صحيفة المثقف

سعد الساعدي: التاريخ الذي تكتبه القصيدة.. الكواز مؤرِّخاً

سعد الساعديإنَّ الناقد اليوم بحاجة لشيء جديد وطريقة اشتغالية جديدة، كمنهج يتماشى مع ما يجده أمامه، وما هو موجود فعلاً تجديدياً لما تنتجه الثقافة خاصة، وبقية الفعاليات الحياتية الأخرى، لاسيما حين يكون الشعر شاهداً تاريخياً لم يعرف الزور، ولا يرضخ لإغراءات الدولار، والشاعر في عمق الألم يغوص.

في قراءة موجزة لقصيدة الشاعر جبار الكواز "أمير الكون علي" نحاول الوقوف عند مفترقات نراها تجديدية، كون الشاعر –مع أنه من المخضرمين- من كتاب القصيدة الحداثوية التجديدية المتميزين وفق ما ندعو إليه من مدرسة نقدية حديثة تتناول النص أو أي عمل إبداعي آخر تحليلاً نقدياً، من أجل فكّ التشفيرات الملازمة إن وجدت، وإيضاح ما بُني عليها العمل للارتقاء به إن كان يستحق حسب نظرية "التحليل والارتقاء" لنشر الإبداع وعدم قتله مهما كان مُنشؤه.

بأقل خطوات البحث والتحليل نرصد ما جاء في القصيدة من العنوان كمدخل الى ما تنتهي به الكلمات بموضوعية المنهجية النقدية، ومحاولة عدم التكهن باللاحق، أو تفسير معاني كلماتها لغوياً، بقدر ما نسعى لتفسير الرمزية المتشابكة في بعضها، المتناسقة بدلالاتها الفوقية، بلا اضمار أو تورية صارخة، وما بها من صور هي التي تضع لها المكان الحقيقي كقصائد تجديدية عبر سيرة تاريخية.

كإشارة استهلالية أولية لابد من القول أنَّ أغلب الدراسات النقدية لا تتناول تحليل المضمون في الكتابات السردية (النثرية) والشعرية لسببين مهمين يتصورهما الناقد أنه وصل اليهما أو تطرق لهما، وهذا ما نعيد تأكيده وتكراره كثيراً لأجل تعميق التذكير:

أولاً اعتقاد الناقد أن بؤرة النص ووصوله إليها بحرفية تقنية منضبطة هي المجال الذي يسير فيه لتحليل مضمون النص، والثاني استناد الكثير من النقاد الى منهج نقدي متعارف عليه، أو المدرسة التي ينتمي إليها الناقد في اشتغالاته النقدية.

في الحقيقة ليس الأمر كذلك؛ لأن تحليل المضمون يختلف بشكل جذري عما هو عليه هذا الاعتقاد. إنَّ تحليل المضمون غالباً يستخدم في الدراسات الاعلامية والعلاقات العامة وبعض الدراسات التاريخية التي لا يطالها ويصلها الكثير من النقاد، أو بالأحرى تكون مهمشة لديهم لسببين: منهم من لا يعرف تحديداً ما هي الأساليب الاعلامية التي ينتهجها علم الاتصال عند تحليل الرسائل الاعلامية. فكل نص (شعري أو نثري، أو فني وغيره) هو رسالة اتصالية، والاعلام يختلف عن الاتصال، والسبب الآخر هو تصور الناقد المبني على شرح كلمات النص بمعانيها المعجمية اللغوية (الكلمة ومعناها) وليس النقدية، وهذا الأسلوب بات من الماضي الذي ينبغي عدم الاعتماد عليه تحليلياً حسب ما ترى نظرية التحليل والارتقاء النقدية. من هنا سنقف عند النص ثم نتابع بقية المجريات:

النص: أميرُ الكونِ (عليّ)

(هم يحسدونكَ في عُلاكَ وإنّما

متسافلُ الدرجاتِ يحسدُ مَن علا)

 (1)

"تلك الجمرةُ التي

اغترفتْها كفُّ (عقيل)

اختصرتْ جهنماتِ التاريخ

وكانت (صفين) هناك

و(دومة الجندل)

والفرات الظامئ

كان قطيع الرأس في أكياس أمراء المالِ

وكنّازي الذهبِ والفضةِ

وحين صرخَ (عقيل) صرختَه

تهاوتْ أممٌ،

واسودّتْ وجوهٌ،

وفار تنورُ الثأرِ

غِلّاً..

وجهلاً..

وظلماً،

وطفا فوق وجه الماء

قتلى بغداد المغدورة

بسيف الله..

(2)

أسَمَعَ روّادُ (وول ستريت)

قصّةَ خصفِ نعلِ الأمير؟!

أرَأَوا  الترابَ يسفّ على قمر في  العراق؟!

أسَمَعَ أمراءُ (روتشيلد)

حكايتَكَ مع اليهودي؟!

كان مرابياً

فصار ظلّاً في (النهروان)

أكان (ذو الفقار) يبكي بين يديّ السماء

يستجير طالباً أفقاً بكراً

ليقطع الربعَ الخالي

بالأنين؟!

فأين (البنوك)..

وأين الجنودُ..

من عهد (سومر)..؟!

وكيف السيوفُ الباترات

سافرتْ الى ثكنات الجند (الانكشاريين)

الى جنود (بصرى)

الى صبايا (الشام)

الى ( عسقلان)؟!

باحثة عن قتلة (كربلاء)

والى الصحراء منقّبةً عن دولارات الأتربة

وعن نزيف أغرق (كوفان) بالظلام

وهم قلقون

 وسيوفهم...

وأنت مستغرقٌ في جوهر الوجود

شتّان أذن بين بياضِك وسوادِهم

إلاّ بالقتلِ صبراً

أو بالطعنِ شهيداً.

أو بأحلامهم (أندلس) جديد

أغرقه بطرُ ملوك الطوائف.

(3)

لم يكن(ميثم التمّار)

سوى بائعٍ للتمر.

لكنه تعلم (فُزتُ وربِّ الكعبة)

كدار دور..

كدعاء الافتتاح..

كديمة (كُميل) في الرواق المهجور من فجر الصوم

وما كان (سعيد الهجري)

إلاّ وفياً لمبادئه

فذهب  مغدوراً

وذهبتْ أسواقُ مال الكوفة

الى بستان (قريش)

والى بنوك (لبنان)

و(فينّا)

وما زال (التمّار)

يؤذِّن فجر الموت

(حيّ على خير العراق)

ومازال ( الهجريّ) هاتفاً لملكوتك

بلا ساقين،

ولا يدين،

ولا لسان..

هكذا صار تمرُ (التمّار) في رمضان

مائدةً من سماء الله

لأولنا،

وآخرنا،

وهتاف (الهجري)

رزنامة دمٍ

لمّا يجفّْ للآن.

(4)

وحين بايعك القومُ

كانت عيونُهم

على أرض السواد

تقدحُ شرراً،

وأكفهم سيوف مسمومات

من غيظٍ وثأر،

وهنّ عاريات إلاّ من

دفاعٍ عن عجلهم الذهبيّ،

ورِباهم

في بنوك اليتامى والمغدورين".

النص بمقاطعه الأربعة فسّرَ الكثير، وجاء بمعطيات شتى لا يمكن حصرها جميعاً بصفحة أو صفحتين بقدر ما هو تفسير للعنوان الأول كبؤرة مركزية مميزة، تسلسلت بعدها بؤر فرعية كثيرة منها مثلاً: الحسد بعد بيعة للخليفة تقاتلت عليها الجماهير الغفيرة، العدالة المنشودة التي حورب من أجلها (أسماء المعارك)، اخلاص صحابة الأمام علي له، اشارة لمن نكث البيعة، ثم تسير سلسلة التاريخ الى أن تصل ليومنا هذا وما فعله الفاسدون كأنهم ورثوا فساد القوم وظلمهم؛ لا همَّ لهم إلاّ التسلط والغنائم والمغانم، واختيار البنوك لخزن وحفظ كنوزهم.

 جملة (أمير الكون عليّ) التي تتوج بها النص كعنوان مثير ومحرك للذاكرة الانسانية؛ لا شخص يستحق الإمارة المطلقة غير واحد هو علي بن أبي طالب سيف الاسلام، وسلطة الحق. سحب الشاعر صفحات التاريخ ونشرها علانية وهو متأثر بها كونه ابن بيئة عراقية ممتدة الجذور في عمقها التاريخي، رغم تداخل كثير من الأشياء بسوادها وبياضها، حتى اللغات ألقت بظلالها طالما هناك من تتالى على احتلال بلده العراق طيلة حقب من سنين طويلة. لكن لماذا اُختير هذا العنوان بالذات؟

حاول الشاعر ابانة الحق من الباطل بهذه القصيدة النثرية المشبعة بالألم والمرارة والحزن؛ من هنا يكون المدخل لماهيّة الحقائق الدفينة المضمرة بالنص، والمعلنة صراحة بدلالاتها، وما سعى إليه الشاعر فيها، لذا يمكن تحليل تلك الدلالات بما يلي:

أولاً: الدلالة القصدية في عموم النص

إنَّ أي أديب هو كاتب شعبي قبل أن يكون كاتباً عالمياً اذا ما سنحت له فرصة العالمية، ومن بين طيات وثنايا الأدب الشعبي الحقيقي يرتقي الى إثارةٍ وإنارةٍ في انعطافة تنويرية معرفية شديدة بعيداً عن الحكام والملوك وكيل المديح لهم، وإن فعل ذلك فهذا لا يُعدّ أدباً بل نفاقاً، لأنه بأدبه راصد صادق لرحلة شعب طويلة، أحد المساهمين فيها هو، وهذا ما سار عليه الكواز هنا، وفي قصائد كثيرة أخرى. اشتغل كما يشتغل الناقد البصير في مختبر رصْدِه قبل شعريته كشاعر، عبر ثقافة بمستوى من الرقي المعرفي، وليس وقفات بطيئة على الاشتغال. فجاء استهلال النص بذلك العنوان بدلالات توحي من هم القوم، وماذا يريدون عندما نقف على حقيقتهم الفعلية عديمة الفلسفة الحياتية الناصعة، وليس الى ما نسب زوراً وبهتاناً خلال مسيرة غابرة من التاريخ، ويمكن لنا القول أن البؤرة الحقيقة للنص جاءت من هنا، متبوعة بتشكيلات نابعة من الذات بموضوعية.

بمعنى أنَّ الفلسفة التي انطلق منها الشاعر هي حقيقة جوهر وجودي انساني؛ لم تكن ايديولوجية أفرزها الفكر الانساني روحياً وعقدياً فحسب لأنها خارجة عن العرف والقانون، بل "أمير الكون" هو من مثل القانون وطبقه بحذافيره حتى في ساعة احتضاره حين اصدر قراره بعد ضربة السيف القاتلة؛ إن عاش فهو المتصرف بالأمر، وإم مات فالقصاص العادل؛ وصيته من أجل حياة حرة كريمة يتساوى بها البشر. وبمقارنة خارج سياق هذا السرب بين من حمل وأدّعى وتبنى ايديولوجية سياسية نجد دلالات تنبثق من النص، كأنما يشير بها الشاعر لزمن الصعاليك الذي لم ينتهِ حتى هذه اللحظة، وليس فقط كان جاهليَّ البناء، عربيّ التكوين والنشأة، ما دمنا في صدد الواقع العربي عموماً، مع وجود مشابهات أخرى.

ثانياً: محاور الاشتغال الشعري

هناك ثلاث عوامل مهمة هي المرتكزات الأساسية التي يستند عليها الناص أو المُنتِج في عمله كتشخيص حالة يُراد لها الاهتمام والمتابعة والتلقي، ومن ثمَّ التحليل. هذه الحالة هي الانتاج الأدبي بشكله العام كي يفسح للناقد و للمتلقي الآخر المجال في فهم فلسفة النص أولاً بعد كشفها، أو تحديدها بشكل أكثر وضوحاً، وفلسفة النص هنا تسعى للعدالة والحرية، ومعرفة الحقيقة بعرضها ناصعة، وما جاءنا مع التاريخ بكل ملابساته.

أهم المرتكزات التي لابد للناقد عدم اغفالها هي اللغة والمعنى والجمال التي تغلف العمل، مع اثارة التساؤلات لدى المتلقي، وفي (أمير الكون عليّ) استطاع الشاعر الإمساك بشدّة بهذه المرتكزات محركاً الذهن المتصوِر بطرح تساؤلاته، من أجل اشراكه في مجمل عملية الاتصال وأنماطها ومستوياتها، فأنتج لنا نصاً فيه الكثير من الصور والألوان، كشاعر متمرّس له باع طويل في هذا المجال، نراه يختلف عن كل ما كتب بنكهته الابداعية الخاصة، ولونه المتفرد؛ تتعالق كل الصور الجمالية لغةً ومعنى في وشائج مبهرة مع حزنها، وتقول أن المخادعين مازالوا في كل مكان؛ حتى بدأت الجماهير تتناقل مصطلحاً جديداً عن أولئك المخادعين أسموه: (56) دليل النصب والاحتيال.  ونقصد هنا بنكهة الابداع، العمل الابداعي كتجديد، وليس كمحاكاة وتقليد، ليطمئن به الناقد كقارئ قبل كل شيء، والمتلقي (المُرسَل إليه) كمستمتع، وليس العشوائية في انتقاء عابر سبيل.

وكتفريق معرفي وأثر سيكولوجي؛ انطلق الشاعر من هاجس واحد دافع، متفرعاً لهواجس متعددة غزيرة متدفقة الى هدف منشود، أو رسالة اتصالية، مبتدئاً بما أعدّه مسبقاً كشاعر ناقد للواقع، أو ارتجال نفسيّ ككاتب نص شعري، مضيفاً أثراً نفسياً في عمليات التأثر السيكولوجي المسبق التي لا تبنى أصلاً على تصفية الحسابات أو المراوحة بين الذم والمدح في مبتغياته.

إنَّ شخصية الشاعر بما لها من ارتباطات بمجمل نوعية العلاقات، ومدى التأثر بالمجتمع والحياة العامة، وكيف أن سمة المجتمع المتخلخلة كانت محركاً دافعاً، دعته للعودة بالتغنّي ووصف شخصيات تاريخية وأسطورية تأثيرية معروفة تركت وراءها أو معها ابداعاً روحياً وفكرياً واضحة دلالاته: (عقيل، ميثم التمار، رشيد الهجري "وليس سعيد الهجري"، كميل بن زياد). حتى المكان اتسعت سمته الخاصة في هذا النص: كوفان (الكوفة)، كربلاء، عسقلان، الاندلس، لبنان، والعراق، ليعطي الدلالات التي خطط الشاعر أن تكون هكذا بلا مزاجية أو انحياز، بإشارة منه لتطوُّر المجتمع وتخلّفه، وضَحَت صورته عبر النص ومدى تأثيرها على الشخصية والنفسية بصورة عامة، وبالتالي كل تلك انعكاسات نفسية أثّرت عليه؛ أفرز بها نفثاته الشعرية في (أمير الكون عليّ).

ثالثاً: ماذا يريد قوله الشاعر؟

لغرض عدم الإطالة أكثر والاختصار، وترك الكثير للقارئ - اذا صادف هذا النص - من اكتشافات نقف عند نقطة أخيرة لمعرفة غاية الشاعر منفرداً أو أسوة بغيره.

هناك أسلوبان يجب على الناقد العمل بهما للوصول الى حقيقة المعنى الوارد في النص، ولابد من وجود معنى وفكرة يقينية حدّدها الكاتب (لا يمكن شرح ذلك الآن بالتفصيل) إلاّ اذا كان العمل عبثاً مزاجياً ظاهره جميل، ولا باطن له، وهذا لم نجده مع الكواز، فليس أصلاً هناك حاجة (مع العبثية) للوقوف عند مثل هكذا نصوص؛ أما اذا اختار تناولها الناقد فعليه ايضاح الحقيقة كاملة؛ حيث المطلوب هو تحليل النص الغامض بلا فكرة واضحة استناداً لما يلي:

أولاً: معرفة الناقد القبْلية (السابقة) بنتاجات الكاتب، وطريقة عرضه للأشياء، وكيفية أسلوبيته الكتابية، وبالنسبة لشاعرنا فهو غني عن التعريف بما يملك من ملكة لغوية قيّمة، ولغة شعرية عالية من مميزات المرحلة التجديدية التي نحن بصددها الآن في قصائده ودواوينه الكثيرة.

ثانياً: لو كان النص هو الأول لكاتب جديد غير معروف، فينبغي على الناقد التأكد بشل تام أن هناك هدف ما لهذا النص، وفي حال تعذر فهم المقصود الواقعي للنص ولا هدف واضح؛ هنا يحدد الناقد حسب وجهة نظره المنطقية الموضوعية ما وجده ويذكره للعلن لسببين أيضاً هما:

عدم وقوع المتلقي بمطبات لا يرغبها وتنبيهه لما في النص، والسبب الآخر تنبيه الكاتب أن ما كتبه لا يجدي نفعاً طالما لا يتعرض له قرّاء كثيرون اليوم ومستقبلاً كي يعدّل من رسالته الاعلامية فيما سيأتي لاحقاً، لكننا مع هذا وجدنا في قصيدة (أمير الكون) طريقة اشتغالية مختلفة عما سبق للشاعر أنْ أدار بها توظيفاته الشعرية السابقة. ومما يلفت الانتباه هنا أن الشاعر ابتعد كثيراً عن وظيفة شعرية صارت مملة ومكررة بكثرة، وهي التوصيفات الغزلية ليهتم بهمومه وهموم قومه منتظراً ساعة اليسر لعلها تأتي قريباً، وهذا مما يحسب له ومن على شاكلته في النظم والأداء.

من ذلك كله ماذا يمكن أن نستنتج؟

ربما يريد الشاعر إثارة إحساس دفين لدى متلقيه، أو يجعله يسبح مع خياله في وصفٍ متعدد الصور، أو تعميق ثقافة معينة بينهما من خلال تلك الرسالة (القصيدة) . يقول الدكتور علي حداد في مقال له منشور على صفحات مجلة الموقف الأدبي/العدد 70 لسنة 2002 ما نصَّه:

" إن التجربة الشعرية لرواد الشعر الحر، والاجيال التي تبنت تجربتهم وسارت بها في مجالات من التطور والاجتهاد الفني، أخرجت العنونة الى مساحة من الابتكار والبراعة والطموح في صنع العنوان على نحو يثير فضول المتلقي، ويكسر رتابة التعالق بين العنوان ونصّه " انتهى.

وهذا مُلاحظ على قصيدة النثر الحديثة (القصيدة التجديدية) التي كتبت في عصر ما بعد الحداثة كونها تعبيرية منذ الوهلة الأولى بسرد ليس قصصي بقدر ما هو فكري ووجداني متعمق بأفكار ضخمة مختزَلة فيها أحياناً الكثير من الرموز، تنطلق الى السطح من عنوانها الأول الذي هو أحياناً نص متكامل المعنى اذا اتسعت جملته لكلمات أكثر.

كإشارة تحليلية أخيرة يمكن القول بوجود سرد درامي  مقصود في هذا النص، صفات قابلة لتأويل مشترك، ومشاركة تداولية للمعنى، بين القارئ والكاتب والنص، في خلق الابداع الذي يرسمه المكان والزمان، وفق ما يمكن تسميته بالجمال الحقيقي والتلقي المقبول، حين يُعرض النص على بساط التخيُّل والنقد والتحليل، بدأ انطلاقاً من العنونة المقصودة دافعاً بلا عنف نحو الادراك والتصور، مع أن القارئ ليس مبدعاً لنص شعري، لكن ذائقته الجمالية فيما يقرأه تساهم بشكل فاعل في مزيد من انتاج أبداعٍ متواصلٍ، كما في الرسائل الاعلامية المفهومة بلا تشويش من المتلقي، ما يعني أنها أدّت غرضها بنجاح، وبلا أية صعوبات وخلل، وأثّرت فعلياً بما جاءت به من أغراض نتيجة (التغذية المرتدة) كما يعرّفها علم الاتصال الجماهيري، كمقبولية يستشعرها الكاتب (الشاعر) حين يعرف رأي المتلقي عن طريقها، لأنه جزء من عملية اتصالية جماهيرية اعلامية واسعة النطاق، وليست محدودة.

 

سعد الساعدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم