صحيفة المثقف

صلاح حزام: يبدو ان الحوار لا ينقطع في الآخرة!!

صلاح حزامفي آيات قرآنية متعددة يبدو ان الحوار بين اهل النار واهل الجنة وبين اهل النار انفسهم وبينهم وبين الملائكة المسؤولين عن النار وبينهم وبين الله، لايتوقف!

فمثلاً يَرِدُ في القرآن: (وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ۚ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ) "سورة الأعراف".

ويقول ايضاً: (حَتَّىٰ إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَٰؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ ۖ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَٰكِن لَّا تَعْلَمُونَ) " سورة الاعراف"

ويقول  نَادَىٰ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ۖ قَالُوا نَعَمْ ۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) " سورة الاعراف"

ويقول ايضاً: (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ۖ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ) "سورة الزخرف".

هذه الآيات وغيرها، تلفت الانتباه الى وجود نوع من التواصل بين هذه الجهات التي ذكرتها !!

كيف يتم التواصل والمسافات شاسعة وخرافية بين الجنة والنار، حسب الوصف القرآني، ويفترض ان يكون كلا الفريقين مشغول بالنعيم او العذاب الشنيع الذي وصفه القرآن؟

استنتج من ذلك:

-ان الله يسمح بالحوار ويوافق عليه، ويُعتَبَر حواره مع ابليس عندما رفض الأخير الامتثال لأمر الله، نموذج على الاستعداد للاستماع الى وجهة نظر الآخر حتى مع الفرق الهائل في الامكانيات والموقع بين الطرفين.

اعتقد ان الله سبحانه وتعالى جعل الحوار والتعبير عن الرأي علامة من علامات الحياة وان الحوار ينقطع فقط بين الموتى (سكّان جهنم حسب الرواية القرآنية ليسوا امواتاً بل: لايموت فيها ولا يحيا).

هذه من صفات الله التي يحاول العابثون بالاسلام تغييبها وتحويل الله الى طاغية (حاشاه) مثل طغاة الارض.

-نستنتج ان سبل التواصل بين الاطراف التي ذكرتها في البداية مستمرة . ولابد من وجود قنوات لذلك التواصل مسموح بها لانهم لايمكن ان يتجاوزوا الحدود المسموحة . والّا كيف يستطيع أهل النار ايصال صوتهم الى أهل الجنة؟

وكيف يتواصلون مع الله ويشتكون اليه وهم مُعاقَبون؟

نار جهنم يفترض ان تذيبهم وتقطعهم فكيف يتحدثون وينطقون ويطالبون بأمور معينة؟

عندما يقولون: يامالك ليقض علينا ربك، فان في ذلك تحدٍّ لانهم قالوا له: ربّك !!، وليس ربنّا !! مع انهم أيقنوا بوجود الله وبوجود الحساب والبعث !!! وينادون عليه باسمه وهو المسؤول عن كل جهنم !!حسب التوصيف الديني .

هل هذه دلالات على عدم الاكتراث بالالقاب والتفخيم ونفخ الذات وتضخمها؟

يقول الله: انّني أنا الله (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي)،سورة طه ..

يتحدث الله عن نفسه بصيغة الأنا المفردة، لكن بعض البشر البسطاء يقول عندما يتحدث عن نفسه: "نحن"، من باب التعظيم.

لم ينتبهوا الى الدرس الالهي الكبير..

الشورى والحوار والجدال وأخذ رأي المجموعة (التي وردت في اكثر من موضع في القرآن)، وعدم الإكراه في الدين والقول: (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ)..و (لا إكراه في الدين).

والقول: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ (21) لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ (22)إِلَّا مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (24)إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم (26)}   [الغاشية]).

الآية الاخيرة خطيرة الأهمية لانها تنزع مسؤولية الحساب عن الاشخاص حتى لو كانوا انبياء وتجعل الحساب من مسؤولية واختصاص الله..

والقول:" لا أكراه في الدين".. هو قول كبير يلخص جوهر الدين ..ويدحض الكثير من الأكاذيب..

 

د. صلاح حزام

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم