صحيفة المثقف

معراج الندوي: قضية فلسطين في شعر فدوى طوقان

معراج احمد الندويتشكل قضية فلسطين من أهم الموضوعات والأغراض الشعرية في الشعر العربي المعاصر. فهي أقل تقدير مثلت خلال القرن العشرين أرضا خصبة في وجدان الأمة العربية والإسلامية. لقد استطاعت الثقافة الفلسطينة، والشعر في طليعتها حراسة الروح الوطنية الفلسطينية. فهي أرض المغتصبة والزمن المفقود، واللغة الدامية والرموز والدلالات المتعددة، والشخصية الضائعة الغريبة. اتخذت قضية فلسطين جانبا مهما في من شعرها. وكان شعر المقاومة عندها عنصرا أساسيا. وكان طابع الحزن والتأمل من أبرز الطوابع في شعر فدو طوقان والعاطفة والوجدان جعلها تعبر عن إحساس الأنثى دون تكلف أو محاكاة أو ابتدال.

 هذه الأرض امرأة

 في الأخاويد وفي الأرحام

 سر الخصب واحد

 قوة السر التي تنبث نخلا

 وسنابل

 تنبت الشعب المقاتل

تعبر الشاعرة بعض القضايا الحساسية بلغة الرمز. فلا تخلو دواوينها من الرمز. فقد ظفرت جميعها من الديوان الأول بعدد من الرموز. وتتميز رموزها بالشفافية غير الموغلة في الغموض وتتمحور هذه الرموز حول مرموزات معينة. هي: الوطن، الفدائي، العدو والرمز الاجتماعي إلا أننا نجد تكثيفا لموز العدو في خماسية العدو قصيدتان رامزتان أولهما بعنان الطاعون. تقول فيها:

 يوم فشا الطاعون في مدينتي

 خرجت للعراء

 مفتوحة الصدر إلى السماء

 أهتف من قرار الأخزان بالرياح

 هي وسوقي نحونا الساحاب يا رياح

 وأنزلي الأمطار، تطهر الهواء في مدينتي

 وتغسل البيوت والجبال والأشجار

 هي وسوقي نحونا السحاب يا رياح

 ولتنزل الأمطار!

 ولتنزل الأمطار

 ولتنزل اأمطار

الحرية في شعر فدوى طوقان:

عاشت فدوى طوقان بين حربين عالمتين. فلما فتحت عينها وجدت الاحتلال الإنجليزي جاثما على وطنها الحبيب. ولما أدركت الشاعرة معنى الحياة ومدلولها وجدت أن العرب يموجون غيضا وكانت فلسطين تعمها ثورات وتموج بمظاهرات وتسودها اضطرابات. رأت الشاعرة أن العرب يقاتلون من أجل حريتهم ويبذلون كل ما في وسعهم لإعادة مجدهم وبقاء شرفهم ويقدمون أنفسهم وأموالهم لوطنهم ويفدون بكل غال وثمين في سبيل الحرية. فلم تبق للشاعرة أن تحس هذه المقاومة ولم تلبث أن تعبر عن خلجات نفسها في قالب الشعر. فتقول:

 حريتي!

 حريتي

 حريتي

 صوت أردده بملء فم الغضب

 تحت الرصاص وفي اللهب

 وأظل رغم القيد أعدو خلفها وأظل رغم الليل أقفو

 خطوها

 وأظل محمولا على حد الغضب

وأنا أناضل واعيا حريتي

إن الحنين إلى الوطن وحبه العميق نفسية من نفائس الإيمان عندها، قضت هذه الشاعرة معظم حياتها لوطنها الحبيب ولأمته ولصلاح شعبه. تتجلى أهمية الوطنية الصافية التي عبرتها الشاعرة من أعماق قلبها. إن شعورها الوطني الواسع يحضها على الانطلاق لتحقيق هذه الحرية. يمتاز شعرها بالرقة والعذوبة والوجدان، والمزج بين الشعر والفكر الناطق الذي تصب فيها هموما معاصرة من خلال انفعالها وأحاسيسها ومشاعرها. وهي أمام حنين الحب وعواطف الوجدان ترق وتلين، وأمام القضايا الوطنية والإنسانية تثور وتمرد. صاغت قصائدها أحلاما للحرية والمحبة والكرامة. عبرت فدوي طوقان عن حلمها لوطنها فلسطين وغرست في النفوس أن يكون الحب والحرية للجميع.

 

الدكتور معراج أحمد معراج الندوي

الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها

جامعة عالية ،كولكاتا - الهند

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم