صحيفة المثقف

يحيى السماوي: خيبة أنكيدو

يحيى السماويجالَ في أرجاءِ أوروكَ طويلاً

باحِثاً عن أمسهِ المُشمِسِ في أحياءِ عدنانَ

وطيٍّ ومُضَرْ


 

بـعـدَ سـبـعٍ فـي نـعـيـمِ الـغـابـةِ الـعـذراءِ

حـيـثُ الـمـاءُ والـخـضـرةُ والـزيـتـونُ والـتـيـنُ

وحـيـثُ الـلابَــشَــرْ

*

شَــدَّ أنـكـيـدو الـى أوروكَ عـزمـاً  ..

حـاسِــراً عـن شَــبَـقِ الـفـحـلِ   لـ " شـامـاتَ "  (*)

وعـن زخَّـةِ لـثـمٍ مـن إلـهِ الـعـشـقِ والأمـطـارِ " إيـنـانـا "

وكـأسٍ مـن نـبـيـذِ الـعـقـلِ فـي حـانـةِ " ســيـدوري " ..

تـخـفّـى ..

سـارَ كـالـلـصِّ بِـخُـفٍّ مـن حَـذَرْ

*

خـوفَ أنْ يُـلـقـي عـلـيـه الـقـبضَ

حُـرّاسُ إلـهِ الـريـحِ والإعـصـارِ " إنـلـيـلَ " (**)

فـيـمـضـي الـعـمـرَ  فـي اللامُـسْـتَـقَـرْ

*

جـازَ فـي عـودتِـهِ ســبـعـةَ أنـهـارٍ مـن الـخـمـرِ

وسـبـعـاً مـن سـواقـي الـمَـنِّ والـسـلـوى

وغـابـاتِ  تـراتـيـلَ ووديـانَ سَــهَــرْ

*

خـلـعَ الـثـوبَ الـذي كـانَ مـن الـعـشـبِ

وأوراقِ الـشـجـرْ

*

وارتـدى مـايـرتـديـهِ الـنـاسُ فـي الأمـسِ بـأوروكَ:

ثـيـابٌ مـن حـريـرٍ تـحـتَ قـفـطـانٍ مُـوشّـىً

بـالـدُّرَرْ

*

طَـمَـغَ الـجـبـهـةَ  (***)

قـصَّ الـشَّـعـرَ

واخـتـارَ لـهُ إســمـاً جـديـداً

واكْـتـنـى غـيـرَ الـذي كـان يُـسـمّـى   ..

فـهـو  الانَ  "  أبـو الـخـيـرِ عـلـيٌّ "

و " أبـو الـعـدلِ عُـمَـرْ " ..

*

وهـوَ الـمُـنـقِـذُ  والـحـامـي / الـقـويُّ / الـزاهـدُ / الـمُـؤتَـمَـنُ / الـسَّـبـعُ

إذا هـدَّدَ أوروكَ خـطـرْ

*

جـالَ فـي أرجـاءِ أوروكَ طـويـلاً

بـاحِـثـاً عـن أمـسـهِ الـمُـشـمِـسِ فـي أحـيـاءِ عـدنـانَ

وطـيٍّ ومُـضَـرْ

*

راعَـهُ أنَّ دروبَ الأمـسِ لا تُـفـضـي الـى الـيـومِ

وشـامـاتَ  قـضَـتْ نـحـبـاً بـسـاطـورِ ولاةِ الأمـرِ بـالـمـحـشَــرِ

والـنـهـي عـن الـعـشـقِ ..

وإيـنـانـا اسْــتـخـارتْ غـيـرَ أوروكَ مـلاذاً ..

والـمـغـانـي لا أثـرْ

*

ورأى الـفِـتـيـةَ والـصـبـيـانَ يـمـشـون حـفـاةً ..

بـعـضُـهـمْ

يـبـحَـثُ عـن بُـقـيـا طـعـامٍ فـي بـرامـيـلِ الـنـفـايـاتِ  ..

وبـعـضٌ

يـبـسـطُ الـراحـةَ يـسـتـجـدي نـقـوداً  ..

وكـثـيـرونَ عـلـى أرصـفـةِ الـذلِّ يـبـيـعـونَ دخـانـاً ومـنـاديـلَ

وأشـيـاءً أُخَـرْ

*

ورأى بـعـضـاً مـن الـقـومِ ـ قـلـيـلـيـنَ ـ يـسـيـرونَ طـواويـسَ

ويـمـشـي خـلـفـهـمْ  جـنـدٌ كـثـيـرونَ  ..

رأى  مِـنْ بِـدَعٍ فـي  الـديـنِ ما لا تُـغـتَـفَـرْ

*

سـألَ الـمـاشـيـنَ عـن  " إنـكـي " و" أوتـو " (***)

فـأتـاهُ الـردُّ:

" أوتـو " مـنـذ  ســادَ الـشـرُّ فـي أوروكَ  فَـرْ

*

وإلـهُ الـحـرفِ والـقـرطـاسِ والأشـغـالِ " إنـكـي "

كَـرِهَ الـعـيـشَ أسـيـراً لـجَـهـولٍ

فـانـتـحَـرْ

*

فـزَّ أنـكـيـدو  ..

سَــرَتْ فـي قـلـبـهِ رعـشـةُ مـوتٍ

لـم يـعـدْ يـعـرفُ

هـل مُـبـتـدأً  أضـحـى لأوروكَ الـتـي شَـدَّ إلـيـهـا الـعـزمَ

أمْ مـحـضَ خـبـرْ !

*

كـلُّ حَـيٍّ دولـةً صـارَ

لـهُ جـيـشٌ وقـاضٍ وإمـامٌ مُـنـتـظَـرْ

*

كُـلُّـهـمْ فـي مـجـمَـعِ الآلـهـةِ الـزورِ

يـبـيـعـونَ عـلـى الـنـاسِ الأمـانـي والـخَـدَرْ

***

يحيى السماوي

أديليد الخميس 6/5/2021

...................

(* ) شامات: في ملحمة كلكامش هي  الحسناء التي أغوت أنكيدو فمكّنته من نفسها فتأنسن بعد توحّش . وإينانا إلهة الحب والجمال والمطر .. سيدوري: صاحبة الحانة المعروفة بالحكمة وسداد الرأي ، وهي التي نصحت كلكامش ببناء السور العظيم . 

(**) إنليل: إله الرياح والأرض  والعواصف وكان راعيا للوحش المدمّر خمبابا

(***) طمغ: ختمَ ، جعل له علامة ـ كوشم الجبين مثلا ـ وهي كلمة تركية معرّبة .. إكتني: إتخذ له كنية / إسما مستعارا غير اسمه الحقيقي .

(***) أنكي: إله  الحِرَف والصناعات والثقافة ، وأوتو إله الشمس في الملحمة .

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم