صحيفة المثقف

كاظم لفته جبر: نظره في الفعل الأخلاقي الانساني

كاظم لفتة جبران عملية التضاد التي تعتري حياتنا بين الحب والكره هي شبيهة لما يتميز به الكون من وجود المتضادات في مكوناته، فهل نحن جزء من صيرورة الكون ام صيرورة الكون جزء من حياتنا، إنها المفارقة التي تعتري كل شيء في الوجود بما فيها الأفكار و الموجودات المادية، فنحن البشر ايضا نتكون من نفس وجسد، وتقام حياتنا وتعاملاتنا مع الآخرين وفق لمفهوم الحب والكره، ففي البحث عن فكرة الحب ترى أنها تقابل الخير، وعن الكره ترى أنها تقابل الشر، فلو تابعنا التفسير والتحليل للحب والكره وفقا للخير والشر بوصفهما القيم الاخلاقية العليا التي تستند إليها الأفعال في حركتها الافقية والعمودية .

فالخير منبعه الله اما الشر فاعلة الشيطان، أما الحب والكره فهي من فعل الإنسان لكون يعتمد على تعاملاته مع الأخرين، فالخير والشر موجهه على الإنسان من الخارج، أما الحب والكره ينبع من داخل الإنسان، فالخير والشر ممتلئ به الكون، أما الحب والكره تتصارع به النفوس، فالحب شيء معنوي كونه فعل من أفعال الخير، والخير كقيمة مطلقة يتجلى من خلالها الله، أما الشر فهو مادي، لذلك يتم توجيهه الخير من خلال الحب، ويتم توجيه الشر من خلال الكره، فمفهوم الخير والشر اصلهما أفكار، أما الحب والكره أفعال، وتتجسد الفكرة من خلال الفعل، لذلك الحب والكرة تجسيد لأفكار الخير والشر، فيتشابهان من ناحية ان الحب معنوي والكره مادي، فيظن الكثير ان فعل الحب يدل على الخير، وأن فعل الكره يدل على الشر، فهما يلتقيان في الأفكار ويختلفان في الأفعال، فهناك من يحب لكره، وآخر يكره لحب، فالانا تحب هذا الشيء السيء يحدث لشخص تكره، وتكره ان يحدث شيء سيء لشخص تحبه وقد يكون العكس، فسيولة الحب والكره غير متوافق مع الشر والخير، كون الأول مفهوم تتحكم به صيرورة التغير في الماديات ويتجلى فيها كونه فعل، أما الثاني مفهوم تتحكم به الأفكار و المشاعر ويتجلى فيها لذلك يكون مطلق وثابت، فالخير خير والشر شر، وقد يكون الحب ليس حبا والكره ليس كرها، لأنهما نسوقهما وفقا الأفعال وتعاملات، وتختلف فكرتنا عن الحب والكره بحسب الأيديولوجيات التي تكون بنيات حياتنا منذُ الصغر إلى أن نكبر، في الأسرة والمدرسة والبيئة كل تلك العوامل تكون صيرورة النسق الفكري والتجسيدي لمفهوم الحب والكره لكونه مكتسب ويخضع للعاطفة، أما الخير والشر مفهومان نعرفهما من خلال العقل، وهما موجودان قبل أن يوجد الإنسان، أما الحب والكره أفعال وجدت مع الإنسان، بالسلوك الإنساني وحركة تعاملاته الافقية في الأرض تكون تبعا لمفهوم الحب والكره، اما حركة تعاملاته العمودية مع السماء تخضع لمفهوم الخير والشر، فالفعل الأخلاقي الإنساني بين الانا والآخر هل نصفه بالحب، واذا كان هذا الحب حركته الفعلية متغيرة بين انسان إلى آخر، ومن مجتمع إلى آخر، وكون الإنساني يخضع إلى التعاطف، فليس من الممكن أن يكون التعاطف جيدا في الانسانية الا اذا كان واجبا، والفعل الإنساني لا يكون واجبا من خلال الحب والكره، ويمكن أن نستعير نظرية فرويد في تفسير ذلك، بما ان الانسان يتكون من عقل وضمير واهواء وشهوات، والإنساني قائم على التعاطف يعني انه خاضع إلى منطقة الأهواء والشهوات، أما الخير والشر خاضع لمفهوم المفهوم الضمير، والعقل هو الذي يحاكم الأشياء عند الإنسان، ان الصراع الذي يحدث عن كل انسان قبل كل فعل يحدث بين منطقتين الضمير والأهواء والشهوات فالعقل هو الذي يتدخل لحسم الصراع لصالح المسيطر على النفس الانسانية ثم تذهب الأخرى لمنطقة الكبت وتظهر في اللاوعي أو اللاشعور لدى الإنسان . اذان يجب أن يكون الفعل الإنساني غير خاضع للتعاطف بل يجب أن يكون العقل حاضرا في تعقله وتحليله بوصفه واجبا.

 

كاظم لفته جبر

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم