صحيفة المثقف

حيدر الشماع: التأريخانية والإنزياح الزمني.. قراءة في نص (تفاؤل) للشاعر يحيى السماوي

حيدر الشماعتفاؤل

(لأنني لا أصلح إلآ للفرح

فسأبقى مبتسمًا

حتى لو ألتفَّ حبلُ النار حول عنقي ..

فالنخلة التي خسرتها في أمسي

سأجعل منها الـشراع الذي

سيقود سفينة يومي

لأربح بستانا شاسعا فـي غـدي)

من الممكن للشاعر أن يعطي مبررا لقناعاته على توليد صور وعلاقات لغوية تعمل بحرية قصوى لتؤثث له فضاء يوازي احساسه بغرائبية الحياة وصعوبتها، وكثيرا ما يفكر في مغزى تلك الحياة، وتجدد المرارة في حرارة واقعه وتصور ذلك المستحيل الذي يلازمها، وما يقترحه هو محاولة للوصول ليس إلآ عبر سرد جزئياتٍ والاحاطة بالكليات بواقع وجهها البشع الذي يرفضه ، فالخيبة والخذلان يجعلان الحاجة الى التفكير امرا واجبا تقتضيه نزعة الشك التي تقضُّ مضجع الشاعر حتى من خلال إشراقاته أزاء مسائل مجردة وتموضعات معنوية، ولافرق أن يكون متحاملا أو مستهزئا أو مكابرا بثوريته، مادام في زخم أتون الصراع والواقع، (تفاؤل فرح مبتسما) حيث الشيء لابد منه سأكون رغم اللاممكن ولكن ليس بالممتنع او المستحيل، في تناص مع أي للذكر الحكيم (حبل النار حبل من مسد) في مجاز ودلالات اشارية

سيمائية من المتعلق والمتعلق به كما يقول الناقد علاء حمد، (النخلة والحبل منها) والنخل من جذر ن خ ل في التفسير المعجمي، انتخل الشيء أي أختاره عن طيب خاطر، والنخل رمز وجذر وقيمة اعتبارية للحياة الراسخة بعمق جذورها الى عمق الارض وعمر الخليقة التاريخانية كأخت لآدم (أكرموا عمتكم النخلة) واعتبارها أصلاً للشموخ والثبات والمواجهة لعناصر الوجود الطبيعية القاهرة، كما اعتمدتها الميثولوجيات التي تشير الى جعلها شعاراتٍ ورموزاً دلالية لأعظم الحضارات المتعاقبة، فإنه مزيج عبقري وواقع مرتهن للمحيط في لحظة العقدة والانفراج أو الترميز تارة عبر مجازية ايحائية بين المحسوس واللامحسوس في فضح الواقع وستره حيث تعكس رؤية الشاعر، في احتمالية احتراق العنق والرأس والنخلة وتاجها، لكن الأصل والجذر خالد ثابت في الاعماق بعيد عن المنال، في عملية خلق لفضاء يؤسس له الشاعر سيكون الزمن فيه متحررا منسحبا من الماضي الى الحاضر الآني بفعل محرك لحظوي دينامي خلق فسحة من فضاء الإشراق لفعل يصلح جميع الازمنة ويؤسس لقيمة ذاتية، (سأجعل يقود أربح) (شراع سفينة بستانا) يكفي أن ننظر الى الخيال الخلاق والى حلم اليقظة حول الذات في استخدام المظهر المادي ويجعل نفسه شخصية رئيسة تستهوي الافئدة لأنه يعيش أناته من الداخل يشدها ويتعداها في منحى ملامح تجعلنا في استغراب وتعجب رغم الخوف والألم في عملية رفض واظهار مقاومة تقابل الفعل ورد الفعل تجاه ردود افعال تواجهه، في رد فعل انعكاسي انفعالي كمكافئ إدراكي (لأربح بستانا شاسعا)انا سيده وحاكمه فهو ليس مستحيلا ولكنه ممكن رغم امتناعه.

 

حيدر الشماع

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم