صحيفة المثقف

قيس العذاري: قنابل وأسلحة نووية في شرق اوسط ملتهب

رغم ان معلوماتنا عن القنابل النووية عامة ومحدودة لكننا علمنا ان ايران رفعت نسبة تخصيب اليورانيوم الى 60 بالمئة كما اعلنت عنه لوكالة الطاقة الذرية . واتهم احد المسؤولين ايران بسعيها لانتاج قنبلة نووية لان هذه النسبة قريبة من انتاج مثل هذه القنابل المدمرة .

وبعد ايام من ابلاغ طهران لوكالة الطاقة الذرية تبعتها باعلان على وسائل الاعلام الايرانية و"وكالة انباء فارس" انها سترفع نسبة التخصيب الى 90 بالمئة ردا على تخريب منشأة نطنز النووية .

كاننا امام لعبة القط والفأر بين ايران والمجتمع الدولي ووكالة الطاقة الذرية. او ما يعرف 4وواحد الذي يعني الدول المعنية بالتفاوض مع ايران حول برنامجها النووي .

واضح ان ايران تحاول من خلال ذلك تتبع ورقة الابتزاز في محاولتها الوصول الى نسبة تخصيب خطرة تقربها من انتاج قنابل نووية . فقد اشترطت بموازاة قبولها التفاوض حول الاتفاقية النووية التي ابرمت العام 2015 رفع العقوبات الاقتصادية  والتجارية عنها . ولكن الولايات المتحدة رفضت خاصة في ما يتعلق بالعقوبات المتعلقة ببرنامجها النووي المثير للشكوك وحول النوايا السلمية لنشاطاتها النووية .وسبق لها ان الغت او اجلت العديد من الزيارات الروتينية لمندوبي وكالة الطاقة الذرية ومفتشيها .

كل ذلك يعزز مزاعم ان ايران تحاول كسب الوقت لتحقيق هدفها بالوصول الى نسبة تخصيب عالية تؤهلها لانتاج قنابل نووية وهذا سبب اضافي يعيق التوصل لاتفاق نووي معها، رغم النبرة المتفائلة للمشاركين في المحادثات من الجانبين .

نحن بطبيعة الحال معنيون بكل ما يدور حول الاتفاقية النووية الجديدة المزعم ابرامها مع ايران سواء في العراق او دول المنطقة . لان شعوب اكثرية هذه الدول لا تريد دولة نووية مسلحة بالقنابل النووية، قد تستخدمها لتهديد هذه الدول او فرض ارادتها واجنداتها على تلك الدول ومنها العراق .

وتجسد نفس الموقف من "اسرائيل النووية" التي طالبت حكومات وشعوب المنطقة "الشرق الاوسط" تحديدا ان تكون منطقة خالية من الاسلحة النووية . وما زالت تطالب ان تكون المنطقة خالية من هذه الاسلحة، لانها تشكل خطرا  داهما ووجوديا على تلك الدول .

من الصعب معرفة نوايا ايران ولكن اعلانها عن رفع نسب التخصيب تزيد من الشكوك حول نواياها بانتاج قنابل نووية تشكل تهديدا  لدول الشرق الاوسط . فقد اثبتت بانها تستغل جميع الوسائل لفرض سياساتها واجنداتها بواسطة تسليح وتمويل مليشيات لا تكف عن ارتكاب مختلف انواع الجرائم في العراق وسوريا ولبنان، وتمويلها لاحد طرفي الحرب في اليمن مما يطيل امدها  دون التوصل الى اتفاقيات سلام تنهي الحرب وتطوي صفحتها المخزية في اليمن: شردت واجاعت اكثر من ثلث سكان اليمن .

تصرفات ايران وتدخلها السافر بشؤون دول المنطقة ودأبها على تأسيس مليشيات لتنفيذ اجنداتها لا تدعو الى الاطمئنان الى نواياها . خاصة وانها تفصح بين حين واخر عن رفع نسبة تخصيب اليورانيوم مما يقربها من امكانية انتاج قنابل نووية تشكل في حال الوصول الى انتاجها تهديدا حقيقيا لامن واستقرار دول الشرق الاوسط وقد تتعداه الى القارة الاوربية و الدول الواقعة شمال غرب ايران .

وهذه مفارقة صعبة او "واضحة وغامضة" في حال امتلاك ايران للتكنولوجيا النووية او الوصول الى امكانية صناعة قنابل نووية مدمرة . لان سياسة ايران والنظام الايراني بشكل عام عدائية اتجاه شعوب ودول المنطقة وتستخدم مليشياتها للضغط على حكوماتها خاصة في العراق، محاولة فرض ارادتها على ارادة  تلك الشعوب وفي نفس الوقت لا تشكل مثالا جيدا من الناحية الاقتصادية او السياسية لتلك الدول .

وتعاني من ازمات مستعصية على الصعيد الاقتصادي  والسياسي واثبتت عمليا انها مستعدة لقمع الشعب الايراني بالحديد والنار لادنى احتجاج حتى لو كان سلميا كما حدث مؤخرا بما عرف بـ "احتجاجات البنزين"  قتل فيها خلال يومين اكثر من 1500 ايراني والاف المعتقلين والمغيبين رغم انها لا تحمل طابع المعارضة وقامت كرد فعل لا ارادي على الارتفاع الحاد باسعار البنزين .

وتبريرا  للقمع الوحشي للمحتجين اتهم النظام الايراني قوى المعارضة بتظيم تلك الاحتجاجات العفوية .

نستنج من السلوك القمعي للنظام الايراني انه لا يسمح باي نوع من انواع النشاطات والاحتجاجات السلمية . وهذا مثال سيء لما يجب ان تكون عليه الانظمة السياسية والاقتصادية لدول الشرق الاوسط من الصعب القبول به او الاقتداء به على الصعيد الاقتصادي او السياسي وحتى الثقافي لانه نظام يقوم على العنف المفرط والقمع ومحاولات فرض ارادته بالقوة من خلال مليشياته وسياساته التخريبية .

ومن المفرقات ان النظام الايراني يعلن اثر كل عملية ارهابية او قصف صاروخي لمصالح دول تربطها بالعراق مصالح مشتركة و اتفاقيات تعاون رسمية او عمليات اغتيالات تنفذها مليشياته في العراق، بانه لا يريد الحرب .. وانما يريد الامن والاستقرار لدول المنطقة .. لماذا المليشيات اذن؟

يعزو البعض تخبط النظام الايراني وسلوكه العدواني اتجاه شعوب ودول الشرق الاوسط الى الحصار الاقتصادي والتجاري الذي ادى الى فقدان عملتها الوطنية لقيمتها ووضع اقتصاد ايران على شفا الانهيار وتسبب بازمات داخلية يصعب السيطرة عليها ربما تؤدي الى اضعاف النظام اوانهياره .

وشهدنا مؤخرا، ما عرف اقليميا بـ "حرب السفن" وهي حلقة في سلسلة طويلة من المحاولات لكسر الحصار .الذي بدا تأثيره واضحا على سياسات النظام وانهيارات اقتصاده ومحاولاته لجر العراق وسوريا ولبنان الى صراعات لا فائدة منها مع الدول الكبرى، لا تخدم مصالح الشعب الايراني ومصالح شعوب ودول المنطقة . 

وفي العودة الى السنة الاولى للحصار  بدأت ايران بوقت مبكر من  الحصار الاقتصادي والتجاري بتأجير سفن عائمة قرب مؤانئها لتخزين انتاج النفط من حقولها النفطية بعد انصراف المتعاملين والمضاربين باسواق النفط العالمية عن شرائه، بسبب القيود المالية والتجارية المعقدة للحصار التي تعرقل التعامل المالي والتجاري مع ايران .

وهذه المحاولات غير الناجحة تشير الى صعوبة التخلص من قيود الحصار او "رفع الحصار" مثلما تسعى اليه ايران كشرط للتوصل الى اتفاقية  جديدة مع الدول المعنية حول برنامجها النووي ومع وكالة الطاقة الذرية التي تلعب الولايات المتحدة دورا بارزا  في هيكيلة عملها الرقابي او مهماتها التفتيشية على الصعيد العالمي .

وفي اعتراف نادر لمؤمن رضائي، يشغل سكرتير مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي يتبع المرشد الايراني مباشرة، لوكالة مهر للأنباء الإيرانية،  14.4.2021  قوله إن: "البلاد تعرضت لانتهاكات أمنية على نطاق واسع"

و"سُرقت وثائق من الأرشيف النووي بأكمله"

وما يقصده استيلاء او سرقة الموساد على الارشيف النووي الايراني العام 2018 الذي كشف المخفي والجوانب السرية او غير المعلنة  للنشاطات النووية الايرانية التي دفعت رئيس الولايات المتحدة السابق ترامب الى الغاء الاتفاق النووي مع ايران وعدم الاعتراف ببنوده من جانب واحد .

 

   قيس العذاري

15.4.2021

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم