صحيفة المثقف

صادق السامرائي: رياح الشر!!

صادق السامرائيشرورٌ عندَما كَشَفتْ نِقابا

أبانَتْ غايَةً ورَدَتْ عَذابا

 

ولــــو حَمَلتْ رياحُ الشرِّ نَفْعـــــا

لصارَ الشرُّ في الأرْضِ الصَوابا

 

وإنّ الخيْرَ في أمَمٍ طِواقٌ

يُجَنّبُها اصْطِراعا وانْتدابا

 

ومَنْ فَعَلَ المَساوئَ مُسْتَهانٌ

وقد جَلبتْ لهٌ الدنيا احْتِرابا

 

ودينٌ مـــــنْ نِفاقٍ أو قِناعٍ

إذا وَجَبَتْ يُضَلِلُنا انْتِصابا

 

وشرُّ النّاس إخْـــوانٌ تعادَتْ

وعاشَتْ في تَحاقُدِها اكْتِرابا

 

تُباغِتًنا النّوائِبُ في حَياةٍ

ومِنْ مَوْتٍ تُعَجِّلنا اقْتِرابا

 

وإنَّ الكـــونَ قانونٌ قويْمٌ

يُعالِجُها ويَمْنَعُها اخْتِرابا

 

وكلُّ وَديعةٍ تَسْعى بأمْــــرٍ

وما اخْتارَتْ بها يَوْماً مَآبا

 

يَموْتُ الناسُ في يَفَعٍ وعُتْوٍ

ويَبْقى المَوْتُ سُلطانا مُهابا

 

ومَنْ وَضَعَ العِمامَةَ فوقَ حُكْمٍ

أتى ظُلمــــا وإفْسادا وحـــــابا

 

وإنّ الحُكْمَ أجّاجُ اعْتداءٍ

على زمَنٍ يُبادِلهُ انْتِكابا

 

فما دامَتْ لمَخْلوقٍ قِواهـــا

إذا صَعِدَتْ أعانَتْ إجْتذابا

 

كأثْمارٍ إذا نَضَجَتْ تَهاوَتْ

وتاقتْ مِنْ تكامُلِها اسْتِلابا

 

خطايانا بها الأخْطاءُ عاثَتْ

وكلُّ خَطيْئةٍ ورَدتْ خِيــابا

 

تَعادى الخَلق مِنْ بُقَلٍ وجَهْلٍ

فجاءَ عَداؤها سَقرا وغابــا

 

وإنّ الموْتَ حَطّابُ البَرايا

ويَسْجُرُهُمْ سَجْيْرا مُسْتَطابا

 

ولا فخرٌ إذا نكَبَتْ بخلقٍ

وفاقت في توحشها الذئابا

 

وكلُّ صَحيْحَةٍ يوما تَخابَتْ

فما صَنعَ الترابُ غدى تُرابا

 

تشاغِلنا هُمومٌ مِنْ غثاءٍ

وكانَتْ في كثافَتِها ضَبابا

 

رَزايا في تسيّدِها اسْتباحَتْ

وجودا مُسْتَقيما مُسْتَجابا

 

وصَهْباءٌ مُعتقةٌ بدَنٍّ

شربْناها فأنسَتْنا اللُّبابا

 

إذا نَشبتْ مَخالبها المَنايا

فقدْ حَمَلتْ بما فَعَلتْ كِتابا

 

شُعورُ المَوْتِ إعْلانٌ شَديْدٌ

بأنَّ النَفسَ قدْ وَضَعَتْ نِصابا

 

تَقوّى في مَواضِعِها تَعَتّى

فأرْداهُ الفسادُ بها مُصابا

 

فكلّ قويّةٍ تسْعى لضُعْفٍ

وكلّ ضَعيْفَةٍ وجَدَتْ مَثابا

 

قَوانيْنٌ تُداولُها بِصَمْتٍ

كذا دامَتْ وما أبْقَتْ شَبابا

 

وإنَّ العَدْل أوْهامٌ تراءَتْ

فأضْحى الظلمُ مِنْ عَنَتٍ رِكابا

 

جَرائمُنا بها نَزَعٌ غَريبٌ

يلوِّنُها ويَكْسِيُها الثِيابا

 

وذاتٌ ذاتُ مُنْطَلقٍ قَويْمٍ

تُصَنِّعُ مَجْدَها تَعلو السَحابا

 

فَهذا الكوْنُ أكوانٌ تآوَتْ

بمَخْلوقٍ يُبادِلها انْتِسابا

 

لنا ألأفكارُ ناصِيَةُ انْطِلاقٍ

فَجَسِّدْها وساقيْها ارْتِيابا

 

وإنّ الحُبَّ نِبْراسُ ارْتِقاءٍ

يؤالِفنا ويَمْنَحُنا الجَوابا

 

وفاءُ الجُهْدِ في أمَلٍ نَشودٍ

ذَخِيْرةُ قُدْرَةٍ تُعُطي الثَّوابا

 

لنا الدُنيا بما وَهَبتْ ولكنْ

 لها صَنعَتْ بنا مَجْدا مُطابا

 

إذا سَكنَتْ رياحُ الرّوح فيْنا

ترقّد وعينا ورعى انْجِدابا

 

كعاصِفَةٍ يُباغِتُنا أذاها

فَتَصْعَقُنا وتَرْميْنا عِطابا

 

 رَحيْلٌ دائِبٌ رَكَبَ البَرايا

يكبّلها ويمْنحها التَبابا

 

تنكّر كاذبٌ ونَعى صَدوقا

فصارَ الصِدْقُ في أمَمٍ سَرابا

 

فسادُ خَلائِقٍ لعَنَتْ سِماها

فأوْرَدَها التَسافُلُ إرْتِعابا

 

ورَبٌّ صارَ أرْبابا أرابَتْ

وكلّ ربيْبَةٍ وَجَدَتْ غُرابا

 

توّجّعَ سالمٌ فَجَنى أليْما

وأضْحى عُمْرُهُ فيها عِقابا

 

إذا دارتْ على خَلقٍ رَحاها

سَتَطْحَنَهُم وتَنثرُهم عِطابا

 

عَجائِبُها بدائِرةِ ابْتِداءٍ

تُدوِّرُنا وتُطْعِمُنا إيابا

 

خلودُ وجودِنا صُوَرٌ توالتْ

لتُنْجِبَ مِنْ تَفاعُلِها الصِعابا

 

سَقيمٌ كلّ مَخْلوقٍ عليْها

وسَيْفُ قويّةٍ قطعَتْ رِقابا

 

 

 كذا الدُنيا إلى مَوْتٍ خُطاها

مَشَيْناها وما سَئِمَتْ خِطابا

 

حُضورُ الموتِ صَدّاحٌ غَريْدٌ

يُزَعْزِعُنا ويَمْنَحُنا اكْتِرابا

 

هُراءٌ في مَرابِعِها تَسامى

فكادَتْ نَفسُها وجَنَتْ عِيابا

 

خيالٌ إنْ تَمَلكْنا انْتَهَيْنا

وعِشْنا في مَناكِبها اسْتلابا

 

على قَدَرٍ نُقابلُها بحَزْمٍ

ونُفْديها إذا وجَبَتْ حِسابا

 

عزيْزُ النَفسِ هَمّامٌ كريْمٌ

يواجِهُها ويأخُذُها اغْتِصابا

 

وعَقلُ المَرْءِ قائدُهُ المُعلى

فَهَلْ عَقلتْ بها أمَمٌ عِقابا

 

تَحَجّرتِ الرؤوسُ وما ألانَتْ

فكيْفَ تَرى وقدْ جَلبَتْ سَبابا

 

ومَنْ سَجَرَ النواهيَ بانْفِعالٍ

تَردّى في نَواكِبها مُعابا

 

خَواطِرُ ومْضَةٍ صَنَعتْ حَياةً

فأسْقتْ كلَّ مَخْمورٍ شَرابا

 

إذا فَسدَ الزمانُ فَسَلْ خليْقا

وعاتِبْ مَن يُحابيهِ اكْتِسابا

 

فكلّ خَطيْئةٍ مِنْ فِعْلِ خَلقٍ

يُباركُها ويُطلِقُها انْتكابا

 

تَراكمَتِ الخُطوبُ على وجيْعٍ

وأوْعَدَهُ التَّعوّقُ إعْتِضابا

 

تَعافى مَنْ يُبادِلها بشُكرٍ

ولا يَنْسى إذا جاءَتْ خِلاابا

 

ورُعْبُ المَوْتِ شدّادٌ عَنيْفٌ

يُحَطّمُنا ويَمْلؤنا ارْتِهابا

 

تَبارى خَلقُها ومَضى عَزوما

فَأوْهى فُرْصَةً وجَنى السَبابا

 

لنا الدُنْيا إذا كَذَبَتْ وخانَتْ

لتَخْدَعَنا وتَسْلبُنا العِتابا

 

قُصُورُ الخَلقِ أكْواخاً تَراءَتْ

وساكِنُها بأجْداثٍ تَخابى

 

أطارَتْ لبَّ مَثْمولٍ بوَجْدٍ

يُعاقِرُها فتُسقيهِ الصَبابا

 

بناكدةٍ إذا شاءَتْ تَواصَتْ

فألْقَتْ حِمْلها ودَعَتْ حِرابا

 

تَطاوَلَ شَرُّها والخَيرُ يَنْأى

فصارَ وجودُنا فيها اغْتِرابا

***

د. صادق السامرائي

28\11\2020

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم