صحيفة المثقف

صائب خليل: تحليل شهادة السيدة والدة الضحية إيهاب الوزني

صائب خليلكتبت فيما مضى ان شهادة والدة الضحية يجب ان تدرس بجدية، حتى لو كانت تبدو غير مرتبة وبلا معلومات موثقة لأنها لا يتوقع ان تكذب بشأن قضية تمزق قلبها. لكن الصدق لا يكفي، فقد لا يملك الشاهد المعلومات او قد يكون مشوشاً، ولذلك بحثت في جولة سريعة عن اقوالها التي وجدتها على اليوتيوب، وبدا لي ان السيدة المفجوعة بولدها ليس لديها معلومات يمكن الاستفادة منها حقا.

فهي تقفز من اتهام العتبة الحسينية صراحة بقتل ابنها الى إتهام علي مصلح بالتحديد في مقابلة أخرى، ثم لتقفز في مقابلتها مع الحرة، وخلال دقائق من نفس المقابلة، من اتهام علي مصلح الى قاسم مصلح.

في مقابلتها على قناة التغيير، اتهمت ام ايهاب العتبة واعطت هنا بعض أسباب اتهامها (وهي ادعاءات تصلح للمتابعة مثل تواجد سيارة الشرطة وانتقالها، او ان العتبة لا تسمح بدخول اية سيارة مظللة عدا سيارتها وكذلك الماطورات). وحين سألها مضيفها نجم الجبوري ان كان الضحية إيهاب قد أعطاها اسماءاً يشكك بها، اجابت بشكل واضح: "لا"! وهو ما يعني ان كل الأسماء التي ستقدمها بعد وقوع الجريمة، هي اما افتراضات وتحليلاتها الخاصة أو سمعتها من الآخرين، وبالتالي تنتفي القيمة الأساسية للشاهدة الأم، وهي انها قد تكون تعرف معلومات لا يعرفها الاخرون، ومن خلال قربها من الضحية.

 

إن نوع الكلمات التي تستخدمها الشاهدة تؤشر الكثير. فجوابا على سؤال مضيفها: عن كيف تأكدت ان علي مصلح متورط باغتيال إيهاب، أجابت حرفيا:

- "همه القتلة همه نفسهم همه اللي يقتلون همه اعرفهم يعني يطلعون ما ادري عالماطورات ما اعرف ذولة يطخون آني لو لا دا اشوفهم اني يطلعون عالماطورات سيارة وراهم تحاميهم ما اعرف شنو بعدين كالو ذول همه اللي يخطفون بعد اي فد شي شلون مثلا شغلة تصير بالشارع وتسمع انت وآنه وغيرنا يسمعون آني هم اسمع حالي حال العالم"

"آني هم اسع حالي حال العالم" هي العبارة التي تخبرنا عن مصدر معلوماتها.

وهنا يخبرها مقدم البرنامج ان قاسم مصلح اعتقل ويسألها ان كان له علاقة بالقتل.. فتفاجئه بالجواب:

"نعم لأن هو هدده، دائما يهدده يكلله لو يضل من عمري يوم الا اقتلك"

بدا على المضيف الاستغراب وكرر السؤال، فمن الصعب ان نتخيل ان قائدا كبيرا في الحشد يوجه مثل هذا التهديد لشخص لا يمثل أي خطر او يعرقل اية مشاريع بشكل خاص لمؤسسته، ولا يبدو ان هناك علاقة شخصية تفسر مثل هذا "الحقد"، فلم تطرح مثل تلك المعلومات ولم يدع بها احد. إضافة الى ذلك فليس من الطبيعي ان يقوم القاتل بتهديد ضحيته بهذا الشكل الذي يكشفه من جهة، ويجعلها حذرة جدا وبالتالي يزيد من صعوبة تنفيذ الجريمة المنوي القيام بها. وأخيراً كيف يمكن ان تغفل السيدة ام إيهاب ذكر هذه التهديدات الخطيرة والمهمة في المقابلات السابقة؟

لم يسألها مقدم البرنامج (كما يفترض به) عن كل ذلك، ولا سألها من اين لها المعلومة عن التهديد وهل سمعته من قاسم مباشرة او على التلفون مثلا؟ ام ان إيهاب أخبرها به؟ وافترض انه لو فعل، لما ترددت في أن تقول ذلك. أكملت:

"قبل شهر قبل موتته هم مهدده نفس التهديد.. “

وهنا ننتبه الى ان العراقي حين يقول "هَم مهدِدَه"، فهو يقصد معلومة عرف بها بعد زمن من وقوعها، وعلى الأغلب عرف به قبل فترة قصيرة. فهي تعني بالفصيح بالضبط: "عرفت انه كان قد هدده". لأن من يعرف شيئا في وقته وبشكل مباشر سيقول "هدده" وليس "مْهدِده".. أي انها ليست شاهدة على التهديد.

كذلك يأتي السؤال المهم: إن كان قاسم قد هدده بهذا التهديد الخطير، ألم يكن المتوقع منها ان تتهمه فورا بدلا من اتهام العتبة وعلي مصلح وأن تتحدث عن ذلك التهديد في المقابلات الأولى؟ لماذا لم تتذكره الا في المقابلة الأخيرة مع "الحرة"؟

كذلك في حديثها عن الماطورات والسيارات التي كانت تلاحق إيهاب والتي ادعت ان قاسم هو الذي أرسلها، يتبين أنها مع ولدها لم يكونا يفهمان سبب تلك الملاحقة، وهو مؤشر أن التهديد الخطير لم يكن في بالها ولا في بال إيهاب، فهي تقول عن إيهاب: "يكول شو لاحكتني سيارة، شو لاحكني ماطور". وهذا يبين بأن إيهاب كان حائرا لا يدري لماذا تلاحقه السيارات، ولو كان قد تم تهديده من قبل قاسم لقال شيئا آخر، ولاعتبرها خطرا شديدا على حياته وتصرف على هذا الأساس وليس ان يحتار بتفسيرها.

ان القيمة الوحيدة لشهادة الأم كونها قريبة من الضحية، وبالتالي يمكن ان تعرف بشكل مباشر ما كان يحدث، أما حين تفسر كيف توصلت الى استنتاجاتها بأنها " شلون مثلا شغلة تصير بالشارع وتسمع انت وآنه وغيرنا يسمعون آني هم اسمع حالي حال العالم"، تنتفي فائدة قرب الشاهد من الضحية تماما.

وبانتفاء قيمة هذه الشهادة تسقط اهم الأدلة التي اعتمدت لتوجيه الاتهام الى قائد الحشد قاسم مصلح، وتم محاولة اقناع الجمهور من خلالها بمصداقية التهمة، وهذا يعني أن هناك من يبذل جهدا ومالا من اجل اعلام يهيء الناس لقبول إدانة الرجل الذي يتم التحقيق معه الآن من قبل جهات هي ابعد ما تكون عن المصداقية، وفي أجواء رشاوي وضغوط تبذلها سفارة الاحتلال، لاستئصال قيادات الحشد الشعبي المخلصة وتحطيمه.

 

صائب خليل

.................

الفيديو المتعلق بالمقالة

https://www.youtube.com/watch?v=-KqitNTkT8o

مقابلة الحرة مع ام إيهاب الوزني

https://www.youtube.com/watch?v=eG0z5ql_B6c

حوار مع والدة الشهيد ايهاب الوزني | من بغداد تقديم نجم الربيعي

https://www.youtube.com/watch?v=CLxF7rgrjQU

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم