صحيفة المثقف

لطفي شفيق: طريق الرحيل الطويل

لطفي شفيق سعيدلا بد من بغداد وإن طال الطريق

(لا تحسبوا قولي به ترف

                 بل إنه فيض من تناهيدي

فحين تطغى على المكلوم آهته

     فالعذر مرفوع لميزان الفراهيدي)

أركب متن الريح، أبحر فوق اليم

ألوح كقشة فوق لجة الاقيانوس

كزورق من صفيح يقذفه الباسفيك

لللأطلسي العميق

هل أنني وحدي أنا الغريق؟

وطني هب لي جناحين

يحملني الأثير لكي أطير

فوق تخوم الوطن العريق

بدأت رويدا رويدا

استعيد الصور واستفيق

يجول في خاطري

طريق الرحيل الطويل

وأسأل المارين:

كيف حال المحطات

والقاطرات؟

هل لا زالت تعيط

في الفضاء كأنه عويل؟

والعجلات

هل لا زال صريرها الطويل

يخنقه الصدى المكتوم

وتطرق الحديد بالحديد

تأن وتستعيد؟

مصيرها المحتوم

يوقظ التراب من غفوته ليستريح

ويهرب المدى إلى الفضاء الفسيح

إلى مدينة تنام في عتمة المساء

يجثم فوق صدرها من كل فج لعين

يسلب خيرتها ويستبيح

ويفتح الطريق ذراعيه للعابرين

قدوا من الصلصال وغرين وطين

عيونهم أتعبها السهر وكثرة الحنين

تراقب الرمال على امتداد البصر

يقض نومها الموت والخطر

تأن تارة وتارة تستكين

لعل من أمام يأتيهم الخبر اليقين

من سالف العصور وغابر السنين

أغنية عنوانها بغداد والصور

مدينة صماء كأنها حجر

يحلم المهاجر في سرعة الوصول

ومرة إثر مرة حائل يحول

والدرب أمامه يطول

يا أخوتي اتعبني السفر

بيني وبين بغداد مسافة تطول

وزمن ثقيل كأنه دهر

حب عميق يملأه قهر

أريد أن أسارع الخطى لكنني حذر

كيف الوصول إلى العراق

لألج باب بيتنا

والباب أوصدها الفراق

وأسأل الجيران والجدران

عن مسكن ضيعه الزمان

وصحبة يضمهم زقاق

فيعتريني هاجس من الظنون

وأمسح الدمع من الجفون

كي ارصد الصور

أنا أن لي أن يكون

لا شيء سوى وساوس أخر

فالدروب التي عشقتها

وكنت فيها سائحا وتائها

وآتيا ورائحا ارنم الغناء

وكان لي فيها اختباء

في وهج الصيف وزمهرير الشتاء

راحت مع الرياح وأصبحت هباء

يا أخوتي تبهرني رؤية القباب!!

أود أن أنام في فيئها

أدفن تحت حنيها

وأصنع المستحيل

أعود للحياة من جديد

اختصر الرحيل والسفر

وانتقي الدرب القصير وأتقي الحفر

لعلني أشاهد القمر

فينجلي الليل ويظهر الأثر

عن حبيبتي بغداد باقية مدى الدهر

***

لطفي شفيق سعيد

رالي في الثالث عشر من نيسان 2021

 

 

 

 

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم