صحيفة المثقف

صادق السامرائي: إعمال العقل بماذا؟!!

صادق السامرائيما أنتجه المفكرون العرب على مدى عقود وعقود، يمكن تلخيصه بعبارة "إعمال العقل في النص الديني" أي التأويل، ومعظمهم لم يتحرروا من هذا القيد الثقيل، وكأن الأمة لوحدها عندها دين، ومسيرتها ليست حافلة بما لا يُحصى من التأويلات والتفاسير وغيرها مما يتصل بالنص القرآني.

فهي أمة فيها أكثر من كافة أمم الأرض كتابات دينية.

ولا نزال نسمع خطابات بهذا الشأن وعلى مستويات متنوعة، وآخرها صيحة " تجديد الخطاب الديني"!!

يا أمتي ألا يوجد شيئ آخر علينا أن نُعمل عقلنا فيه سوى النص الديني؟!!

يا أمتي لماذا لا نُعمل عقولنا بموضوعات أخرى تنفعنا وتطور حياتنا؟!!

الكتابات الطاغية في الساحة الثقافية دينية، وكذلك في الساحة السياسية، وأصبحت الأمة في صراع مصيري بين وجودها ودينها، ودينها يقتل ذاتها وموضوعها، وما فطنت إلى إعمال عقول أبنائها في العلم والعمل.

المفكرون العرب بتنوعاتهم وكثرتهم لا يمتلكون الجرأة للخروج من الدائرة المفرغة الفاعلة فيهم والمقيدة لرؤاهم وتصوراتهم، والمحددة لمنطلقاتهم وقدراتهم على التبصر والتدبر والتفكر.

وتجدهم يتحدثون عن الأصولية والدوغماتية وكأن الحياة في الدين، وليس العكس، وبهذا يساهمون في تعزيز التوجهات المعطلة للعقول، والمتمسكة بالمطلق الجامد الذي يقتل نزعة التفكير والنظر المعاصر في أي شأن.

كما تراهم ينغمسون في موضوعات تراثية كل من زوايا نظره، وما تأثر به من المستشرقين ومدارس الفلسفة الأجنبية، فيقرأون الواقع بعيون الآخرين، ويستنتجون ما لا يتوافق معه، ويبتعد تماما عن وعي البشر المتفاعل في المكان والزمان.

فلا توجد نظريات حاسمة بخصوص التراث والتفاعل مع النص الديني، وإنما تفاعلات مكررة ومملة، لا تختلف عما تناوله المفكرون العرب قبل عدة قرون، وهذا يشير إلى حالة الجمود والركود الفاعلة في مسيرة أمة تريد أن تكون.

فلماذا لا يتحرر المفكرون من التراكمات السلبية وينطلقون بالأمة إلى ذرى جوهرها الساطع المبين؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم