صحيفة المثقف

يسري عبد الغني: من أجل عيون أمينة!

يسري عبد الغنينحن لم نعرف أو أكثرنا لا يعرف ما هو اسم السيدة الفاضلة / زوجة أمير الشعراء أحمد شوقي، لأن المجتمع المصري أو العربي في عصره كان يخفي النساء في الحريم، وكان الرجل عندما يتحدث عن زوجته، يكني عنها بتعبير (الجماعة)، فيقول: (جماعتنا ذهبت)، و(جماعتنا جاءت)!!.

 كانت الأنثى الوحيدة التي عرفها شوقي للناس، هي ابنته (أمينة)، ولعله فعل ذلك لأنها كانت مازالت طفلة صغيرة، محال أن تطمع فيها العيون .

 الدكتورة / سهير القلماوي (عليها رحمة الله) وهي تلميذة نجيبة لطه حسين، وأول الطالبات اللاتي التحقن بكلية الآداب / جامعة القاهرة، وحصلت على درجتي الماجستير والدكتوراه، تقول لنا: لا بد من أن نتصور بعين الخيال، حال المرأة في عصر شوقي، لنرى الواقع الذي استطاع الشاعر أن يستوحيه في مسرحياته .

 وإن يكن شوقي قد عالج المرأة في عدة عصور، في مسرحياته، فإنه كان دائمًا محكومًا بالواقع الذي يعيشه، وسواء أكانت المرأة في مسرحه قد بعثها من أغوار التاريخ، مثل الملكة (كليوباترا) أو هو قد ألبسها حياة الفن من الواقع القريب، مثل (الست هدى)، فإن المعالم العامة التي جالت فيها صورة الماضي البعيد، والحاضر القريب، كانت تحددها ظروف الحياة من حول شوقي .

 لقد قال شوقي مقطوعات شعرية طريفة في ابنته (أمينة)، ولعله ألف أشعاره للأطفال، أو قصصه الشعرية على ألسنة الطير والحيوان من أجلها .

 كان شوقي يحب ابنته (أمينة) حبًا شديدًا، ويمنحها عن رضاء تام حافظة نقوده، تتصرف فيها كما يحلو لها، وما منعها أبدًا عن ذلك، كان حب شوقي لابنته حبًا عظيمًا، بل إنه من أنبل وأعظم أشكال الحب الإنساني .

 وكانت عواطف شوقي الأبوية زاخرة، عاصفة، حتى أنه اصطحب ولديه : (حسين) و(علي)، معه عندما نفي إلى أسبانيا، ووجد فيهما السلوة في الاغتراب .

 ولكن (شوقي) لم يطلب من السلطات الإنجليزية اصطحاب زوجته معه إلى منفاه، ولو طلب ذلك لوافقوا عليه فورًا، وهذه إحدى عجائب عبقرية شوقي ..!!

 كيف ذلك؟ ! ـ أقول لك: شوقي ليس في حاجة إلى المرأة بالمعنى التقليدي المعروف لنا، ولكنه في حاجة ماسة إلى حب آخر، من لون آخر، هو حب الأبناء، لا حب النساء، أو عشق النساء

 

بقلم: د. يسري عبد الغني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم