صحيفة المثقف

صادق السامرائي: مفردات العربية ذخرنا الحضاري!!

صادق السامرائيإهتم أبناء العربية بجمع مفرداتها في كتب تسمى المعاجم، ورائدهم الخليل بن أحمد الفراهيدي صاحب أول معجم للغة العربية إسمه "العين"، وبعده توالت معاجم متعددة ألفها جهابذة العربية في عز توهج الأنوار المعرفية الحضارية لأمتنا.

وكنز المفردات العربية ثري وقابل للزيادة والنماء والتوالد والإشتقاق المتوافق مع عصره، فهي لغة خالدة ومن ضرورات الخلود التواكب والتجدد والإبداع الأصيل.

والعجيب في أبجديات اللغة أنها لا تنضب عندما تتفاعل مع بعضها، فتأتينا بما هو جميل ودال على معنى أو إسم.

وقد تولعت بالكلمة ومعناها منذ الصغر، وتحولت لعبة الكلمات إلى هواية أمارسها وأتمتع بما أتعلمه منها، وكيف أنها تحفز قدرات التفكير والربط والإشتقاق والتنوير.

فلكل كلمة تأريخ ومعنى وقدرة على التفاعل مع محيطها الذي ولدت أو تواجدت فيه، وخلفها سيل دافق من المعارف والقصص والحكايات، والأحداث الممتعة المذكية لمشاعل الإبداع.

فالغوص في بحر الكلمات يساهم بصيد الجمان الإبداعي النفيس، الذي يغذي الروح والعقل والقلب والنفس، ولا يمكن لثقافة أن تترعرع وتتنامى إذا لم تنهل من فيض الكلمات، وتتنعم بالثراء اللغوي، ويكون لصاحبها معجمية تؤهله ليفكر بقدرات إستثنائية وطاقات فريدة.

وتجدنا في واقعنا التعليمي والتربوي نغفل هذه المهارة المعرفية، ونهمل التركيز على الكلمة ومعناها، وأساسها وإشتقاقها وما يتصل بها من أطياف معرفية، وتفرعات ثقافية ذات طاقة تنويرية ساطعة.

بينما الأمم الحية المتقدمة على غيرها، تهتم بتزويد مواطنيها بذخيرة لغوية تؤهلهم للتعبير والتفكير الجاد الواضح المبين والدقيق عمّا يريدونه ويتطلعون إليه.

بل وتمضي بضخهم بالمفردات حتى نهاية التعليم الجامعي، ولهذا تجد من أهم إمتحانات القبول بالجامعات هو التعرف على الذخيرة المعجمية لدى المتقدمين، وهناك حدود يجب أن يتخطاها المتقدم لكي يحصل على القبول، ذلك أن المفردة اللغوية من أدوات التفكير المهمة، والتي عليها أن تتوفر بغزارة ليتمكن العقل من الإنتاج السليم.

فهل لدينا القدرة على تنمية معجمياتنا الذاتية لنكون؟!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم