صحيفة المثقف

سمية العبيدي: تشظي

سمية العبيديكنت قد التقيت بها - لسوء حظي - قبل عقود . سكنت داري في البدء رحبت بها كثيرا عاملتها مثل ابنائي . حاولت تدجينها تظاهرت بالطاعة والرضا وحين اطمأنت لرسوخ قدمها بدت تخرج رأسها كلما أقدمت على عمل من أعمالي تحشر نفسها ارتقت الى التأنيب ثم التدخل السافر وكنت ارفضه فقط بالقلب ذلك مجاملة من جهة ولأن لا حول لي من جهة اخرى . غير انه تحول الى نبش بقلبي وجرح لمشاعري استطعت ان اتحمله زمنا ثم وقف راس الافعى و بدأ العض كان السم يتوغل في جوفي قليلا قليلا حتى أوشك أن يقضي علي.. ذلك اني كنت أُسرع بجرح مكانه ومص السم ثم قذفه في مجرى الماء الثقيل نجوت فقد كنت شابة وقوية ظلت تقف بلا صوت كلما راق لها ذلك وتلدغني في أماكن مخبؤءة في الظل وفي الذاكرة حطمت شروطي وذبحت مقدساتي وغرزت في بعض مواد التخدير مع السم و بعض آيات نحسها .. توسلت لنفسي أن تصبر واستطعت أخيرا أن أزيح جؤجؤها الثقيل عن هيكلي الصابر فمضت بعيدا و واصلت طريقي بعد رحيلها عني قبل أن ارتكب معصية لا غفران لها . وبعد أن انهدت قدراتي وساورني الكبر وأخذ معه طاقتي وريعاني إذا بها تنبعث مرة أُخرى في حنايا بيتي ولضعفي هششتها مثل ذبابة سخرت مني وانشبت مقلتيها الشريرتين في كبدي وبدأت تنهشني زرعت أنيابها في حنجرتي وبدأت تنفث تنفث قدرا لا محسوبا ولا موزونا جمعت كل ما بقي لي من طاقة وحشدت لها كل جيوب الخوف والتحفز لأقضي عليها قبل أن تتشبث بحنجرتي الى الابد وما كاد راسها يبتعد لحظة عني حتى عاجلتها بمضربي الخشبي فانشق راسها وقبل أن يرتد نفسي الي وتنشرح قسمات وجهي انبرت من الرأس المفلوع خمس أفاع أشد خبثا وتلوتا تشظى الرأس المطحون مثل بطيخة حقل طازجة عن خمس أفاع حاصرنني كجرذ في مصيدة وبدأن ينهشن جلدي المقدد والمترهل أثر السنين بدأن بلحم عيوني وقرضن ابتسامتي من طرفيها وعبثن بفتحتي أنفي دخولا وخروجا الى النفس الأخير .

***

سمية العبيدي / بغداد

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم