صحيفة المثقف

صادق السامرائي: المفكرون ينظّرون!!

صادق السامرائيالمفكرون العرب ومنذ منتصف القرن التاسع عشر إنشغلوا بالتنظير، وطرح المشاريع التي ما تفاعلت مع الواقع ولا أثرت فيه.

ولايزالون يتحركون على ذات السكة التي ما أوصلت إلى محطة حضارية ذات مقام معاصر وأصيل.

ففشلوا في صناعة التيار الثقافي والمعرفي اللازم للتغيير، وبقيت مشاريعهم ونظرياتهم طي كتبهم التي لا تعرفها الجماهير، لأنها مكتوبة بأساليب أكاديمية جافة وبلغة معقدة، وبآليات تنفيرية تبعد القارئ عنها وتشجعه على نبذها.

إن التغيرات الكبيرة في مسيرات الشعوب تسبقها ثورة فكرية وحراك ثقافي يبني تيارا مؤثرا في الحياة، ويدفع للعمل على تحقيق الأهداف المنشودة، وبدون المفكرين المتفاعلين مع الواقع الجماهيري والمستلهمين لمعاناته والمترجمين لتطلعاته، لا يمكن لمسيرة أن تنجز ما هو نافع، بل قد تنقلب ضد ذاتها وموضوعها وتكون عامل تدمير وتبعثر وفرقة.

والمفكرون العرب أخفقوا، فأعدادهم بالعشرات أو المئات، وكذلك نظرياتهم ومشاريعهم، وما هي بمجدية أو ذات قيمة في حياة الناس.

وهذه محنة حضارية يغفلها المهتمون بالشأن العربي، وينغمسون بتفاصيل النظريات والمشاريع التي يطلقها  المفكرون، ويغيب عنهم القيمة والدور للنظريات والمشاريع المطروحة.

مفكرون يمتلكون عقولا راقية وإقترابات معاصرة، ويبحثون في المشكلات وفقا لما تعلموه في الجامعات التي حصلوا فيها على شهادات تخصصهم، وما تفاعلوا مع الواقع الذي يتصدون له بمهارات ذات قدرة على التثوير، والإنطلاق إلى حيث جوهر الأمة وكينونتها الإنسانية والمعرفية المتميزة.

والذي يشتركون فيه أنهم تمسكوا بمفهوم أن الحياة في الدين، وربطوا النشاطات والتفاعلات بالدين، وتمادوا في التفسيرات والتأويلات والرؤى والتصورات، والتي تناولها العشرات  قبلهم على مر العصور، فلا جديد في الأمر.

وإغفالهم للتفكير العلمي والبحث العلمي، فبدلا من توجيه أنظار الأمة نحو العلم والتفكير العلمي والإهتمام بالبحث، أضاعوا جهودهم في علاقة العقل بالنص الديني، وابتعدوا عن التحديات الفاعلة في حياة الأمة والتي تستدعي إعمال العقل فيها.

وبموجب ذلك أصبحت أحوال الأمة تزداد سوءً بإزدياد عدد المفكرين فيها، وتلك معادلة عجيبة غريبة، تسببت بتداعيات مريبة.

فهل من رؤية عملية جماهيرية ذات إرادة لصناعة تيار تغيير يحقق الكينونة الواعدة؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم