صحيفة المثقف

عدنان البلداوي: صوت الإنسانية الخالد

عدنان البلداويالى صوت الإنسانية الخالد

في ذكرى استشهاده عليه السلام


المَـجْــدُ، والعِـزُّ، والعَـلـياءُ، والــشِـيَــمُ

في جَـوْهرٍ، عجَـزَتْ عن وصفه الكـَـلِمُ

 

لـمّـا الـعَـلِـيُّ قــضى، أنْ يُــولـدَ الأمَـلُ

فـي الكعـبة ، ازدانَتْ الأركانُ والحَـرَمُ

 

وشاءَ أنْ يَصطفي للمُصطفى، عَـضُـداً

بــه المَـسِـيـرَةُ ، نِــبْــراسٌ ومُــعْـتَـصَمُ

 

لــلأفــقِ إشــراقــةٌ ، فــي يـوم مـولِــدِه

ولِـلكـواكـبِ  مِــنْ عَـــليائــهِ ، سَـــهَــمُ

 

إرادةُ الـلــهِ ، أنْ يــخــتـارَ فــاطـــمــةً

لـِـمَـنْ ، لـِـوالِـدهــا  أزْرٌ ، بـــه شَــمَـمُ

 

فَـحـاطَ بالـنـور نـورٌ ، فــي اقـتـِرانِهما

وبـارَكَ الـمُصطفـى ، فانْهـالـت النِـعَـمُ

 

ولــلـكـرامـاتِ  أحْــداثٌ ،  مُــؤرَّخَــةٌ

ولـلمَـواقِــفِ رأيٌ ، فـــيــه تـنـحَــسِــمُ

 

فالـشمـسُ مَـدّتْ سـناهــا فــي تـألُـقِـهـا

وانـسـابَ بـين يـديـهـا الحِـلـمُ والحِــكَمُ

 

وَزانَـهــا، أنّ طـيْـفـاً مـِــن مَـحاسِـنِـهـا

نــظِـيرُه فــيك، حـيـث الـنورُ يـرْتـسِـمُ

 

مَن رامَ وَصْـلَ المَعالي، صِرْتَ قدْوَتَه

والـشـأنُ تـُـعْـلِيـه أســـبابٌ، لـهـا قِــيَـمُ

 

خُـلِقـتَ أن لاتـُحابـي فــي الخَـفـاء يَـداً

لأن كــفّــكَ فـــي وضح الـنهــار، فَــمُ

 

لـلـتِّـبْـرِ أمْـنِــيــةٌ، فــــي أنْ تُــقَــلِــبَــه

يَــداك، حــيـث تَـباهى السـيفُ والقـلـمُ

 

والعَـبْـقـريـةُ، مُـذ  فـعّـلـتَـهـا سَــجَـدَتْ

لله، إذ حَـلَّ فــيـهـــا الــعَــدلُ والـكـرَمُ

 

وفي القضاء ، انحَنى كلُّ القُضاةِ لـِـما

حَـكَـمْـتَ فــيه ، فزالَ الشـكُ والـوَهَــمُ

 

أنصفْـتَ حتى عَلا، في الأفق صوتُهُمُ:

(عَـدْلُ عَــلـيٍّ)، بــه المـيـزانُ يَـسْـتـقِمُ

 

والـمَعْـنَـويَّـةُ قــد فَــعَّـلـتَ هــاجِــسَـهـا

فـي نَـفْـسِ مَن قـد غزاهُ الوَهْنُ والهَرَمُ

 

لـِذي الـفــقـار اقــتـِرانٌ فــيـك، أرّخَــهُ

مـا كـلُّ سـَــيـفٍ ، بــه الأعـداءُ تَـنهَزِمُ

 

به، قطعتَ جــذورَ الشِـركِ، مُـرْتَـجِـزاً

واسـتسلمَ الخَـصمُ ، لا سـيـفٌ ولا عَـلمُ

 

زَهْـوُ الرؤوس  تَـهاوى بـَعـدَ مُـعْـجِـزةٍ

بـ (بابِ خـيبرَ) أوْدَتْ،واخـتـفـتْ قـِـمَـمُ

 

يامَـن أخَفْـتَ الـعِـدا فــي كـلِّ مَـلحَـمَـةٍ

إذ كـلـمـا قَــيـل: ذا  الكـرّارُ ، هـالَـهُــمُ

 

دَيْـمـومَـةُ الـنصرِ، فــي قــوْلٍ يـُجَـسِّـدُهُ

فِـعْـلٌ، وقـد فُـقْـتَ في التجْـسيدِ خَطوَهُمُ

 

أعطيتَ دَرسـاً لِمَن ضَلَّ السَبيلَ، وعـنْ

مـن اهـتدى،  زالَ عـنه الوَهْـمُ والعَـتَـمُ

 

تَـبـاشَــرَ الجُـنـدُ لمّـا الــنـصرُ حالـفَـهـم

وكَــبَّـروا:  لافــتـىً إلّاكَ ،  بَــيــنَـهـُــمُ

 

مــا دارَ طـرْفُــكَ ، إلّا الـحَـقُ هـاجِـسـه

والحـقُ صِنْـوكَ ، موصولٌ بــه الـرَحِـمُ

 

نـاداهُــمُ المصطفـى : انــتَ الولِـيُّ لـهـم

فـصَــوَّتَ الــقـومُ ، بالإيــجـاب كُــلُـهُـمُ

 

إنّ الأنـاةَ ونــهْــجَ الحِـلـمِ، إنْ جُــمِـعَـتْ

كـما أشَــرْتَ لــها ...تـعـلو بـــها الهِـمَمُ

 

والصَّـمْتُ إنْ لاءَمَ الأجْواءَ، يَسْـمو بهـا

والـهَـذْرُ آخِـــرُه ... الإحْــبـاطُ والــنّـدَمُ

 

كــلامُــك الــدّرُ ، والآفـــاقُ تَــشــهَــدُه

قــد حَـرّكَ الـوعْـيَ (فـيـمَـن قـلبُه شبِـمُ)

 

خـُـطىً مَــشــيـتَ، بإيـمانٍ وتــضحـيـةٍ

فـانْهارَ مِـن وَقْـعِها الطاغـوتُ والصَّنَـمُ

 

فـي سِـفْـرِ نَـهْـجِـك، للأجـيـال مَـدرسَـةٌ

تَـبْـني العُـقـولَ، وفيـهـا تـرتـقـي الأمـمُ

 

عَـقـلٌ بــلا أدبٍ ، مِـثـلُ الشــجـاع بــلا

ســيـفٍ ، وقــولـك هــذا مــنه نَـغْــتَـنِـمُ

 

بَـلغْـتَ فــــي صِـلةِ الأرحـام مَـرْتَــبَــةً

مَـن ســارَ سَــيْرَك، لـم تَـعْـثـرْ بـه قَـدَمُ

 

طـمْأنْــتَ أنْــفُـــسَ أيــتـامٍ، جَـعـلـتَـهُــُم

يَــرَونَ فــيـك أبـاً، يـَـجْـلـي هُـمُـومَـهـُمُ

 

أوْصيْـتَ: أنْ يَسْـتَـشيرَ المرءُ مَنْ وثقتْ

بــهِ العُـقـولُ ، ومَـنْ بالـرأي يـُــحْــتَـرَمُ

 

كـما اسـتَـشَـرْتَ عقيلاً ، إذ  أشــارَ الى:

(أم البنين).. بِــبَـيـْت الطُـهْـرِ تَــنْــتَـظِـمُ

 

لاطـائـفـيّــةَ ، لاتــفــريــقَ فــــي زمَـنٍ

قــد كان رأيـُك، فـيــه الحَـسْـمُ والحَـكَـمُ

 

فـــي قـولِـك:  الناسُ صِـنـفـانٌ فـإمـا أخٌ

في الدِّينِ أو في صفات الخَـلْقِ يَـنـسَجِمُ

 

اسْـتـهـدَفـوك بـبـيـت الــلـهِ ،إذ غــدَروا

ما اسْـتمكنوا منك في حربٍ، لها ضَرَمُ

 

وقــادَهـم حـِقــدُهـم، أن يـحجُـبوا قـمَراً

فـــسـاءَ ظـنُـهُــمُ ، وانـتـابـَـهـم سـَـــقـمُ

 

الحَــقُّ يَعْـلـو، فـطُـوبى لـلـذيـن سَــعَـوا

أنْ يَــقْــتَـدوا، لِـيَـزولَ الـظُـلْـمُ والظـلَـَمُ

                   ***

شعر عدنان عبد النبي البلداوي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم