صحيفة المثقف

صلاح حزام: هل يحق لنا استعراض مسيرة الموتى؟

صلاح حزامعندما يتوفى شخص، ينبري بعض الاشخاص بنية طيبة للقول انه لايجوز تناول مسيرته بالتحليل او النقد او النقاش لانه غير قادر على الدفاع عن نفسه !!

ارى ان الأمر صحيح لو كان المتوفّى شخصاً عادياً ليس لديه دور في الشؤون العامة سياسياً او ثقافياً الخ ...

ولكن مسيرة بعض الأشخاص كانت شأناً عاماً وكانت مؤثرة في الاتجاهات العامة في ميدان اختصاصه او عمله وكان له اتباع ومريدون.

لماذا لايجوز الحديث عن سيرته ومواقفه ومراجعتها وبيان اوجه الخطأ او الصح ؟

انه جزء من التاريخ الوطني وله مواقف وتصريحات وربما له مدرسة او مذهب في ميدان اهتمامه ..

لازال الناس يتحدثون عن اعمال شكسبير وعن حياته الشخصية واعماله وكذلك يتحدثون عن دافنشي وغيره من الفنانين والشعراء والرسامين ..

الشيء الوحيد الذي لايجوز هو الشتيمة لانها ليست ذات قيمة او فائدة ..

يوم أمس سمعنا خبر وفاة الشاعر سعدي يوسف، وأخذ البعض بمهاجمة الرجل وبيان بعض مواقفه وتصريحاته، في حين انبرى آخرون للدفاع عنه.

اعتقد ان خضوع مسيرته للدراسة والتحليل والنقد العلمي، أمر جائز ومفيد .

شخصياً التقيت بالراحل قبل سنوات عندما حضر الى مسقط لاقامة امسية شعرية، وجلست معه قبل بدء الامسية ومع رفيقته الشاعرة الانكليزية الشابة وكانت له آراء تستحق التوقف عندها مثل قوله : ان العراق لم يعُد موجوداً بالنسبة له وانه يلبس قلادة على شكل خارطة العراق كنوع من الذكرى لشخص ميّت، لا اكثر ولا أقل ..

قال ايضاً ان لم يعد شيوعياً !!

في ختام زيارته غضب من مُضيّفيه وسافر بمفرده غاضباً لان رفيقته قررت البقاء في مخيم صحراوي ..

نشر مقالة مليئة بالشتائم ضد من وجه له الدعوة وتكفل به، بحجة انه سرق رفيقته وخدعها وغرر بها (مع ان الفتاة كانت تعتبره زميلاً) وقال انه سوف يشتكي الى شرطة سكوتلانديارد ويوجه تهمة الخطف لذلك الشخص لان الفتاة وديعة عنده ارسلها اهلها بضمانته هو ويجب عليه اعادتها لهم ..

تصوروا امرأة شاعرة انكليزية يرسلها أهلها وديعة مع رجل للحفاظ عليها (يعني مع مُحرَم)!!!

شتم الجميع بكلمات قاسية ومجنونة،

نسف كل مواقفه من المرأة عندما اعتبرها وديعة في عهدته .

قبل فترة سمعت انه اعلن تأييده لداعش وممارساتها !!

سمعت انه عاد وأعلن انه الشيوعي الأخير (مع انه اعلن في الامسية انه لم يعد شيوعياً)!!

شيوعي سابق لكنه عاش سنواته الاخيرة لائذاً في كنف بريطانيا التي كان يقول عنها انها امبريالية !!

واعتقد انها ظاهرة تستحق الدراسة تلك التي تجعل بريطانيا ملاذاً لمن يعتبرها دولة امبريالية ويناصبها الاعداء (حتى كارل ماركس رَفَضه الجميع حتى دولته الأم المانيا وقبلته بريطانيا فقط الى حين وفاته)..

ليس سعدي يوسف وحده من اتخذها ملاذاً، بل اعداداً كبيرة من الشيوعيين العراقيين والبعثيين ..

هل ان ذلك يرتبط بمبدأية الرجل ام ان له قراءة مستقلة للأمر ومراجعة لمعنى الامبريالية والاستعمار ؟؟خاصة وانه ليس وحده من أقدم على ذلك بل سبقه كثيرون .

حتى في الشعر كانت له مساهمات مبتكرة ولايوجد مايمنع من دراستها من اجل وضع الرجل في المكان الذي يستحقه فعلاً في التاريخ الثقافي والسياسي..

لا استطيع ان أقول رحمه الله لاني لستُ متأكداً انه يوافق على ذلك.

 

د. صلاح حزام

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم