ هذه الكتب والأشعار على الاطلاق! لكنها تشير كما هو الحل بالنسبة لأغلب ما يستشهد به انطون سعادة ما له علاقة بالأدب والتاريخ إلى مصادر وعيه "النصرانية" وليس العربية والإسلامية. وفي هذا يكمن النقص الجوهري في فلسفته القومية. إنها اقرب ما تكون إلى نزعة "لبنانية فنيقية" موسعة.

[25] انطون سعادة: نشوء الأمم، الآثار الكاملة، ج11، ص121.

[26] انطون سعادة: نشوء الأمم، الآثار الكاملة، ج11، ص122.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم