صحيفة المثقف

علي رسول الربيعي: التحليل الفلسفي للتحليل النفسي لـرؤية العالم، العلم، والدين

علي رسول الربيعيلاحظ سيغموند فرويد (1856-1939) في مقال رائع، أن أتباعه قد أظهروا ميلًا لأخذ أفكاره وتشكيلها" كحجر الزاوية لمنظور أو رؤية للعالم في التحليلي النفسي".[1] والمثير للدهشة أن فرويد قاوم هذا وشرح سبب مقاومته باسلوب رائع قائلًا:

يجب أن أعترف أنني لست متحيزًا على الإطلاق لتقديم رؤية كلية للعالم. فقد تُترك مثل هذه الأنشطة للفلاسفة، الذين يجدون من المستحيل القيام برحلتهم في الحياة بدون كتيبات إرشادية  تعطيهم معلومات عن كل موضوع. دعونا نتقبل بكل تواضع الازدراء الذي ينظرون به إلينا من موقع الأفضلية لاحتياجاتهم المتفوقة. ولكن نظرًا لأنه لا يمكننا التخلي عن كبرياءنا النرجسي أيضًا، فسوف نستمد الراحة من التفكير من خلال مثل هذه "الكتيبات عن الحياة" التي سوف تصبح قديمة سريعا (لسرعة التغيرات في الحياة) وأن عملنا بشأن احتياجات الفرد أو متطلباته من منظورات قريبة ومحددة هو ما يجبر على انتاج طبعات جديدة. فالطبعات، وحتى أحدثها ما هي إلا محاولات لإيجاد بديل عن التعليم الكنسي ( الثابت). نعلم جيدًا مدى ضآلة علم الضوء الذي تمكن الآن من التغلب على المشكلات التي تحيط بنا. فبغض النظر عن كثرة اللغط الذي قد ييثيره الفلاسفة،الأ انه لا يمكنهم تغيير الأوضاع التي تحيط بنا. البحث الصبور والمثابر، والذي يخضع فيه كل شيء لشرط واحد من اليقين فقط، هو وحده القادر على إحداث تغيير تدريجي. قد يغني المسافر بصوت عالي في الظلام للتخلص من خوفه؛ لكنه، مع كل ذلك، لن يرى شبرًا أبعد من أنفه.[2]

يؤكد فرويد باسلوب ازدرائي أن تشكيل رؤى أو وجهات النظر حول العالم ككل هي في الأساس مهمة عقيمة، ومناسبة للفلاسفة ضعاف التفكير الذين يحتاجون إلى "كتاب إرشادي" لتوفير معلومات حول عموم الحياة يحل محل الدور التعليمي للكنيسة. ومع ذلك، يجب مراجعة رؤى أو وجهات النظر عن العالم مثل أنظمة التوجيه بشكل متستمر وذلك التقدم العلمي المستمر ايضا، وخاصة تلك الناتجة عن عمل المحللين النفسيين أنفسهم. إن بعض المعرفة العلمية فقط ما يستحق جهدًا مستدامًا، وليس تطوير رؤية أو وجهة نظر عن العالم التي توفر راحة وجودية زائفة لا بصيرة حقيقية. ما يجب هو أن تسود النظرة العلمية في مملكة الأفكار.

شرح فرويد في محاضرة بعنوان "The Question of a Weltanschauung"؛[3] وقد بلغ من العمر ستة وسبعين عامًا، اسباب رفضه ان يقدم التحليل النفسي رؤية كلية للعالم .وقد بدأ بالسؤال:" هل يقود التحليل النفسي الى تقديم رؤية كلية الى العالم، واذا كان كذلك فاي رؤية هذه؟ "(ص 158). ومن أجل الرد على هذا السؤال، بدأ بتقديم تعريف لهذا" المفهوم الألماني على وجه التحديد ":

إن رؤية العالم بناء فكري يحل جميع مشاكل وجودنا بشكل موحد على أساس فرضية واحدة مهيمنة، والتي، وفقًا لذلك، لا تترك أي سؤال دون إجابة ويكون فيها لكل ما يهمنا مكانه الثابت المحدد. إنه من السهل فهم أن امتلاك رؤية العالم من هذا النوع هو من بين أهم الرغبات المثالية للبشر. يمكن للمرء من خلال الإيمان بها أن يشعر بالأمان في الحياة، ويعرف ما الذي يسعى إليه، وكيف يمكن له أن يتعامل بشكل ملائم مع عواطفه واهتماماته.

المطلوب أن تكون "فرضية" رؤية العالم، وفقًا لفرويد، قادرة على حل جميع المشكلات، وإرضاء جميع الاستفسارات، ووضع كل شيء في مكانه. وكمثال إنساني نهائي، يجب أن توفر هذه الرؤية التي يثق فيها المرء راحة البال أو الأمن من خلال تحديد ملخص الخير وتعيين كيفية التعامل مع الحياة بطرق عملية. هل يمكن أن يفي التحليل النفسي بهذه المعايير؟ لا، كما يقول فرويد بإصرار، العلم وحده قادر على ذلك. "إذا كانت هذه هي طبيعة رؤية العالم " يرى فرويد، فان الإجابة فيما يتعلق بالتحليل النفسي أصبحت سهلة. فمن غير المناسب تمامًا كعلم متخصص، وفرع من فروع علم النفس - علم نفس اللاوعي بناء رؤية للعالم خاصة به: يجب عليه أن يقبل النظرة العلمية " (ص. 158). يكرر فرويد في ختام أطروحته، هذا الاقتناع حول علاقة التحليل النفسي بمسألة النظرة إلى العالم بعبارات مشابهة قائلا:" غير قادر التحليل النفسي، في رأيي، على تقديم رؤية للعالم خاص به. إنه لا يحتاج إلى رؤية خاصة به؛ إنه جزء من العلم ويمكن أن يلتزم بـرؤية العالم العلمية '' (ص 181). العلم هو آخر أمل للجنس البشري، وأفضل أمل للمعرفة، ويحتل التحليل النفسي مكانه كمجموعة فرعية من العلوم. ليس التحليل النفسي علمًا زائفًا، ولكنه عضو في المجتمع العلمي الأوسع حسب تقديرفرويد.

قدم فرويد في بقية المقال، ادعاءين أساسيين. بادئ ذي بدء، أنه حتى العلم نفسه، نظرًا لمجموعة القيوده الخاصة، غير قادر على توفير نوع من النظرة المثالية للعالم ذات القاعدة العريضة كما حددها فرويد. علاوة على ذلك، وثانيًا، لا يوجد مورد فكري آخر مناسب لهذه المهمة أيضًا. فلا يمكن للدين، أو الفن، أو الفلسفة، أو العدمية الفكرية، أو الماركسية، الذين يعتبرون المنافسين الرئيسيين للعلم القيام بهذه المهمة وبناء مثل هذه النظرة الشاملة للعالم،. ما يقترحه فرويد هو أنه لا يوجد نظام مقنن متاح للبشرية، بما في ذلك العلم، قادر على إنتاج هذا النوع من النظرة الشاملة للعالم باعتبارها مطلبًا رئيسيًا للجنس البشري. لا يزال العلم الحديث، على الرغم من كل حدوده، هو الخيار الوحيد المتاح الأفضل. ثم يقدم فإن فرويد تبريرا دفاعيًا عن تفوق النهج العلمي في الحياة على جميع الخيارات الأخرى، وخاصة الدين. العلم وحده هو الأمل المعرفي الأصيل الوحيد للبشرية. يقدم التحليل النفسي، باعتباره فرعًا من فروع العلم، مساهمته في هذا السياق الأكبر. إنها ليست نظرة عالمية فريدة من نوعها.

سوف يكون من المفيد تقديم مخطط لحجج فرويد التي يحاول من خلالها إثبات انتصار العلم على وجهات النظر الدينية للعالم في كتابه "السؤال"، ص 161 - 75. إن الدين وحده، في تقدير فرويد، هو العدو الجاد للعلم. فاقوى المشاعر الإنسانية في خدمة الدين. لأنه يعبر عن نظرة كلية متسقة وقائمة بذاتها، ومستمرة حتى يومنا هذا. لذا شعر فرويد بالحاجة الى الاستجابة لها. يجادل بأن الدين يؤدي ثلاث وظائف. أولاً، تيُشبع تعطش الإنسان للمعرفة. ثانيًا، يهُدئ الخوف من مخاطر وتقلبات الحياة. ثالثًا، يصدر التعاليم ويعين المحظورات والقيود، وعلى الرغم من هذه الوظائف المهمة، فقد أظهر العلم المتجذر في الطبيعة أن الدين شأن إنساني ولم يكن قادرًا على الصمود أمام الفحص النقدي، خاصة فيما يتعلق بقضايا المعجزات، أصل الكون، ومشكلة الشر. علاوة على ذلك، أظهر التحليل النفسي كيف نشأت النظرة الدينية للعالم من عجز الأطفال، مما يفرض الحاجة إلى الحماية الأبوية على الكون بأسره. على الرغم من أن قد يعترض البعض على أنه من غير المناسب للعلم أن ينتقد شيئًا ساميًا ومهمًا مثل الدين، إلا أن فرويد يرد بالقول إن الدين ليس له الحق في تقييد الفكر واستبعاد نفسه من الفحص النقدي. أدى التقييد الديني على الفكر إلى أضرار جسيمة، كما أظهرت السير الذاتية الفردية. يشير المتدينون، رداً على ذلك، إلى حدود العلم: ما الذي حققه وسيحققه؟ لا يمكنه أن يجلب العزاء اوالسعادة. ولا تقديم رؤية متماسكة للكون - ماضيه أو حاضره أو مستقبله. اكتشافاته المجزأة غير متسقة داخليًا، وقوانينه وتفسيراته صحيحة مؤقتًا ويتم مراجعتها بشكل متكرر. كان رد فرويد هو الإشارة إلى التاريخ الحديث للإنجاز العلمي وإبراز ان العلم مازال في بداياته. وسيتم التغلب على أي عقبات في طريق العلم مع مرور الوقت. واستنتاجه هو: "إن الأمور لا تبدو سيئة للغاية في عمل العلم" (ص. 174). يعلن فرويد في ضوء هذه الحجج، أن العلم هو السلطة المعرفية والثقافية الحصرية. وأن الملاذ الوحيد للدين هو أدعاءه أنه يملك "الحقيقة" بمعنى أسمى والذي لا يمكن التحقق منه. ومع ذلك، فإن اختيار نظرية المعرفة اللاعقلانية يعني فقدان التأثير على الناس، لأنها تفتقد لأي وزن معرفي حقيقي. ومن ثم، وبناءً على هذه الحجج، أعلن فرويد انتصار العلم على النظرة الدينية للعالم. بالطبع، يوجد نقد فرويد الأكثر تفصيلاً للدين في كتابه "مستقبل الوهم".

كيف إذن يصف فرويد النظرة العلمية للعالم التي يعتبر التحليل النفسي جزءًا منها؟ سيتم مناقشة ثلاث ميزات أساسية. بادئ ذي بدء، يعتمد العلم الحديث على ميتافيزيقيا أو على طبيعية منهجية. لن يسمح "الموقف العلمي" بأي مساهمة من مصادر خارقة للطبيعة أو وحيّة أو حدسية، وإلا فقد اسم العلم الحقيقي. يتسم العلم كما يقول فرويد، "برفضه الحاد لبعض العناصر الغريبة عنه. ويؤكد أنه لا توجد مصادر معرفة للكون سوى العمل الفكري للملاحظات التي تم فحصها بعناية- وبعبارة أخرى، ما نسميه البحث - وإلى جانبه لا توجد معرفة مستمدة من الوحي أو الحدس أو العرافة "(ص 159). إن هذه العناصر خادعة، وهي تعبير عن دوافع التمني، ومبنية على العاطفة. لا يوجد سبب يدعو إلى اعتبارها مبررة. وأن حقيقة وجودها، كما يقول فرويد، بمثابة تحذير "لفصل كل ما هو وهم ونتيجة لمطالب عاطفية عن المعرفة العلمية ". وهكذا، لكي يكون العلم علمًا، يجب أن يرتكز على المذهب الطبيعي تمامًا.

ثانيًا، على الرغم من أن الطبيعة العلمية هذه قد تبدو غير مبهجة في نفيها لمطالب واحتياجات العقل البشري، يؤكد فرويد أن الجوانب العقلية للحياة البشرية في التحليل النفسي هي أشياء تخص البحث العلمي تمامًا مثلها مثل الأشياء غير البشرية أو المادية. أو الأشياء المادية. إن ""التحليل النفسي له حق خاص في التحدث عن النظرة العلمية للعالم في هذه النقطة، حيث لا يمكن لومه على إهماله ما هو ذهني في صورة الكون. وتكمن مساهمته في العلم على وجه التحديد في توسيع نطاق البحث ليشمل المجال العقلي. فبدون علم النفس هذا سيكون العلم غير مكتمل للغاية "(ص 159). قد يعترض البعض على الطرح الذي يقول أنه يمكن دراسة "العقل" بطريقة دراسة الذرات أو الجزيئيات نفسها. وقد يقولون إن التحليل النفسي علم زائف وينتمي إلى صنف أو فئة مختلفة. من المثير للاهتمام أن فرويد مقتنع بأن التحليل النفسي ينتمي الى الحقل العلمي مثل تخصصات الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا.

ثالثًا، وربما الأكثر إثارة للاهتمام، فإن رؤية العالم العلمية بالنسبة لفرويد هو أمر إيجابي وحديث تمامًا. العلم هو أفضل أمل للبشرية في المستقبل. يتضمن وصفه للمشروع العلمي، الذي يرى يستحق الاستشهاد به، يستلزم جميع الموضوعات المعروفة، والحديثة لعالم مستقل، والموضوعية البشرية، والتجارب الصارمة، ونظرية التوافق للحقيقة.

لا يختلف التفكير العلمي في طبيعته عن النشاط الطبيعي للفكر الذي نستخدمه جميعًا في رعاية شؤوننا في الحياة العادية. لقد طور ميزات معينة: فهو يهتم بالأشياء حتى لو لم يكن لها استخدام فوري وملموس؛ يهتم بتجنب العوامل الفردية والتأثيرات العاطفية؛ إنه يفحص بمزيد من الدقة مدى جدارة الثقة في الإدراك الحسي الذي لا يمكن الحصول عليه بالوسائل اليومية ويعزل محددات هذه التجارب الجديدة من التجارب المتنوعة بشكل متعمد. إن مسعاه هو الوصول إلى التوافق مع الواقع - أي مع ما هو موجود خارجنا ومستقلًا عنا، وكما علمتنا التجربة، يعد أمرًا حاسمًا لتحقيق رغباتنا أو خيبة أملنا. هذا التطابق مع العالم الخارجي الواقعي هو ما نسميه "الحقيقة". ويبقى هذا الهدف من العمل العلمي حتى لو تركنا القيمة العملية خارج الحساب. (ص 170)

من الواضح أن هذا البيان حول العلم هو ما قبل بولاني[4] وما قبل كوهيني[5] - لا توجد تأثيرات فردية أو عاطفية تلوث المشروع. علاوة على ذلك، فإن المعرفة الدقيقة للعالم الخارجي هي هدف العلم، وهي المعرفة التي ستوفر القدرة على التلاعب بواقع حاسم لتحقيق أو خيبة الأمل لرغبات الإنسان، كما يقول فرويد . لا عجب إذن أن الأمل الأخروي للبشرية بالنسبة لفرويد متجذر في انتصار الروح العقلانية للنظرة العلمية للعالم. "إن أفضل أمل لنا في المستقبل هو أن العقل - الروح العلمية- يؤسس مع مرور الوقت الحكم المطلق للحياة العقلية للإنسان. إن طبيعة العقل ضمانة لإعطاء الدوافع العاطفية للإنسان وما يحددها الموقف التي يستحقه. لكن الإكراه المشترك الذي تمارسه هيمنة العقل هذه سيثبت أنه أقوى رباط موحد بين الناس ويقود الطريق إلى مزيد من الاتحاد "(ص 171).

تلهف فرويد وأمله هو أن تسود العقلانية العلمية بين البشر. ويعتقد أن قاعدة العقل ستضمن مكانًا مناسبًا للأبعاد العاطفية للحياة البشرية، وستكون بمثابة نقطة تجمع لوحدة العرق البشري. فلا يحتاج التحليل النفسي، بالنسبة لفرويد، إلى التطلع أن يصبح له رؤية خاصة للعالم لأنه جزء لا يتجزأ من رؤية العالم العلمية. تستند هذه النظرة العلمية للعالم إلى طبيعة ميتافيزيقية أو منهجية شاملة. يكتمل العلم بفضل التحليل النفسي نفسه من خلال تضمنه دراسة صارمة للعقل البشري والفكر. أخيرًا، يتم تصور العلم من منظور فرويد بالكامل من منظور الوضعية والحداثية. إنه متفائل بأن هذه النظرة العلمية للعالم، والتي كان تخصصه جزءًا حيويًا منها، ستجمع البشرية معًا في رابطة عقلانية من شأنها أن تضمن التقدم المستقبلي للعرق للبشري.

نطرح سؤالاً أو اثنين. ألا يؤدي التحليل النفسي، على الرغم من اعتراضات فرويد نفسه، إلى رؤية مستقلة للعالم، ومن المفارقات، حتى إلى نوع من الدين، كما جادل العديد من المنظرين ؟[6] اعتقد لورانس، بطريقة فيها من السخرية قائلًا: " سيعرف المحللون النفسيون ما ستكون عليه النهاية" "لقد تسللوا بيننا كمعالجين وأطباء؛ وبجرأة زائدة، أكدوا سلطتهم كعلماء؛ وقت قصير وسيظهرون كرسل. ألم نر ونسمع كاتدرا يونغ السابق؟ وهل هناك حاجة إلى نبي لأدراك أن فرويد على شفا الأنزلاق الى تقديم رؤيا للعالم ؟[7]

لا يحتاج الأمر إلى نبي ليدرك، كما أوضح التحليل أعلاه، أن " إيمان فرويد برؤية للعالم هو مجرد التزام بالمبادئ المعترف بها في المنهجية العلمية في القرن التاسع عشر."[8] بمعنى، " يعكس التحليل النفسي، من الناحية الفلسفية، تأثره بالتجريبية الكلاسيكية و تقليد التنوير الذي تبنى فرويد نظرته المادية أو الطبيعية للعالم كخلفية لنموذجه".[9] وأكثر من ذلك، يعتقد ألبرت ليفي، إن المضمون الأنثروبولوجي لمشروع فرويد قد ولّد بالضرورة رؤية للعالم.

ربما كان إنكار فرويد المبكر لوجهة نظر عالمية بخلاف منهجية العلم التجريبي سابقًا لأوانه ولم يكن لدى فرويد طموحات ميتافيزيقية واعية، ولم يكن لديه نية لبناء رؤية للعالم كما في النماذج الكلاسيكية لهيجل أو سبينوزا. لكنه لا يستطيع تجنب ذلك. لأن التحليل النفسي يقوم على نظرية للإنسان، ومنطق للروح بالمعنى الدقيق للكلمة، وكلما ظهرت في أي عصر صورة جديدة للإنسان، تصبح النظريةالتي تطرحها جزءًا من التقليد الفلسفي. [10]

رؤية فرويد للعالم، إذن، المذهب الطبيعي الميتافيزيقي، والتجريبية العلمية أو الوضعية، وأنثروبولوجيا التحليل النفسي المميزة. هذه ليست مواقف محايدة مشتقة بطريقة موضوعية لكن يتم اختيارها الالتزامات، حتى العقيدة أو تعبير الإيمان. في حين أن فرويد ربما لم يكن يطمح إلى إنتاج وجهة نظر مستقلة للعالم من خلال التحليل النفسي، إلا أنها تستند بالتأكيد إلى واحدة، فتنقل الالتزامات الأساسية المتجسدة في تعاليمه الأساسية.

 

الدّكتور عليّ رّسول الرّبيعيّ

.....................................

[1] Sigmund Freud, "Inhibitions, Symptoms and Anxiety," in "An Autobiographical Study," "Inhibitions, Symptoms and Anxiety," "The Question of Lay Analysis," and Other Works, vol. 20 in The Standard Edition of the Complete Psychological Works of Sigmund Freud, trans. James Stracl1ey (London: Hogarth Press and the Institute of Psycho-Analysis, 1962), p. 95.

[2] Freud, "Inhibitions, Symptoms and Anxiety;' p. 96.

[3] Sigmund Freud, "The Question of a Weltanschauung," in New Introductory Lectures on Psycho-Analysis and Other Works, vol. 22 in The Standard Edition of the Complete Psychological Works of Sigmund Freud, pp. 158-82.

الاستشهاد اللاحق بالنصوص من هذا العمل

[4] https://en.wikipedia.org/wiki/Michael_Polanyi

[5] https://plato.stanford.edu/entries/thomas-kuhn/

[6]أنظر على سبيل المثال:

S. A. Figueira, "Common (Under)Ground in Psychoanalysis - the Question of a Weltanschauung Revisited;' International Journal of Psycho-Analysis 71 (1990): 65- 75; P. L. Rudnysky, "A Psychoanalytic Weltanschauung," Psychoanalytic Review 79 (summer 1992): 289-305; B. Wood, "The Religion of Psychoanalysis;' American Journal of Psychoanalysis 40 (1980 ): 13-26.

[7] الأقتباسات من :

in Albert William Levi, Philosophy and the Modern World (Bloomington: Indiana University Press, 1959), p. 151.

[8]Levi, p. 153.

[9]tanton L. Jones and Richard E. Butman, Modern Psycho-Therapies: A Comprehensive Christian Appraisal (Downers Grove, Ill.: InterVarsity, 1991), p. 67.

[10] Levi, p. 160.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم