صحيفة المثقف

صلاح حزام: حول الاقتصاد الكلي والاقتصاد الجزئي

صلاح حزامينقسم علم الاقتصاد الى جزئين او ميدانين هما:

الاقتصاد الكلي macroeconomics

والاقتصاد الجزئي microeconomics.

يعنى الاقتصاد الكلي اساساً بدراسة عددٍ من الاجماليات الاقتصادية aggregates الواسعة النطاق ومحاولة معرفة العلاقة بينها.

ومن اهم هذه الاجماليات الدخل القومي (ومايقع ضمن نفس النطاق كالناتج المحلي الاجمالي والصافي والدخل القومي الاجمالي والصافي)،

وإنفاق المستهلكين الكلي والادخار الكلي، والاستثمار الكلي والاستخدام الكلي employment، وكمية النقود (عرض النقد) money supply،ومتوسط مستوى الاسعار، وميزان المدفوعات.

الاقتصاد الكلي معني بشكل اساسي بتوضيح محدِدات احجام كل من هذه الاجماليات ومعرفة معدلات تغيّر كل منها عبر الزمن .

كذلك فان هذا الفرع يُعنى بأيضاح دور الإنفاق الحكومي، المتمثل بالميزانية الحكومية، والضرائب، والسياسة النقدية، في تحديد المستوى العام للنشاط الاقتصادي (كمستوى الدخل القومي والبطالة الخ ...).

الاقتصاد الكلي يركّز على تعريف وتحليل، بشيء من العمق، العلاقة بين هذه الاجماليات والبحث عن الشروط التي تحدد طبيعة التوازن العام للاقتصاد فيما اذا كان توازناً ساكناً statistic او توازناً حركياً dynamic وخصائص ذلك التوازن.

ذلك كله يجعل بالامكان التكهن بالنتائج المترتبة على حصول اي تغيير في احجام كل من الاجماليات التي وردت اعلاه، على باقي الاجماليات.

مثلاً عند حصول تغيير في حجم الاستثمار الكلي او الانفاق الحكومي.

اما الاقتصاد الجزئي، فأنه يعنى وكما هو واضح من الأسم، بدراسة اجماليات أصغر من تلك التي يدرسها الاقتصاد الكلي.

فهو يدرس قرارات الوحدات الفردية، كقرارات الفرد والعائلة (house hold) والمنشأة والطريقة التي تتضافر فيها تغيراتها لتحديد اسعار السلع وعوامل الانتاج في السوق والكميات التي سوف تُباع وتُشترى من كل منها.

ان الغاية النهائية لهذا الفرع هي فَهِم الآلية التي بموجبها يتم تخصيص allocation موارد المجتمع بين الاستخدامات المختلفة المتنافسة .

ولذلك تُعتَبر السوق المفهوم المركزي في نطاق هذا الفرع (اقتصاد السوق الحرة ونظام الاسعار price system).

من وجهة نظر اقتصاديات السوق الحرة، لاتوجد وسيلة اكثر كفاءة (بل لاتوجد اصلاً) من السوق في تخصيص الموارد للاستخدامات المختلفة.

التوجهات الحديثة في علم الاقتصاد تميل الى دراسة توجهات عناصر الاقتصاد الجزئي (الأفراد والوحدات) وفقاً للعوامل المحيطه بها والتي تخلق التوقعات لديها والتي قد لاتكون مرتبطة او مماثلة بالضرورة لتلك التي تراها الحكومة في صياغة توقعاتها لمسيرة الاقتصاد..

مجموع قرارات الوحدات الفردية ومايترتب عليها من آثار اقتصادية ومالية، هي التي تشكّل الاجماليات التي يتعامل بها الاقتصاد الكلي..

سياسات الاقتصاد الكلي تهدف الى التأثير على قرارات الوحدات الفردية (أشخاص ومنشآت) وبالتالي تغيير الاجماليات كمحصّلة نهائية.

السياسات المالية والنقدية وسياسات الاجور (اذا كان هناك تدخل وتشريع فيما يخص الأجور لاسيما تحديد الحد الادنى للأجور)، وسياسات التجارة الخارجية وسياسات الاستثمار الاجنبي الخ.. كل تلك السياسات تؤثر في قرارات الوحدات الفردية على أمل دفعها بالاتجاه المرغوب حكومياً.

تخفيض او زيادة سعر الفائدة وتخفيض او زيادة الضرائب وفرض سياسة كمركية تدخلية الخ .. تؤثر على قرارات تلك الوحدات ..

ولكن السؤال الذي يحتاج الى اجابة هو: هل ان الوحدات تستجيب تماماً كما ترغب الحكومة وتتوقع؟

التجربة اثبتت ان للوحدات توقعاتها التي قد لاتتوافق مع توقعات الحكومة!!

آدم سمث، حذر من اي تدخل حكومي داعياً الى ترك السوق تعمل بشكل طبيعي ودعى الى حكومة أصغر ذات واجبات أقل .

يقول سمث : اذا تدخلت الحكومة وفرضت حداً ادنى للأجور لحماية العمال، فأنها قد تسبب فقدان للوظائف . حيث ان الحد الادنى المفروض قد يكون اعلى مما يتحمله السوق مما يسبب خسائر للمنشآت فتغلق ابوابها ويفقد العمال وظائفهم !!

الحكومات الرأسمالية دون استثناء، لديها قوانين لمنع الاحتكار anti trust acts، لأن القاعدة الذهبية التي تضمن قيام السوق بواجباتها بشكل صحيح هي سيادة المنافسة .. وتحاسب تلك القوانين بشدة على حالات الاحتكار.

 

د. صلاح حزام

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم