صحيفة المثقف

سامي عبد العال: الحقيقةُ ليست أَنْتَ

سامي عبد العالفي أثرها البعيد، ترتبط الحقيقةُ بمعطيات اللاوعي والخيال الجمعي وصورة الهوية، لأنَّها على علاقةٍ خفيةٍ بأنماط الحياة المعيشة. ولدى تحديدها سرعان ما تأخذ صلاحيتها من شيء مغايرٍ- على سبيل المثال- كالسلطة أو الإطار المعرفي أو الثقافة الجارية. وبذلك تعدُّ الحقيقة مصدراً لقلق وإنكار دائمين حتى مع عمليات تداولها.

إذ لا تُعطّى أية حقيقة إنسانية من تلقاء نفسها، هي ظلالٌ من الصراع حيث يوجد الآخر، فينشأ الجدلُّ، النفيُ، السلبُ، الاختلافُ. لقد تعني الحقيقة شيئاً مغايراً عندما يتم تعيين خطابِها في أفق العقل. ومن ثمَّ، لن تسري الحقيقة كما هي ولن يجري مصدرها ولا مرجعها كذلك إلى نهاية المطاف. إنَّ حقيقةً مكتفيةً بذاتها لدرجة البداهةٍ أمرٌ مشكوكٌ في صحته على طول الخط.

ولأي شخصٍ يضع نفسه على رماح اليقين علينا أنْ نقول: " الحقيقةُ ليست أَنْتَ "the truth is not you ... كمقولةٌ يُظهِر غيابُها تسلل الدُّجمائياتdogmatisms   وتضخم الذوات والمفاهيم على نطاقٍ واسعٍ. والدُّجما تَبرُزُ عادةً ضمن برامج السياسة ونسق الأفكار والخطابات الدينية وجوانب المعرفة والتعليم، حين يزعم أحدُهم أو سواه امتلاك "الحقيقة المطلقة". تلك التي أنتجت سياسة الطاعة والخُنوع داخل الجماعات الأصُولية بأشكالها المتباينة. وإلَّا فمن ذا الذي يستطيع تفجير نفسه لمجرد فتوى أو رأي فقهي أو شحن أيديولوجي أو تعبئة لاشعورية عنيفة...؟! وهي أشياء مرتبطة بأدلجة الدين وليست من صميم الدين ذاته!!

بالتوازي لو خاطبَ أميرٌ مزعومٌ لتنظيم ديني أحداً بفتوى دمويةٍ أو رأي أيديولوجيٍّ ثم واجهه المُتلقي: " الحقيقةُ ليست أنْتَ "، لكان الاثنان بمنأى عن مُعاقرة الوهم. وبإمكان الأول التشكُّك كثيراً فيما يقول الثاني وتوجيه نقدٍ قاسٍ إزاء ما يبدو رأياً متعسفاً نهايتهُ الموت. وبدرجةٍ معرفية أكبر من ذلك، فإنَّ مجتمعاً يسود فيه معنى " الحقيقة ليست أنت " يستطيع بناء إرادة عامة تتحمل عمل المؤسسات وأعباء التطور والتقدم وبذل الحقوق والشفافية. لأنَّ بعض الكيانات الجمعية والفردية يستغلون مُناخ القهر ليحقنوا الوعي بحتمية ما يتصورون وينجزون دون أي وزن نوعي في الحياة.

لدرجة أنَّ عقول بعض الأفراد قد تصبح "بلونات فارغة " المضمون نتيجة الانتفاخ الأهوج والهمجي لذهنيةٍ غير سويةٍ بالأساس. ويبنون أوهاماً على ما يظنون أنهم أشياءً يُعتد بها في الحياة، بينما هم مجرد وسائد وثيرة لأمراض التخلف الإنساني. وهذه الكيانات البشرية لا تختلف عن النفايات التي توجد في الطبيعة، بل وتعد مهمةً فقط لإتمام عملية التفاعل والتحلل فيها، أو كما يقول فلاسفة اليونان" الطبيعة تنظفُ نفسها بنفسها". فالكائنات الحية عندما تموت تصبح جيفاً سرعان ما تتحلل من تلقاء طبيعتها وكأنها شيء لم يكن، غير أنها في النهاية تخضع لدورات الطبيعة عندما تنظف رواسبها وتتطهر ذاتياً لكيلا تتراكم الفيروسات والجيف.

الآن ... سأحلِّل تلك الفكرة معتمداً على الجانب السيمانطيقيsemantic  لعلاقة (الأنا- أنت) من جهةٍ، وعلى الجانب الفلسفي لمضامين الحضور الرابط بين( أنا – أنت) من جهةٍ أخرى. وهو الحضور المفترض بالتبعية على خلفية علاقةٍ من هذا النوع. خاصة في حدود " تداول الأفكار" الذي يتم في إطار الطرفين. وإذا كان ذلك واضحاً عبر مجالات عديدةٍ، فإنَّه أوضح بصدد الخطاب الديني والفكري كما تستعمله حناجر الإسلام السياسي، إذ تصبح دلالاته العنيفة أداةً لتحجيم الوعي وتجميد الخيال لدى الاتباع.

إذن كيف نفكِّك معانيها المتكلسة( أي علاقة الأنا– أنت)؟ وأيُّ احتمال يجعلها جارية في صالح العقل والانفتاح النقدي؟ فهي علاقة لا تتكلس بطبيعتها، إذ لا يمكن اختزال طرفيها، بل هما في الحقيقة يتنوعان إلى عدد لا يحصى من الأطراف، بحكم تعدد المنظورات القابلة للتحقق. ولئن كانت العلاقة السابقة تبدو علاقة بائنة المعنى المباشر، فليس الأمر كذلك، لكونها قيد التأويل المتواصل. كل علاقة من هذا الصنف هي خفية خفاءً يصعب الوصول إلى أعماقها من أول وهلة، وقد تستغرق عمر طرفيها لسبر قضية: على أيِّ الأغوار ستقف.

في تاريخ الفلسفة ترك الألماني مارتـن بـوبـرMartin Buber (1878-1965) بصماته الأهم حول المسألة. ذلك ضمن كتاب بعنوان "الأنا والأنت Ich und Du". حيث اعتبرها ثنائية حوارية ووجودية بالمقام الأول، تحدد أشكال الوعي الديني والقيم والتأويل وأبعاد التربية والعلاقات بين الأفراد. إذ سيكون التفاعل (لا الإملاء) هو الوجه الأهم بهذا الشأن. ولعلَّ الإرهابيين يعتبرون (الأنا– أنت) قضية محسومةً لصالح التنظيم والجماعة. غير أنَّ مارتن بوبر– بتأثير فويرباخ وكيركيجارد- اعتبر(الأنا- أنت) انفتاحاً لا انغلاقاً. لأنَّها تتضمن أطياف التفاعل وتناقضاته إزاء البشر والكائنات. وتتجاوز مرحلة التجاور المكاني والمادي نحو مفهوم التجربة الأشمل

)Martin Buber, I and Thou, Translated by Roland Gregor Smith, Edinburgh and London, Printed by Morrison and Gibb Ltd., PP24 ,38. (.

وجرياً على أنَّ الأيديولوجيا الدينية تختزلُ الوعي بإحدى العقائد، يؤكد بوبر أنَّ تعقد الموجود الانساني بمثابة المبدأ الأساسي. فالشخص ليس الوجه المقابل للانت كجدار حياديٍّ عازل. لكنه حالة سائلة تتفاعل فيها أشياء يستحيل عزلها داخل سياج عقلي. في تلك اللحظة هناك ما هو كليholistic ومتبادل. وقد لا يستطيع الفكر النيل من ثراء عمليته التواصلية. فالكلي يعصف بمحاولة إقصاء الاختلافات كتجربة إنسانيةٍ (Ibid, p 46). لأنَّ ما سيحدث خلال الكلي لا يتوقعه أحدٌ ولا يتقولب بإرهاب فكري. فلئن تمَّ ذلك، فالإرهاب يقضي على شرطه المبدئي؛ أي يُجهض تنوع الحوار والتلاقي!!

من ثم فإنَّ" الحقيقة ليست أنت"... عبارة تّنم عن حضور ناقصٍ وجهاً لوجه. وعدم الاكتمال أحدُ خيوطها النوعية لأنَّها قيد التشكُّل. ولا يصح لأحد أطرافها الادعاء بحيازة مالا يُوجد. وإذا أُطلقت فهي معبرةٌ عن فعل القول الذي ينادي آخر في محيط اللغة. فــ(أنت) تختلف عن ( هو). ذلك بموجب التفاعل تواصلياً إلى درجة التنوع. ومن ثمَّ، لن يكون النفيُ الذي تحمله العبارة سوى حقيقةٍ أيضاً. فعندما ننفي كون الحقيقةَ ليست(أنت ) سواء أكنت شخصاً أم فكراً أم ديناً أم خطاباً، فالنفي واقعة لغوية- وجودية تترك نتائجها البعيدة لتحرير الوعي.

أولاَّ: أنَّ عملية النفي - بفكرة هربرت ماركيوز– تظهر فاعلية الإنسان المنتج. هذا الذي يعي ما يقول ويعبر عن موقفه الرافض.

ثانياً: أنَّ الرفض معناه إيجاد رؤى مغايرة تحسباً للوقوع في الأخطاء. ولا سيما إذا كان الـ (أنت) معتقداً أو مذهباً لا نملك أمامه إلاَّ الرضوخ.

ثالثاً: أنَّ النفي يعني كون الحقيقة غير مكتملةٍ إطلاقاً، بل هي مؤجلّة للتأكُّد من مصيرها إجمالاً. وأنَّه مهما تكن موضعتُّها الآنية ستكون هنالك إضافة لها.

رابعاً: يعني النفي نقضاً للمواقف الصارمة أيديولوجيا بدلاً من التَّوحُل فيها( أي الانغماس في وحلها الآسن).

خامساً: أنَّ النفي يضع الـ(الانت) كمخاطب حي في موضعه النسبي. بكلمات هوسيرل يرسم حولة أقواساً (الأبوخيهepoche) أو بعبارة جاك دريداً يموقعه( تحت الشطب Under the write-off) ويتركه كعلامة مشروطة (أي تحت خطي X).

سادساً: النفي علامة انطولوجية بوجود مستقل للمتكلم. وأنه عبارة عن حادثة فعلية يجب ألاَّ يتم تجاوزها بحال. وأكثر الأشياء استعصاء على الذوبان هو رفض الحقيقة بحكم أنها خاضعة للمراجعة بالكيان لا بالاعتقاد الصوري.

سابعاً: المقولة تذكير دائم بانشطار الحقيقة وتشظيها. فطالما هناك في الخطاب صوت ونقيضه، فلن يمتلك هذا (الانت) الحقيقة بوصفها إملاءً. حيث تزداد الأصوات وتكثر النقائض.

مأساة الجماعات الدينية كالتالي: أنَّها ترى الحقيقة واقعة في طرف (خاص بها) دون الطرف الآخر. الطرف الآخر منسحق تماماً، وعليه ألاَّ يعارض أو يناقش أو ينتقد أو يجادل. جاء بأدبيات الدين الإسلامي (إذا غضب الله على قوم منعهم العمل ومنحهم الجدل). وأخذ المسلمون طرف العبارة فقط، فأصبح الصمت سمة التلقي حتى شاع مصطلحا الخشوع والامتثال. ومن ثمَّ جرى مصادرة الآراء المخالفة وقمعها. في حين أنَّ الحقيقة– أية حقيقة- بها مفارقات لا تنتهي بسهولة. ولهذا فالتناقض من جوهر الحقائق ولُحمتها، فكيف لا يكون من صلب خطابها مهما يكن؟!

ثامناً: يدخل النفيُّ ضمن الحقيقة ذاتها. بمعنى إذا كان الشخص (مهما تكن مكانته) لا يمتلكها، فالأولَّى أنَّها ليست كذلك في ذاتها. وإلاَّ ما الطريق إلى تحديدها كاملة بأدوات بشرية؟ ومن هو الذي يستطيع تحديدها؟ وهذه الخطوة تقع في القلب من نظام الفكر. فجميع الأصوليين لا يزعمون توصيل الحقيقة وحسب، بل يؤكدون معرفة ماهيتها وإمساكها بالمثل وهذا غير صحيح بالمرة!!

ولنلاحظ أنَّ الخطابة الدينية (الشفاهية oral) تقف بالأساس على التعامد بين الأنا- أنت. وتلك استراتيجية لإيقاع وعي المتلقي من أول ضربة داخل حلبة الأقوال المباشرة. فقادة الإسلام السياسي يستخدمون تلك الوسيلة، إذ يستفردون بأتباعهم عن طريق تلقين الحقيقة بواسطة المعادلة الحية(أنا – أنت). حينئذ لا تستطيع إدخال أثراً غريباً على الطرفين طالما أنهما وجه لوجه. إنَّ آليات الإقناع لديهم هي آليات التجنيد والشحن العاطفي، ذلك بمنطق التعبئة (اللاواعية) لإلحاق الأفراد بهيكل التنظيم.

لو أخذنا الإخوان المسلمين مثالاً، لوجدناهم يعتمدون على استقطاب الأفراد بتلك الوسيلة. فهم لا يستطيعون التوغل بخطابهم في أبنية المجموعات المتجانسة، لكنهم يأخذون الأفراد بعيداً ليعايشوا – منفردين- هذه الدائرة المغلقة. عندئذ ينظر الإخوان ما إذا كانوا قد تنازلوا عن أفكارهم الخاصة لخدمة الجماعة أم لا. ويسمون عملية كهذه بالتربية الفكرية، كأن الأفراد في حضانة (روضة أطفال) للتعاليم الإخوانية. وعلى غرارها توجد هياكل تربوية وأيديولوجية لتعاليم الوهابية والسلفية والداعشية.

ومن واقع الإملاء الحضوري وجهاً لوجه، يكون الـ(أنْتَ) في حالة إلقاء الكلام باستمرار(متكلم). لنتذكر أنَّ أبرز كتب الإخوان هي " مذكرات الدعوة والداعية " لحسن البنا. وكلمتا الدعوة والداعية تتضمنان الأنا – أنت عزفاً على نغمة الشفاهية وسط الحضور المباشر للمعاني. ولذلك كان تأكيد البنَّا بكل مناسبة: " أنه لا يهدف إلى صياغة الأفكار، بل إلى صناعة الرجال والأبطال!!"، لكن أي رجال وأي أبطال إذا كان الاعتقاد نتيجة التقليد الحسي لما يقال بشكل حرفي؟! ولهذا كان هذا الأسلوب ميراثاً ضخماً أغرق عقول الجماعة في الأساليب والمفاهيم العمياء للتنظيم. وهو الذي جعلها تترهل وتشيخ في إدراكها للواقع والأحداث!!

وكان جميع هذا كما قلت ضمن تقديس الأفراد وأمراء الجماعة. وليس ذلك حكراً على الإخوان، فالسلفية ضرب من التقديس الماضوي لرجال وفقهاء سالفين. تتعامل مع الوقائع بنفس المنطق الفردي للخطاب. بحكم أنَّ الإيمان والاعتقاد يتحصلان استناداً إلى تلمذة المريد على أيدي الشيخ. وأنَّ التعليم الديني يصبح مشكوكاً فيه ما لم يكن اخلاصاً لشيخ ينهل الدين من منابعه الأولى.

علماً بأنَّ وضع (الانت) كمصدر للحقيقة لا يأتي في الاسلام إلاّ بعد انتهاء الدنيا. يقول القرآن: " إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا. لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا. وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا" (مريم 39 / 95). وهذا المعنى يؤجل دلالة (الانت) باسم (الله – الرحمن) كجزء من حيثيات أخروية تالية الله هو المتحكم فيها. إذن (الانت) له مكانة الإله، وعندما تستعمله جماعات الإسلام السياسي، يصبح التلقين ومصادرة الحرية هما الأساس. لأنَّ الشيوخ يعتبرون أنفسهم مُلاَّكاً لا لمفاتيح الدنيا فقط، بل لناصية الآخرة كذلك. بينما يدفع القرآن كلامه بجلاء لمكاشفة جميع من في السماوات والأرض شريطة أنْ يأتوا فُرادى. أي لا (أنت) إلاَّ هو (الله) كنهايةٍ قصوى لن تتاح للبشر تحت أي ظرفٍ من الظروف.

ولهذا فإنَّ أحد أساليب هيمنة الذاكرة في جماعات العنف الديني هو اعتمادهم على الـ ( هو) غير القابل للتحديد. كما أشرت منذ قليل بصدد اختلاف الانت عن الـ (هو). فعندما يجبرون شخصاً على التسليم بأفكارهم يذكرون أحاديثَ نبوية بصيغة (عن فلان ... عن فلان... عن فلان... قال رسول الله كذا وكذا...). والرسول يأتي بمقصود الغائب المنقول عنه الكلام، أي الـ (هو). والأمر نفسه حين يرددون آيات قرآنية يقولون قال الله تعالي كذا.. وكذا. وقول الله يأتي بدلالة الغائب المنسوب إليه كل شيء (هو). لكن من يُحمّل هذه الأحاديث وتلك الآيات من البشر باسم الهو سرعان ما يأخذ سلطتها بمدلول الـ(أنت). وبناءً عليها يفرض ما يقول فرضاً لا مناص منه باعتباره المتحدث مباشرة عن المرجعية النبوية!!

وتلك عملية سطو مكتملة الأركان على سلطة المقدس. لأنَّ السطو يتم على ما هو غائب (هو) واضعاً إياه فيما يقول. وأغلب الخطابات الدينية المتشددة تهتبل هذه الفرصة لتأكيد وجودها الخاطف. حتى ليُخيل للمتلقي أنَّ المتحدث يمتلك الله ورسوله. لا مجرد امتلاك الكلام فقط، لكنه انتقال اليقين الذي يسرق وعي المتلقي بإحلال السلطة في جوهر ما يقول ويتحدث. واللغة الأيديولوجية تعطيه مساحة تغليط دلالاتها خارج السياق.

أي يصبح الأنا – الأنت Ich-Du هو القاعدة وليس الأنا- هو. لأنَّ الأخير بمثابة الغائب الذي لن يحضر في التو، وبالتالي سيكون من وجهة نظر مارتن بوبر باباً للحوار والاختلاف بعيد الأمد. فطالما لم يُوجد هذا الطرف الغائب، سيكون موجوداً بمثابة هناك Da. ويصبح الحضور الشفاف مؤجلاً باستمرار. وليس ثمة بابٌ للتغيير سوى هذا الباب البعيد. إنَّ الحضارة تنشد الهو زمنياً حتى تستطيع الانجاز والتحول، فلا توجد حضارة لم تكن متطلعة تجاه هذا الغائب. أي تتشكل مع تشكل المستقبل بصيغ الغائب الذي تنتظر تحقيقه. والحضارات التي تتطابق مع الانت بمعناه القريب كانت تضمر حتى التلاشي. لكونها عملية بشرية عبارة عن مونولوج داخلي ينتج سلطة التكرار في أغلب المجالات.

 

سامي عبد العال

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم