صحيفة المثقف

محمود محمد علي: هل تنجح إدارة بايدن في إسقاط صفقة القرن الترامبية؟

محمود محمد عليلم تُقرِّبْ صفقة القرن العرب أو الفلسطينيين من تحقيق السلام، بل على العكس قتلت أى فرصة حقيقية للتوصل لاتفاق مناسب بعدما تبنت إدارة ترامب الموقف الإسرائيلي بصورة كاملة.؛  مع مغادرة ترامب البيت الأبيض، ستُدفن الخطة رسميا وعمليا، ولن يكون هناك أى وجود أو أثر سياسي لهذه الصفقة .

لقد أريق حبر كثير على صفقة القرن التى أعلنها الرئيس دونالد ترامب يوم 28 يناير الماضى وعناصرها الأساسية صارت معروفة لكل مهتم، بحيث لم تصبح ثمة حاجة لاستعراضها.

وقد عبر الرئيس المنتخب بايدن عن رفضه لطريقة الرئيس ترامب فى التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي، وقال بايدن "تتطلب خطة السلام أن يشارك الطرفان معا، ولا يمكن اتخاذ قرارات أحادية الجانب بضم أراضٍ محتلة والعودة بنا إلى الوراء، لقد أمضيت حياتى أعمل على توفير الأمن والرخاء للدولة اليهودية كى تحيا كدولة ديمقراطية، وما يقوم به ترامب ليس جيدا لإسرائيل". ولم تنل خطة ترامب دعما أو موافقة على نطاق واسع داخل واشنطن، وتحفظ الديمقراطيون بصورة واضحة على تفاصيل الخطة، وأرسل 12 سيناتورا ديمقراطيا من أعضاء مجلس الشيوخ خطابا لترامب عبروا فيه عن رفضهم خطته لسلام الشرق الأوسط والمعروفة بصفقة القرن، واعتبروا أنها خطة غير محايدة. وجاء فى الخطاب أن «خطة ترامب تعكس مصالح طرف واحد، وهذا سيكون له تداعيات كبيرة ويعرقل من تحقيق السلام القائم على مبدأ الدولتين بما يعكس الحقوق المشروعة وطموحات الشعبين الإسرائيلي والفلسطينية وذلك حسب قول الأستاذ محمد المنشاوى في مقاله القيم بهنوان " مصير صفقة القرن بعد هزيمة ترامب"

ولا شك أن الأحداث الأخيرة في حرب غزة أجبرت أمريكا وإدارتها أن تعود للاعتراف بدور مصر الإقليمي ، حيث أثبتت مصر بيدها كل مفاتيح الشرق الأوسط شاء من شاء وأبى من أبى، سياسيا وجغرافيا وسكانيا ومدنيا، قيمة وقامة، ومصر الدولة العربية الوحيدة التى ليس لها مصلحة فى الداخل الفلسطيني.

ليس هذا فقط بل أجبرت إدارة بايدن علي إسقاط صفقة القرن التي تمت في عهد ترامب والتي أسقطت الدولة الفلسطينية والحل الفلسطيني؛ وأن بايدن بالرغم من موافقه الداعمة لإسرائيل سيمثل حلا أفضل للفلسطينيين، فهو أعلن وبشكل واضح أنه سيعيد استئناف المساعدات للفلسطينيين، وسيعمل على إعادة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات، إضافة إلى أنه يؤمن بحل الدولتين.

ولذلك جاء بايدن بأطروحة حل الدولتين الذى اتفق عليه العرب والغرب، حيث اتفق عليه العرب في قمة بيروت 2002 وطرحوا المبادرة العربية، لافتا إلى أن المنظمات الفلسطينية التي جاءت للقاهرة قبل 3 أشهر للتحضير للانتخابات كان عددها من 13 إلى 15، قد تكون منها 4 فاعلة على الأرض تتحدث عن فتح وحماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية.

علاوة علي أن بايدن قد يلجأ إلى سياسة تصالحية مع الفلسطينيين، حيث قد يعيد افتتاح مكتب تمثيل منظمة التحرير في واشنطن الذي أغلقته إدارة ترامب"، كما أنه سيدعم العمل على إعادة التفاوض بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

ليس هذا فقط بل إنه في ظل إدارة بايدن من  المتوقع توقف نهائي عن اعلان ضم الضفة والعودة إلي مسار حل الدولتين في إطاره النظري لكن ليس على حدود 67 وإنما وفق مفاهيم الحلول المتفق عليها سواء بتبادل الأراضي أو تبادل السكان ولو بنسب غير متكافئة والدولة في حدود 67 أصبحت من الماضي بفعل خطوات الاحتلال على الأرض أو إجراءات صفقة_القرن. وفعلياً تم تجاوز أوسلو وما تقبله السلطة الفلسطينية سواء مسمى دولة أو دويلة أو كنتونات كجسد الضفدع سيشكل الدولة الموعودة فلسطينياً.

بايدن سوف يستمر بحل الدولتين ولكن ليس بمنهج فرض هذه الدويلة وإنما التفاوض ولكن حل الدولتين في 93 انتهى للأبد وبذلك نحن أمام موجة تفاوض جديدة وصولاً إلي حل الدولتين. وربما يستجيب فوراً بايدن غلي دعوة  الرئيس عباس بعقد مؤتمر دولي ولكن لن يمثل هذا انقاذاً لمشروع حل الدولتين على أساس 67 وإنما نفق مفاوضات جديد وذر رماد في العيون في انتظار 27 سنة تفاوض جديدة على أسس متفق عليها ولكنها غير الأسس التي داستها صفقة القرن.

ولكن إذا كانت صفقة القرن قد سرعت عقد اجتماع مشترك بين فتح وحماس والحديث عن استكمال المصالحة الوطنية الفلسطينية، فإن التحدي كبير للغاية ويتطلب مساندة قوية وفعالة من الدول العربية والإفريقية والإسلامية وعدم الانحياز، ودعم الفلسطينيين ماليا واقتصاديا وثقافيا لمنحهم قدرة على الصمود فى وجه تحديات المرحلة القادمة، ومن المهم للغاية العودة إلى اللجنة الرباعية، والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبية، وتنشيط دور روسيا التى اتخذت موقفا هادئا من صفقة القرن أثناء زيارة نتنياهو لموسكو عقب إعلان الصفقة مباشرة إلا أنها أعلنت فيما بعد رفضها لها، والهدف من حشد كل ذلك ألا تمضى إسرائيل فى استكمال تطبيق ما تبقى من صفقة القرن متجاهلة كل الرفض والاعتراضات  ، وذلك حسب قول الأستاذ رخا أحمد حسن في مقاله بعنوان" ما بعد صفقة القرن الأمريكية - الإسرائيلية".

 

أ. د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم