صحيفة المثقف

محمود محمد علي: قراءة تحليلية - نقدية في كتاب ماجد الغرباوي "تحرير الوعي الديني" (3)

قراءة تحليلية - نقدية في كتاب المفكر العربي ماجد الغرباوي "تحرير الوعي الديني" (*)

لا شك أن أزمة العالم العربي والإسلامي المعاصرة أصبحت رهينة فك الالتباس حول الحقيقة الغائبة بين رسالة السماء الإلهية لإخراج الإنسان من الظلمات إلى النور، وبين رسالة الدين الموازي الذي اخترعته أهواء البشر، ولكي ندرك تلك الحقيقة المغيَّبة بفعل تزييف الوعي الديني من خلال تسطيح العقل وإقصائه وحجبه وراء أستار التقليد والاتباع والسمع والطاعة للتعصب والعصبية، لابد من البيان والتبيين لأصول الخطاب الإسلامي وكذلك لمعالم طريق الخطاب الإرهابي.

من هذا المنطلق وجدنا ماجد الغرباوي ينطلق في كتابه "تحرير الوعي الديني" ليفصل لنا أحاديثه حول أهم قضايا أخرى مهمة تتعلق بتحرير الوعي الديني ونبذ الجمود والتقليد ؛ مثل: الخلق والحقيقة (من ص 111- 113)، ولغة الدين (من ص 114- ص 117 ثم من 120 – 123)، وفلسفة الخلق والتأويل (من ص 118- ص 119)، والتأويل الموضوعي (من ص 124- 126)، وقصص القرآن (من ص 127- 129)، والمنهج القرآني (من ص 130- 131)، ونموذج تأويلي (من ص 132- 135)، وسياقات التأويل (من ص 135-138)، وشروط المنهج (من ص 138-140)؛ وفي تلك القضايا السابقة توصل المؤلف إلى أن النص ليس منقطعا عن سياقاته التاريخية، ولا يتعإلى على تاريخيته، لكن ثمة نظرة خاطئة، واضحة في المنهج الفقهي حينما يتعامل مع النصوص منفصلة عن سياقها القرآني والتاريخي، فلا يخرج عن التقليد دون الاجتهاد، لأن الثاني لا يقف على حدود المعنى اللغوية الذي يعني بذل الجهد لفقه النص ضمن سياقه التاريخي وظروف نزوله. النص جاء ليقدم رؤيته عن الواقع الموضوعي، فهو استجابة لسؤال واقعي أو مقدر، ولذا لا يمكن فهم قصة الخلق وتحريرها من سجون اللفظ إلا بهدر الفهم التراثي والسلفي، وتوظيف المناهج الحديثة لفهمه (37).

كذلك يكشف لنا الغرباوي عن قضايا أخري مهمة لتحرير الوعي الديني مثل: محددات القراءة (من ص 145- 148)، والمدونة الأساسية للدين (من ص 148- 152)، ومنهج القراءة (من ص 153-155)، والوحي ثانياً (من 156- 158)، والبيئة الثقافية (من ص 159-160)، ومفهوم الحق (من ص 161- 163)، والقصص الحق (من ص 164-196)، واستفهامات الحقيقية (من ص 170-172)، ومشاهد الخلق (من ص 172 – 176)، وتأملات في فلسفة الخلق (من ص 176-177)، والتداخل بين الأسطوري والديني (من ص 178-179)، والعنصر المشترك الأول: أسئلة الوجود (من ص 180-186)، وتشابه السرد (ص 187)، والعنصر المشترك الثاني: أسئلة الوجود (من ص 188-193)، وهنا نجد المؤلف يؤكد لنا أن القرآن جاء مصدقا لما بين يديه من التوراة والإنجيل، وقصة الخلق جزء من اسطورة الخلق التوراتية، حيث تخصص يوما لخلق آدم وحواء وإسكانهما الجنة، مجرد حدث تاريخي لا يشي بمعان رمزية أو قيم إنسانية وأخلاقية. والأسطورة تاريخيا سابقة عليها، تحكي سؤال الوجود الملازم لشغف الإنسان بالخلود، لمعرفة أصل وجوده ومصيره. يبحث دائما عن إجابات لظواهر الحياة والموت وما بعد الموت، وهي أسئلة وجودية، تعبر عن قلق عميق يستبد بالإنسان لا شعوريا. فقصة خلق آدم جزء من قصة الخلق، وهي قصة أسطورية في جذورها التاريخي، وردت في الألواح السومرية والبابلية. قصة خاوية، تؤرخ لبداية حياة الإنسان، وغاية وجوده خلاصتها أن الآلهة قد طلبت من كبيرها أن يخلق من يقوم مقامها في الأرض بعد ان تعبت، وأرهقها السعي وراء تحصيل أرزاقها، فخلق الإنسان من دمها وعلى شاكلتها، وهو أقصى ما بلغته المخيلة البشرية آنذاك. وفي التوراة حصلت قفزة نوعية في قصة خلق الإنسان، ابتداء من توحيد الآلهة، وانتهاء بدوره في الأرض، مروراً بالجنة وكيف أغرته الحية، فارتكب خطيئته، عندما أكل من الشجرة المحرمة. فثمة تشابه بين التوراة وأساطير الأولين (38).

ثم يؤكد الغرباوي بأن فلسفة خلق الإنسان في الأساطير القديمة تقوم على اختزال الإنسان، وتكريس عبوديته للآلهة، التي خلقته مطبوعا على الطاعة والانقياد، تستعين به لتأمين قوتها وغذائها، بعد متاعب الأرض التي أنهكتها، فتكون العبودية جوهره وحقيقته، وليست عارضة أو طارئة عليه، فهو كائن مستلب الإدارة والحرية، متقوم بغيره، وهو ذات المنطق العبودي الذي ينفي استقلالية الإنسان ويكرس تبعيته الوجودية، حدا يبيح هدر إنسانيته. والأمر لا يختلف مع الأسطورة التوراتية، فالإنسان سيكون حارسا على الأرض ومسيطرا على الأسماك والبحار، أو ليذهب وحشه الأرض كما في بعض نسخ التوراة، فلم يكن مخلوقا لذاته، مستقلاً بإرادته، بينما يعطي القرآن الإنسان قيمة مغايرة حينما جعله خليفة، على الأرض، ومنحه العقل والإرادة والحرية، ليتحمل مسؤولياته ويؤدي وظيفته الوجودية، وليس عبدا وخادما للآلهة، ولا متسلطاً على الأسماك والطيور. بهذا نفهم أن الله أراد أن يخلق إنسانا تتجلى إنسانيته من خلال مشاعره وأحاسيسه وسلوكه. فالقرآن صدق فكرة الخلق وأعاد تشكيلها وفقا لمفاهيم إنسانية، ليضع فاصلاً بين مرحلتي الأساطير والوحي الإلهي، في ضوء الإطار العام للكتاب القائم على وحدانية الخالق فيتفق مع التوراة في الوحدانية ويختلف معها حول هدف الإنسان في الحياة، كما استعاد إنسانية الناس، التي سلبتها أساطير الأولين، باعتبارها نتاج مجتمع، يكرس عبودية الفرد دينيا، ويسلب إرادته وحريته (39).

في الكتاب أيضاً يكشف لنا “الغرباوي” عن قضايا أخرى مهمة لتحرير الوعي الديني مثل: مداخل التأويل (من 194-195)، وآيات الخلق (من ص 196-197)، ورمزية قصة الخلق (من ص 198-205)، ورمزية الآيات (من ص 206-210)، وصدقية التناص (من ص 211- 213)، والعنصر المشترك الثالث: لحظة الخلق (من ص 214-216)، والعنصر المشترك الرابع: حوار الخلق (من ص 216-217)، والعنصر المشترك الخامس: موضوع الخلق (ص 218)، والعنصر المشترك السادس: استطلاع الملائكة (من ص 219-220)، والعنصر السابع السجود (من ص 221- 222)، والعنصر المشترك الثامن: خلق حواء (من ص 223-224)، ومفاهيم لغوية (من ص 225-227)، والمرأة ومشهد الخلق (من ص 228- 231)، والعنصر المشترك التاسع: وعلم آدم الأسماء (من ص 232-234)، والعنصر المشترك العاشر (من ص 235-237)، والعنصر المشترك الحادي عشر: الخطيئة (من ص 238-242)، وفوارق جوهرية (من ص 243-245)، والخطيئة العقيدة الدينية (من ص 246-247)، والعنصر المشترك الثاني عشر: قصدية الخلق (من ص 248-249)، والتشابة مرة أخرى (من ص 250-252). وهي مشتركات قام المؤلف بتقصيها من خلال مقارنة موضوعية بين أسطورة الخلق في أساطير حضارة ما بين النهرين، السومرية والبابلية، مقارنة بالتوارات من جهة، ومن ثم مقارنتهما مع قصة الخلق في القرآن، وقد كشف الغرباوي عن موارد التشابه والاختلاف، خاصة تشابه السرد، غير أنه كشف عن دلالات رمزية في قصة الخلق غير موجودة في أسطورة الخلق.

ومن خلال ما سبق عرضه من قضايا أكد المؤلف أنه لم يلجأ طوال البحث في فلسفة الخلق للتبرير والبحث عن أعذار للدفاع عن القرآن والوحي، وما قدم به من تقديم رؤية مغايرة لقصص الكتاب، وفق تقنيات اللغة والاستفادة من معطيات العلوم الإنسانية الحديثة. كل هذا كما يقول المؤلف في إطار الهدف العام للكتاب، باعتباره خطابا للإنسان، فيكون هو مجرد محوره وقصديته، ثم أن هدف القرآن ربط جميع الظواهر الكونية والحياتية بالعلة الأولى، مباشرة، أو ضمن سلسلة العلل، وهذا يؤثر في فهمه. وسلسلة العلل لا تنفي العقل ولا تسلب إرادة الإنسان، بل تضبط حركته ضمن القوانين الكونية والسنن التاريخية والاجتماعية. فالهدف النهائي من قصة الخلق ربط وجود الإنسان بخالقه، وبيان طرق الخلاص، وسبل النجاة وفق رؤيته الدينية. ولا علاقة لقصة الخلق بكيفية خلقه سوى التصديق الرمزي لما جاء في التوراة. وأما خلق الإنسان واقعاً فهو خاضع كغيره من الموجودة لأسباب خلقه وبالتالي لا تقاطع بين الدين والعلم حول ما يطرحه العلم، وتبقي النظريات العلمية مرتهنة لصدقيتها، وقدرتها على تقديم تفسيرات وأجوبة مقنعة لجميع الإشكالات وهو اختصاص علمي، لا يتداخل مع الديني (40).

كذلك يكشف لنا “الغرباوي” عن قضايا أخرى مهمة لتحرير الوعي الديني مثل: تقنية إدراك المعني (من 253-258)، والخلق بين الدين والعلم (من ص 259-262)، والإنسان الكامل (من ص 263-264)، ودلالات مضمرة (من ص 273-276)، الخلافة (من ص 277-280)، ودور الإمامة (من ص 281-282)، والشيعة والإمامة (من ص 283-286)، والمشرع السماوي (من ص 287-290)، والسياسة والتأويل (من 291-293)، والمعرفة الدينية (من ص 294-296)، وقيم الفضيلة (من ص 297-320)، ومن كل ما سبق يعلن المؤلف أن استمرارية الفضيلة لا تتوقف على وجود قيادة صالحة، ما دامت تنبثق تلقائيا، بل تتوقف على وجود مقومات ذاتية وبيئة كفيلة بحمايتها، وهذا ما حرصت عليه الأديان السماوية وأكدتها النصوص المقدسة، من خلال وجود: رقابة ذاتية وقانونية، وثالثة رمزية، كل واحد تؤثر من زاوية خاصة، وتارة تستقل وثانية تتداخل، باتجاه هدف واحد، فيكون تأثيرها مشتركا، خلاصته تعبئة الفرد والمجتمع أخلاقيا، لحماية قيم الفضيلة وتبنيها سلوكا (41).

ومن القضايا الأخرى المهمة لتحرير الوعي الديني والتي يناقشها “الغرباوي” هنا في هذا الكتاب، مثل: مثالية المجتمع (من ص 321- 322)، ومفهوم الفضيلة (من ص 323- 326)، والمجتمع المدني (من ص 327- 332)، وفلسفة الخلق والتسامح (من ص 332- 333)، ومجتمع المدينة (من ص 334- 335)، وحقيقة الإقصاء الديني (من ص 336-342)، وفلسفة الخلق وتداعيات السلطة (من ص 343-344)، والسلطة والاستبداد (من ص 345-346)، والتجربة التاريخية (من ص 347-348)، والأخطاء التاريخية (من ص 349-351)، ومسؤولية الانحراف (من ص 352-354)، فلسفة الخلق ومعاجيز الأنبياء (من ص 355- 358)، منهج فهم القصص (من ص 359-362)، والطابع الغرائبي (من ص 363-364)، والفارق الحضاري (من ص 365- 366)، وندية الحضارة الغربية (ص 367)، والتحرر والتفاعل والنكوص الحضاري (ص 368-371)، حضارة المسلمين (من ص 372-373)، والتثاقف الحضاري (ص 374)، والعلاقة مع الغرب وكذلك الغرب والآخر (من ص 378-379)، والتطرف الديني (من ص 380-381)، والقرآن والتطور الحضاري (من ص 382-383)، والوحدة الإسلامية (من ص 384-385)، والتخلف الحضاري (من ص 386-390)، والنهوض الحضاري (من ص 391-394)، وإشكالية الفكر التكفيري (من ص 395-396)، واليقين السلبي (من ص 397-398)، والتجديد ضرورة حضارية (من ص 399-403)، وهنا نجد المؤلف يتوصل لحقيقة مهمة وهي أننا: ” بحاجة ماسة لمراجعة ثوابتنا ومقولاتنا وتراثنا وفكرنا وثقافتنا، بحثا عن مصادر قوتها وتشخيص نقاط ضعفها، ومطالبون بتجديد رؤيتنا للحياة والموت والآخرة، وعلاقة الإنسان بما حوله، والعودة إلى مصادر وعينا وتفكيرنا، في ضوء الواقع، وتحكيم العقل في قراءة التراث ومصادره (42).

ثم يؤكد “الغرباوي” فيقول بأن: ” صرامة الأجواء، وكثرة المحرمات والخطوط الحمراء، تفرض على المصلحين الحذر في مقاربة  ما يمت للعقيدة والطقوس بصلة، لذا تجد أكثر المقاربات سطحية تنأى عن الإشكاليات الأكثر عمقا. فمن يروم التجديد عليه أن يضع مصلحة الإسلام والأمة فوق كل شئ. ويتسلح بالعلم والمعرفة، ويقتحم كل ممنوع ومحرم، ويمارس النقد بأقصى مدياته، فلم يعد التمسك بالعادات والتقاليد، والتشبث بالماضي خيارا مقبولا، ونحن أمام مد حضاري هائل على جميع المستويات، وليس من المعقول أن نبقي متفرجين، لا نحرك ساكنا بدعوى القداسة واحترام التراث والسلف الصالح، وأبناؤنا يواجهون شتي الإشكالات، ويتعمق شكهم بدينهم وحضارتهم وتحاصرنا الشبهات والتهم (43).

لقد استطاع “الغرباوي” الوصول إلى نتائج ترفع من مستوي القارئ، وتجعله يقترب بسهولة من الكتاب إلى درجة الألفة والاستئناس، ويمكن إيجاز هذه الجوانب الإيجابية من المؤلف ما يلي:

أولاً: الجانب المعرفي: لقد جاء الكتاب مفعماً بالجانب المعرفي من حيث أن المؤلف وقف في الوصول إلى المعارف الضرورية لإنجاز هذا الكتاب، فقد تتبع المسار التطوري للفهم الصحيح لخلافة الإنسان على الأرض وحديث المؤلف عن الفهم هنا هو حديث عن المعرفة، وعن نظرية المعرفة؛ لأن المعرفة والبناء المعرفي لا يمكن أن يتحققا إلا بقاعدة ثابتة من الفهم، ومن الأمثلة على ذلك قول ماجد الغرباوي: ” كان سؤال الوجود وراء استعراض قصة الخلق في الكتب المقدسة، ذلك السؤال الذي لا زم الإنسان، يستفزه بدهشة، ويطرح عليه أسئلة مصيرية، تارة تكرس التشاؤم والعدمية واللاجدوي حد اليأس والانكفاء. وأخرى تدفع باتجاه التأمل والبحث والتنقيب، لمعرفة حقائق الأشياء، فكان ينبغي للخطاب الديني تقديم رؤية وافية تبدد شكوكه، وتجيب على أسئلته، حول حقيقة الوجود والإنسان والموت وحياة ما بعد الموت والخلود، مبدأ الخلق ونهايته وغايته، وغيرها، فهو قلق يعبر عن نفسه بأسئلة واستفسارات فلسفية (44).

ثانياً: التتبع الدقيق للحقائق التاريخية، ويتضح لنا ذلك من خلاله حديثه عن الجذر التاريخي لشعار الإسلام هو الحل؛ حيث يقول ماجد الغرباوي: “ليس الشعار غريبا على الوعي الديني، بل أن من صميم العقيدة تطبيق الشريعة، والكفاح من أجل اعتبارها مصدرا وحيدا للتشريع في دساتير الدول الإسلامية. وإذا كان تنظيم الإخوان المسلمين أول من طرحه بهذه الصيغة (الإسلام هو الحل)، فهذا لا ينفي جذره التاريخي، بل يؤكد ما تبناه الفقه الإسلامي، أن الإسلام دين شامل لكل الحياة، وما من واقعة إلا ولله فيه حكم. ومعناهما أن الإسلام حل لكل معضلة حياتية ودستورية، ومن هنا أفتوا بحرمة التشريعات الوضعية؛ وعندما رفعت الحركات الإسلامية هذا الشعار، فثمة ما يعزز ثقتهم بإمككانية تطبيقه تاريخيا إضافة لما حصل في إيران، كتجربة الخلفاء، التي تعتبر نموذجا للدولة العادلة التي أقامت شريعة السماء (45).

ثالثا: الإحاطة الجيدة لحدود الموضوع المدروس، لقد أبان المؤلف عن حسن تبصر، وعن رؤية واضحة للموضوع المدروس، مما جعله متمكناً من المعلومات التي يعرضها، حتى استطاع أن يوجهها لخدمة الغرض الديني الذي وُضع من أجله الكتاب، ويتضح لنا ذلك من خلال مناقشة ماجد الغرباوي لفلسفة الخلق بين نظريتين حيث يقول الغرباوي: ” إن الفهم التراثي للقرآن، والجمود على ظواهر الآيات، بات عبئا على الوعي العقلاني، وتسبب في كوارث دموية نسبت للدين؛ مثاله تمسك الحركات الإسلامية المتطرفة بآيات القتال، رغم عدم فعلية موضوعاتها، وانصرافها لقضايا خارجية محددة، فاهلكوا الحرث والنسل (46).

ثم يستطرد “الغرباوي” فيقول: ” وقديما استغل مفهوم الجبر من قبل الحكومات الاستبدادية القديمة التي تري في الملوك آلهة أو ظلا لها أو خيارها. ثم استغل الحكم الأموي ومن جاء من بعده، الجبر لتبرير سلوك الخليفة، والارتفاع به فوق النقد والمحاسبة، في الدنيا والآخرة، بعد أن أصل له المتكلمون، وغدا من مؤسسات العقل التراثي لطيف واسع من المسلمين، فالتراث المثقل بالتبعية والاستبداد ليس أقل خطرا حينما يعطل العقل، ويشل إرادة الفرد والمجتمع، ويكرس التخلف باسم الدين وآيات الكتاب (47).... وللحديث بقية.

 

الأستاذ الدكتور / محمود محمد على

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوط.

..............

* هذا هو العنوان الأصلي للمقال

37- ماجد الغرباوي: تحرير العقل الديني (متاهات الحقيقة 5)، دار أمل الجديدة، دمشق، سوريا، ط1، ص 140

38- نفس المصدر، ص 170-171

39- نفس المصدر، ص 176

40- نفس المصدر، ص 251

41- نفس المصدر، ص 219

42- نفس المصدر، ص 402

43- نفس المصدر، ص 402

44- نفس المصدر، ص 81.

45- نفس المصدر، ص 42

46- نفس المصدر، ص 101

47- نفس المصدر، ص 101

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم