صحيفة المثقف

مايكل سيمز: الإصابة بالصمم

2499 مايكل سيمزترجمة: صالح الرزوق


 الآن حان وقت عصفور التناجر النعسان. “إي. إس”

أولا فقدت صوت بلورة الثلج وهي تضرب الزجاج.

ثم صوت لسان الهرة وهو يجري على فرائها.

كنت بالعادة أسمع تقريبا صوت اهتزاز ذيلها.

وصوت عضلات الظهر وهي تستطيل، وتثاؤبها وهو

يبدل نغماته...

فقدت أزيز الذبابة، ولعلعة مطرقة جاري

الذي يعمل على سقف بيته،

ونواح الريح بين الدعامات والكلمات التي تقولها

وأنت تبتعد، وفتح باب غرفة على غرفة تالية، وصوت موسيقا

في بيت تمر بجواره، لن أسمع هذا أبدا. حتى الضحكة الناعمة

من كوميديا تلفزيونية لم تكن تفوتني،

ولا دخان عادم الحافلة ولا طلقة رصاص من الشرطة

باستثناء صوت لوي أرمسترونغ وبيسي سميث... مع غياب بعض النبرات.

هذا يعني أن أفقد كل الأغنية، بالطريقة التي تسقط

بها كل الخرزات على الأرض حينما ينقطع الخيط.

*

ما أفتقده حقا الأصوات التي تريد مني أن أسمعها:

زقزقة.. تغريدة عصفور دوري جائع في العالم الجديد،

صفرة القرقف، ضربات وطرقات

نقار الخشب،

والصقر ذو الذيل الأحمر وهو ينادي على شريكته،

وغناء أمك، وتعتعة صوتها في طبقات متراكمة من السنوات

ثم انكساره والركون للسكينة في صدرك.

*

وأستطيع أن أشاهد لمعان النجوم الرئيسية بين الأغصان،

مع أن نثار الخشب غير مرئي تقريبا وهو بين أوراق تفترش الأرض،

والأغنية الصامتة لعصفور يحمل حبلا بمنقاره

وعودة مئات الغربان لتأوي بين جبالنا كل أمسية.

*

لفترة طويلة، يخالك أنني دون مشكلة بالسمع،

هي مشكلة إصغاء. ولكن يا لللعنة، أنت محق...

أصوات عديدة تجاهلتها مع أنه لدي فرصة لسماعها.

كل صباح تدب الفوضى بالأغاني، وتضمحل النجوم، واحدة بعد الأخرى-

وتقريبا يمكنني سماعها.

وكل يوم يتعلم أطفالنا كلمة جديدة،

وكل أمسية ننطوي على أنفسنا.

ماذا يعني صوت يدين تصفقان؟.

*

ما نفقده هو المعنى الملتبس لصرير السرير في الليل،

والقافية النفاذة لصوت الريح وهي تشتبك بالأشجار،

وعويل الجندب النطاط. وأغنية بلحن لزج لضفدع متوحش،

كل تلك الرواسب هي الضوء المتوهج فوق الثلوج.

والرياح تحرك آخر الأوراق المتبقية على شجر الصفصاف.

*

سريعا يحل الصمت، في البدء صمت الصمم البسيط،

ثم الصمت العميق المتنامي من بقعة مظلمة سوف

تتحول لظل تحت شجرة، وأخيرا إلى ليل، بلا نجوم ولا نهايات.

ربما مع انحسار قدراتي على السمع، مهارتي بالإضغاء ستتحسن،

وهكذا كل صوت سيدعونا للعودة إلى البيت

كما تفعل أمهاتنا في المساء،

وكل المخاوف تصبح صوتا مثل

أصداء في صالة السباحة -

ربما سأستمع لشوبان وأنا أخلع عنك حمالة أثدائك.

تذكري يوم قراننا لأول مرة،

كم كنا نعشق أن نكون معا وحدنا،

نمتطي القطار البطيئ من نيويورك إلى بيتسبرا،

وإيقاعه مثل سحر عاطفي بيننا؟.

وفي البيت، نستلقي على السرير، ونتبادل قبلات تسقط بيننا كالشلال.

*

الموسيقا ستكون حلما،

ثم ذكرى عن هذا الحلم،

ثم لا شيء على الإطلاق، كلمة فقط،

فكرة لم تكتمل

مثل لون بنظر رجل أعمى

أو مثل رائحة زنبقات تتململ في الجو

بعد أن حملناها إلى خارج الغرفة.

*

أنت، نصفي المفضل، تعلمين

متى أكره نفسي، وأكره كلينا

حين تهربين إلى الغابة لتعتزلي

مع عصافيرك، ومع خطواتك المليئة بالثلج

وواديك السحيق وجسورك الخشبية

والشلالات الممشطة، والقنوات الحجرية

وأغاني النجوم

وهي تنبعث كل على حدة.

*

ها هو طير السمان، الطير الحارس، يطلق صيحة

ونقار الخشب ذو العرف يطارد صقرا.

آه أيها الحب، اسمح لنا للأبد بامتطاء القطار الوحيد إلى بيتسبرا

حيث سيمفونية تشرين الثاني تخفت بصوتها مع توالي السنين.

2016

***

........................

مايكل سيمز  Michael Simms شاعر أمريكي معاصر. آخر أعماله (رماد أمريكي). الترجمة بالتنسيق مع الشاعر.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم