صحيفة المثقف

صادق السامرائي: لماذا التأريخ لا يعلمنا؟

صادق السامرائيالتأريخ العربي المدوّن يتميز بالخيالية، والإبداعات الفنتازية البعيدة عن واقع الحياة، فرموز التأريخ موجودات لا بشرية، وهي أكبر من ملائكة وذات قدسية عالية.

فكيف نتعلم من حالات غير موجودة أصلا، ومسوَّقة بأساليب لا تصلح للحياة فوق التراب.

فتجدنا أمام كتابات تتحدث عن حكايات خرافية وأساطير خارقة للمعتاد، وبعيدة عن قدرات البشر، ولا تتصل بمسيرته اليومية، فكيف نتعلم مما يشبه الأوهام والإنحرافات الإدراكية؟

فالبشر يتعلم من التجارب الواقعية، التي تحصل في ميادين الحياة، ويكون أبطالها من البشر الذين يتحركون في الدنيا، ويكافحون ويعانون ويقاتلون ويموتون.

بينما رموز تأريخنا أشباح خيالية، وموجودات سرابية، وحالات محاطة بتصورات خارجة عن جاذبية الأرض.

الخلفاء، القادة، الأبطال، كلهم عبارة عن أساطير، ومخلوقات لا يمكن تصديقها وقبولها مهما توهم الواهمون.

فهذا الشخص أكثر من مقدس، وما هو إلا بشر كأي البشر، وهذا إله وما هو إلا كغيره من البشر، وهذا الخليفة يمتلك قوة خارقة، وما هو إلا مخلوق ضعيف، ويعاني من أمراض ورغبات منحرفة  فاعلة فيه، لكننا صورناه وتخيلناه، وأخرجناه من آدميته رغم أنه قد إلتحف التراب.

إنها عجائب سلوكية مدوّنة في الكتب على أنها تأريخ، وما هي إلا أوهام فاعلة في الأجيال، ولا يمكنها أن تتعلم منها، فالآوهام لا تعلم بل تؤزم، وعلينا لكي نتعلم فعلا من التأريخ أن نقرأه بعيون العلم، ونؤمن بأننا نتعامل مع البشر، وأي سلوك لا يتوافق مع كونهم بشرا لا يجوز قبوله.

فالخلفاء والقادة، وغيرهم من الرموز هم  كأي البشر لهم حسناتهم وسيئاتهم، ولا يمكن القبول بأنهم من المقدسين المنزهين من الخطأ، فالبشر محشو بالرغبات الدونية!!

 

د. صادق السامرائي

7\6\2021

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم