صحيفة المثقف

بدرالدين الربيعي: تحية إعجاب لشاعر شاب وما شاب

نور الدين صمودمن قال إن الشعراء يشيخون! بتصفح آخر إصدارات أستاذنا الجليل وصديقنا المبجل الشاعر الكبير الأستاذ الدكتور نورالدين صمود أمد الله في أنفاسه وجعله بلبلا مغردا في سماء القوافي على الدوام يتأكد المرء أن روح الشاعر تبقى طيلة عمره كبركان شديد الغليان لا "تأمن أن تصيبك حممه اللطيفة" برشقاتها الناعمة في كل آن وحين. فالشاعر شعلة مشاعر وأحاسيس وعواطف وتأملات وأفكار قد لا تخطر ببال إلا بمجال شاعر شاسع التصورات والخيال يتجاوز مداه أسوار الخيال. ليس هذا من باب المجاملات أو الملاطفات لرمز لامع في سماء الأدب والشعر عرفته أستاذا بالمعهد الثانوي بنابل في نهايات الستينيات من القرن العشرين ينثر الشعر على رؤوس الملإ من تلاميذه اليافعين ثم شاعرا غنائيا ترنمت بأشعاره ألمع الأصوات التونسية والعربية وبعد ذلك منتجا لبرنامج إذاعي ممتع كان يؤنس سهراتنا وينير ليالينا على مدى عديد السنين اختار له من حسن الذوق وقمة التذوق إسما رائعا  " مغنى ومعنى" . ومؤطرا للأدباء والشعراء الشبان بنادي مهرجان الادباء  بقليبية ومن ضمن لجنة تنظيم مهرجانها الصيفي.كما عرفته عن قرب أكثر في السنوات الأخيرة لما صرت أزوره من حين لآخر في "خيمة شعره الخاصة" ببيته العامر بقليبية فألقى منه جميل الترحاب وحسن القبول وأتنعم ببعض الأشعار التي ينثرها بين يدي ويشنف بها سمعي ويخصني بها في غفلة من الزمن ويطلعني على آخر إنتاجاته وإبداعاته. وكان آخرها الديوان الذي أهدانيه  في مطلع هذا الشهر تحت عنوان " الشعر المنظوم والمرسوم " الذي أصدره أواخر سنة 2020 عن دار القلم للنشر والتوزيع بسيدي بوزيد. وهو كتاب من الحجم المتوسط في 124 صفحة يحتوي على 25 قصيدة.والجديد هذه المرة أننا اكتشفنا جانبا آخر من إبداعات سي نورالدين ..ذلك أنه لا يرسم بالكلمات فقط ولكن قلمه يتحول أحيانا إلى ريشة رسام فله محاولات عديدة رصعت هذا الكتاب تدل على ذوق رفيع وتكامل بين عدة فروع من الفنون.أما الديوان في حد ذاته فهو شذرات من قصائد تنبض بقلب لا يزال شابا وقد شارف على التسعين وأغراض شعرية متنوعة تتراوح بين الوطنية والعاطفية والغزلية والتأملات الفلسفية والوجودية تتقاطر حكما على لسان شيخ شاب يهدي عصارة تجاربه لمن هم أصغر منه سنا . وبه تأملات فنان محنك ملأ جعبته من مسالك الحياة وصقل مواهبه فسالت كلماته وأشعاره كالرحيق المصفى لذة للقراء والشاربين.وقد تغنى عبره بالوطن وبنابل عاصمة ولايته وبقليبية مسقط رأسه ومربط فرسه ومربض عشقه وهواه الأول الذي ما من بديل عنه ولا ميل في البلاد لسواه.وقد أنهى ديوانه بقصيد عن قليبية المشهورة ببرجها الشامخ ومنارتها العالية وأنا أستسمحه لأقول (ما لم يستطع أن يقوله هو لعلو همته وعظم نفسه وكثرة تواضعه) إنه يعتبر معلما حيا من معالم قليبية شامخا في سماء الأدب والشعر لا يقل عنه علوا وضياء.فالأول ينير الليل للسفن ويرشد البحارة ويرمي أسسه في بحر كله خيرات وأسماك والثاني منارة للثقافة والشعر وأبياته أسماك تتلألأ في بحور العروض وتعارض رباعيات الخيام وتطاول إيليا أبا ماضي وجبران خليل جبران.ندعو الشباب لقراءة هذه التحفة الأخيرة التي خرجت لتوها من مخبر الشعر لمبدع دائم النشاط ونبتهل إلى الله لكي يمد في أنفاس شاعر لا يفارق الورق والقلم وهو لا يؤمن بتقدم العمر..أو لنقل حسب عبارته " لا يفارق النورديناتور" فهو متطور في إنتاجه وكثيرا ما يبث أفكاره للحاسوب فأصبح ينسب إليه (أورديناتور: نورديناتور) ولا شيء يحد الخيال.

 

بقلم المحامي الأستاذ بدرالدين الربيعي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم