صحيفة المثقف

صلاح حزام: لماذا نخشى العيش بمفردنا ونبحث عن ستارة حامية ولو كاذبة؟

صلاح حزاممعظم دول العالم وفي كل القارات تعيش ككيانات مستقلة وكأمة واحدة تبحث عن مصالحها ضمن محيطها وضمن العالم معتمدة على تحالفات اقتصادية وسياسية وعسكرية ..

تقوم تلك التحالفات على الاختيار المستقل والحر لكل الاطراف المشتركة فيه.

لا أحد يبحث ويستجدي روابط قومية عسى ان تفضي الى كيان واحد يضم كافة المتحدرين من ذلك العرق.

هنالك تحالفات ومنظمات واتحادات أقوى من الروابط القومية .. تقوم اساساً على المصالح والروابط الاقتصادية التي لا يمكن فسخها بسهولة (لايمكن تفكيك الاتحاد الاوربي بقرار يتخذه حاكم في لحظة انفعال وغضب)..

العملة واحدة وصناعتهم متشابكة ومتكاملة ويتشاركون في صنع معظم منتجاتهم وزراعتهم ايضاً، وكذلك قطاع البنوك والخدمات والتبادل التجاري.. ولديهم محاكم ودستور اتحادي الخ ...

لذلك ليس من مصلحة أحد تخريب ذلك فجأة ولايوجد سبب لذلك ولايستطيع أحد الخروج بمزاجية ونزق وانفعال .

القومية العربية اتخذها الكثير من الحكّام شعاراً وجعل السعي نحو الوحدة العربية هدفاً مركزيا .. بحيث يكون العرب دولة واحدة اكثر توحداً وتماسكاً من الاتحاد الاوربي نفسه (لانهم ليسوا من دمٍ واحد ونحن من دمٍ واحد ولغة واحدة وثقافة وتاريخ مشترك).

هذه الدولة اذا تحققت وخرجت الى النور سيكون ذلك انجازاً عظيماً .

ولكن هل هذا هدف واقعي؟ وهل ان من يرفعه جاد في الوصول اليه؟

عندما يرفعه طاغية يسحق شعبه ويعبث بمصيره بمزاجية ، فهل سيكون ذلك سبباً لإغراء الشعب العربي في الدول العربية الاخرى للمطالبة بالتوحّد مع دولة ذلك الطاغية؟

انهم نماذج سيئة للحكم ولاتصلح لأن يحتذي بها أحد.

كذلك فأن اختلاف ظروف البلدان العربية من حيث درجة التطور الاقتصادي والثقافي وطبيعة النظم السياسية ومستوى الثراء والقيم الاجتماعية والبنية السياسية والاحزاب العاملة فيها ، ذلك يجعل فكرة الوحدة والانصهار في نظام واحد ، تبدو مضحكة وخرافية وتحتاج الى مارد يخرج من القمقم..

أحد اكثر الحكّام صخباً وضجيجاً وثرثرةً في حديثه عن العرب والوحدة الخ... توّج جهوده الوحدوية بغزو دولة عربية صغيرة ، كان ذلك الحاكم قد تعهّد بحمايتها من المخاطر الخارجية..

لقد قتَلَ فكرة القومية والوحدة وماشابه .

هنالك دول عديدة في العالم يجمعهم اساس قومي واحد، بالمعنى الذي نتحدث عنه نحن كعرب، لكنهم لايفكرون بالتوحد لتكوين دولة قومية ابداً.. العالم يبحث عن القرارات الحرة والمستقلة والواعية للدول ولشعوبها ولايبحث عن ايديولوجيات لم تُختبَر في الميدان ابداً...

اذا كان البعض يتحدث عن الدولة العربية الاسلامية القديمة كالاموية والعباسية ، فتلك امبراطوريات عابرة للقومية ولم تكن تسعى لوحدة العرب

بل هي دولة ترفع شعار نشر الاسلام بين الأمم ، حتى وان كان ذلك الشعار سياسياً ، وكان معظم مسؤوليها وقادتها وفقهائها ومفكريها من غير العرب...

كان انتشارها يشبه انتشار الشيوعية بعد الحرب العالمية الثانية !!!

اذن اين هو النموذج التاريخي الناجح الذي يسعى هؤلاء الى احياءه؟؟

لازلت اتذكر قول كبير قاله السيد محمد مزالي رئيس وزراء تونس في وقتها ، حيث قال: " ان الادعاء بزعامة وقيادة العرب من قبل البعض، ادّعاء لا أخلاقي لانه يفتقر الى التفويض والشرعية، من استفتى العرب ليقول انهم اختاروا فلاناً زعيماً؟

 

د. صلاح حزام

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم