صحيفة المثقف

هاشم عبود: بقايا سراب

هاشم عبود الموسويكم مرةً ..

قَضَمتْ مَعاطِفِيَ الرياح

واستفزت خطوتي

تيه المسافات البعيدة

بعيون..

لم تكن يوما مدربةً ..

على رؤية ما وراء الوراء

وكنتُ مُحاصَرٌ بأناي

لكني في يوم محموم ..

 شممت ..

عطر انوثة  طائرة طوقتني

فكَكَتْ كَل مواقعي السرية

تابعتني ..راقبتني

اقتحمت ما اقتحمت مني

كَسّرَت اقفالي السّريةِ ..

واحدا بعد آخر

لتكون وحيدةً في اسمال مملكتي

لا أدري كيف مَنَحَتها  قُدرَتها

على هذا الحضور والتجلي

قرأتُ كل تدويناتها في مواقعها المفضلة

وسمعتها  تتلو وتتلو على وسادتها

ما اقتطفت من بقعة مزهرة ..

عند نهر التيمز من زنابق

أدخَلَتها عبر شباك غرفتها

ليتبعها سرب فراشاتٍ بأجنحة راقصة

 و زقزقات عصافير مستبشرة

انا لم اكن قد مددت لها

عباراتي الملغومة

ولم تعرف أسراري

ولا أدري  لماذا  قد هوت

بفوانيسها 

من علياء سماوتها ..

بطقوس تراتيلها..

الى أرضي القفراء

وكنتُ الغائب الحاضر

ربما توهَمْتُ أني أُحبها

أحسها تمسكني  للعناق لحظةً ..

 وتغيبُ عني لحظات

و تراني ملء العين  ..

حين أبتعد

تُفاجِئُها محنةٌ فتحتار

يغص في انفاسها السؤال

كيف قد منحتني بيعةَ ..

أعوامها القادمة

**

خبّأتُها ايقونة في الصدر

لكنني شعرت أني

تهت  في دهاليز معتمهْ

وسراب صحارٍ ممتدهْ

أتَسَتَرُ عن فردوسٍ مفقود

وعن حلمٍ ..تأجج خلسةً

كحكايات ملثمة

وكنهرٍ من ماس يقتله الظمأ .

و كأني قد بنيت مدينةً ..

من بقايا الفوسفور

عالقة بين الأرض و السماء .

***

د. هاشم عبود الموسوي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم