صحيفة المثقف

أحمد عزت سليم: لاهوت الإبـادة

احمد عزت سليمفكر وسياسة الكيان الإجرامى الصهيونى

يؤكد الكيان الإجرامى الصهيونى بسياسته الإجرامية الدائمة إيماناته العقائدية التى يقوم على أساسياتها الإجرامية بمحو الصفات الأساسية للآخر وإزالة وجودها المتجسد فى الواقع والحياة وتغييبه النهائى عن تاريخه وذاته والشعور بها وبالعالم من حوله لينتهى إلى التحلل والموت والفناء بحيث لايعود له وجود فى العالم وهذا هو منتهى وسعى لاهوت الإبادة والذى يتبلور فيه أنساق وبنى الميثاق الأبدى والعهد الإلهى والنقاء والتفرد والاستعلاء حيث تتحول إلى إجراء عملى تنفيذى للإبادة ويعكس كافة فاعلياتها التنفيذية ويعبرعن العلاقات والمعانى والتصورات العنصرية الإسرائيلية وكما يعبر عن حركتها وتدفقها خلال الزمان والمكان واندفاعها من الواقع الإنسانى (اليهودى) إلى الواقع غير الإنسانى (الأغيار)، من المقدس إلى الدنس، ومن التاريخى الصلب (اليهودى) إلى اللاتاريخى الهامشى (غير اليهودى)، ومن ثم فهو يكشف عن البنى المؤسسة والمميزة لهذه المنظومة من المزاعم التى تتجلى فى السلوك العنصرى الإجرامى اليهودى الجماعى والفردى والمؤسسى، ولا يمكن معرفة النظام والبنية المؤسسة لذلك إلا من خلال دراسة وتوصيف السلوك والحركة، البداية والمركز والصيرورة الموسومة بمزاعم الثبات.

البداية هى المزاعم المترتبة على الميثاق الأبدى وعلى التفرد وعلى الاستعلاء، والصيرورة الثابتة هى الإبادة بما تشمله من المحو والإفناء وكلاهما سبب ونتيجة، تطور وتشكل، تبلور وتمركز، وكلاهما لازم لمزاعم الوجود اليهودى المستقل، وبالتالى فإن الأفعال العملية والممارسات العنصرية تكشف حقيقة هذه المزاعم، ودائماً ما كان " قادة بنى إسرائيل يبحثون عن سلوى وتعويض لأمتهم فى مقابل المذلة التى كانت تعانيها فى حياتها الدنيوية وذلك عن طريق رفعها إلى درجة عالية من الروحانية ولكى يحقق القادة هذا الغرض فإنهم وضعوا، بالأحرى، وأحكموا وضع نظام من الطقوس الدينية يستهدف احتكار الرحمة الإلهية الاستئثارية بها، وبذلك تصبح " صهيون " المدينة المقدسة مركزاً لمملكة الرب فى الأرض وموئل بهجتها " (1) ولتقتصر هذه الرحمة الإلهية من خلال التعاقد مع الرب والعهد المقدس بينهما على شعب إسرائيل ـ وحده دون غيره من الأمم ـ ومبرراً للتصرفات العدوانية على الأغيار، ولتصير أولى الخصائص البنائية للاهوت الإبادة، وهذا الاختصاص بالرحمة والاستئثار بها لم يأت إلا بكون أن الإله قد أعفى شعب إسرائيل من العقاب لأن الإله هو مصدر الشر كما أنه مصدر الخير، وأنه أعطى الإنسان (يقصد اليهودى) طبيعة رديئة لولاها لما كان يخطئ وقد أجبر اليهود على قبولها، وينتج عن ذلك أن داود الملك لم يرتكب بقتله لأوريا، وبزناه بامرأته خطيئة يستحق العقاب عليها منه، لأن الإله هو السبب فى كل ذلك (2) كذلك فإن الإله على حسب ما جاء فى التلمود معصوم من الطيش لأنه حالما يغضب يستولى عليه الطيش، كما حصل منه يوم غضب على بنى إسرائيل وحلف بحرمانهم من الحياة الأبدية، ولكنه ندم على ذلك بعد ذهاب الطيش منه، ولم ينفذ ذلك اليمين، لأنه عرف أنه فعلاً ضد العدالة " (3) .

بل أن الرب يناصر يعقوب فى الحصول على قطعان ماشية خاله فيهرب بها أثناء الليل فى ضوء القمر بعد أن أخبر زوجاته بتغير سلوك أبيهن معه ثم حكى فى روع زائف كيف أن الرب ناصره فحول قطيع أبيهن من عنده إليه . ولكى يخلع على المؤامرة مزيداً من الحبكة، أخبرهن فى نهاية الأمر، والوميض يسطع فى عينيه، فيما يبدو، كيف أنه رأى رؤيا فى الليلة الماضية، ظهر له فيها ملاك الرب وطلب منه أن يرحل إلى وطنه " (4) .

هكذا يتصرف الإله ويعقوب على حد سواء فيما لا حق لهما فيه ويسرقان معاً لتصير السرقة خصيصة بنائية ثانية للاهوت الإبادة، تهدف من خلال ممارساتها إلى محو حقوق الآخرين والاعتداء عليها وسرقتها وهنا نلاحظ أن صياغة التوراة تعطى تأكيداً كبيراً يكشف عن مطامع اليهود فى مصر " خذوا أباكم وبيوتكم وتعالوا إلى فأعطيكم خيرات أرض مصر وتأكلون دسم الأرض .. خذوا لكم من أرض مصر عجلات لأولادكم ونسائكم واحملوا أباكم وتعالوا لا تحزن عيونكم على أتانكم لأن جميع خيرات أرض مصر لكم " ولتتصاعد هذه السرقة إلى حد النهب والاستغلال فحسب " تنبؤات يوسف حلت سبع سنوات الجفاف والجوع التى لم تعم مصر وحدها بل البلدان المجاورة أيضاً وعانى الناس كثيراً من الجوع وعندما رجوا فرعون أن يفتح لهم عنابره أحالهم إلى يوسف الذى تفهم رجاءهم ولكنه لم يوزع عليهم القمح بلا مقابل . ففى البداية كان على الناس أن يدفعوا ثمن ما يأخذونه نقوداً، ولما نفذت النقود باعوا خيلهم وماعزهم وعجولهم وحميرهم، وكان همهم الوحيد تجنب الموت جوعا وفى نهاية المطاف فقد الناس أرضهم، ثم باعوا أنفسهم عبيداً، وهكذا بعد سبع سنين من وقوع الكارثة صارت الأرض كلها ومن يعمل عليها ملكاً لفرعون مصر " (5) .. وحين أصبحت الأرض ملكاً لفرعون أخذ يوسف يؤجرها قائلاً للناس: " إنى قد اشتريتكم كما اشتريت أرضكم لفرعون " هكذا يتبدى المخطط الإجرامى ــ كماتنص التوراة ــ الذى استخدمته الجماعة اليهودية كجماعة وظيفية بقيادة يوسف لتركيع الأغيار واستغلال حاجاتهم الإنسانية وتحويلهم بسببها إلى عبيد على النحو الذى يقدمه النص التوراتى، ولم يكن غريباً عليهم فى عصر تال هو عصر موسى أن ينهبوا بيوت المصريين وامتلكوا الأدوات الذهبية والفضية والثياب وغيرها من النفائس وذلك بأمر الآلهة " فأمد يدى وأضرب مصر بكل عجائبى التى أصنع فيها، وبعد ذلك يطلقكم، وأعطى نعمة لهذا الشعب فى عيون المصريين، فيكون حينما تمضون أنكم لا تمضون فارغين . بل تطلب كل امرأة من جارتها ومن نزيلة بيتها أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثياباً وتضعونها على بنيكم وبناتكم فتسلبون الشعب (خروج 3: 2.- 22) . وهكذا تكون السرقة والنهب بنص إلهى وهو مالم تعرفه الإنسانية قبلا وبعدا .

هكذا يتصرف الإله وموسى والشعب على حد سواء ويسرقون ويسلبون ما لغيرهم، لتتأكد خصيصة بنائية ثالثة وهى التآمر الدائم ضد مصر سعيا إلى إبادتها، ومشكلاً لخصيصة بنائية مرتبطة بخصيصة السرقة وهى خصيصة الاستغلال باستخدام اليهود كجماعة وظيفية موسومة بعهد الرب بالسيطرة على أملاك جزيلة منذ عهده لإبرام (تكوين 5: 7-18) وهكذا ارتبطت هذه الخصيصة البنائية عادة بالعهد والميثاق وتكررت فى حادثة يعقوب وخاله لابان التى أشرنا إليها سابقاً .

ويكون التخليص والتطهير للأشياء المسروقة تبريراً لاهوتياً من أجل امتلاكها دون واخز من ضمير، فكل شئ يمكن تخليصه إذا لمسه أو عالجه اليهودى وخاصة اليهود المسيانيين، ويطبق أعضاء جوش أمونيم هذا المذهب فى الصراع على الأرض المقدسة فيزعمون أن ما يبدو فى ظاهره مصادرة الأراضى المملوكة للعرب من أجل إقامة مستوطنات يهودية عليها، ليست عملاً من أعمال السرقة لكنه تطهير لها من الخطيئة، ومن خلال هذا المنظور فإن الأرض يتم تخليصها من خلال نقلها من الدائرة الشيطانية إلى الدائرة الإلهية " (6)، بهذا المفهوم تكتسب السرقة ويكتسب الاغتصاب قداسة ويصبح التخليص والتطهير بهذا المعنى هو الخصيصـة البنائية الرابعة .

وقد ارتبطت هذه الخصائص البنائية السابقة بمكافأة الإله لاغتصاب الآخرين وأكل حقوقهم، فبعد خديعة يعقوب لخاله ورحيله بالغنيمة، يبصر الرب يقف بجانبه ويعده بأن أسلاب الأرض، والأرض التى تحيط به جميعاً ستصبح له ولذريته من بعده، وبعد سرقة شعب مصر فإن الرب يعدهم بطرد جميع الشعوب من أمامهم فيرثون شعوباً أكبر وأعظم منهم وأن كل مكان تدوسه بطون أقدامكم يكون لكم ...، ويجعل الرب خشيتكم ورعبكم على كل الأرض التى تدوسونها (تثنية 11: 22- 25) .

هكذا تتشكل خصيصة بنائية خامسة وهى المكافأة الإلهية لكل التصرفات العدوانية التى تقود إلى سرقة الآخر واستباحة أملاكه وماله، ليتبلور بناء على ما سبق خصيصة بنائية سادسة استباحة قتل وسفك دماء الآخرين حيث يعتبر اليهود كل خارج عن مذهبهم غير إنسان، ولا يصح أن تستعمل معه الرأفة ويعتقدون أن غضب الله موجه إليه، وأنه لا يلزم أن تأخذ اليهود شفقة عليهم، وذكر فى كتاب التلمود (سنهدرين1،92) " غير جائز أن تشفقوا على ذى جنة " وقال الرابى جرسون ليس من الموافق أن الرجل الصالح " يقصد اليهودى " تأخذه الشفقة على الشرير " غير اليهودى " وقال الحاخام أباربانيل: ليس من العدل أن يشفق الإنسان على أعدائه ويرحمهم " (7)، فقتل موسى كما أمر الرب كل ذكر من بنى مدين وقتل جنوده ملوك مدين فوق قتلاهم وسبى بنو إسرائيل نساء مدين وأطفالهم ونهبوا جميع بهائمهم وجميع مواشيهم وكل أملاكهم وأحرقوا مدنهم بمساكنهم وجميع حصونهم بالنار وأخذوا كل الغنيمة وكل النهب من الناس والبهائم (عدد 31: 7- 12) وغضب موسى إذا لم يبق جنده على كل أنثى حية، كان يريدوهن لبنى إسرائيل (عدد 31: 16) ونظراً لهذه الخيانة للرب فقد أمر أن يقتل من السبايا كل ذكر من الأطفال وكل امرأة عرفت رجلاً بمضاجعة ذكراً اقتلوها، لكن جميع الأطفال و النساء اللواتي لم يعرفن مضاجعة ذكر أبقوهن لكم حيات (عدد 31: 17- 18) وهكذا فعل يوشع مع أريحا فيما عدا الزانية راحاب فحرموا كل من فى المدينة من رجل وامرأة، من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف (يوشع 6: 12 ) وأحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها ـ إنما الفضة والذهب وآنية النحاس والحديد جعلوها فى خزانة بيت الرب . (يوشع 6: 2) وأما الزانية فقد سكنت فى وسط إسرائيل ( يوشع: 25)، وفيما عدا الذهب والفضة والأوانى التى توضع تذكاراً للرب فى خيمة الاجتماع وفيما عدا الزانية التى تسكن وسط إسرائيل .

وهذه الخصيصة هى ذاتها التى يعبر عنها حديثاً الحاخام كوك الأب الروحى للنزعة المسيانية فى الأصولية اليهودية قائلاً: " إن الفرق بين روح اليهود وأرواح غير اليهود أكبر وأعمق من الفرق بين روح الإنسان وروح البهائم " (8) ويعبر الحاخام يهود أميتال عن هذه الخصيصة البنائية قائلاً: " إننا نعلم إذن أن هناك تفسيراً واحداً للحروب فهى تهذب وتنقى الروح . فعندما يتم التخلص من الدنس، تصبح روح إسرائيل وبفضل الحرب نقية ـ إننا قمنا بالفعل بغزو الأرض، وكل ما تبقى الآن هو أن نقوم بغزو الدنس " (9) .

ويضيف الحاخام أفنيرى: " إننا يجب أن نعيش فى هذه الأرض حتى بالحرب . علاوه على ذلك حتى لو كان هناك سلام، فإننا يجب أن نشعل حروب التحرير من أجل غزو هذه الأرض، وليس من المستبعد افتراض أن جوش أمونيم إذا ما امتلكت السلطة والوسيلة فإنها سوف تستخدم الأسلحة النووية من أجل محاولة تحقيق هدفها " (1.) أما الحاخام دريفوس فقد عبر عن هذه الخصيصة قائلاً: " إننا سوف نشعل حرباً لا تعرف الرحمة ضد الكيان الكنعانى الفلسطينى " (11)، هكذا يصير سفك الدماء خصيصة بنائية ضرورية للإبادة والمحو والإفناء منذ أن بارك الرب نوح وجعل سفك الدماء فريضة وسلوكاً إلهياً " سأسفك دم الإنسان بالإنسان يسفك دمه . لأن الإله على صورته عمل الإنسان . (تكوين 9: 6)، كما أن " الإله يهوه ينتقل بنفسه من بيت إلى بيت وحيث كان لا يجد بيتاً مطلياً بالدم يقتل فيه الأولاد الذكور بلا تمييز بين ابن فرعون وابن أية أمة فى مصر،  وحتى بكور المواشى لم تنج من عقاب يهوه " (12) فالإله هو إله الجنود ورب الجنود، إذا انهزم الجنود انهزم الرب وإذا سقطت بنى إسرائيل سقط الإله، ولأنه إله بنى إسرائيل وحدهم فهو يحارب معهم ويسير أمامهم ويطرد من أمامهم الأغيار ويحل لهم القتل والنهب والسرقة ويذبح أمماً بأكملها وهو مسرور كإله للجنود من بنى شعبه، وتصور التوراة إله بنى إسرائيل قاسياً مدمراً متعصباً لشعبه وهو بهذا عدواً للآلهة الأخرى كما أن شعبه عدو للشعوب الأخرى ومن هنا فإن رب إسرائيل يأمر شعبه باستعباد جميع الشعوب، وأن لا يبقى منها نسمة أبداً، أى على الإسرائيليين أن يبيدوهم تماماً ( 13 ) " متى أتى بك الرب إلهك إلى الأرض التى أنت داخل إليها لتمتلكها وطرد شعوباً كثيرة من أمامك ... لا تقطع لهم عهداً ولا تشفق عليهم " (تثنية 7ـ2) .

ومن ثم فجر الشعب والأنبياء وأصبح العرى وتعظيم الفجور والإباحية والفسق خصيصة بنائية سابعة لازمة للاهوت الإبادة وقد اتسمت حركة الأنبياء فى إسرائيل بالتعصب والوحشية فقد قام النبى هوشع بمضاجعة امرأة عاهرة وامرأة غير امرأته مدة ثلاث سنوات كى يثبت ليهوذا أنهم بعبادتهم لآلهة غريبة يقدمون على خطيئة الفسوق العظيمة، أمـا النبى أشعيا فقد صار عارياً فى الطرقات ليبين للأوريشليميين أن يهوه سوف يعرى مدينتهم الخاطئة من غناها، كما هو عار تماماً " (14) وقد زنى لوط بابنتيه الواحدة بعد الأخرى فى ليلتين متتاليتين بعد أن سقتا أباهما خمراً ثم حملت البنتين من أبيهما وأنجبتا إبنين الواحد مؤاب وهو أبو المؤابيين والأخر بن عمى وهو أبو العمونبين وأصبح هذا الزنا سبباً أن العمونيين والمؤابين لا يدخلون جماعة الرب إلى الأبد " ويكون هذا سببا لإبادتهم هم وأحفادهم إلى ما بعد ظهور الماشيح .

وهكذا يبدو واضحاً أن علاقة إسرائيل العدائية بجيرانها المؤابيين والعمونيين لعبت دوراً هاماً فى اختراع هذه القصة ونسبة أصل الشعبين إلى علاقة غير طبيعية، إذ أتيا عن طريق زنا لوط بابنتيه " (15) وكان هذا مبرراً للمحو والفعل لهذين الشعبين، كما أن التوراة التى جعلت من هذا الزنا سبباً لحرمان شعبين من الدخول إلى جماعة الرب وسبباً للحرب عليهم " هى نفسها التوراة التى تصمت عن زنى رأوبين بزوج أبيه وزنى يهوذا بزوج ابنه وحرمت الزنا فى وصاياها العشر، وهى نفسها التوراة التى تمجد أستير على ما ارتضته من أن تكون محظية الملك الفارسي وعشيقته مادام فى ذلك تحقيق لمصلحة مبتغاة بل لقد وصل هذا التمجيد بها إلى أن تفرد لها سفراً خاصاً من أسفارها هو سفر إستير" (16) والتى سمح الملك لليهود بناء على رجائها الانتقام من أعدائهم فى كل المملكة فقتل نتيجة لذلك خمسة وسبعون ألفاً بينهم عشرة أولاد لهامان " فضرب اليهود جميع أعدائهم ضربة سيف وقتل وهلاك وعملوا بمبغضيهم ما أرادوا " إستير 9: 5 " وصلبوا بنى هامان العشرة على الخشبة بناء على طلبها ... .

وتتجلى هنا خصيصة بنائية ثامنة ومكملة لما سبق وهى خصيصة رد الجميل بالقتل، فقد انتقم موسى بأمر الرب من المديانيين وهى القبيلة التى أوته وكرمته وصاهرته ثم عاد منها كريماً لينقذ بنى إسرائيل من سخط فرعون وعذابه المهين " فيرسل موسى الجند إلى مدين فيسبون نساءهم وأطفالهم وينهبون جميع بهائمهم ومواشيهم وكل أملاكهم ويحرقون جميع مدنهم ومساكنهم وحصونهم بالنار " وأخذوا كل الغنيمة وكل النهب من الناس والبهائم " (عدد 31: 7–11) .

ثمة خصيصة بنائية تاسعة متممة لما سبق وهى خصيصة " إرجع من وراءه فيضرب ويموت . فقد زنا داود بامرأة مقاتل شديد الدفاع عن الرب والشعب والتابوت ولكى يخفى جريمته يستدعى زوجها أوريا من ميدان القتال ليدخل عليها وينسب حملها إلى زوجها فيرفض أوريا من شدة حبه للرب ودفاعاً عن الشعب ويختار العودة للقتال، هنا يرسل داود إلى خاله يؤاب قائد الجيش ليقتله غدراً وغيلة ثم يتزوجها بعد ذلك ثم أن الرب ينقل عن داود خطيئته بقتل الطفل ابن الزنا، ولا غرابة أن داود فى نفس السفر يصرح " يكافئنى الرب حسب برى، حسب طهارة يدى يرد على، لأنى حفظت طرق الرب ولم أعصى إلهى لأن جميع أحكامه أمامى وفرائضه لا أحيد عنها " (صموئيل الثانى: 21- 22) !! .

 

بقلم أحمد عزت سليم

عضو أتحاد كتاب مصر

....................

المراجع:

1 ) جيمس فريزر، الفلكلور فى العهد القديم ( التوراة )، دار المعارف، القاهرة، الطبعة الثانية1982، ترجمة د. نبيلة إبراهيم،   ج 1   ص 179

2 ) المسيحيون والمسلمون فى تلمود اليهود ص  32

3 ) نفسه  ص 3

4 ) الفلكلور فى العهد القديم جـ 2   ص 494

5 ) زنون كوسيدوفسكى، الأسطورة والحقيقة فى التوراة، الأهالى للطباعة والنشر، دمشق، الطبعة الأولى ـ 3/ 1996، ترجمة: محمد مخلوف   ص 77

6 ) الأصولية اليهودية    جـ 2   ص 60

7 ) المسيحيون والمسلمون فى تلمود اليهود      ص 39

8 ) الأصولية اليهودية  جـ 1   ص 16

9 ) نفسه  جـ 2  ص 60

10) الأصولية اليهودية    جـ 2   ص 71

11) نفسه جـ 2  ص 105

12) الأسطورة والحقيقة فى التوراة  ص 98

13) د . محمد بيومى مهران، دراسات فى تاريخ الشرق ـ 2 أسرائيل، مطبعة الأمانة القاهرة، 1983

ص 65

14) الأسطورة والحقيقة فى التوراة  ص 281

15) دراسات فى تاريخ الشرق 2 أسرائيل ص 73

16) نفسه  ص 78

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم