صحيفة المثقف

صالح الفهدي: وَمَن بِجِسْمِيْ وَحَالِيْ عِنْدَهُ سَقَمُ

صالح الفهديتخميس قصيدة أبي المتنبي لسيف الدولة

(واحرَّ قلباه)

التخميس للدكتور صالح الفهدي


(1)

شَرُّ الْبَلِيَّةِ إِنْ عَادَاكَ مُنْتَقِمُ .. قَدْ كَانَ خِلّاً كَفَاهُ الْعَهْدُ وَالذِّمَمُ

وَلَيْتَ حُبِّيْ لَهُ فِيْ أَصْلِهِ عَدَمُ .. وَاحَرَّ قَلْبَاهُ مِمَّنْ قَلْبُهُ شَبِمُ

وَمَن بِجِسْمِيْ وَحَالِيْ عِنْدَهُ سَقَمُ

(2)

مَاذَاْ أَقُولُ وَقَدْ أَضْحَتْ مُرَافَعَتِيْ .. بَيْنَ الْخُصُومِ، وَمَاْ تُجْدِيْ مُعَاتَبَتِيْ

لَكِنَّهَاْ عِظَةٌ فِيْ فَصْلِ خَاتِمَتِيْ .. يَاْ أَعْدَلَ النَّاسِ إِلّاْ فِيْ مُعَامَلَتِيْ

فِيْكَ الْخِصَامُ وَأَنْتَ الْخَصْمُ وَالْحَكَمُ

(3)

مُنِحْتَ تبْصِرَةً فِي النَّاسِ حَاذِقَةً .. لَاْ تُعْدَمَنَّ بِصَوْتِ الْحَقِّ نَاطِقَةً

وَإِنْ قَطَعْتَ لَهَاْ فِيْ صِدْقِهَا ثِقَةً .. أُعِيْذُهَاْ نَظَرَاتٍ مِنْكَ صَادِقَةً

أَنْ تَحْسَبَ الشَّحْمَ فِيْمَنْ شَحْمُهُ وَرَمُ

(4)

مَصِيْرُ أَمْرِكَ رَهْنٌ فِيْ مَآثِرِهِ .. هُوَ الْمُخَلَّدُ فِيْ أَقْوَالِ ذَاكِرِهِ

مَا الْمَرْءُ إِنْ عُدِمَتْ نُعْمَى بَصَائِرِهِ .. وَمَا انْتِفَاعُ أَخِي الدُّنْيَاْ بِنَاظِرِهِ

إِذَا اسْتَوَتْ عِنْدَهُ الْأَنْوَارُ وَالظُّلَمُ

(5)

أَدْرِكْ نفوساً لِكَشْفِ السُّوءِ عَاجِزَةً .. تُدني وجوهَاً بِطِيْبِ الْوِدِّ غَامِزَةً

فَإِنْ تُمَكَّنُ؛ تَدْنُوْ مِنْكَ رَاكِزةً.. إِذَاْ رَأَيْتَ نُيُوبَ اللَّيْثِ بَارِزَةً

فَلَاْ تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَّيْثَ يَبْتَسِمُ

(6)

إِنِّيْ ظَنَنْتُ بِصَحْبٍ لَاْ أُبَارِحُهُمْ .. وَلَاْ تَصَوَّرْتُ هَجْراً مِنْ مَطَارِحِهِمْ

أَقُولُهَا بِلِسَانٍ لَيْسَ عَاذِرَهُمْ .. يَاْ مَنْ يَعِزُّ عَلَيْنا أَنْ نُفَارِقَهُمْ

وِجْدَانُنَاْ كُلَّ شَيْءٍ بَعْدَكُمْ عَدَمُ

(7)

إِذَا الْفَضَائِلُ لَمْ تُمْنَحْ لِذِيْ سِمَةٍ .. مِنَ الْكِرَامِ فَقَدْ أُسَّتْ لِمَظْلَمَةٍ

أَهْلُ الْكَفَاءَةِ ذِيْ زُلْفَىْ مُقَدَّمَةٍ .. مَاْ كَانَ أَخْلَقَنَاْ مِنْكُمْ بِتَكْرُمَةٍ

لَوْ أَنَّ أَمْرَكُمُ مِنْ أَمْرِنا أَمَمُ

(8)

نَدَّتْ كَوَبْلِ سَحَابَاتٍ قَصَائِدُنَاْ .. وَخَلَّدَتْكُمْ بِمَاْ جَادَتْ شَوَارِدُنَاْ

حَتَّى اكْتَفَيْتُمْ، سَمِعْتُمْ مَنْ يُكَايِدُنَاْ .. إِنْ كَانَ سَرَّكُمُ مَاْ قَالَ حَاسِدُنَاْ

فَمَاْ لِجُرْحٍ إِذَاْ أَرْضَاكُمُ أَلَمُ

(9)

أَنَا الَّذِيْ بِقَشِيْبِ الشِّعْرِ طَرَّزَكُمْ .. وَجَاوَزَ الْفَخْرَ مَرْقَاهُ فَأَبْرَزَكُمْ

حَتَّىْ أَذِنْتُمْ لِهَمَّــــــازٍ لِيَهْمُزَكُمْ .. كَمْ تَطْلُبُوْنَ لَنَاْ عَيْباً فَيُعْجِزُكُمْ

وَيَكْرَهُ اللهُ مَاْ تَأْتُوْنَ وَالْكَرَمُ

(10)

عِرْضِيْ كَثَوْبِ بَيَاضٍ، وَالْفُؤَادُ وَفِيْ .. وَمَنْهَجِيْ فِي اقْتِفَاءِ الْحَقِّ كَالْأَلِفِ

وَمَا انْتَحَيْتُ لِبُهْتَانٍ عَلَىْ طَرَفِ .. مَاْ أَبْعَدَ الْعَيْبَ وَالنُّقْصَانَ عَنْ شَرَفِيْ

أَنَا الثُّرَيَّاْ وَذَانِ الشَّيْبُ وَالْهَرَمُ

(11)

إِنْ أَنْتَ بِالْعَهْدِ قَوَّامٌ فَقَدْ نَكَرُوْا .. مَنْ أَبْرَمُوا الْعَهْدَ؛ بَلْ قُلْ: إِنَّهُمْ غَدَرُوْا

فَلَاْ تَرُدَنَّ مَـــــاْ يَأْتِيْ بِهِ الْقَدَرُ .. إِذَاْ تَرَحَّلْتَ عَنْ قَوْمٍ وَقَدْ قَدَرُوْا

أَلَّاْ تُفَارِقَهُمْ فَالرَّاحِلُوْنَ هُمُ

(12)

مَاْ عَيْشَةُ الْمَرْءِ إِنْ أَنْكَىْ بِمَطْلَبِهِ .. مَاْ لَاْ يُوَافِقُهُ فِيْ نَهْجِ مَذْهَبِهِ

شَرَّانِ لِلْمَرْءِ مِنْ أَدْهَىْ نَوَائِبِهِ: .. شَرُّ الْبِلَادِ مَكانٌ لَاْ صَدِيْقَ بِهِ،

وَشَرُّ مَاْ يَكْسِبُ الْإِنسَانُ مَاْ يَصِمُ

(13)

إِنَّ الْعَيِيَّ الَّذِيْ ضَاعَتْ لَهُ فُرَصٌ .. كَأنَّمَا ضَفَّ أَسْمَاهَاْ لَهُ قَفَصٌ

فَأَعْظَمُ الشَّرِّ مَا احْتَدَّتْ بِهِ غُصَصٌ .. وَشَرُّ مَاْ قَنَصَتْهُ رَاحَتِيْ قَنَصٌ

شُهَبُ الْبُزَاةِ سَوَاءٌ فِيْهِ وَالرَّخَمُ

(14)

مَاْ كُلُّ سَطْرٍ تَنَاهَتْ مِنْهُ مَعْرِفَةٌ .. وَلَاْ مَقَالٌ تَبَاهَتْ قَوْلُهُ شَفَةٌ

فَيَاْ حَكِيْماً لَهُ مِنْ رُشْدِهِ صِفَةٌ .. بِأَيِّ لَفْظٍ تَقُولُ الشِّعْرَ زِعْنِفَةٌ

تَجُوزُ عِنْدَكَ لَاْ عُرْبٌ وَلَاْ عَجَمُ

(15)

قَلَائِدٌ مِثْلَ دُرِّ الْغِيْدِ مُشْرِقَةٌ .. نَظَمْتُهاْ وَهِيَ بِالتَّزْوِيْقِ رَائِقَةٌ

مَاْ شَابَهَاْ مِنْ رِيَاءٍ فَهِيَ صَادِقَةٌ ..هَذَاْ عِتَابُكَ إِلَّاْ أَنَّهُ مِقَةٌ

قَدْ ضُمِّنَ الدُّرَّ إِلَّاْ أَنَّهُ كَلِمُ

***

القصيدة في اليوتيوب:

https://youtu.be/4yeEz9hdzRU

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم