صحيفة المثقف

صلاح حزام: القاتل الاقتصادي، هل ضرب العراق؟

صلاح حزامالقاتل الاقتصادي هو عنوان كتاب أصدره شخص سبق له العمل كقاتل اقتصادي . اسم المؤلف هو : جون بيركنز . وعنوان كتابه:

“new confessions of an economic hit man”

وهذه الطبعة أطلَق عليها المؤلف تسمية (الجديدة new)، لانها طبعة ثانية موسعة وتحتوي معلومات جديدة لم ترد في الطبعة الأولى. والمؤلف يحكي تجربته باعتباره عمِلَ قاتلاً اقتصادياً سابقاً ..لدى بعض الوكالات.

وظيفة هؤلاء الاشخاص تقديم نصائح مزيفة لبعض قادة وصناع القرار في دول العالم الثالث وتوريطهم في سياسات وقروض وشراكات، تؤدي الى الحاق الضرر بالاقتصاد وبالبلد بشكل عام.

اعود لموضوعنا الاساسي، هل تعرّض العراق لمثل تلك النصائح القاتلة لمنعه من النمو والتعافي؟

في نظري المتواضع، ان نقطة القتل الاولى هي نصيحة تبدو سليمة اقتصادياً للوهلة الاولى اذا توفرت شروط عملها .

زيادة عالية ومفاجِئة للرواتب والتوسع في التعيين الحكومي بحيث تستحوذ الرواتب والاجور الحكومية والتقاعد ومخصصات الضمان الاجتماعي الخ.. على مايقارب ٧٠٪؜ من الإنفاق الحكومي الكلي .. ماتبقى وهو ٣٠٪؜ يذهب معظمه للتسليح والادارة وماشابه، وبالتالي لايتبقى شيء ذو اهمية للاستثمار الحكومي..

الجواب المتوقع على من يتساءل عن إشكالية انخفاض الاستثمار الحكومي، سيكون مُغلّفاً بغلاف اقتصادي يبدو منطقياً لكن شروط عمله غير موجودة:

زيادة دخل الافراد يعني زيادة الانفاق العائلي والطلب الكلي (في مجتمع كان محروماً منذ عقود من الاستهلاك الحر، ولديه جوع استهلاكي متراكم وحاجة الى كل شيء بعد ان أدى الحصار والحروب الى تقادم واستهلاك كل مفردات العيش)، النتيجة ستكون تدفق الاستثمارات الداخلية والخارجية

لأقامة مختلف انواع المشاريع لاشباع الطلب المتصاعد في سوق نموذجية.

لاحاجة لاستثمارات حكومية في بلد انتقل الى اقتصاد السوق الحرة حيث لادور اقتصادياً للحكومة.

الكلام مغلّف بالمنطق الكينزي، لكن شروط عمل المقترح الكينزي غير موجودة . تصاعد الارهاب والقتل والاختطاف ( تتذكرون ماتعرض له رجال الاعمال واصحاب البنوك وممثلي الشركات الاجنبية الى القتل والخطف وطلب الفدية الضخمة)، ذلك كله منع قيام اي استثمارات محلية او اجنبية او تشغيل ماهو موجود بالفعل من مصانع.

لم يتبقَّ من خيارٍ لاشباع الطلب المحلي الكبير، سوى الاستيراد !!

الاستيراد ازدهر بشدة واصبحت سوق العراق زاخرة بكل شيء مستورد.

الحكومة لم تعمل شيئاً لمواجهة "عملية القتل" هذه ابداً ولسنوات.

كانت الحجة: نحن اقتصاد حر !!

وكأنما الاقتصاد الحر يعني الفوضى.

اضافة للظروف الأمنية التي منعت الاستثمار او اعاقته الى حد بعيد وحولته الى ميادين تخدم الاستيراد (التوسع في بناء الاسواق والمولات)، فأننا لانملك قطاعاً خاصاً ذو خبرة عريقة وثقافة اعمال مناسبة. لقد تعرض رجال الاعمال في السابق الى شتى طرق التضييق فهرب اكثرهم او توقفوا عن العمل.

فهل يمكن تخليق قطاع خاص ورجال اعمال بقرار حكومي؟

قبل يومين ظهر ضابط شرطة متحدثاً بأسم وزارة الداخلية ، ليفسر ارتفاع اسعار السلع في اسواق العراق مؤخراً،

قال الرجل: نحن اقتصاد حر ولا نستطيع التدخل في الاسعار!!

لماذا ضابط شرطة يتحدث عن الاسعار؟

الايوجد أحد يحمل شهادة رصينة في الاقتصاد؟

من الذي أشار عليه بهذه الأجابة؟

هل يعرف هؤلاء السادة نبذة عن تاريخ تصرّف الدول الرأسمالية عند الأزمات؟

 

د. صلاح حزام

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم