صحيفة المثقف

محمود محمد علي: وداعا مكرم محمد أحمد.. جنرال الصحافة المصرية

محمود محمد عليتوفى الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد الخميس الماضي بمستشفى وادي النيل، عن عمر ناهز 86 عامًا، بعد صراع مع المرض، إذ تعرض لوعكة صحية منذ ترك منصبه كرئيس للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في يونيو من العام الماضي، دخل على اثرها المستشفى قرابة 4 مرات، عاني خلالها من آلام في المرارة كما أصيب بجلطة ثم عاني من انخفاض نسبة الهيموجلوبين في الدم قبل أن يدخل المستشفى منذ نحو 3 أسابيع مكث فيها قرابة الأسبوع في العناية المركزة

ومكرم محمد أحمد هو فارس الصحافة النبيل والمقاتل الشريف في بلاط صاحبة الجلالة، وأحد أعمدة “الأهرام” الذين كانت لهم بصمات واضحة ومسيرة حافلة بالعطاء والإنجازات، وظل يكتب في الأهرام عبر عموده اليومي الشهير “نقطة نور” حتى مرضه الأخير.

ويعد الراحل من أشهر رواد مهنة صاحبة الجلالة في مصر والشرق الأوسط عرف عنه ولعه الشديد بالعمل الصحفي وشغفه لممارسة هذا الدور رغم بلوغه سن 86 عامًا، وغيرته على المهنة.

كما عرف عنه تمسكه برأيه والدفاع عنه مهما كلف الأمر، ورغم الاتفاق أو الاختلاف مع أرائه إلا أن كتابته تشهد له بالمهنية والمصداقية ؛ حيث كان الراحل يقول عن مهنة الصحافة، "إنها مهنة عظيمة، ورسالة حقيقية من أجل خير الإنسان وتقدمه".

ومكرم محمد أحمد ولد في 25 يونيو 1935 بمدينة منوف بمحافظة المنوفية، وحصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة جامعة القاهرة عام 1957، وبدأ عمله الصحفي محرراً بصحيفة الأخبار ثم مديرا لمكتب الأهرام بالعاصمة السورية دمشق، ثم مراسلاً عسكرياً باليمن عام 1967 ورئيس قسم التحقيقات الصحافية بالأهرام وتدرج حتى وصل لمنصب مساعد رئيس التحرير ثم مديرا لتحرير الأهرام.

تبلورت أفكاره في مجموعة من الكتب والمؤلفات، ومن أبرز إصداراته: كتاب عن الثورة في جنوب الجزيرة، وكتاب عن أحاديث مع الإسرائيليين، وكتاب حوار مع الرئيس، وكتاب حوار أم مواجهة عن مراجعات الجماعات الإسلامية، بالإضافة إلى كتاب القدرة النووية المصرية- التحديات وأسباب الإخفاق، نال “مكرم محمد أحمد” عددا من الجوائز والتكريمات خلال مشواره الصحفي.

وفي عام 1980 شغل مكرم منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال ورئيس تحرير مجلة المصور عام 1980 ولمدة 24 عاماً، وفاز بمقعد نقيب الصحفيين لـ 5 دورات الأولى كان في المجلس السادس والثلاثين في تاريخ نقابة الصحفيين من من مارس 1989 إلى مارس 1991، وأعيد انتخابه للمرة الثانية على التوالي من مارس 1991 إلى مارس 1993، كما فاز في الانتخابات الني جرت في يونيو 1997 واستمر حتى يونيو 1999.

وفي العام 2007 خاض معركة انتخابية أمام منافسه رجائي الميرغني، نائب رئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، وحصل فيها على 70% من أصوات الناخبين ليصبح نقيبًا للصحفيين حتى أحداث 25 يناير في العام 2011.

واجه مكرم محمد أحمد الموت أكثر من مرة حسبما كتبت له الأقدار لمواجهة المتاعب في مهنة البحث عن المتاعب، كان له مع العام 1967 موعدًا مع الأخطار حيث تعرض للموت أثناء تغطيته لحرب اليمن، وذلك بمطاردة طائرة “هوكر هنتر” له على إحدى الجبهات، وقت نبشه في أسرار الحرب وتطوراتها بحسه الصحفي الكبير.

في نفس العام وقت حرب الأيام الست (نكسة 67)، تعرض للموت ولمحاولة إختطاف من قِبل إسرائيل وما وراء إسرائيل أثناء تغطيته للحرب في غزة، وكان متخفيًا في زي فلسطيني بمساعدة بعض الشخصيات الصحفية الفلسطينية التي ساعدته على الهرب من أنياب الصهيونية عبر البحر.

في العام 1987 تعرض مكرم محمد أحمد، لمحاولة اغتيال من جماعة “الناجون من النار” وهو خارج من مكتبه بدار الهلال، حيث كان موضوعًا في قائمة اغتيالاتهم وتصدى له ثلاثة من الجماعة لكن الرصاصات أخطأت أهدافها، ليكتب له عمرًا جديدًا في عالم الفكر والصحافة.

وسيظل مكرم محمد أحمد من الأسماء البارزة في عالم الصحافة والفكر، عبر مغامراته الصحفية المميزة، ونجاحه الإداري والصحفي الذي نوَّر اسمه بحروف مضيئة لن تطفئها الأزمان.

ومكرم محمد أحمد، تم انتخابه 5 دورات نقيبا للصحفيين الأولى كانت فى عام 1989، وآخرها كانت فى عام 2011 وله إنجازاته الكبرى فى دورات الصحفيين وحرية العمل النقابى.

فى إبريل 2017 تولى مكرم محمد أحمد رئاسة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والذى حرص منذ رئاسته للمجلس على القضاء على حالة الفوضى العارمة التى شهدها الإعلام والعمل على إرساء مناخ إعلامى قوامه الالتزام بمعايير المهنة ومراعاة القيم الأخلاقية، واتخذ عددا من القرارات الهامة التى من شأنها ضبط أداء الإعلام فى مصر، وتصدى لعدد كبير من المخالفات المهنية بالفضائيات واتخذ قرارات بوقف برامجها، كما شن حملة ضد أجهزة البث غير المرخصة، بالتنسيق مع الجهات المختصة خاصة الإدارة العامة لشرطة المصنفات الفنية، تنفيذًا للقانون بمنع تواجد أجهزة خارج مدينة الإنتاج إلا بتصريح من المجلس، لمنع البث من خارج مدينة الإنتاج الإعلامي دون تصريح من المجلس.

كما وضع المجلس خلال فترة رئاسته له ، عدداً من المعايير الهامة لضبط المحتوى فى الدراما، منها عدم اللجوء إلى الألفاظ والحوارات المتدنية والسوقية التي تشوه الميراث الأخلاقي والقيمي والسلوكي، والتوقف عن تمجيد الجريمة باصطناع أبطال وهميين يجسدون أسوأ ما في الظواهر الاجتماعية السلبية التي تسهم الأعمال الدرامية فى انتشارها والتوقف عن تجاهل ودهس القانون عن طريق الإيحاء بإمكانية تحقيق العدالة والتصدي للظلم الاجتماعي باستخدام العنف العضلي والتآمر والأسلحة بمختلف أنواعها وليس بالطرق القانونية وطالب بالحد من مشاهد التدخين وتصدير صور الإدمان كأمر طبيعي بالمشاركة مع صندوق مكافحة وعلاج الادمان والتعاطي.

وداعاً الكاتب الصحفي الكبير الأستاذ مكرم محمد أحمد فقدت مصر والأسرة الصحفية كاتباً وطنيًا وقيمة وقامة كبيرة والذي أفنى حياته في خدمة الصحافة المصرية وشارك في معارك الوطن في فترات عصيبة طوال تاريخه الصحفي وله من المواقف الإنسانية الكثير ..رحم الله الفقيد بواسع رحمته و أن يسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان".

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم