صحيفة المثقف

ثامر الحاج امين: عن الذي يأتي متأخراً

ثامر الحاج امينكثيراً ما يندم الانسان في حياته على الفرص الضائعة، ولكن ندمه يكون أشد مرارة عندما تأتي هذه الفرص بعد فوات الأوان وبعدما يفني أجمل سنوات العمر بالحرمان والجري وراءها دون ان يتمكن من اللحاق بها والتعلق بأذيالها، البعض يهدأ النفس بقناعة مستسلمة (تأتي متأخرة خير من أن لا تأتي) في حين مجيئها يكون غير ذي جدوى وأشبه بـ (قبلة اعتذار على جبين ميت)، فالفرصة التي تأتي متأخرة تكون باهتة لا تشعر بلذتها كما انها تثير المواجع وتذكّر بالسنوات التي ضاعت في البحث عنها وفي انتظارها، تخيل اية حسرة ستطلقها حينما تقتحم عالمك الآفل امرأة رائعة تحاول اضاءة زوايا من ليلك الطويل بعدما مضت سنواتك مجدبة وتساقطت حزينة مثل أوراق الخريف، وما الجدوى من انجلاء الغبار عن جمال الاشياء وقد ذهب البصر بالانتظار والترقب .

هذه المفارقة المبكية والأشد ألما في حياة الذين مرّوا بها كان الشعراء سباقون لترجمتها ولعل الأشهر في ذلك قول الشاعر بشر العابدين:

اتت وحياض الموت بيني وبينها.. وجادت بوصل حين لاينفع الوصل

كما رصدها الشاعر "رسول حمزاتوف" في واحدة من رباعياته:

في هذه الحياة

كثيراً ما نُمنح أرزاقنا بلا عدالة

ها هم يدسون اللحم في فمي دساً وقد فقدت اسناني

وكنت اقتات بالعصيدة وأنا بكامل أسناني

كما لم يغفل ايضاً عن ترجمتها  الشاعر الشعبي  بقوله:

متعسرة من سنين ما تفعل تجيب

جابت ابيوم الصار جبدي بحلك ذيب

***

ثامر الحاج امين

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم