صحيفة المثقف

محمود محمد علي: ماذا تعني مبادرة مصر إعمار غزة في هذا التوقيت؟

محمود محمد عليسعدت جدا بمبادرة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بتخصيص ٥٠٠ مليون دولار لإعادة إعمار غزة، وذلك خلال مباحثاته في باريس بشأن السودان وقضايا إفريقية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.

وسيتم توجيه أموال "المبادرة المصرية" لصالح إعادة الإعمار نتيجة الاعتداءات الحالية في غزة، وستشارك الشركات المصرية المتخصصة بالبنية التحتية وشركات المقاولات في تنفيذ عمليات إعادة الإعمار بغزة.

وبالفعل مصر لم تكتفِ لم تكتفِ بذلك، بل أرسلت أيضًا عشرات الأطنان من المساعدات الطبية والإنسانية والوقود لقطاع غزة»، مضيفًا «الرئيس عبدالفتاح السيسي تقدم أمس بمبادرة وطنية قومية إنسانية تعبر عن أصالة مصر ورئيسها وشعبها بتقديم منحة بـ 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة وهذا قوبل بالترحاب والتقدير من الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين، والذي اعتبر هذه المبادرة تعبر عن أصالة الموقف الوطني والقومي المصري؛ علاوة علي أن مصر قد أرسلت 10 سيارات إسعاف إلى قطاع غزة السبت الماضي لنقل جرحى القصف الإسرائيلي لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية.

وتتزامن المبادرة المصرية مع جهود مكثفة تقودها القاهرة لوقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وبين إسرائيل، والوصول إلى اتفاق تهدئة في غزة، ووقف الاشتباكات بين الفلسطينيين والقوات الاسرائيلية في الضفة الغربية.

ولا شك في أن المبادرة التي أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسي أمس الثلاثاء بتخصيص 500 مليون دولار لإعمار غزة وتدشين صندوق دعم غزة نتيجة الأحداث المؤسفة التي تشهدها مؤخرًا، دليل قاطع على دعم مصر للفلسطينيين وانتصار لحقوق الإنسان الفلسطيني؛ كما أن هذه المبادرة تؤكد عظمة الدولة المصرية والدور المحوري لها في الإقليم، إذ أثبتت للعالم كله أنها ما زالت الدولة الرائدة وأنها دائمًا ما تقدم الغالي والنفيس للقضية الفلسطينية.

وهذا يؤكد بحق موقف الدولة المصرية في دعم الشعب الفلسطيني والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ثابت في كل ما يخدم الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة ومصالحه المعتبرة، مع عدم التفريط في أي من ثوابت الحق الفلسطيني وأهمها حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية على حدود ما قبل الرابع من يونيه "حزيران" ١٩٦٧ م وعاصمتها القدس الشريف.

علاوة علي أن الموقف السياسي المصري والجهود المبذولة لوقف عجلة العدوان كانت الأهم والأكثر تأثيرا، حيث شكلت الإدانة المصرية للاعتداءات منذ اللحظات الأولى وما تلاها من جهود سياسية ودبلوماسية واتصالات مكثفة ردعا مهما إزاء التصعيد العدواني الإسرائيل، وهذا الموقف هو الامتداد الطبيعي للموقف الثابت للرئيس والحكومة المصرية إزاء المساس بحقوق الشعب الفلسطيني الثابتة والمشروعة وغير القابلة للتصرف، والذي تجلى بشكل قوي في إجهاض صفقة القرن الأمريكية، وتشكيل مجموعة ميونيخ بالشراكة مع الأردن وفرنسا وألمانيا التي اجهضت مخطط الضم الإسرائيلي لثلث الضفة الغربية في يوليو ٢٠٢٠، وعبر التأكيد الدائم في بيانات الرئاسة المصرية على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على كامل أراضيه المحتلة في يونيو ١٩٦٧، بما فيها القدس الشرقية المحتلة.

وكانت مصر رفضت كافة الضغوط لمنع عقد المنظمة العربية لحقوق الإنسان مع شركائها المؤتمر الدولي حول ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين امام المحكمة الجنائية الدولية في مارس الماضي بالقاهرة.

وأحيرا نقول مع الكاتب المبدع أحمد رفعت في مقاله السيسي ومبادرة إعمار غزة.. كيف ولماذا؟؛ هو قرار الرئيس السيسي سياسي اقتصادي من الدرجة الأولى كما قال لكن أجمل ما في هذا القرار وغيره الثقة في نية الرئيس وصدق توجهاته العربية -تماما كصدق توجهاته الإفريقية- منذ تولي المسئولية في ٢٠١٤ مرورا بطرح فكرة الجيش العربي المشترك في مواجهة الأزمات العربية القائمة أملا في حلها بإطفاء النيران المشتعلة في الجسد العربي ثم الإعلان صراحة عن دعم الجيشين العراقي والسوري (في تصريحات للتلفزيون البرتغالي ٢٠١٦ وقبلها)  باعتبارهما جيوشا وطنية وجودهما ضمانة أساسية لوحدة الدولة في كليهما مرورا بالجهد لإيقاف الصراع في اليمن وصولا وابتداء بموقفنا من الأزمة الليبية!.. قرار الرئيس ضربة موجعة في اتجاهات عدة.. سيعلن كل طرف وصلته الرسالة عن وجيعته في حينه!

قلوبنا مع الإخوة الفلسطينيين فى كفاحهم المستمر أمام الغاصب الإسرائيلى الذى يواجه تجمعهم السلمى ضربًا بالرصاص الحى فى مشهد لا يراه مجلس الأمن إلا بعيون الأمريكان المنحازة انحيازًا أعمى لإسرائيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله الذى يشد من أزر الفلسطينيين فنراهم يتجمعون فى ساحة المسجد الأقصى بمئات الألوف التى تبهر الدنيا بعظمة صمود أصحاب الأرض المقدسة. وهو صمود يعلن عدالة القضية الفلسطينية وشرعية دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وردًا على جبروت إسرائيل فى اقتحام المسجد الأقصى بحشد من المستوطنين المتعصبين لإعادة هيكل سليمان مكان المسجد الأقصى الذى تستبيحه إسرائيل باقتحامه واعتقال المصلين الذين يقرأون القرآن بصوت مرتفع وكأنهم يريدون أن يخرصوا الألسنة من تلاوة القرآن الكريم.

 

أ.د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم