صحيفة المثقف

محمود محمد علي: قراءة نقدية في كتاب إشكاليّات التّعليم الإلكترونيّ وتحدّياته (5)

محمود محمد عليفي ضوء جائحة كورونا للأستاذ الدكتور علي وطفه.

نعود ونكمل حديثنا عن القراءة النقدية التي قمنا بها تجاه كتاب إشكاليّات التّعليم الإلكترونيّ وتحدّياته في ضوء جائحة كورونا للأستاذ الدكتور علي وطفه وهنا نقول: والسؤال الرئيسي الذي يتبادر إلى ذهان الدكتور علي وطفه في مقدمة هذا الفصل هو: كيف سيكون حال التعليم، ولاسيما التعليم العالي والجامعي فيما بعد كورونا؟ هل سيكون التعليم إلكترونيا عن بعد؟ هل سيكون نوعا من التعليم المدمج بين التعليم الإلكتروني والتعليم التقليدي؟ كيف سيكون حال المناهج ومستوى تأهيل المعلّم والوسائل والفلسفات والوظائف الأساسيّة لهذا التّعليم؟

ويجيبنا المؤلف قائلا: وهنا يجب علينا أن ننطلق من بداهة حضارية لمّحنا إليها، وهي أنّ التّعليم القادم كان قبل كورونا، وسيكون بعدها افتراضيا رقميا، يعتمد على الذكاء الاصطناعي. ويعود السّبب في ذلك إلى طبيعة التطور الحادث في فضاء الثورة الصناعية الرابعة، وما تنطوي عليه من تغيير شامل في أنماط الوجود والحياة. وسننطلق من مسلّمة أخرى مفادها أنّ كورونا سرّع في عملية التطوّر المستقبلي للتعليم الإلكتروني، وشكّل ضربة مهماز قوية زعزعت التّعليم التّقليدي وأربكت روّاده، وهيأته لنقلة جديدة نحو التعليم الإلكتروني بصيغتيه البعدية والحضورية، ودفعت الإنسانية إلى نمط آخر من التعليم القائم على الثورة الرقمية الهائلة في زمن الثورة الصناعية الرابعة التي ترتسم على صورة الذّكاء الاجتماعي والاصطناعي الخارق (51).

كما يناقش المؤلف في هذا الفصل عدة محاور منها: هل سيكون التعليم إلكترونيا فيما بعد كورونا؟ (ص ص 316-317)، وحوار إشكالي بين أنصار التعليم عن بعد والتعليم التقليدي (ص ص 317-321)، والمناهج المستقبلية فيما بعد كورونا (ص ص 321-325)، وزراعة المواهب الإبداعية (ص ص 325-329)، والمنافسة الأكاديمية: الشركات الإلكترونية ضد الجامعات (ص ص 329-331)، وهنا يتوصل المؤلف  إلى حقيقة هامة وهي أنّ: " تطوّر التعليم عن بعد من هيئته القائمة على النّقل إلى صورته الإلكترونية النموذجيّة لا يمكن أن يحدث إلاّ في سياق تكنولوجي واجتماعيّ واقتصاديّ محدّد، ويعدّ هذا الانتقال من الصّورة البسيطة إلى الصورة النموذجية تحدّيًا كبيرًا يواجه الأنظمة التعليمية في مختلف أنحاء العالم. وهذا يعني أيضا أنّ الانتقال من نموذج التعلم التقليديّ إلى نموذج التعلم الإلكتروني عن بعد ليس مهمّة بسيطة بل هي مهمّة معقّدة تنطوي على ممارسات استراتيجية فعالة. وفي هذا السياق، قامت بعض الجامعات في ظل الأزمة بمحاولات جادّة للانتقال بالتعليم من صورته التقليدية إلى هيئته الإلكترونية، فأدخلت منظومة من التّغييرات التدريجيّة، وركّزت على نهج التّعلم المدمج، وعزّزت فرص التّفاعل الحقيقية بين الطلاب والمعلمين عبر الإنترنت، ووظّفت عددا من المنهجيات والتقانات المتجدّدة. وقد أدركت الجامعات الرائدة عالميًا أخيرًا ضرورة الاستعداد للمستقبل، وبدأت تدرس كيفيّة تقديم التعليم والتّدريب العالي من خلال الإنترنت، مع النّظر إلى جدوى الاستثمار في الواقع الافتراضي والواقع المعزّز وإتاحته للطلاب في جميع أنحاء العالم. ومع أهمّية هذه المبادرات، فإنّ معظم الجامعات لم تبدأ بعد أي عملية للتكيّف مع التعلّم عن بعد بصورته النموذجيّة، ومما يؤسف له أنّ عددا كبيرا من الجامعات ولاسيما في البلدان الفقيرة ليس لديها بنية تحتية أو موارد كبيرة لتأصيل هذا التعليم القائم على أرقى إنجازات الثورة في ميدان الإلكترونيات والبرمجيات الرقمية المتقدمة في مجال التعلم عن بعد" (52). ويستطرد المؤلف فيقول: " بعد هذا كلّه يمكن القول إنّ هناك جامعات متقدّمة تقوم بالتعلّم النّموذجي عن بعد في أفضل المستويات، وعندما تضع الجامعات خططًا أكثر قوّة للتأهّب للكوارث في المستقبل، فإنّها ستكون قادرة على تحسين قدراتها وإمكاناتها الرقمية، وصولا إلى تحقيق أرقى مستويات هذا التعليم في حلّته المتطوّرة على صورة التّعليم المعزّز بالواقع الافتراضي والنانو تكنولوجي (53) .

وفي الفصل التاسع الموسوم بـ "مستقبل التّعليم العام فيما بعد أزمة كورونا"،  يرى الدكتور علي وطفه أنّ ما زال كورونا حتّى السّاعة يمعن في الانتشار والتّدمير، وما زال يضرب أركان الكوكب، ويسحق اقتصاده، ويعطّل الحياة في مختلف مظاهرها، ويترك الناس في حالة من الهلع واليأس، فيعطّل عيشهم، ويدمّر أرزاقهم، ويغلق مدارسهم ومؤسّساتهم. وقد يكون هذا الفيروس من أخطر الفيروسات التي ضربت المجتمعات الإنسانية في التاريخ، ومع ذلك سيكون القادم ربّما أشد هولاً وأصعب وقعا. ومع ذلك، لا مفرّ من أن نتفاءل خيرا، وأن نصرّ على تفاؤلنا، ففي كل سواد بياض، وفي ثنايا كل كارثة بعض الأمل" (54). وقد لا حظ المؤلف على سبيل المثال، بعض الآثار الإيجابيّة في مجال البيئة، إذ انخفض مستوى التلوّث البيئي النّاجم عن عوادم الطائرات والمصانع، وازداد اهتمام العلماء والسّياسيين بقضايا العلوم الحياتية والبيئة، وتراجعت الولايات المتحدة الأمريكية عن انسحابها من المنظّمات الدّولية الصّحّية والبيئيّة، وزاد الإنفاق على البحوث العلميّة في مجال الطبّ والهندسة الوراثيّة، وتطوّرت وسائل الاتّصال الإلكترونيّ، وظهرت صناعات جديدة متخصّصة في مجال الأوبئة. ولا يمكن أن نحصي الإيجابيّات التي تترتب على هذا الوباء، لكن أهمّها على الإطلاق -كما يبدو لي- هو التأهّب لعالم الكوارث القادمة، والتّحضير لمواجهات إنسانية متجدّدة مع الفيروسات والأوبئة (55)، وهناك، في نظر المؤلف، إجماع بين العلماء على أنّ العالم سيتغيّر بعد جائحة كورونا، وأنّ "كورونا جاء اختبارا لمدى قدرة الحكومات وجاهزيّتها ومرونتها للاستجابة لمثل هذه الأزمات، كما يقول سعيد الظاهري". وضمن هذا السّياق الحضاريّ يشكّل "التّعليم أحد أهم القطاعات التي شهدت تغيّراً كبيراً خلال هذه الجائحة التي سرّعت في الانتقال لنمط التّعليم عن بعد أو ما يعرف بالتّعليم الافتراضي، كاستجابة ضرورية لاستمرار العملية التّعليمية خلال هذه الأزمة. التّغيير لن يقتصر على التّعليم عن بعد لكن سيطال نموذج وشكل العملية التدريسية مستقبلاً، لقد "غيّرت جائحة كورونا طرائق التّعليم والتعلّم لملايين الطلاب حول العالم، وأصبح الملايين من الطلاب يستعملون الهواتف الذكية والتّطبيقات التفاعليّة للتعلّم ويَحضرون الدروس التي تُبثّ مباشرةً على التّلفزيون. ولا شكّ في أنّ هذه الحلول الجديدة في التّعليم ستفتح المجال أمام المزيد من الابتكارات"، ومع "الانتشار الواسع لتقنيات الجيل الخامس سيتمكّن الطلاب من التعلم في كل مكان وفي أي وقت، وستدعم أنماط التعلّم الجديدة التّعليم التّقليديّ في الصفوف، مما يزيد من مهارات الطلاب وانفتاح أذهانهم. وستمكِّن الشراكات بين القطاعين العام والخاص وبين الشركات والمؤسسات في مجالات مختلفة -كما حصل في الصين- من الحصول على منصّات للبثّ والتّعليم من بعد معتمدة على التقانات السّحابية، وتوفير بنية تحتية متطوّرة للتعليم تديرها وزارات التّربية والتّعليم العالي ووزارة الاتصالات (56).

ولكي يوضح لنا الدكتور علي وطفه بالتفصيل قدم لنا المحاور التالية: حتمية التطور (ص ص 344-348)، وسيناريوهات متوقعة (ص ص 348-253)، وسيناريوهات العودة إلي المدرسة (ص ص 353-357)، وقد توصل المؤلف إلى  حقيقة مهمة، وهي أنّ: " جائحة كورونا لن تكون، على الأرجح، الكارثة الأخيرة، فالمستقبل قد يكون متخما بالأزمات وحافلا بالكوارث والجائحات التي تنتظر الإنسانيّة على الدروب ومفارق الطرق. ويجب علينا أن ننظر إلى هذه الجائحة بوصفها اختبارا قاسيا ودرسا مفيدا يستفاد منه في مواجهة التّحدّيات الحضارية المقبلة. ويمكننا القول، في هذا السياق، كذلك، إنّ كورونا يشكّل ضربة قاسية تهدف إلى إيقاظ الإنسانية من سباتها الحضاريّ الطويل، تنبيها لها لما يمكن أن يجتاحها من مصائب وويلات في الأزمنة القادمة. فالأزمة الكورونية صادمة، وهي على درجة كبيرة من الخطورة والأهمية، ولكنّها ليست، في نهاية الأمر، سوى تعبير عن الأزمة الحضارية الكبرى التي تتمثل في أزمة انتقال المجتمع الإنساني إلى حضارة الموجة الرابعة، وهو المفهوم الذي يستخدمه آفلين توفلر في وصفه للمرحلة العليا من تطوّر المجتمع الإنساني، فالثورة الصناعيّة الرابعة تدقّ الأبواب، وتنذر بأزمات كثيرة كامنة في تطويع الإنسانية على قوالب التّطوّر الجديدة المتمثّلة في الذّكاء الاصطناعيّ الخارق. ولئن كان المجتمع الإنساني اليوم يواجه أزمة كورونا، فإنّ هذه المواجهة تتمّ في خضمّ التحول العظيم للثورة الصناعية الكبرى الجبارة التي تعتمد الثورة الرّقميّة المابعدية في كل ميدان وحقل وقطاع وجانب من جوانب الحياة والوجود، فالإنسانية اليوم تخلع أثوابها القديمة كلّها تحت وقع الاهتزازات الكبرى للثورة الصناعية الرّقميّة، وترتدي حلّة حضارية جديدة مختلفة تماما عمّا ألفته وعهدته في الماضي. وهنا يأتي الوباء كضربة مهماز لتسرع أحصنة التقدّم الحضاري، ولاسيّما في مجال التريبة والتّعليم، وكأنّ هذا الوباء قد ولد خصيصا ليقدم دفعة حيوية للتعليم صوب دروب تقدّمه وتطوره المنشود تحت ضغط الثورة الصناعية الرابعة وتموّجاتها. نعم، جاء كورونا ليخرج التّربية من أوكارها التّقليديّة، ويدفع بها إلى فضاء جديد يتمثّل في الذكاء الإلكترونيّ الخارق الذي يشكّل المحرّك الجبار للثّورة الصناعية الرابعة (57).

وتحت تأثير كورونا العتيد بدأ الآباء والطلاب والمعلمون في جميع أنحاء أوروبا، كما يقول المؤلف، يتكيّفون مع الوضعية الجديدة للتعليم عن بعد الذي ينحو إلى أن يكون تعليما إلكترونيا نموذجيا بامتياز. وعندما تبدأ المدارس في إعادة فتح أبوابها من جديد، فإن هذا الأمر لن يتطلب التكيف مع استخدام التكنولوجيا فحسب، بل سيتطلب كذلك تطوير هذه التكنولوجيا التّعليمية وإعداد المحتويات الإلكترونيّة والترّسانات الرّقميّة ضمن قوالب تربوية جديدة ومتطوّرة ومتكيّفة مع متطلبات الثورة الرّقميّة في مختلف مجالات الحياة الإنسانية. وعلى الرّغم من أنّ إغلاق المدارس تسبّب في البداية في حدوث اضطرابات تربوية واسعة، فإنّ هذا الأمر قد شكّل دافعا قويّا لتطور مختلف مناحي الإبداع والابتكار في العملية التربوي والتّعليمية. وتأخذ هذه التوجهات الابتكارية مسارها نحو الأفضل مع حركة الزّمن وتقدّمه المستمرّ. وهناك دلائل تشير إلى أنّ الأزمة ربّما يكون لها تأثير دائم على مسار تعلّم الابتكار والرقمنة (58).

أما الفصل العاشر والأخير  الذي تخيّر له المؤلّف العنوان الآتي:" كورونا: دروس وعبر: هل ستؤدي الصدمة الكورونية إلى يقظة التربية العربية؟، فيركز على  المكاشفة البيداغوجية للدروس التربوية المستفادة من معايشة الجائحة الفيروسية لكورنا، حيث علينا أن نستكشف الشيفرة الجينيّة للتأثير الذي فرضه الفيروس في المجال التربوي والتعليمي. وتأخذ هذه الشيفرة هويتها في هذا التفاعل المريب والخطير بين كورونا والفقر والتعليم والتكنولوجيا والمستقبل، إذ لا يمكن الفصل بين هذه المتغيرات الدائرية المتداخلة في تفاعلها وتأثيرها. ومهما يكن فإن اجتماع الفقر وكورونا والاستغراق في الماضي ضمن انشوداته التقليدية المتخلفة عن ركب الحضارة التكنولوجية الذكية للعصر، يجعل من وقع الكارثة مهولا ومدمرا وخطيرا في مختلف المجالات، ولاسيما في المجال التربوي والتعليمي. لقد بينت التجربة الكارثية أنّ وقع كورونا وتأثيره التربوي كان أقلّ وطأة وثقلا في البلدان المتقدمة، ولدى الطبقات الاجتماعية الغنية الميسورة، وفي المناطق التي تتكاثف فيها الحضارة الرقمية. وعلى خلاف ذلك، كان وقعه مخيفا رهيبا في البلدان الفقيرة، وفي واقع الطبقات الاجتماعية المهيضة، وفي المناطق التي تتكاثف فيها الأمية الحضارية. إلاّ أنّ ثمّة دروس تربوية كثيرة يمكن لنا أن نأخذها بعين الاعتبار من صلب التجربة المرّة والمأساوية التي عشناها وتعايشنا معها خلال العام الماضي وبداية هذا العام الدراسي (59).

لقد أدت الجائحة إلى فرض تغيرات جوهرية في مشهد التعليم والتربية في العالم، وبلغت حدود هذه التغيرات كما يؤكد الدكتور علي وطفه إلى ما هو أبعد من كلّ التوقعات والسيناريوهات المحتملة، لقد صدم الفيروس وعي الناس وأيقظ اهتمامهم بكثير من القضايا الحياتية والوجودية، ووضعهم أمام الكثير من التحديات المعرفية، ودفع بهم إلى مواجهات صعبة ومعقدة مع منظومة من المشكلات الكبيرة، واستطاع يدفع بأمور كثيرة إلى صدارة الاهتمام الحكومي وإلى أولويات عمل المنظمات الدولية الفاعلة في المجتمع الإنسانية. وقد رسخ أهمية النظر إلى التربية بوصفها رافعة التنمية والتنمية المستدامة والمنطلق إلى مسارات النهضة الحضارية للثورة الصناعية الرابعة (60).

وقد أشار المؤلف في هذا الفصل  إلى أنّ النظام التعليمي ما بعد كورونا سيكون مختلفا جدًا عن التعليم التقليدي الذي ألفناه وعرفناه عبر عقود عديدة من الزمن، ومن المؤكد أيضاً أنّ التعليم المستقبلي سيكتسب ملامح جديدة مختلفة إلى حدّ كبير، ومن المؤكد أيضا أنّ الجائحة ستكون حافزا على بناء استراتيجيات جديدة للتعلم الإلكتروني، وهي استراتيجيات تشتمل على أهداف وفلسفات وقيم ومبادئ وأهداف جديدة مستجدة (61).

ومن صلب التجارب التي استعرض المؤلف بعضا من خلاصاتها نستطيع أن نتعلم الدرس الذي يفيض بالمعاني ذات الدلالة الاستراتيجية. ومنها: تثوير التعليم في زمن الثورة الرقمية (ص ص 372-373)، وتطوير المناهج الدراسية (ص ص 373-374)، وأهمية الأسرة (ص ص 374-375)، وأهمية المدرسة (ص ص 375-376)، والتعاون بين الأسرة والمدرسة (ص ص 276-377)، والاستعداد التكنولوجي (ص ص 377-378)،وجاهزية المحتوي الإلكتروني (ص ص 378-379)، والثقافة الإلكترونية والرقمية (ص ص 370-380)، والتخطيط التربوي للمستقبل (ص ص 280-381)، ومهارات جديدة قبل الشهادات (ص ص 281-282)، وأهمية البحث العلمي (ص 383)، والابتكار (ص ص 382-383)، والتعاون الدولي (ص ص 383- 384)، وهل ستؤدي الصدمة الكورونية إلي يقظة التربية العربية (ص ص 284-387)، وقد توصل في هذا الفصل  إلى حقيقة مهمة، وهي: " كورونا جاءت بالدروس والعبر التي لا يمكن لنا أن ننكر جدواها وتأثيرها في حياتنا ووجودنا. وما قدمناه حول دروس كورونا ليس  إلا غيضا من فيض، فالدروس التي تعلمها البشر خلال هذه التجربة المأسوية تفوق قدرتنا على الإحاطة والحصر. فالدروس في التربية كثيرة جدا وهي لا تقل أهمّية عنها في الاقتصاد والحياة الإنسانية برمتها بأدنى تفاصيلها وأكثرها تعقيدا، وقد لا نبالغ إذا قلنا بأنّ كورنا قد أحدث ثورة في المفاهيم والتصورات في مختلف الميادين وفي مختلف أوجه الحياة والفكر الإنساني في الفلسفة وعلم الاجتماع والتربية والفن والأدب. ومن هنا، يكرّر المفكرون عبارة إنّ ما بعد كورونا لن يكون كما قبلها. فكورونا يشكّل مرحلة فاصلة في تاريخ الإنسانية وهو في كلّ الأحوال دفعة قويّة نحو المستقبل نحو زمن الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي الخارق (62). وكلّ ما تمنّاه المؤلف هو أن تعمل الدول العربية بأنظمتها التربوية على الاستفادة من معطيات هذه المرحلة والدروس الكبيرة التي علمنا إياها كورنا القاتل. فنحن اليوم على مفترق طرق ونأمل أن تقوم مجتمعاتنا بتطوير أنظمتها التربوية لتلحق بعصر الثورة الصناعية وثوراته الرقمية اللامتناهية في دائرتي الزمان والمكان (63)..... وللحديث بقية..

 

الأستاذ الدكتور محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط

.....................

51- المصدر نفسه، ص 312.

52- المصدر نفسه، ص 333.

53- المصدر نفسه، الصفحة نفسها.

54- المصدر نفسه، ص 339.

55- المصدر نفسه، ص 340-341.

56- المصدر نفسه، ص 344.

57- المصدر نفسه، ص 358.

58- المصدر نفسه، ص 359.

59- المصدر نفسه، ص 370.

60- المصدر نفسه، ص 372.

61- المصدر نفسه، الصفحة نفسها.

62- المصدر نفسه، ص 397.

63- المصدر نفسه، الصفحة نفسها.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم