صحيفة المثقف

صادق السامرائي: الصالح والمصلح!!

صادق السامرائيالصالح: المستقيم المؤدي لواجباته.

المُصلح: مَن دعا وناضل لفائدة الإصلاح في الإجتماع أو السياسة وغيرها.

أيهما تحتاج المجتمعات لترتقي وتكون؟

قد يرى كل شخص بأنه صالح، فمعايير الصلاح متنوعة وهي كالأقنعة التي يمكن إرتداؤها والظهور بها، وقد أخفت ما تحتها.

وربما يكون هذا الصالح غير صالح لنفسه وضد ذاته وموضوعه، لأن أمّارة السوء التي فيه تحررت من الروادع وتنعمت بمعطيات الإنفلات المطلق.

والمجتمعات لا تحتاج لصالح بقدر حاجتها لمصلح، يتفاعل مع التحديات ويلبي الحاجات الضرورية لكرامة الحياة.

ولهذا فالمصلحون يواجهون المصاعب ويتعرضون للنوائب، ومنهم يقتلون، وحتى الأنبياء الذين يرفعون رايات الإصلاح والتنوير يلاقون الويلات من أبناء مجتمعهم، وكم تقتلوا وتعذبوا، لكن إصرارهم وإيمانهم أبقى على أنوار رسائلهم من بعدهم.

أما الصالحون، أو كما يرون أنفسهم، فهم منزوون وعلى التل جالسون، ولا يبصرون إلا ما يرون ويعتقدون، ولا يمتلكون القدرة على التنوير والتثوير وقدح إرادة التغيير.

ولهذا فالأمة التي تريد أن تكون وتنطلق بمشوارها الحضاري وتعاصر، تحتاج للمصلحين الذين ينطلقون بأجيالها إلى آفاق تطلعاتهم وأهدافهم السامية، ومصلح واحد خير من ألف صالح في مقامات متنفذة ولا يقدم إلا الفساد والجور والإمتهان، لأنه يرى ما يعتقده ويعبّر عنه كما يتصور، ولا يستوعب الواقع من حوله.

وتلك معضلة المدّعين بدين عندما يتسنمون السلطة في أي مجتمع، لأنهم سيحسبون الذين لا يعتقدون مثلهم أعداءً لهم، وسيكفرونهم ويمحقونهم وفقا لرؤاهم المتعصبة المغالية الأصولية، التي ترى ما تراه الحق وغيره الباطل، وما يترتب عليه من تداعيات وتوصيفات مجانبة للحق والحقيقة.

فهل من مصلح لشؤون الأمة، "وما كان ربك ليهلك القرى بظلمٍ وأهلها مصلحون" هود: 117

ولم يقل صالحون؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم