صحيفة المثقف

صادق السامرائي: منثور وحول الشعر يدور!!

صادق السامرائينصوص مكتوبة وموصوفة بالشعر، فالشعر أصبح حالة سائدة فاقدة للضوابط والمعايير، وإنما هي تسميات وحسب، فما نكتبه يكتسب شرعية الشعر وفقا لهوانا!!

نصوص ذات قيمة إبداعية وجمالية لكنها ليست بالشعر، مهما توهمنا وإدّعينا ودافعنا وحاججنا، وغضبنا وإنفعلنا وأمعنا بالإصرار على أنها شعر.

إنها نصوص نثرية لا غير!!

لو تصفحنا تراث الأمة الأدبي، لوجدنا العديد من النصوص الرائعة، التي فيها إيقاعات عروضية واضحة ومؤثرة، لكنها لم تسمى شعرا، بل خطبا ورسائل ومقامات وغيرها من التصنيفات الإبداعية، التي عهدها العرب منذ زمن بعيد.

أنظروا خطب المسؤولين عبر التأريخ، فستجدونها ذات بلاغة وقوة تعبيرية فائقة، وتلتزم بآليات عروضية وفقا للتفعيلات المتعارف عليها، وما قيل عنها بأنها شعر.

وفي العقود الماضية بدأت لعبة الحداثة التي هدّمت وما بنت، ودمّرت وخرّبت، وخلطت بين الثوابت والمتغيرات، وإدّعت أن ما جاءت به هو الشعر، بل إنها الثورة الشعرية المعاصرة، وتحقق تسويق وإبراز العديد من رموزها، وإيهام الذائقة الجمعية بأن ما يأتون به ذروة التعبير الشعري، وما عداه تقليدي ولا قيمة له ولا دور في الحياة.

وبعد عقود من الوهم ومطاردة خيوط دخان في فضاءات الهذيان، وجدتنا أمام كم هائل من النصوص المسماة شعرا، ولا يقترب منها القارئ، مركونة في مواضع الإهمال والنكران، وربما يتداولها فيما بينهم بعض الذين يرون أنها شعر، من باب المجاملات.

وتتسيد الصحف والمواقع النصوص المتنوعة، التي يمكن تحويلها إلى مقطوعات نثرية، لكنها تحسب شعرا وأصحابها شعراء، وإيّاك أن ترى غير ذلك!!

ويتناسى أنصارها ودعاتها، أن كل موجود في الكون له شكل وصورة وهيئة تعبّر عنه وتميزه وتمنحه ملامحه الفارقة، فلا موجود بلا ملامح، ولتجريد الشعر من علاماته وخصاله وصورته وكينونته المعبرة عن ذاته وموضوعه، نكون قد إتحذنا طريق التلاشي والإندثار، لأننا نمحق كائنا متوافقا مع بديهيات ومسلمات الوجود.

تحية لمبدعي النصوص النثرية الذين يحشرونها في مدينة الشعر، والشعر منها براء.

فهل لنا أن نعترف بأننا نكتب نثرا لا شعرا؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم