صحيفة المثقف

زينب سعيد: موازنة بين اللغة العربية الفصحى والعامية

زينب سعيدالدارجة المغربية أنموذجا

مقدمة: تعتبر اللغة مشكلة فلسفية في كل مجتمع، إذ نجدها في مجالات مختلفة وقد أعطيت لها عدة تعاريف، يتضح ذلك من خلال اختلاف آراء العلماء والمفكرين في تعريفها. فهناك من يعتبرها صورة للشعب ونفسيته التي يتكلم بها كليبنتز[1]. في حين يرى البعض أنها آلية لنسج العلاقات والتواصل بين الأفراد كما يقول ابن جني: "أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم". ويعتبرها ديكارت خاصية للإنسان بما هو حيوان ناطق أي مفكر، وحيوان اجتماعي، ويعني هذا أن اللغة هي الآلية التي يفكر بها الانسان ويقيم بها علاقاته الاجتماعية. في حين يعتبرها تمام حسان جهازا من الحروف والكلمات والصيغ والعلاقات النحوية في مجتمع ما، ويتعلمها الفرد اكتسابا، ليدخل بذلك في زمالة اجتماعية[2]. فاللغة ظاهرة اجتماعية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالبنية الاجتماعية، وهي، بحكم طبيعتها، منغمسة في حياة المجتمع اليومية، وتمثل الوعي العملي لهذا المجتمع[3]. إنها الأداة الرئيسية في عملية التواصل الاجتماعي، وتحدد المدركات التي قد تكون اجتماعية، كما يقول توفيق شاهين: "اللغة تعطي الفرد شعورا بالانتماء إلى مجتمعه وهي كائن يتغير، وهذا التغيير ظاهرة طبيعية"[4]. وبما أن اللغة مجموعة من الأفكار والتعابير يكتسبها الانسان لأجل التواصل، فهي منظومة تتضمن وحدات نحوية، وقواعد تقوم على مبادئ وتصورات للوجود، وهذه المبادئ والافتراضات لا تتبع التفكير ولا هو يحددها، بل هي التفكير ذاته[5]. أو هي نظام من رموز ملفوظة عرفية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمجموعة الاجتماعية التي تنتجها وتتواصل بها وتعتبر آليتها للإبداع والتواصل والإخبار. وبالتالي فهي أكثر من مجموعة أصوات يصدرها الانسان، إنها أداة الحضارة بعد أن كانت ظاهرة انفعالية تترجم العواطف، والانفعالات، ويترجم بها الانسان عناصر الحياة إلى رموز لغوية يتفق عليها، تختزن في الذهن وتستحضر وقت اللزوم. فأثناء عملية المحادثة، أو التواصل تصدر الأصوات أو تكتب الرموز لتعبر عن المعاني وذلك حينما تتكامل عملية التكلم ويختار الذهن للحدث ما يناسبه وما يشابهه من رموز لغوية دالة عليه[6]. والأصل في اللغة أن تكون كلاما أي منطوقة، واللغة المنطوقة هي تلك التي تقوم على ربط مضمونات الفكر الإنساني بأصوات ينتجها النطق، في حين تذهب لغة الكتابة إلى تمثيل الكلام المنطوق بطريقة منظومة، فهي اختراع او اكتشاف انساني لاحق على اختراع اللغة. وقد اعتبر سابير الأشكال الكتابية رموزا، أي أنها ثانوية بالنسبة لرموز الكلام الملفوظ[7]. ولقد ظهرت لها عدة فروع علمية لسانية في خضم التطور الذي شهدته الدراسات والأبحاث اللسانية أبرزها علم اللغة الاجتماعي Sociolinguistics الذي يعنى بدراسة العلاقة بين اللغة والمجتمع بوصفها ظاهرة اجتماعية. وتندرج تحت هذا العلم فروع أخرى كعلم اللهجات Dialectology والتخطيط اللغوي Language Planning  والتحول اللغوي Language Shift  والموت اللغوي Language Death . ويعود إلى دوركهايم السبق في النظر إلى اللغة في جوانبها الاجتماعية، ويتبدى ذلك حين يقرر أن اللغة ظاهرة اجتماعية منذ البداية، أو شيء اجتماعي بالدرجة الأولى[8]. ويرى عالم اللسانيات ادوارد سابير أن اللغة الأم التي يتكلمها أبناؤها ويفكرون بواسطتها تنظم تجربة المجتمع وتصوغ المعالم الأساسية لوجوده وكينونته الذاتية؛ لأن اللغة تنطوي على رؤية مميزة وخاصة للعالم، ويقول في هذا الصدد دونلاب Dunlap  "يمكننا أن نعرف أشياء كثيرة عن حياة الشعوب والأمم عن طريق دراسة وتحليل اللغات التي تتكلمها"[9]. فاللغة العامية هي اللغة المنطوقة أو الكلام الشفهي وهو كلام العامة وكلام التواصل اليومي. في حين أن اللغة الرسمية أو اللغة الفصحى هي لغة الكتابة أو اللغة الرسمية ولغة الدولة. فما هي أوجه التداخل والتنافر بينهما؟

في تحديد مفهوم اللغة الفصحى

جاء في معجم الرائد أن اللغة الفصحى هي: " كل لغة نهجية تخضع لقواعد الصرف والنحو والأصول والتركيب اللغوي، وهي لغة الأدب والعلم ووسائل الإعلام والصلاة وما إليها وعكسها اللغة العامية، وهي اللغة المحكية." [10]

فاللغة العربية الفصحى هي اللغة التقليدية، لغة الكتب والتعليم والمجلات الفنية والفكرية والصحف ولغة المكاتبات الرسمية، ولغة المدارس وتستخدم في مجال الإنتاج الفكري. ويستخدم مفهوم الفصحى للدلالة على أعلى شكل من أشكال التعبير اللساني الذي يأخذ نموذجه الأعلى من القرآن ومن الشعر الجاهلي. هناك من يستخدم اللغة العربية الفصحى للتعبير عن الشكل المبسط للغة العربية الذي يتجلى في الإعلام والخطاب الرسمي، وهو لا يضاهي اللغة الفصحى من حيث الصعوبة والبناء اللغوي. وهذا يعني أن اللغة الفصيحة لغة عربية فصحى تميل إلى البساطة في بنيتها وتركيبها، وتعني إجرائيا بالعربية الفصحى أو "الفصيحة" اللغة التي تراعي أصول وقواعد اللغة العربية ونحوها وصرفها والتي تستعمل أحيانا كلغة للتدريس والخطابة الجامعة[11].

وتتميز بصحة الفاظها، ودقة معانيها ووضوح مبانيها. وقد عني علماء اللغة بالحديث عن مقياس الصواب اللغوي" الذي تلتزم به الفصحى. ويرى كثير منهم أن الفصاحة تقوم على دعامتين: المحافظة على سلامة اللغة العربية من جهة ومراعاة التطور الذي تخضع له من جهة أخرى. والفصحى في جوهرها أن يجري الكلام على المقاييس الجمالية والنحوية للغة العربية القديمة في أكثر تجلياتها الأدبية وأدق معانيها الفكرية وهي اللغة التي تحاكي القرآن بوصفه أعلى مراتب الفصاحة وأكثرها جمالا وبيانا واكتمالا. [12]،عكس اللغة العامية أو اللغة الدارجة، فماهي اللغة العامية؟

مفهوم اللغة العامية

يعرف ابن خلدون العامية بأنها:" لغة كل شيء تلقائي طبيعي، لغة أم كل عربي، يرضعها مع حليب أمه، إنها ملكة راسخة" ويعتبرها زكريا سعيد اللغة التي تستخدم في الشؤون العادية ويجري بها الحديث اليومي. لا تخضع لقوانين لأنها تلقائية متغيرة تبعا لتغير الأجيال وتغير الظروف المحيطة بهم[13]. ومن مميزاتها نجد أنها:

لهجة متطورة وحية تتصف بإسقاط الإعراب

تعتمد على الاقتصاد اللغوي

تتميز بالاقتباس والتجديد في المعنى

تعبر عن الحياة بحلاوتها وقسوتها بطلاقة[14]

أوجه التنافر والاختلاف بين اللغة العامية واللغة الفصحى

يكمن الفرق بين اللغة الفصحى والعامية في كون اللغة العربية من اللغات السامية وباعتبارها أكثر اللغات السامية انتشارًا، حيث إن العربية قديمًا كان ينطقها العرب بأكثر من لهجة، فلكل قبيلة لهجتها، وهذه اللهجات منها الفصيح القوي ومنها المنبوذ الضعيف، فكانت قريش أفصح القبائل، فقد تم اختيار لغتها كلغة رسمية. ومع التطور العلمي للغة العربية، واطلاع العرب على لغات باقي الحضارات، تسلل إلى العربية الكثير من الكلمات التي ليست بالعربية، وفي حين كان اللحن عند العرب القدامى عيبًا أصبح الحديث بالفصحى في هذا العصر صعبًا خصوصًا عند ذوي الثقافة المتدنية، غير أنَّ العامية فيها الكثير من الكلمات التي لا تتصل بالعربية، إضافة إلى أنها أحيانًا لا تخضع لقواعد العربية، ولا إلى المنطق الذي بُنيت عليه.[15] فإذا كانت اللغة العامية السائدة في مجتمع هي لغة التواصل المستعملة في شؤون الحياة اليومية العادية في مختلف أوجه الحياة اليومية. فإنها لا تراعي قواعد اللغة العربية وأصولها كما هو الحال بالنسبة للفصحى. إذ تتميز العامية بكونها تمتلك مجموعة من الصفات اللغوية التي تنتمي إلى بيئة أو وسط اجتماعي محدد مكانيا وزمانيا، وتمتلك نسقا من الخصائص اللغوية المرتبطة بالوسط كالعامية المغربية والتونسية والمصرية والسورية واللبنانية... واللغة العربية كغيرها من اللغات تمتلك نسقا من اللهجات المحلية يغطي مختلف البلدان العربية والأقاليم المحلية في هذه البلدان. ويطلق على اللغة العامية أسماء عديدة: اللغة السائدة والعامية والدارجة[16] وتتميز بتحريف اللفظ وغموض الكلمات وإبهام المعاني والخروج عن المألوف في قواعد الفصحى،[17] باعتبارها هيكلا حيا ومتغيرا تستجيب لمتطلبات المجتمع، لأنها أكثر متغير من اللغة الفصحى وتضيف كلمات جديدة بشكل أسرع، في حين أن اللغة الفصحى نظام أكثر تعقيدا، لا تتجدد بسهولة ويتطلب إصلاحها عملا مشتركا[18].

وقد استعملت العامية Dialect  قديما بمعنى اللغة، وتعني اللغة المتداولة بين الناس، وهي ما نطق به العامة على غير سنن الكلام العربي[19]. ومن تأثير بين اللغة والمجتمع نجد: تغييرات صوتية، استبدال الأصوات الرخوة بأصوات مشددة، وتبديل بعض الحروف كتبديل حرف الجيم غينا[20] (كما هو الحال في الدارجة المصرية: جميل، غميل) والقاف همزة (قم، ؤم) [21].   وتميل إلى التبسيط ولاسيما في القواعد، حيث تختفي صيغة المثنى تقريبا وينقص عدد الضمائر، وتختفي أوزان الجمع وحركات الإعراب. وهذا يعني أن العامية العربية غير قادرة على أداء دور ثقافي في مجال المعرفة العلمية والثقافية، وعليه فإنه يجب على المتكلم أن يعود إلى الفصحى ليمزجها بتراكيب عامة إن أراد التعبير عما يقول بشكل أوفى [22]. إنها لغة الشعب كله تسيل على الألسن بلا عسر ولا تصنع، وتعبر خير تعبير عن مشاعر الناس وأفكارهم وتطلعاتهم وطموحاتهم. وهي عكس لغة الكتابة التي تدون بها المؤلفات والصحف والمجلات وشؤون القضاء والتشريع والإدارة.[23]ويحددها المجلس الأعلى للغة العربية بأنها" مستوى تعبيري يتخاطب به العامة عفويا في الحياة اليومية، وهو مستوى غير خاضع لقواعد النحو والصرف ويتصف بالتلقائية والاختزال، إنها عربية فقدت بعض الخصائص الموجودة في الفصحى مثل الإعراب".[24] يستعملها المجتمع أحيانا في الأفلام والروايات والمسرحيات باعتبارها لغة التواصل اليومي،[25] إنها لغة متحولة وسريعة التغيير، لا تكاد تثبت على حال بما فيها من صواب، وتشتمل على مفردات وعبارات ومصطلحات لم تعرفها العربية الفصحى دخلت اللغة عبر الاحتكاك باللغات الأخرى كالفرنسية والاسبانية والانجليزية وغيرها عكس اللغة الفصحى، التي ترتكز في أساسها على قواعد الإعراب التي تضبطها[26]. ويمكن إجمال نقط الاختلاف بين العامية والفصحى، كما حددها السوسيولوجي السوري علي وطفة، في:

تتميز اللغة العامية بوصفها لغة شفهية يتحدث بها الناس دون أن يكتبوها في حين تتميز الفصحى بأنها لغة كتابة وتدوين؛

العامية لغة الحياة اليومية والتواصل الاجتماعي في حين أن الفصحى لغة رسمية يتم تداولها في الإدارة والإعلام والأدب والسياسة والتعليم والكتابة والمحافل الدولية؛

تعتمد العامية على السجية والانسيابية والعادات اللغوية المألوفة ولا تخضع لمنطق القواعد اللغوية كما هو حال الفصحى التي تعتمد على منظومة من القواعد والمبادئ التي يجب مراعاتها أثناء الكتابة والحوار؛

تراعي الفصحى متطلبات البيان اللغوي في أرفع مستوياته ضمن نطاق الصرف والنحو والألفاظ الدلالية المتقنة، وعلى خلافه تعتمد العامية الاقتصاد اللغوي واليسر اللفظي التعبيري دون اهتمام بمقتضيات الدقة اللغوية والبيان اللغوي المتطور؛

تتنوع العامية بتنوع الجغرافيا والطبقات والفئات الاجتماعية والمجموعات السكانية في حين تأخذ الفصحى طابع لغة وطنية شاملة على وحدتها مع التنوعات الاجتماعية والتباينات الاجتماعية؛

يتضح تأثير العامية وحضورها الواسع في لغة الطبقات الاجتماعية الواسعة في حين يقتصر تأثير الفصحى في النخب الثقافية والاجتماعية ولدى أبناء المتعلمين من الطبقة الوسطى؛

تتباين العامية بتباين اللهجات المحلية في البلد الواحد: المصرية، السورية، اللبنانية، المغربية. في حين تتميز الفصحى بوحدتها وتجانسها وشمولها بوصفها لغة وطنية واحدة في مختلف جوانب الحياة الثقافية والسياسية والعلمية والأدبية؛

تتصف العامية بفقرها العلمي، عكس اللغة الفصحى

تختلف العامية في البلد الواحد باختلاف طبقات الناس وتنوعهم الاجتماعي ولهجاتهم: لهجة الفلاحين، ولهجة العمال، ولهجة الطبقة البورجوازية. لهجة الشماليين ولهجة الجنوبيين.. هذا التباين ليس له حضور في اللغة الفصحى. [27]

الدارجة المغربية توارد بين الامازيغية والعربية

لكل عامية أصول تستمد منها وجودها وكينونتها ولكل لغة قواعد خاصة بها تكون بنيتها الدلالية وهويتها اللسانية وترتكز هذه القواعد على أربعة مستويات: المستوى المعجمي: “lexical” والمستوى النحوي والصرفي “morphologique et grammatical” والمستوى التركيبي “syntaxique” والمستوى الفونولوجي “phonologique”. إن اللغة مبنى معقد البنية، لأن مادتها الخام التي بنيت بها من حيث نوعيتها هي نظام أصواتها، اعتبارا لمخارج الحروف فيها ولتفاعل تلك الحروف فيما بينها “la phonétique”. وأساسها هو مجموعة الالفاظ التي تكونها وتحدد معانيها أي معجمها، وصرفها هو الصياغة التي تصاغ عليها لتشكل سياق البناء والطريقة التي تصفف بها تلك المواد كلها وترتب في الجدار هي تركيب الجمل وربط بعضها ببعض. لهذا يجدر بالباحث، عندما يفحص نتائج التأثير والتأثر بين لغتين تواردت عناصرهما في لغة ثالثة أن يراعي كل المستويات المتناظرة في اللغتين والا يقتصر على مقارنة المعجم بالمعجم[28].

فإن كان للعربية الفصحى أثر في اللغة الدارجة المغربية فإن للأمازيغية دور في تنشئتها من حيث معجمها، حيث هناك فرق شاسع بين صرف الكلمات في الدارجة وبين صرفها في الفصحى. إذ أن هناك تأثيرات اللغة الأمازيغية الفنولوجية والصرفية والتركيبية على دراسة التأثيرات المعجمية عليها[29].

ومن بين هذه التأثيرات هناك:

تسكين الحرف الأول في الكلمة، "العربية لا تبتدئ بساكن"، كْلسْ، نْعس،

إسقاط المد لقاض بدلا من القاضي

حذف همزة القطع لسلام وليمان بدل الإسلام والايمان، لبير بدلا من البئر خرّج، دخّل بدل أخرج أدخل

تفخيم الراء المكسورة على خلاف ما هو في العربية "الفريق"، "الله يبارك"

لا وجود للثاء والذال المعجمية والظاء في النطق بالدارجة المغربية تنطق "تاء" و"دالا" و"ضادا"[30].

تحويل الهمزة إلى ياء كاين بدلا من كائن

إدغام كلمة في أخرى كيراك بدل كيف أراك[31]

نجد أن أغلب الصيغ الصرفية في الفصحى محافظ عليها في العامية المغربية، سواء في باب الأفعال أم الأسماء والمصادر (فَعَلَ، يفعل، افعَلْ، فاعل، مفعول، مستفعل، افتعال فَعل، مفاعلة، تفاعل، فعّال، مِفعل، مَفعل، مَفعال..) وفي المجال النحوي لا نجد اختلافا جذريا بين نمط تركيب الجمل في الفصحى عن نظيره في العامية إلا في جزئيات بسيطة[32]، مع وجود تأثيرات صرفية ونحوية أمازيغية على العامية المغربية من قبيل:

غياب التثنية، ينوب عنها الجمع حيث أنه لا مثنى في الأمازيغية؛[33]

كثيرا ما يعامل المذكر معاملة المؤنث والعكس أيضا صحيح، هناك من يؤنث الباب والجامع ويذكر اليد والرجل والأذن أي الأسماء العربية التي لا تميزها عن المذكر علامة تأنيث؛

يؤنث التصغير على أنه تصغير مذكر لأن التصغير في الأمازيغية مؤنث الصيغة دائما "حليبة" "خبيزة" "كليمة"؛

أحيانا ما تقحم اسم الفاعل ميم في أوله لأن اسم الفاعل في الأمازيغية أوله ميم بالقياس "ماجي" بدلا من "جاي"؛

تكون النكرة من الأسماء ملازمة لحرفي التعريف "ال"ويضاف إليها العدد "واحد" "شفت واحد الرجل"[34].

أما فيما يخص الأفعال فكثيرا ما:

يصاغ الفعل المبني للمجهول على النمط الأمازيغي فيكون أوله تاء مضعفة تّباع، بيع، تّبنا، بني، تّحرت، حرث؛

يتقدم الفعل المصرف في المضارع حرف كاف أو تاء كياكل، "ياكل"، كيشرب "يشرب" تيجري "يجري؛

لا مثنى في النسق الصرفي للأفعال خرجو، دخلو، نعسو؛

لا فرق بين المذكر والمؤنث كلما أسند الفعل الماضي إلي المخاطب أنت خرجتِ تقال لكل من المذكر والمؤنث؛

يكون الفعل العربي متعديا بنفسه فيصير متعديا بالحرف في الدارجة كما هو الحال عليه في الامازيغية "بلغ لو لخبار" "بلغه الخبر"؛[35]

الضمير الغائب يكون واحدا شاملا في تصريف الفعل الماضي: (هما خرجا/ هما خرجتا/ هم خرجوا/ هن خرجن) مقابلها في الدارجة هو خَرجو التي تدل على كل الضمائر السالفة الذكر كما هو الحال في الأمازيغية، نفس الشيء بالنسبة لضمير المخاطب (انتما جئتما/ أنتم جئتم/ أنتن جئتن) تخصتر كلها في جيتو التي تدل على كل الضمائر السابقة؛

عدم التمييز بين الجنسين في الضمائر فيقال: خرجو التي تدل على كلا الجنسين، الذكور والاناث: خرجن وخرجوا، كما هو الحال في الأمازيغية؛

اختصار جميع صيغ الاسم الموصول في الفصحى (الذي، التي، اللذان، اللتان، الذين، اللائي، اللاتي) في صيغة واحدة مختصرة وهي "اللي"؛

اختصار الصيغ العديدة لجموع الكلمة في صيغة واحدة، وعدم التمييز بين أنواع الجموع المختلفة: جموع الكثرة وجموع القلة، جمع تكسير...

تحويل بعض حروف العلة قياد بدل قواد، يكسيه بدل يكسوه؛

تحويل بعض الأفعال من لازمة إلى متعدية بنفسها: جابو بدل جاء به[36].

خاتمة

تعددت الأبحاث والدراسات التي تناولت موضوع اللغة وعلاقة الفصحى بالعامية، وقد ذهب البعض إلى اعتبار العامية لغة تواصل يومي تنهل في معجمها وصرفها وتركيبها من الفصحى وذهب البعض الآخر إلى اعتبار ها لغة قائمة بذاتها ولها جذور غارقة في القدم، حيث اعتبروها لغة موازية يجب توظيفها والاستفادة منها، حيث إن تركيبها ومعجمها وصرفها يختلف عن الفصحى وينهل من اللغة الأصل التي تعتبر لغتها الأم كحال الأمازيغية، التي يعتبرها محمد المدلاوي[37]: "اللغة التي تنحدر منها القيود والاستعدادات البراميترية المتحكمة في آلية تطبيع الكلمات على نحو الدارجة المغربية وعلى سننها". ويأخذ في الوقت نفسه من الفصحى لأن معجم الدارجة المغربية معجم سامي تمثله أرضية فونولوجية أمازيغية وعربية على حد سواء. على رغم من كل ما قيل تبقى اللغة العامية أقدم أداة للتواصل وآلية التخاطب اليومي والشعبي المنفتحة على التغيير والتطور المستمر ومجال توارد بين اللغتين الأمازيغية والعربية الفصحى مع التغييرات التي أدخلتها على معجمها من خلال احتكاكها بلغات أخرى كالفرنسية والاسبانية اللتين نجد كثيرا من آثارهما المعجمية راسخا وحاضرا فيها من قبيل ميكانيكي، بلومبي، كوافورة وغيرها من الكلمات التي أصبحت جزءا من الرصيد المعجمي للدارجة المغربية.

 

زينب سعيد

..............................

[1] إبراهيم انوس، فلسفة اللغة عند كمال يوسف الحاج، مجلة النشر العربي، الكويت، العدد 14، 1989، ص. 35.

[2]  مقدمة المجلة، مجلة دراسات، العدد 2، كلية الآداب، اكادير، 1988، جامعة ابن زهر، مطبعة الجديد، ص. 65.

[3] يوسف الصحافي، اللغة كأيديولوجية، مجلة الفكر العربي المعاصر، الثقافة بعد الحرب العالمية الثانية، قراءة اللغة، مركز الانماء القومي، بيروت، 1991، ج. 84 ـ 85، ص. 74.

[4] توفيق شاهين، علم اللغة العام، ط. 1. ام القرى للطباعة والنشر، القاهرة، 1980، ص. 7. https://www.noor-book.com/كتاب-علم-اللغه-العام-pdf

[5]  يوسف الصحافي، نفس المرجع السابق.

[6] توفيق شاهين، نفس المرجع السابق، ص. 7.

[7] ادوارد سابير، اللغة والخطاب الأدبي، ترجمة سعيد الغانمي، ط. 1، المركز الثقافي العربي، بيروت، 1993، ص، 20.

[8]  علي اسعد وطفة، العربية واشكالية التعريب في العالم العربي، المركز العربي لتاليف وترجمة العلوم الصحية، الكويت، 2019، ص. 27/ 28.

[9]  نفس المرجع السابق.

[10]  نفس المرجع السابق. ص. 32.

[11] علي أسعد وطفة، إشكالية العربية وقضايا التعريب في جامعة الكويت، آراء عينة من طلاب جامعة الكويت، العدد 39، الكويت، غشت 2014، ص. 44.

[12]  علي اسعد وطفة، العربية وإشكالية التعريب في العالم العربي، المركز العربي لتاليف وترجمة العلوم الصحية، الكويت، 2019، ص. 33.

[13]عيف ستيبيا نيعرو، مظاهر اللهجات العربية بين اللغة الفصحى الى العامية، دراسة صوتية تحليلية، بحث جامعي، جامعة مالانج قسم اللغة العربية، 2014، ص. 16. https://core.ac.uk/download/pdf/158346633.pdf

[14] فاطمة الزهراء الطالبي، التداخل اللغوي بين الفصحى والعامية في الاعلام المسموع، إذاعة ورقلة الجهوية انموذجا، بحث لنيل شهادة الماستر في اللسانيات التطبيقية، جامعة قاصدي مرباح، الجزائر، 2018، ص. 23

https://dspace.univ-ouargla.dz/jspui/bitstream/123456789/19148/1/Talbi%20fatima%20zahra.pdf

[15] https://sotor.com/الفرق_بين_اللغة_الفصحى_والعامية

[16] علي أسعد وطفة، إشكالية العربية وقضايا التعريب، ص. 45.

[17]  علي اسعد وطفة، العربية واشكالية التعريب في العالم العربي، ص. 36.

[18] https://www.academia.edu/1978406/العربية_الفصحى_والعربية_العامية

[19] نفس المرجع السابق

[20] https://core.ac.uk/download/pdf/158346633.pdf

[21] https://www.researchgate.net/publication/336930680_allght_alrbyt_alfshy_wallhjt_alamyt_almsryt

[22]  علي اسعد وطفة، العربية واشكالية التعريب، ص. 33.

[23] https://www.researchgate.net/publication/336930680_allght_alrbyt_alfshy_wallhjt_alamyt_almsryt

[24] علي اسعد وطفة، نفس المرجع السابق

[25] اللغة العربية الفصحى واللهجة العامية المصرية،

https://www.researchgate.net/publication/336930680_allght_alrbyt_alfshy_wallhjt_alamyt_almsryt

[26] https://www.researchgate.net/publication/336930680_allght_alrbyt_alfshy_wallhjt_alamyt_almsryt

[27]  علي اسعد وطفة، نفس المرجع السابق، ص. 40.

[28] محمد شفيق، الدارجة المغربية مجال توارد بين الامازيغية والعربية، سلسلة المعاجم الاكاديمية، الرباط، 1999، ص. 7.

[29] نفس المرجع السابق، ص. 8.

[30]  [30] محمد شفيق، نفس المرجع السابق ص. 25

[31]  عبد العالي ودغيري، الفصحى واللهجات العربية المعاصرة، علاقة اتصال أم انفصال؟ ص. 177.  http://www.abgadi.net/pdfs/hkbwfaue.pdf

[32]  نفس المرجع السابق، ص 178.

[33] https://akalpress.com/2757-هل-الدارجة-المغربية-لهجة-عربية؟/

[34] محمد شفيق، نفس المرجع السابق ص. 8.

[35] نفس المرجع السابق ص. 25

[36]  عبد العالي ودغيري، نفس المرجع السابق، ص. 197

[37]  محمد شفيق، نفس المرجع السابق

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم