صحيفة المثقف

عباس علي مراد: أستراليا.. شيخوخة السكان والمهاجرين

عباس علي مرادالأسبوع الماضي أصدر وزير الخزينة الفيدرالي جوش فرايدنبرغ تقرير بين الأجيال  الذي يصدر كل 5 سنوات، نذكر أن أول تقرير صدر في عام 2002 من قبل حكومة جان هوارد.

يعرض التقرير للتحديات المستقبلية للإقتصاد والميزانية في البلاد  للأربعين سنة القادمة، ويدرس التقرير السياسات الحالية وتأثيرها على المدى الطويل وتأثيرالإتجاهات الديمغرافية والتكنولوجية والهيكلية والعمالة على الإقتصاد والميزانية.

يعطي التقرير صورة سوداوية لأستراليا في الأربعين سنة القادمة، فيرى واضعو التقرير أن أستراليا ستصبح أكثر شيخوخة وفقراً مما كان متوقعاً في التقرير الماضي.

أما بالنسبة للميزانية فستظل في عجز لمدة طويلة ويتراجع الدين العام بصورة طفيفة خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة، قبل أن يعاود الإرتفاع مجدداً حتى العام 2060.

يعتبر النمو السكاني الركن الأساس للنمو والإزدهار الإقتصادي لأنه يؤمن اليد العاملة والسوق الإستهلاكية والمنافسة في الأسواق العالمية.

من المتوقع أن يظل النمو السكاني في أستراليا إيجابياً في المستقبل ولكنه بطيء خلال السنوات القليلة القادمة حيث تراجع النمو السكاني من 1.5% العام المالي 2018-2019 إلى 1.2% 2019-2020 و0.2% عام 2020-2021  ولأول مرة نشهد هذا التراجع منذ عام 1916-1917، ويشير التقرير إلى أن السبب يعود الى جائحة كورونا وتراجع النمو الطبيعي للسكان وتراجع عدد المهاجرين.

شكل المهاجرون نسبة 60% من النمو السكاني في البلاد خلال العقد الماضي ومن المتوقع أن تصل النسبة الى 74% عام 2060-2061 حسب تقرير بين الأجيال2021، ليس هذا وحسب لا بل فقد ساهمت الهجرة الخارجية أيضاً في إرتفاع هذا النمو عن المعدل المتوقع رغم تراجع نسبة الخصوبة والنمو الطبيعي الذي كان يشكل أساس النمو في تسعينيات القرن الماضي.

ومن المتوقع أن يشكل النمو الطبيعي العمود الفقري للنمو السكاني في البلاد في الوقت الحاضر بسبب تراجع أعداد المهاجرين بسب جائحة الكورونا من حوالي 154000 ألف مهاجر عام 2019-2020 الى حوالي 72000 عام 2020-2021 والى قرابة 22000 عام 2021- 2022 ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم تدريجياً بعد رفع قيود السفر المفروضة بسبب كوفيد-19 لتصل الى 235000عام 2020-2029.

نشير الى أن تزايد عدد سكان أستراليا يترافق مع نسبة الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا والتي تضاعفت تقريبًا بين 30 يونيو 1946 و 30 يونيو 2019 حسب مكتب الإحصاء الأسترالي، أي أن أستراليا ستصبح أكثر شيخوخة وذلك بسبب إزدياد متوسط عمر الفرد وإنخفاض الخصوبة.

إن شيخوخة السكان سوف تفرض تحديات مستقبلية وعبء على الخزينة بسبب زيادة الإنفاق على المسنيين، وتراجع نسبة العاملين الذين يدفعون الضرائب لتغطية هذه النفقات، حيث كان هناك 6.6 أشخاص في سن العمل لكل شخص يزيد عمره عن 65 عامًا في عام 1981-1982 واليوم هناك 4 أشخاص وبحلول عام 2060-61  سيكون هناك 2.7 فقط.

لقد أصبح التقرير في عهدة الحكومة ويبقى علينا الإنتظار لنرى كيف ستتعامل هذه الحكومة والتي أصبحت في مزاج إنتخابي مع ما جاء في التقرير، خصوصاُ أنها تواجه تحديات جمّة في كيفية مكافحة وباء كورونا المتحوّل المعروف بدلتا والذي فرض إغلاق مناطق واسعة من البلاد للحد من إنتشاره بالإضافة الى التعثر في حملة التلقيح الوطنية ضد الوباء.

أخيراً، نتمنى أن لا تتحكم الغريزة الإنتخابية والسياسية قصيرة المدى بردّ الحكومة عند الأخذ بتوصيات التقرير وتدرك أهمية دور المهاجرين في تنمية وإزدهار البلاد والتي يركز عليها البنك المركزي الأسترالي وقطاع الأعمال، وأن يكون لدى الحكومة رؤية مستقبلية تحاكي ما جاء في التقرير وتضع خطط على أسس علمية، وأن لا تعتمد على المعجزات التي يعتقد بها وأفصح عنها رئيس الوزراء سكوت موريسن بعد فوزه بالإنتخابات الفيدرالية عام2019.

 

عباس علي مراد      

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم