صحيفة المثقف

نبيل عبد الأمير الربيعي: قراءة في كتاب فلسطين المتخيلة للدكتور فاضل الربيعي

نبيل عبدالامير الربيعيصدر عن دار الرافدين في بيروت كتاب الدكتور فاضل الربيعي (فلسطين المُتخَيلَّة.. أرض التوراة في اليمن القديم) بمجلَدَين، ويحتوي الأول على على (446) صفحة من الحجم الوزير مدعوم بالصور، كما يتضمن المجلد الثاني على (560) صفحة، الكتاب يخوض في الأساسيات التاريخية في الرواية الدينية التي تخص فلسطين، وتفتيت زعم اليهود والحركة الصهيونية بأن القدس قد انزلت فيها التوراة، بينما يؤكد د. فاضل الربيعي في كتابه هذا وفق الأدلة الدامغة أن التوراة أنزلت في أرض اليمن، كما ينفي الربيعي السبي البابلي لليهود في فلسطين. الكتاب نشره سابقاً باللغة العربية والروسية. والكتاب مليء بالمواقف المختلفة التي تصاحب المغامرة، تمتزج فيها مشاعر الحب مع الأحداث المأساوية في حياة الشخصيات. ويطرح هذا الكتاب في ميدان البحث موضوعاً مثيراً جداً، يبعث على التساؤل والدهشة، هل حقاً أنزلت التوراة في أرض اليمن بدل فلسطين؟ هل الأسماء التي نعرفها للمدن والمواقع في مكان من فلسطين ليست هي، ولكن أيضاً ما الأدلة التي يقدمها المؤلف؟ ما المعطيات التي يستند إليها؟ الموضوع عميق جداً يأتي من عمق التاريخ وعبقه، من النصوص المكتوبة. وتُعد أطروحته "فلسطين المتخيلة" من أهم المؤلفات التي قدّم فيها الربيعي مراجعات المسلّم به في كتب التاريخ، والتي نفى فيها أن يكون الملك داوود حارب الفلسطينيين. ويواصل الباحث في نسفه للموروث التاريخي: "سفن سليمان لم تمخر عباب المتوسط، والحقيقة التي لا مناص من التمعن فيها اليوم: إنّ القبائل اليهودية اليمنية العائدة من الأسر البابلي هي التي أعادت بناء الهيكل في السراة اليمنية وليس في فلسطين، والهيكل لم يُبنَ في القدس قط، وليس ثمة هيكلٌ لسليمان تحت قبة الصخرة".

كما اعتمد د. فاضل الربيعي في كتابه هذا على كتاب عبد الرحمن الشابندر (المقالات) الصادر في دمشق عام 1993 من اعداد محمد كامل الخطيب تحت عنوان (الاعمال الكاملة.. قضايا وحوارات النهضة العربية)، وفي الكتاب مقالة تعود لعام 1936م فيها إشارة إلى التماثل والتطابق بين المصدرين (الهمداني والشابندر) بالدليل على أن مملكة إسرائيل القديمة لم تكن قطّ في فلسطين.

2478 فاضل الربيعيويؤكد الكاتب الربيعي في ص15 قائلاً: "أن المصريين والآشوريين لم يشتبكوا فوق أرضٍ قط، وسفن سليمان لم تمخر عباب المتوسط، ولم ترسُ في أي وقت من الأوقات في موانئ صوّر اللبنانية، وإلى هذا كله، فإن الملك داود لم يحارب الفلسطينيين". كما ينفي الربيعي في كتابه هذا زعم اليهود أنّ الهيكل بُنيَ في فلسطين، وإنما في السراة اليمنية، ودليله على ذلك ما اكتشفه الهمداني بكتابه (الإكليل وصفة جزيرة العرب)، فيؤكد بالقول: "إن القبائل اليهودية اليمنية العائدة من الأسر البابلي هي التي أعادت بناء الهيكل في السراة اليمنية وليس في فلسطين. ومن ثَمَّ؛ فإن الهيكل لم يُبنِ في القدس قط، بل أنّ أسوار أورشليم التي أشرف نحميا على إعادة ترميمها لا وجود لها هناك أصلاً؛ وفوق ذلك ليس ثمة هيكل لسليمان تحت قبة الصخرة، فيما نجد الهياكل في السراة اليمنية، كما وصفها الهمداني، بالتلازم مع ذكر أسماء القبائل اليمنية اليهودية، ودليله على ذلك أن اليمنيين يسمون آثار الأبنية القديمة وحتى هذا اليوم بالهياكل. وبوجه العموم؛ فالقبائل اليمنية اليهودية العائدة من الأسر، هي التي أعادت ترميم أسوار أورشليم انطلاقاً من موضع تسمية التوراة (شعر)، وهذا اسم جبل شهير من جبال اليمن".

من خلال هذه الادلة يؤكد د. فاضل الربيعي في صفحة 17 من كتابه بأن مملكة إسرائيل اليمنية القديمة شرقي صنعاء أو في نجران وانها لم تكن قط في فلسطين (المصدر عبد الرحمن الشابندر. مجلة الرسالة المصرية العدد 192 في 8 آذار ص5). كما اعتمد د. فاضل الربيعي على كتاب د. كمال صليبي (التوراة جاءت من جزيرة العرب)، ويؤكد د. الربيعي "أن أحداث وقصص ومرويات التوراة دارت في فلسطين هي مجرد اكاذيب وأوهام مختلفات لا يمكن تعليقه عن وجود مملكة إسرائيل القديمة في نجران (حسب ما يعتقد يهود اليمن)؛ أكثر من مجرد دليل ظرفي قابل للمراجعة. فالهمداني والشعر الجاهلي يقدمان سلسلة لا تكاد تنقطع من البراهين والأدلة أن مرويات التوراة دارت في اليمن. فالتوراة لم تذكر فلسطين بالاسم قط، كما لم تشير لا من قريب ولا من بعيد إلى فلسطين.

إن القدس التي ذكرها د. الربيعي في ص19 من كتابه قائلاً: "أما القدس التي يزعم أن التوراة ذكرتها، فإن النصوص العبرية، وبدعم من نصوص الهمداني والشعر الجاهلي على حدٍ سواء، تشير إلى ثلاثة مواضيع تدعى قدس – قدش، ليس من بينها ما يمكن مطابقته على صعيد التوصيف مع القدس العربية.

كل ما ذكرت سابقاً هو رأي الكاتب فاضل الربيعي، وفق ادلة هو يعتقد بمصداقيتها، وقد يكون مصيب أو مخطئ إذا ما تمَّ البحث عبرَّ مصادر التأريخ حول النقاط التي ذكرها في مؤلفه.

 

نبيل عبد الأمير الربيعي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم