صحيفة المثقف

بقلم بكر السباتين: حينما ينقلب السحر على الساحر

بكر السباتينوأكاذيب قناة العربية بحق المحرر الشحاتيت..

استغلال مهين لخلط الأوراق الانتخابية وتبرئة الاحتلال.. وأسئلة أخرى!

قناة ما تسمى ب"العربية"، التي تمتلكها السعودية،  تغتال معنوياً الأسير الفلسطيني المحرر منصور الشحاتيت الذي أصيب بفقدان الذاكرة بسبب تعرضة للتعذيب المتوحش والعزل الانفرادي في سجون الاحتلال الإسرائيلي لمدة سبع عشرة سنة، وأفرج عنه مؤخراً، وذلك من خلال تقرير نشرته وتبرئ فيه العدو الإسرائيلي، باتهام حركة حماس (المقاومة) بتعذيبه، في رواية تخالف المنطق والحقيقة وتخلط معطيات الخبر الموضوعي ببعضها لتضليل الرأي العام وكأنه في نظرها مسلوب الحجا.. إنها إسقاطة صهيونية  مدروسة؛ لحجب الأنظار عن المجرم الصهيوني الذي تسبب بمأساة هذا الأسير الذي لم يستطع التعرف حتى على أهله.. وكانت أمه المكلومة بمصاب ابنها، تمسك بيده أمام عدسات التصوير وعلى مرأى من العالم الذي كان يراقب المشهد بذهول، وتقوده وكأنه طفلها الغرير الذي يحتاج إلى حنانها فلم يتعرف عليها بعدما سلب الإسرائيليون ذاكرته، ولم يتذكر سوى أنه أسير ناضل لأجل فلسطين، مؤكداً على أنه سوف يظل ملتزماً على نهجه الوطني.. وقد سجن دفاعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني.

هذا الشعب الذي ما يزال يُستهدف من قبل الإعلام المجير للاحتلال الإسرائيلي البغيض.

 والأسير المحرر الشحاتيت اعتقل في الحادي عشر من مارس عام 2014 وصدر آنذاك بحقه حكم بالسجن سبعة عشر عاما، بتهمة طعن أحد المستوطنين في مدينة بئر السبع المحتلة.. وتنقل في سجون الاحتلال بين عنابرها وزنازينها الانفرادية حتى صار مآله إلى هذه اللحظة التي شهدت خروجه من السجن مضعضعاً وفاقداً لذاكرته؛ إلا من حبه لفلسطين التي أخلص لها وظل يردد بفخر بأنه خرج بكرامة وإباء، ولم يذله السجن ما أغاظ سجانيه الذين استنجدوا - بطريقة أو بأخرى- بقناة متصهينة تحمل اسماً هو بريء منها وتدعى "العربية" لتثبت للعالم أنها تمثل الإعلام المشوه القائم على الأكاذيب والتضليل الإعلامي؛ لحماية صورة الكيان الإسرائيلي عربياً وعالمياً، وشيطنة الضحية باتهام حركة المقاومة حماس التي ردعت جيش الاحتلال في عدوانه المتكرر على قطاع غزة وتحكمت بقواعد الاشتباك ما وضعها في بؤرة الاستهادف في ظل الانتخابات الفلسطينية الجارية ربما لصالح حلفاء الاحتلال الإسرائيلي وعملائه وتيارهم الدحلاني النُسَيْبِي.

وأفرج الاحتلال الإسرائيلي الخميس الماضي عن الأسير منصور الشحاتيت من بلدة دورا من مدينة الخليل بالضفة المحتلة بعد قضاء محكوميته، وهو أحد ضحايا التعذيب الوحشي المهين الذي أدى إلى إصاباته بأمراض تم إهمالها طبياً من قبل مؤسسة السجون الإسرائلية.. وقد ظهر الأسير للعيان ضعيف البنية زائغ النظرات وكأنه أخرج لتوه والهروات تستهدف رأسه المليء بحب فلسطين، وكان لا يسيطر إلا على جموحه الوطني وعهده بالثبات على مقاومة المحتل بكل إباء، فبدا السجين المحرر عملاقاً أمام الصغار الذين رموه بأكاذيبهم.. فكشفوا عن خيبتهم وزيفهم وأزالوا ورقة التوت التي تغطي عوراتهم، ما دعا أحد مصوري قناة العربية، الفلسطيني "معتصم سقف الحيط" إلى رمي استقالته في وجوهِ مسؤولي القناةِ ومن أمرهم بإعداد هذا التقرير المزيف، مندداً بموقف القناة المتحيز للصهاينة، ومتبرئاً من قناة العربية المأجورة قائلاً "الأرزاق على الله".

وتعرضت قناة ما تسمى ب"العربية" التي تعتبر خط الدفاع الأول للكيان الإسرائيلي في الفضاء العربي هي ومثيلاتها، لحملة سخط واسعة في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، إزاء الافتراء الذي بثتها "العربية!!"في تقرير لها حول الحالة الصحية والنفسية للأسير المحرر منصور الشحاتيت.

وبحسب هيئة شؤون الأسرى (وكالات)"تعرض الشحاتيت خلال فترة اعتقاله للتعذيب الشديد والعزل الانفرادي لفترات طويلة، مما أدى إلى إصابته بحالة من فقدان الذاكرة منعته من التعرف على والدته وعلى جزء كبير من أهله وإخوانه، في مشهد أبكي جميع من كان في استقباله".

من جانبه نفى جهاد الشحاتيت شقيق المحرر منصور الشحاتيت ما أوردته العربية من أكاذيب مؤكداً على أن "من يتحمل المسؤولية هو الاحتلال وإدارة سجونه، ولا لحرف البوصلة عن الحقيقة، من أجل النزاعات والخلافات للدعاية الانتخابية".

وبدورها قالت أم الأسير المحرر "إن منصور كان موجودًا داخل العزل، وتعرض للتعذيب النفسي والجسدي من الاحتلال، وعاش على صوت الزننانة"، ونسبت كل ما تعرض له للاحتلال.

 ولم تتهم الأم حركة حماس، مؤكدة في سياق كلامها بأن: "منصور تعذّب من الاحتلال".

ولكن كيف تتبنى قناة العربية دوراً تنصلت منه حتى القنوات الإسرائيلية التي تركت هذا التشوه المهني والأخلاقي -رغم أنها من أرست دعائمه - للقنوات العربية المأجورة!؟

إن ما قامت به قناة العربية ينسجم مع سياسة الإعلام الإسرائيلي في شيطنة المقاومة الفلسطينية التي تمثلها حركة حماس، وهو ما أكد عليه بيان الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس (وكالات) التي "طالبت جميع الجهات المعنية بملاحقة قناة العربية قانونيًّا وإعلاميًّا، وتجريمها أخلاقيًّا لاستغلالها معاناة شخص مريض من ضغط السجن وسياط السجان".

وهذا واجب منوط بكل الشرفاء في العالم للرد على قناة مأجورة أصبحت تتحدث بلسان حال الاحتلال الإسرائيلي الظالم وحلفائه  المأجورين.

وقالت الهيئة (مواقع): "تفاجأنا بتناقل العربية خبرًا مفاده أن الأسير منصور الشحاتيت، الذي تحرر الخميس الماضي من سجون الاحتلال بعد قضائه 17 عامًا يعاني من ظروف صحية ونفسية نتيجة تعرضه للضرب من "أسرى حماس" في سجون الاحتلال".

أما حول تداعيات ما تعرض له الأسير الشحاتيت في السجون

 قالت الهيئة المعنية بتوثيق معاناة السجناء في أقبية وزنازين سجون الاحتلال بأن "الأسير عاش غالبية حياته في أقسام الحركة في سجون الاحتلال، كان آخرها سنواته الثلاث الأخيرة في سجن النقب الصحراوي".

وأوضحت "إنه وفي ليلة 25/3/2019 تعرض المحرر منصور الشحاتيت خلال قمعة سجن النقب الصحراوي المشهورة للضرب المبرح بالهراوات الحديدية على الرأس".

وبينت الهيئة أن الأسير الشحاتيت "خرج بطوع إرادته لزنازين العزل مرات ومرات، وكل مرة كان يعود ليعيش عند أسرى حماس، فهل الإنسان يعود لمن ظلمه وآذاه وضربه وعاداه؟ والخيارات عند باقي التنظيمات مفتوحة أمامه".

وختمت: "إن المهنية الصحفية والإعلامية كانت تتطلب من قناة العربية عدم اجتزاء تصريحات الشحاتيت في إطار حديثه عن تعرضه للتعذيب من إدارة السجون وتحويل الأمر نحو أسرى حماس".

وفي الحقيقة كان الأولى على قناة العربية ومن باب الواجب أن تغطي قضية السجون الإسرائيلية والكشف عما يحدث في كواليسها من ممارسات إجرامية مخالفة لحقوق الإنسان وانتهاكات قانونية وإنسانية ضد الأسرى.. وتعذيب وحشي وإهمال طبي وعزل انفرادي، وتغييب الإعلام المحايد عمّا يدور في غياهب السجون. كان على العربية أن تتناول جريمة إعادة اعتقال الأسرى المحررين بعد الإفراج عنهم بأيام كما حدث مع الأسير الفلسطيني المخضرم رشدي أبو مخ  بعد قضاء  خمسة وثلاثين عاماً في سجون الاحتلال.. والتضييق على أهالي الأسرى والإمعان في إذلالهم!

 أليس الأولى بقناة العربية إجراء  لقاءات مع أهالي السجناء في تقارير جادة لنجدة الضحية من نير الاحتلال والتخفيف من وطأته.. فلا تبني أكاذيبها على ما يجتزأ من كلام لتثوير العرب والفلسطينيين على المقاومة وشيطنتها! ليصل الأمر بها إلى شيطنة المعتقلينةفي بادرة لم يقترفها حتى الإعلام النازي في زمانه!

ألا يُفْهَمُ من تقرير قناة العربية بأنه ما جاء إلا  لضرب سمعة حماس والمقاومة في الضفة الغربية في ظل الانتخابات الفلسطينية "المنقوصة" تحديداً لصالح التيار الدحلاني النُسَيْبيْ المحسوب على تل أبيب والإمارات والمتهم بتسريب الأراضي إلى الاحتلال!!.

صحيح أن السجناء المفرج عنهم يطلب منهم الصمت حتى لا يفضحوا جرائم الجلاد؛ ولكن صمت الضحية أحياناً كما قال الشهيد غسان كنفاني:

 " هو صراخ من النُّوع نفسه أكثر عُمْقًا"

ويكفي أن أضاليل قناة العربية فتحت ملف الأسرى الفلسطينيين ووضعت قضيتهم في الصدارة وأتاحت فرصة للشرفاء كي يقاضوا قناة العربية ومثيلاتها لردعها وإخراسها حتى تعود إلى جادة الصواب.

 وطوبى لهؤلاء الأبطال الذين صمدوا في وجه سجّانيهم بكل كرامة وشرف، وكل الخيبة للصهاينة والمأجورين كقناة العربية التي حاولت حجب النور وتزوير الحقائق لصالح الجلاد؛ فباءت بالخيبة والفشل.

 

بكر السباتين

12 أبريل 2021

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم